May 20, 2019
قلق الغزالى على الأمـة،
لكنه يقول بكل صراحة أن العالم
الإسلامى فقد ذاكرته، ولا يدرى
ً شيئا عن ماضيه الرائعة، وهو ما
يوضحه بأن هناك مئات من الكتب
فى التفسير والحديث والأدب والتاريخ
مـخـلـوطـة بـسـمـوم نـاقـعـة، وخــرافــات
سمجة تتداولها ألـوف الأيــادى، ما أدى
لكثرة تلك الكتب السفيهة الزائغة حتى
غلبت الثقافة الدينية الصحيحة، وهو ما
يجعل الغزالى لا يتعجب من وجود أجيال
متأخرة من المسلمن لا تشدهم وجهة ولا
قوة، لأن الثقافة التى صنعتهم لا تنتج إلا
ً نفوسا خاملة وعقو ًلا شائهة
لكنه يقول بكل صراحة أن العالم
الإسلامى فقد ذاكرته، ولا يدرى
ً شيئا عن ماضيه الرائعة، وهو ما
يوضحه بأن هناك مئات من الكتب
فى التفسير والحديث والأدب والتاريخ
مـخـلـوطـة بـسـمـوم نـاقـعـة، وخــرافــات
سمجة تتداولها ألـوف الأيــادى، ما أدى
لكثرة تلك الكتب السفيهة الزائغة حتى
غلبت الثقافة الدينية الصحيحة، وهو ما
يجعل الغزالى لا يتعجب من وجود أجيال
متأخرة من المسلمن لا تشدهم وجهة ولا
قوة، لأن الثقافة التى صنعتهم لا تنتج إلا
ً نفوسا خاملة وعقو ًلا شائهة
ووسطية الشيخ محمد الغزالى رحمه الله مما نشرت قبسات منه، لكننى أعلم كسائر ملايين المصريين أنه كان ثالث ثلاثة فى الندوة الشهيرة التى أقيمت بمعرض الكتاب الدولى عام ١٩٩٢ بعنوان «مصر بين الدولة الدينية والمدنية»، مع مأمون الهضيبى، مرشد الإخوان، ود محمد عمارة، فى مواجهة الدكتور فرج فودة. وأن فرج فودة أفحمهم جميعاً وحاجهم على رؤوس الأشهاد. وأعلم جيداً كذلك أن فودة اغتيل بعدها بعدة أشهر، وأن قاتله لم يقرأ له كتاباً، وإنما ألقى فى روعه أنه كافر يجب قتله، بواسطة من ناظروا فودة فانهزموا.
وأعلم كذلك أن الغزالى لما استُدعى للشهادة فى محاكمة قاتل فودة أفتى بـ«جواز أن يقوم أفراد الأمة بإقامة الحدود عند تعطيلها. وإن كان هذا افتئاتًا على حق السلطة، ولكن ليس عليه عقوبة!». فهو شهد أن فرج فودة مرتد!!. وإنه يجوز تطبيق حد الردة عليه، وهو القتل. وإن جرم قاتل فودة بزعمه ليس قتله فودة، وإنما افتئاته على سلطة الدولة، ولا عقوبة لذلك لأن الدولة عطلت الحدود!!!. ولا تعليق.
هل يوجد إنسان على خطأ دائم أو على صواب دائم؟
الشيخ الغزالى أرسل خطابًا للرئيس جمال عبد الناصر يحمل صيغة تحريضية ضد نجيب محفوظ أثناء نشر روايته أولاد حارتنا مسلسلة فى الأهرام نهايات عام ١٩٥٩. طالب فى خطابه بمنع صدور الرواية فى كتاب. كان هذا اجتهاده حينها.
لو نظرنا إلى مواقف أى شخص. سنجد فيه ما نتفق معه وما نختلف عليه. هذا شأن أى شخص حتى القادة والزعماء. لا يوجد إنسان مقدس كلامه لا يحتمل الخطأ. حتى الرسل. كانت لهم أخطاؤهم وفقا لطبيعتهم البشرية. إن لم يخطئ الإنسان أصبح ملاكا مسيّرا لا يتحمل مسؤولية التمييز بين الصواب والخطأ.
*
أهم القضايا التي أولاها أهمية: قضية الاستبداد والمستبدين
كانت كتب الغزالي الأولى تتناول قضايا الاستبداد، والفقر، والتخلف الذي سببه الأول: حكام مستبدون جهلة، فكتب: الإسلام والأوضاع الاقتصادية، والإسلام والمناهج الاشتراكية، والإسلام المفترى عليه بين الشيوعيين والرأسماليين، والإسلام والاستبداد السياسي، أول أربعة كتب كتبها الغزالي، وكلها من عناوينها تدل على شجاعته في التناول والطرح، وعلى مواجهة الطغاة بمآثمهم وجرائمهم.
منذ أول كلمات كتبها للجماهير، وهو يجهر برفض الظلم، وينأى بالعالم والداعية أن يتحدث في غير ما يهم الناس، وفي غير ما ينهي مظالم الناس، ففي أول كلمات كتبها في مؤلف قدم للناس سنة 1947، وهو كتابه: الإسلام والأوضاع الاقتصادية، نقرأ هذه العبارات للرجل من مقدمة الكتاب، وتشعر بعد قراءتها أنها ليست من شيخ، مقارنة بشيوخ زمانه، يقول:
(لم تستذل – في هذا العصر – شعوب كما استذلت شعوب الشرق، ولم يستغل شيء – في هضم حقوقها – كما استغل الدين؟!
بين أن الدين ليس أفيون الشعوب، بل هو موقظ للأمة،
كتابه: (الإسلام والاستبداد السياسي) كارها ورافضا للاستبداد، ومبينا موقف الإسلام منه: (لا أعرف دينا صب على المستبدين سوط عذاب، وأسقط اعتبارهم، وأغرى الجماهير بمناوأتهم، والانتقاض عليهم كالإسلام.!!
وفي عهد عبد الناصر، حين كتب يدافع عن الإسلام، ضد خنق حرياته، فكتب كتابين الأول بعنوان: كفاح دين، والآخر بعنوان: الإسلام في وجه الزحف الأحمر، في الأول كشف كم الهجوم على المساجد وهدمها، وهو ما نراه في دولة العسكر للأسف، وأتى بإحصائيات لمساجد هدمت في القاهرة وحدها، سواء الفاطمية أو الحديثة، والكتاب الآخر، تحدث فيه عن الشيوعية، وخطرها الاعتقادي، وموقفها من الحريات.
يا شيخ غزالي، إن الشيوعيين الآن متحكمون في البلد، فلا داعي لأن تكتب ما يضرك، فاسحب الكتابين خير لك من نشرهما، فقال له الغزالي: هل ذكرت شيئا ليس حقيقيا؟ فقال المحقق: لا، كل ما ذكرت حقيقي، ومنقول من إحصاءات الدولة الرسمية. ولكن ليس كل صحيح يسمح بنشره من السلطة، ثم توجه للغزالي ناصحا: يا شيخ غزالي، انجُ بنفسك، ولا تستعدي هؤلاء الظلمة عليك.
(رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيرا للمجرمين)
الغزالي والسياسة
أنا ورئيس الدولة نأخذ مرتباتنا من وعاء واحد، من مال المسلمين، أنا لا آخذ مرتبي من كيس أحد حتى أجعل ولائي له من دون الله". وشن هجمات متعددة على العلماء المداهنين للحكام "إني أكره الشيوخ الذين يسترضون الرؤساء بالفتاوى الجهلاء، إنهم يدورون في القاهرة وفي كل عاصمة بذممهم، كما يدور سائقو سيارات الأجرة بعرباتهم، يتلفتون: هل من راكب؟ قبحهم الله وقبح من كلفهم وقبل منهم".
في عهد الرئيس الراحل أنور السادات انتقد الغزالي قانون الأحوال الشخصية المعروف آنذاك بـ"قانون جيهان السادات"، فمُنع من الخطابة في مسجد عمرو بن العاص المعروف، بعد أن اشتهر بخطبه فيه؛ وتمت مصادرة كتبه، فلما أتيحت له فرصة الخروج من مصر توجه إلى السعودية، ثم أسس عام 1980 جامعة الإمام عبد القادر الإسلامية في قسنطينة الجزائرية.
بعد تعرض الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك لمحاولة اغتيال في إثيوبيا عام 1995م، ذهب الغزالي في وفد أزهري لتهنئته بالنجاة، فلما كان معه في جلسة ضمته وعلماء دين قلائل اختلف مع مبارك، عندما قال الأخير إنه يصحو من نومه وهمه توفير طعام ملايين المصريين، فقال له الشيخ "تُطعم من؟! أنت لا تستطيع أن تطعم نفسك، الله هو الذي يطعمهم ويطعمك، أنت مش ربنا أنت مهمتك إدارة الدولة ورفع مستوى مصر ودورها القيادي".
ثائر دائما
كتابه المثير للجدل "السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث"، الذي جلب عليه انتقادات واسعة من السلفيين، بسبب ما اعتبروه تقليلا من دورهم، واتهامه لهم بالتشدد والغلو.
خاض الشيخ العديد من المعارك بسبب دعوته إلى إعمال العقل ورفض التقليد والمذهبية والاعتماد على التفسيرات الظاهرية للنصوص الدينية.
معارك الغزالي امتدت لتنال من جماعة الإخوان المسلمين التي بايع مرشدها الأول حسن البنا على أن يكون جنديا في صفوفهم
واستمر عملي في ميدان الكفاح الإسلامي مع هذا الرجل العظيم إلى أن استشهد عام 1949".
ما لبث الغزالي أن اختلف مع المرشد الثاني حسن الهضيبي، لكن لما طُلب منه في العهد الناصري مهاجمة الإخوان رفض بشجاعة، ليسجن معهم بعد حلّ الجماعة، كما
تم اعتقاله مرة أخرى، ولاحقا تم القبض عليه عام 1965م.
يؤكد الباحث في تاريخ جماعة الإخوان عصام تليمة أن الغزالي لم يعد مطلقا لجماعة الإخوان، لا فردا ولا مسؤولا ولا عالما، مشيرا إلى أن السبب هو أن الغزالي صار رمزا للأمة وليس للتنظيم، خاصة مع عدم تقدير بعض قيادات التنظيم قيمة العلم والعلماء الأزهريين، بحسب وصفه.
في أواخر أيامه كان الغزالي يدعو ربه "اللهم ارزقني الوفاة في بلد حبيبك ومصطفاك، صلى الله عليه وسلم". واستجيبت الدعوة حينما سافر إلى السعودية للمشاركة في مهرجان الجنادرية عام 1996 رغم تحذير الأطباء من خطورة السفر والانفعال، وفي إحدى الندوات بعنوان "الإسلام والغرب" انفعل الغزالي وأصيب بأزمة قلبية فورية لم ينج منها، ووجدت وصيته في جيبه تؤكد أنه إن مات (هنا) فإنه يود الدفن في البقيع بالمدينة المنورة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق