تحمي الزبائن وحتى المارة من اللصوص أيضا، إلا أنها في المقابل من الممكن أن تصبح وسيلة تلصص وانتهاك لخصوصية الناس وحريتهم.
وقال اللواء فاروق المقرحي مساعد وزير الداخلية المصري سابقا إن كاميرات المراقبة أصبحت أقوى أدلة الإدانة على الأفراد الذين اعتادوا خداع الناس بحسن أخلاقهم وتصرفاتهم الحميدة، ولولاها لوصل الاستقطاب المجتمعي مداه وجرى التشكيك في أغلب القضايا التي تتحرك فيها أجهزة الأمن، ولا يمكن الاستغناء عنها أمام ارتفاع معدلات الجريمة المنظمة.
انتشار ثقافة تركيب عدسات المراقبة يعكس حجم وعي الناس بوجود شراكة بينهم وبين الحكومة في تثبيت أركان الأمن ومواجهة الانفلات، ويصعب على رجال الشرطة وحدهم القيام بمهمة القضاء على المنحرفين دون مواجهة هؤلاء بالتكنولوجيا بحكم أنهم يبتدعون سبلا جديدة وعصرية عند ارتكاب الجريمة.
يتم تركيبها أمام باب المنزل لرصد تحركات أو تصرفات غريبة لترهيب المنحرفين من ارتكاب سلوك مشين وأنهم سوف يحاسبون بمجرد القيام بفعل مخالف للقانون أو لا يقبله صاحب المكان نفسه، حتى لو كان بسيطا.
قرر شراء عدسة مراقبة حديثة بإمكانها رصد التحركات داخل الشارع الذي يقيم فيه لأنه يخشى تعرض سيارته للسرقة، ويدرك أنه بمجرد حدوث ذلك سيتعرف على اللص في أسرع وقت، ولن يكون بحاجة للانتظار حتى تتعرف أجهزة الأمن على المتهم.
ويؤكد هؤلاء أن التحجج بتحقيق الأمان الذاتي لا يجب أن يكون على حساب المجتمع، ولا بد من وضع ضوابط تتلاءم مع وجاهة الفكرة وآليات تنفيذها بشكل يحقق الأمن ويحفظ الحريات العامة.
حسب القانون المصري لا حرية شخصية في الفضاء العام إذا كان الأمر يتعلق بمكافحة الجريمة ومنع الإخلال بالقانون وفرض قوة العدالة على المتجاوزين بحق المجتمع، لكن المعضلة تكمن في عدم وجود آليات لمحاسبة الأفراد الذين يتعمدون تسريب ونشر مقاطع سجلتها كاميرات المراقبة لأفراد قاموا بتصرفات بعينها بدافع الحرية الذاتية وتسببوا في فضائح لهم.
أزمة بعض المهووسين بفكرة كاميرات المراقبة في مصر تأتي من أن بعض الأفراد تحولوا إلى حراس للفضيلة وحماة للدين والأخلاق الحميدة، ويستغلون هذه العدسات لتتبع أي تصرف من وجهة نظرهم ضد العادات والتقاليد والأعراف، مثل جلوس النساء على المقاهي، أو لحظة عاطفية بين شاب وفتاة بعيدا عن أعين الناس.
يصل الأمر إلى درجة الابتزاز أحيانا، وتتم مساومة أحد الأشخاص الذين ارتكبوا فعلا مخلا أو فاضحا بدفع مبلغ مالي نظير حذف مقطع الفيديو الخاص به من كاميرا المراقبة، وهناك حالات سجلتها أقسام الشرطة لمثل هذه الوقائع بينها قيام بعض أصحاب محال بيع الملابس بتصوير فتيات في غرف تغيير الملابس، وكان مبررهم عند القبض عليهم حماية المتجر من السرقة.
إساءة استخدام كاميرات المراقبة في مصر تستوجب وضع عقوبات مشددة حتى لا يتم الخلط بين مكافحة الجريمة والاعتداء على الحريات الشخصية، ولا يتحول الناس إلى أوصياء على بعضهم وكل منهم يمسك بين يديه دليل إدانة على الآخر، ما يتطلب وضع أخلاقيات لاستعمال العدسات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق