الأحد، 28 مارس 2021

جيفري هاينر "ترامب وسياسات القومية الجديدة"

 

عندما تولى ترامب الرئاسة في مطلع سنة 2017 وصلت الهوّة السياسية والاجتماعية والثقافية بين "المحافظين" و"الليبراليين" إلى ذروتها، وهي حسب تعبيرك تغذي "الحروب الثقافة الأميركية"، هل يمكن أن توضح ذلك؟

يتميز الاستقطاب السياسي في أميركا بحروب ثقافية يشارك فيها "اليمين المسيحي" و"المحافظون العلمانيون" من جهة و"الليبراليون المتدينون" والعلمانيون من جهة أخرى؛ اتفق كثير من المحافظين المسيحيين "البيض" والبروتستانت والكاثوليك مع طرح ترامب الرامي إلى حاجة أميركا إلى دين خاصة المسيحية؛ ومنه ضرورة حمايتها من العلمنة، ومن جهة أخرى أحب كثير من المحافظين "البيض" العلمانيين إعلان ترامب أنه سيبدأ حقبة جديدة من الرخاء الأميركي عن طريق التحكم الصارم في الهجرة وزيادة توفير الوظائف ذات الأجر الجيد للأميركيين الأصليين؛ أعطت القومية الجديدة لترامب القدرة على تركيز وتوجيه سياساته، وهي التي جذبت ملايين الأميركيين إلى طرحه؛ وخاصة 73% من الأميركيين الذين وصفوا أنفسهم عام 2017 بأنهم "بيض".

على الرغم من كل الحديث الذي يحوم حول العولمة باعتبارها جالبة لتزايد التنوع، فإن كثيرا من الغربيين بمن فيهم الأميركيون، يستمرون في إظهار محدودية معرفتهم عن الإسلام، وهو أمر يتفاقم في أميركا، نتيجة العلمنة الاجتماعية وما يصاحبها من ممارسات اجتماعية، مما يؤدي إلى تقليل الاهتمام بالديانات غير الغربية وتقليص التعاطف معها؛ ويساعد هذا في شرح كيفية نجاح الساسة الشعبويين اليمينيين وانتخابهم في الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى، وذلك لتوظيفهم تهديدًا وجوديًا متخيلًا من "الإسلام" والمسلمين -خاصة ما بات يعرف بـ"الإرهاب الإسلامي"- لتسويغ السياسات الوحشية والمعادية للمسلمين بمنطق الدفاع عن "الأمن".

الرئيس ترامب بمنع مواطني 6 بلدان معظمها مسلمة من دخول الولايات المتحدة ؛ باختصار، لقد قامت القومية الجديدة في الولايات المتحدة الأميركية على أسس المشاعر المتزايدة المناهضة للعولمة، والتي عدّت العولمة السبب الجذري لفشل أميركا في التقدم اقتصاديا.

هل هناك اختلاف بين القومية الجديدة و الشعبوية؟


تطورت القومية في الغرب كأيديولوجية علمانية منذ القرن الـ19، ولشرح كيفية تطورها إلى قومية جديدة، نحتاج إلى الجمع بين الاهتمامات الدينية والثقافية والحضارية والعلمانية التي شكلت المشهد في أوروبا. تميل القومية الجديدة إلى أن تكون ثقافية أكثر من كونها دينية، وهي بذلك مرتبطة بالحالة الإقليمية المتقدمة للعلمنة، ومن ناحية أخرى نلمس في الولايات المتحدة أن القومية الجديدة تدعم القومية المسيحية وقومية "الأميركية أولا"؛ فكلتا الفئتين تشمل بشكل أساسي المحافظين الأميركيين البيض، وهم الأتباع الرئيسيون للقومية الجديدة في الولايات المتحدة، كما نجح ترامب في استخدام نهجه الشعبوي لحشد الناخبين عن طريق مناشدة "عامة الناس" الذين يلومون "النخب" على عدم الاكتفاء بإشباع رغباتهم الوجودية.

سياسات "القومية المسيحية" تتجلى في السعي إلى سنّ قوانين تتطابق مع طرح اليمين المسيحي، وسياسات "قومية أميركا أولا " تتجلى في الجهود المبذولة في مناهضة الهجرة وهي موجهة في المقام الأول ضد المكسيك والمسلمين، وهما اللتان كان يفضلهما ترامب.

 هل يمكن أن يعزى رفض ترامب للمهاجرين إلى أطروحة صموئيل هنتنغتون المتعلقة بصدام الحضارات، وهل ظهور هذه النظريات اليوم يؤكد معاناة الولايات المتحدة الأميركية وديمقراطيتها؟


رأى هنتنغتون تهديدين رئيسين على رفاهية أميركا، هما التهديد العرقي في الداخل والتهديدات الدولية من الصين والإسلام، فالعولمة جعلت التفاعلات الدولية أمرا لا مفرّ منه، ويعتقد هنتنغتون أن قيم ومعتقدات وسلوك الصين والإسلام كانت تتناقض مع أطروحة الولايات المتحدة الأميركية المشكلة من سردية المسيحية البروتستانتية وفق النمط الأوروبي؛ وهو ما يجعل التعاون مستحيلا والصراع مرجحا جدا.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق