May 14, 2022
علاقة قمة السلطة برجال أعمال من فئة "الحيتان" أمثال فريد خميس ومحمد أبو العينين وحسين سالم وأحمد عز وطلعت مصطفى وغيرهم.
التشكك في قدرة الإنسان المصري على البناء أو المبادرة الاقتصادية هذا أولاً. ثم بمد الخط على استقامته وهو عدم قدرة الإنسان المصري لا على الإدارة الذاتية ولا على الحكم المحلي، فنحن بصدد أمة من "القاصرين" التي تحتاج الرعاية والتربية بواسطة مؤسسات الدولة الراشدة، أو بمعنى أدق مؤسستها الرشيدة الوحيدة "القوات المسلحة".
العاصمة الإدارية الجديدة ومدينة العلمين "الحكومية" بمنشآتها "السوبر-عصرية" وقطاراتها السريعة وإدارتها المرقمنة وعماراتها المحافظة "الخليجية" وأثاثها المذهب، كلها علامات على تسلط "التحكم والسيطرة" ليس فقط على الرؤية المستقبلية لمصر، وليس فقط على المبادرات التنموية والاقتصادية، لكن إجمالاً دامغة الإنسان المصري باستلاب إرادته وخياله ومصادرة أي نوازع خلاقة لديه، وختمه إلى الأبد بأنه جندي اقتصادي وسياسي وإعلامي، حتى مسجده وكنيسته تتبع قائد الوحدة!
"التعليم والصحة والعمل"، دون تمكين المواطن المصري وإطلاق طاقاته الكامنة وتحريره من الخوف ومن الاستبداد المؤسسي والمركزي، ومن المظهرية وانعدام الفاعلية والتبديد المستمر للإمكانات المحدودة.
أخيراً، يتردد بصورة مثيرة الغثيان أن تطوير شبكة الطرق والكباري هي لتشجيع الاستثمار "الخاص طبعاً".. لكن الحقيقة أنه لا يمكن أن يستقر الاستثمار في بلد بدون سيادة القانون، وبقوانين حبس اعتباطية وعشوائية، ويفتقر لنظام إداري عصري وشفاف ومفتوح.
إن صيانة استقلال ونزاهة القضاء وفاعليته أثمن ألف مرة من مليون كوبري! لا يمكن لبلد المئة مليون مواطن أن يحكم مركزياً بواسطة طبقة سياسية موصومة بالانصياع والانحناء لرغبة فرد واحد!
عقود كثيرة وسنوات طويلة ولم نتعظ من انهيار دولة محمد علي ولا من نكسة الزعيم الخالد ولا من حادثة اغتيال المنصة ولا من انفجار يناير/كانون الثاني 2011! وها نحن نسير بنفس الإيقاع وبنفس الذهنية وبنفس الحماس لتكرار نفس الأفعال وتطبيق ذات أفكار "السيطرة والتحكم".
*
وباء الفساد والخلل الاجتماعي والاقتصادي الذي أصاب جسد الدولة
سحق الطبقة المتوسطة، وخلق طبقتين، الأولى هي الطبقة شديدة الثراء والتي تعيش في رفاهية تامة، وهي الفئة المميزة والتي لا تمثل أكثر 10% من المجتمع. والطبقة الثانية، هي الطبقة التي تشمل الفقراء ومدقعي الفقر والفقراء الجدد الذين سقطوا من الطبقة المتوسطة، تلك الطبقة تمثل غالبية المجتمع المصري.
الطبقة الثرية تحصل على أعلى المرتبات والوظائف والمناصب المميزة والرتب العالية وتتحكم في ثروات وموارد الدولة. والطبقة الفقيرة يعاني معظمها من البطالة المقنعة، يفتقدون لأبسط حقوقهم في بلادهم من العيش الكريم، يضطر الكثير منهم إلى الهجرة للخارج للبحث عن عمل وعن حياة كريمة افتقدوها في بلادهم.
الطبقة الثرية والحاكمة تقترض الدولة من أجلها ومن أجل رفاهيتها وزيادة ثرائها، وتقوم بالإغداق عليها لكسب تأييدها وتعضيد نظام حكمها لتزيد من قبضتها على البلاد وتقوية نفوذها.
الطبقة الفقيرة والتي يتحتم عليها تسديد ديون الدولة وخصوصاً القروض التي تم اقتراضها لرفاهية الطبقة الأولى الثرية، وذلك عن طريق قيام الطبقة الفقيرة المعدومة البائسة برفع الدعم الاجتماعي عنها ودفع رسوم الخدمات إجبارياً.
الطبقة شديدة الثراء تعيش في منتجعات وقرى سياحية وأحياء راقية تتمتع بكل الخدمات ويتوفر فيها جميع مستلزمات الرفاهية والراحة.
الطبقة الأخرى الفقيرة، تعيش في العشوائيات ومساكن الطبقة المتوسطة المتآكلة، وتعاني من انتشار القمامة وانعدام البنية التحتية من شبكات الصرف الصحي والكهرباء في الكثير من القرى والنجوع والمناطق والمدن النائية وترهلها في مناطق أخرى، مما يتسبب في انتشار الأمراض والأوبئة وارتفاع نسبة الوفيات.
الطبقة الثرية تعيش في أمن وأمان كاملين، وتحصل على حماية أمنية كاملة من قبل قوات الأمن والمدربة جيداً، وهم وأسرهم وأولادهم فوق القانون ويتمتعون بحصانة كاملة، ويرون أنفسهم أنهم فوق القانون.
الطبقة الأخرى تعيش دون حماية أمنية منظمة، تعيش في أجواء تنتشر فيها الجريمة والمخدرات والبلطجة المنظمة، طبقة تعاني من حوادث السطو والسرقة، وحياتهم مرتع سهل للبلطجة والبلطجية، معرضون أحياناً للمعاملة الأمنية التعسفية، طبقة تهدر كرامتها في الداخل والخارج.
الطبقة الثرية تتمتع بثروات البلاد وتستحوذ على معظم الدخل القومي وتستولي على أملاك الدولة وتهيمن على القرار السياسي في البلاد. والطبقة الفقيرة فاقدة لحقوقها في بلادها، غارقة في البؤس والفقر، تعاني من الحرمان من كافة الخدمات، الصحية والتعليمية، فاقدة لحياة كريمة.
الطبقة فاحشة الثراء تستحوذ على معظم المناصب المهمة والهامة والسيادية في الدولة، يتمتعون بحماية أمنية كاملة. وأبناء الطبقة الفقيرة يلاقون الموت وهم أحياء في صورة إهدار للكرامة، أو في قوارب الموت وهم في طريق الهروب للخارج بعد أن حرموا من أبسط حقوقهم في بلادهم، أو الموت في المعتقلات، أو بالتصفيات خارج إطار القانون وبعيداً عن أروقة المحاكم، أو يقتل أبناؤهم الجنود في القوات المسلحة المصرية غدراً في سيناء، وفي حوادث متكررة وبصورة مؤلمة ومريبة وتحت مسمى الإرهاب.
الحرية، الكرامة، السلام، الحقوق، العدالة، حق الشعوب في الحياة، الديمقراطية، الإنسانية، الاحترام المتبادل، إيقاف القتل وإراقة الدماء.
*
الحماية الاجتماعية لمنع الحراك الشعبي.
حزب المصري الديمقراطي الاجتماعي قبل أيام قليلة، وفاز فيها فريد زهران
يوجد تجريم للعمل السياسي منذ عام 1954 وسادت سياسة الحزب الواحد عبر هيئة التحرير والاتحاد القومي والاتحاد الاشتراكي خلال فترة حكم الرئيس جمال عبدالناصر، وعندما سمح أنور السادات بتأسيس الأحزاب وصفت بالتعددية المقيدة، ونعيش في ظلها الآن”.
تكافؤ فرص بين الأحزاب الحالية؛ فهناك حزب يتمتع بالحظوة، جاء في البداية تحت اسم “حزب مصر” ثم أضحى “الحزب الوطني”، وفي الوقت الراهن صار “مستقبل وطن” و”الشعب الجمهوري” و”حماة وطن”، وهي أحزاب موالاة تعامل معاملة خاصة، بينما الأحزاب الأخرى تعامل كدرجة ثانية، وهذا هو شكل المشهد السياسي في مصر طوال الوقت، ولا وجود لتجربة ديمقراطية غنية أو تداول للسلطة.
جمعيات أهلية ونقابات عمالية وأحزاب سياسية، ما يوفر تفاوضا اجتماعيا؛ فالنقابات تفاوض أصحاب الأعمال من أجل الأجور، وبيئة العمل والجمعيات تفاوض مؤسسات الدولة المختلفة كل في مجاله، والأحزاب تفاوض السلطات للوصول إلى مواءمات في الملفات السياسية والاقتصادية”.
تجميد الحوار في المجتمع معناه تجميد الحياة السياسية، ما يدفع الشباب إلى الانحراف أو الانضمام إلى جماعات متطرفة، فالوضع الراهن به جمود في الحياة السياسية، والمجتمع بلا رئة
ضرورة وجود آليات للتفاوض الاجتماعي، متمثلة في حرية الرأي والتعبير وحق التنظيم والاحتجاج السلمي، وهذا هو لب الإصلاح السياسي، مضيفا “نريد الاتفاق على آليات إدارة الخلاف، فالإصلاح يعني حياة سياسية وآليات لإدارة الخلاف فيما بيننا بالأدوات والمؤسسات السياسية”.
فالمعارضة الضعيفة تعني أن النظام ضعيف، واتهام الأحزاب بأنها بلا شعبية يستتبعه السؤال: وهل أحزاب الموالاة لها شعبية في الشارع؟ فأحزاب المعارضة ضعيفة بسبب الضربات المتلاحقة التي تعرضت لها، ومن المؤسف القول إن هناك خلايا كاملة للإخوان ومن لف لفهم في الشوارع والحواري والعشوائيات، وأين نحن من ذلك؟ نعم الأحزاب المعارضة ضعيفة والموالاة أيضا ضعيفة، لأن الأحزاب تقوى في حالة وجود حياة سياسية حقيقية”.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق