الأيديولوجيا ليست مهمة، إذ يمكن أن يكون المعارض المستهدف إسلاميا أو يساريا أو علمانيا. ويمكن أن يكون جزءا من حزب أو جماعة، أو مجرد فرد، أو حتى مجموعة نخب يوقّعون عريضة تطالب بالإصلاح. ألا يعرف أي مشتغل بالسياسة عشرات أو مئات ممن يقبعون في السجون راهنا، ممن لا ذنب لهم سوى توقيع عريضة تطالب بالإصلاح؟!
ليس بوسع الأنظمة سحق المعارضات؛ أيا تكون أيديولوجيتها، بما في ذلك الجماعات الإسلامية، مثل الإخوان على سبيل المثال. والسحق هنا هو الذي يحمل المعنى الأمني، بمعنى أن يكون بوسع هذا النظام أو ذاك، أو يزرع الخوف في المجتمع ويطارد الجماعة أو الحزب الذي نافسه على قلوب الناس، ويسحقه لسنوات، وربما لأكثر من ذلك. كما يشمل ذلك تحقيق الانتصار على مجموعة حملت السلاح ضده (ضد النظام).
ميزان القوى التي يفهمها البعض كما لو كانت متعلقة بالحروب وحدها، فيما هي تتعلق بكل الصراعات الإنسانية، ومن ضمنها الصراع السياسي؛ فضلا عن العسكري.
والنظام حين يحظى بظهير إقليمي ودولي يختلف عما إذا لم يكن كذلك. والنظام حين تكون معارضته قوية جدا، يختلف عما إذا كانت معارضته ضعيفة أو عاجزة على صعيد الحشد وإدارة معركتها السياسية. والكلام فيه كثير من التفصيل.
حالة الإسلاميين في الجزائر مطلع التسعينات، ثم تجربة الربيع العربي، بخاصة في مصر وسوريا، ثم الجولة الثانية منه في الجزائر والسودان.
قوة تلك الجماعات لا تقاس بعدد أفرادها، بل بظهيرها الشعبي، أو حاضنتها الشعبية، والدليل أنه ما إن تتغير الظروف أو يُسمح للناس بالتنفس والاختيار، حتى تتصدر تلك الجماعات الانتخابات.
بوسعنا أنت نتذكر مثلا حالة "النهضة" في تونس بعد الثورة، وهي التي كانت مسحوقة أمنيا قبل ذلك، ثم حالة إخوان مصر في أكثر من محطة.
محاولات بعض الأنظمة صناعة جماعات أو أحزاب تأخذ مكان الإسلاميين، قد باءت بالفشل، لأنها تمثيلية لا تنطلي على الناس. وحتى حين حدث ذلك بشكل عادي، لم تسجل تلك التيارات ذات الحضور الذي كان للإسلاميين، والسبب بالطبع هو وجود صحوة دينية، ولو كانت هناك ظروف مختلفة، وعبّرت تلك التيارات الجديدة عن ضمير الجماهير، فإن إمكانية تحقيقها لبعض النجاح واردة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق