الاثنين، 15 فبراير 2021

كيف ينهض العرب

 المشاريع الفكرية النهضوية صورية وقابلة للتفكك والتصفية، بالرغم من تماسكها واتّساقها الظاهري مع ذاتها.

 الفلسفة الدكتور أحمد ماضي في عمّان

الخطاب القومي في عصر النهضة العربية

النقد والتفكيك مشروعي اثنين من رواد النهضة اللبنانيين: الليبرالي العلماني نجيب عازوري، والقومي اليساري عمر فاخوري.

 الخطاب القومي الليبرالي يمثل نموذجا للخطاب النهضوي المتناقض الذي يفتقر إلى الكفاءة المعرفية، التي تؤهله ليكون نموذجا إرشاديا للتفكير بالنهضة في القرن الحادي والعشرين، وما ينطبق على هذا الخطاب ينطبق على الخطابات كلها: السلفي، والليبرالي، والماركسي.

يُعدّ مشروعا عازوري وفاخوري نموذجين لهذا الخطاب المتناقض، والذي احتُفل به كثيرا في الفكر العربي الحديث والمعاصر، دون التدقيق بطبيعة الخطاب وأبعاده ومرجعياته وتناقضاته، ومن ثم المسكوت عنه فيه.

بالغوا في تقدير دور نجيب عازوري التحرري في النهضة العربية، وخطابها القومي العلماني مطلع القرن العشرين

ظلّ عازوري على موقفه الواثق ثقة مطلقة بالإمبرياليات الغربية، وخاصة فرنسا على نصرة العرب وتحقيق أحلامهم؛ متصورا أو متوهما أن فرنسا وغيرها من الدول الغربية جمعيات خيرية هدفها التبشير بالقيم الحضارية ومساعدة المحتاجين، ولا يعير، أو لا يريد أن يعير في خطابه أدنى اعتبار لأهمية وأولوية المصالح في العلاقات الدولية على القيم والمثل المجردة.

يرى المفكر أنّ فرنسا كما يقول في كتابه الأهم، والمعتمد في قراءات الفكر العربي المعاصر “يقظة الأمة العربية” هي رسول الفكر الحرّ ومملكة الحرية المطلقة، والأمة الفرنسية بجوهرها هي أمة الفروسية، وهي الدولة التي تتفوق على الدول الأوروبية بتقديم المساعدة الأسخى والأكثر عفوية للمظلومين والتعساء، وهي الدولة المتفانية أبدا في نشر المسيحية والكثلكة والديمقراطية، علما أن فرنسا في عهده كانت جمهورية علمانية فصلت الدين عن الدولة رسميا بطريقة حديّة وحاسمة بنص الدستور الفرنسي سنة 1905.

لم يكن موقف عازوري المثالي المفارق للواقع دلالة جهل أو قصر نظر، حسب رأي توفيق، بل كان تواطؤا وتماهيا مع المشروع الاستعماري الغربي، والدليل على ذلك إدانته للمقاومة والمعارضة الوطنية في مصر والجزائر.

أكثر من ذلك فهو يلوم ويتأسف لعدم مشاركة فرنسا في احتلال مصر مع بريطانيا، وكأن السياسة الدولية الكولونيالية مجرد رغبة أو نزوة عابرة لتلك الجمعية الخيرية.

 الغاية الكمالية هو ما يريده لوبون من تحويل القومية إلى ديانة تذكّر برغبة أوغست كونت بتحويل العلم إلى ديانة وضعية.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق