بعد اغتيال الرئيس محمد أنور السادات في عام 1981 وصلت السلطة لحسني مبارك على طبق من ذهب
ميراث السادات
ورث مبارك من السادات -من بين أشياء عديدة- السلام والتقارب مع إسرائيل، والخصومة مع التيارات الإسلامية والحرب عليها، وورث منه الحكمة الساداتية المعروفة "لا سياسة في الدين ولا دين في السياسة".
عزز مبارك طيلة سنواته الثلاثين علاقته مع إسرائيل، فكانت تزداد كل يوم عمقا ورسوخا، فقد فهم مبارك بقوة الدور الذي يمكن أن يقوم به في المنطقة، وفهم أيضا أحلام وآمال وإرادات القوى الغربية، فسار في ظل الحائط من جديد يحقق للقوى الدولية الكبرى ما تصبو إليه ويسير في ظلالها دون أي اعتراض.
كانت مصر راعيا وعرّابا للسلام بين الرئيس السابق ياسر عرفات ودولة الاحتلال، وبدا أن تعزيز وحماية السلام الحامي لحدود إسرائيل كانت الوصية الخالدة التي حافظ عليها مبارك من تراث الراحل السادات. وفي خطابه الأول أكد مبارك أنه سيسير على درب الرئيس المناضل؛ درب الديمقراطية والسلام.
وورث منه أيضا أزمته مع الأقطاب، وخصوصا مع البابا شنودة، غير أن العلاقة سارت كأحسن ما يرام وتصالح الرجلان، واستمرت أزمات مصر على الضفة الأخرى بكل وضوح تقتات من عرق مصر التي دخلت في قبضة آل مبارك وخرجت -أو تراجعت على الأقل- في مساحات عديدة في جغرافيا التأثير والنفوذ إقليميا وعالميا.
أزمات الإقليم.. حرب الكويت
فكانت إسرائيل التي ضمنت صداقة مصر قد تفرغت للبنان وصبرا وشاتيلا اللتين كتبتا أبشع قصة للطغيان والسادية الإسرائيلية وللخيانة العربية، ومصر المباركية كانت أيضا خارج الجامعة العربية، واستمرت الحرب العراقية الإيرانية، لسنوات طويلة وانتهت بشبه هزيمة للطرفين.
بحث الرئيس الراحل صدام حسين عن فريسة أخرى وكانت الكويت الأقرب إليه، وانطلقت جيوشه لتُحكم قبضة الاحتلال على الكويت، فوجد مبارك فرصة هائلة لإعلان التضامن العربي مع الكويت ولإنقاذ اقتصاده بلاده المنهار، وللعمل من أجل إضعاف نظام صدام الذي كان أقوى نظام عربي مناوئ لمبارك وسياساته في تلك الفترة، فخاض الجيش المصري الحرب ضمن قوات التحالف الدولي التي حررت الكويت، ولم ينس الكويتيون لمبارك تلك الخدمة الجليلة.
ضفة مبارك وآله وأتباعهم من قادة الحزب الوطني وكبار المسؤولين والتجار ورجال الأعمال والضباط، وكان أولئك يعيشون في ظلال مبارك وأنهاره، وعلى الضفة الأخرى مبارك "الفرعون" الهادئ الذي يردد لمعارضيه "أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي؟".
في 2014 أُسقطت الاتهامات الموجهة لمبارك في الوقت الذي شن فيه السيسي حملة أمنية على جماعة الإخوان المسلمين، كانت أشد قسوة من أي خطوات اتخذت في عهد مبارك، وبعد ثلاث سنوات واستئناف النيابة الحكم قضت محكمة النقض؛ أعلى محاكم الاستئناف في مصر ببراءة مبارك وسمحت له بالعودة لبيته في حي مصر الجديدة بالقاهرة، وهو لا يبعد كثيرا عن مقر رئاسة الجمهورية الذي شغله مبارك زهاء ثلاثة عقود.
في الخامس من فبراير/شباط 2020 عاد مبارك مرة أخرى إلى دائرة الاهتمام؛ بعد أن أُعلن عن نبأ وفاته ورحيله عن عالم سار فيه 91 حولا قضى الجزء الأهم منها في أروقة المناصب ودواليب السلطة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق