Feb 17, 2021
المملكة تحتاج إلى ما هو أكثر من التسهيلات لتشجيع الشركات على الاستقرار في البلاد، وأن الأمر مرتبط بالبيئة الاجتماعية التي تسمح لموظفي وكوادر تلك الشركات بالعيش في السعودية.
وزير المالية السعودي محمد الجدعان لرويترز الاثنين إن الشركات العالمية التي ترغب في المشاركة في الفرص الاستثمارية التي تمنحها الحكومة السعودية “سيتحتم عليها أن تتخذ قرارا” في ما يتعلق بإنشاء مقار إقليمية في المملكة اعتبارا من عام 2024 وإلا فلن تفوز بتعاقدات حكومية.
المزيد من الوقت لإقناع هذه الشركات بأهميّة نقل مقراتها إلى المملكة، وأن الأمر مرهون بإنهاء مشاريع الترفيه الكبرى التي تقدر على استقطاب الزائر بثقافات وعادات مختلفة.
دبي قد قطعت أشواطا متقدمة في هذا المسار منذ سنوات ما جعلها القبلة الأولى في المنطقة لاستقطاب الشركات العالمية وكبار المستثمرين من الشرق والغرب؛ فهي تمتلك الكثير من المقومات، ليس فقط الاقتصاد المفتوح والتسهيلات الكبيرة بل تمتلك ما هو أهم، أي وجود بيئة حياة ملائمة لمختلف الزائرين بتنوع ثقافاتهم وأديانهم، فضلا عن مختلف فضاءات الترفيه
وتمتلك دبي سلسلة من الفنادق بمواصفات عالمية، ونجحت في جذب أكبر المتاجر والماركات الشهيرة، وباتت قبلة لمناسبات يحضرها نجوم الفن والموضة والرياضة ورجال الأعمال وكبار المستثمرين، وهو أمر يعود إلى توفر أرقى الخدمات والتسهيلات، فضلا عن مناخ التسامح الذي بات سمة خاصة بالإمارات.
نتيجة لذلك يذهب الناس إلى أماكن أخرى في الخليج ليعملوا فقط فيما يذهبون إلى الإمارات ليعملوا ويعيشوا ويمارسوا الترفيه، وهو دور من الصعوبة بمكان أن تلعبه أي مدينة سعودية حاليا.
جانب الترفيه والخدمات الذي يرتبط بتنفيذ المشاريع الكبرى التي أعلن عنها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ومن بينها مدينة نيوم.
رؤية 2030 مشاريع كثيرة للترفيه وتوسيع دائرة الانفتاح لتشمل بناء دور السينما وصالات للحفلات الثقافية يقول المراقبون إن التحدي هو قبول البيئة السعودية بخيار الانفتاح الجديد والاندماج فيه، خاصة بعد تراجع نفوذ المتشددين على حياة السعوديين.
المراقبون أن ما ينقص السعودية الآن هو القدرة على توفير المعطيات الحياتية التي تجعل من السعودية بيئة استقطاب.
مسؤول تنفيذي في الخليج العربي عن اعتقاده بصعوبة تنفيذ القرار السعودي بشأن نقل مراكز الشركات الكبرى.
كشفت الصحيفة البريطانية مؤخرا أن السعودية كانت تعرض على الشركات الأجنبية مجموعة من الحوافز في محاولة لإقناعها بنقل مقارها إلى الرياض كجزء من حملة أطلقها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
السعودية تطالب الشركات الأجنبية بنقل مقراتها للتمتع بالاستثمارات
سياسات الانفتاح تعجّل بلوغ النمو الاقتصادي المرجو
تخطط المملكة، أكبر اقتصاد في المنطقة وأكبر مصدر للنفط في العالم، لوقف التعاقدات مع الشركات والمؤسسات التجارية التي تقع مقارها الإقليمية خارج السعودية في خطوة تهدف إلى تشجيع الشركات الأجنبية على أن يكون لها تواجد دائم في البلاد من شأنه أن يساعد في توفير فرص عمل للسعوديين.
هذه الشركات سيكون لها حرية العمل مع القطاع الخاص في السعودية.
“السعودية لديها أكبر اقتصاد في المنطقة في حين أن نصيبها من المقار الإقليمية ضئيل، وهو أقل من 5 في المئة حاليا”، مشيرا إلى أن “القرار يهدف إلى مساعدة مسعى الحكومة لتوفير فرص عمل للشباب السعودي واجتذاب الاستثمار الأجنبي المباشر لتنويع اقتصاد المملكة المعتمد على النفط”.
وتستخدم الشركات الأجنبية منذ سنوات دولة الإمارات العربية المتحدة كنقطة انطلاق لعملياتها الإقليمية بما في ذلك السعودية.
قال الجدعان إن بيئة العمل الحالية بها متسع للتحسين وإن الحكومة ستكمل الإصلاحات القضائية والتنظيمية وتحسن نوعية الحياة حتى تشعر الشركات والأفراد بالراحة في الانتقال إلى الرياض.
دبي كمركز أعمال إقليمي رئيسي لها ميزتها التنافسية الخاصة. وقال إن السعودية ستواصل العمل من أجل أن يكمّل كل جانب الآخر والوصول إلى منافسة صحية.
جذبت سياسات الانفتاح التي يتبناها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان خلال السنوات القليلة الماضية الكثير من الشركات ورواد الأعمال للعمل في أكبر اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
في خطوة تعكس هذا التمشي أبرمت مؤخرا 24 شركة عالمية عملاقة تعمل في مجالات مختلفة في مقدمتها بيبسيكو وشلمبرجيه وديلويت وبي.دبليو.سي وتيم هورتينز وبيكتيل وبوش اتفاقيات مع الهيئة الملكية لمدينة الرياض تهدف إلى إنشاء مكاتب إقليمية رئيسة لها في العاصمة السعودية.
جذب المقرات الإقليمية للشركات العالمية في الاقتصاد بما يتراوح بين 61 و70 مليار ريال (ما بين 16.2 و18.65 مليار دولار) بحلول 2030 من خلال الرواتب والمصروفات التشغيلية والرأسمالية لتلك الشركات ما ينتج عنه نمو في المحتوى المحلي عبر العديد من القطاعات المهمة.
تأتي جهود جذب المقرات الإقليمية للشركات العالمية كعنصر من عناصر إستراتيجية مدينة الرياض التي تهدف إلى مضاعفة حجم الاقتصاد وتحقيق قفزات كبرى في توليد الوظائف وتحسين جودة الحياة وجذب وتوسعة الاستثمارات لتكون الرياض ضمن أكبر عشرة اقتصادات للمدن في العالم بحلول 2030.
يهدف برنامج جذب المقرات إلى زيادة نسبة المحتوى المحلي والحد من أي تسرب اقتصادي وتنمية قطاعات جديدة، بالإضافة إلى إيجاد عشرات الآلاف من الوظائف النوعية الجديدة لأفضل الكفاءات.
إيجاد بيئة استثمارية حاضنة للشركات العالمية ترافقه العديد من البرامج التكميلية المصاحبة، مثل جذب مدارس عالمية جديدة وزيادة الطلب الذي من شأنه أن يرتقي بمستوى الخدمات في المدينة.
لا يعد جذب المقرات الإقليمية غاية بل هو أحد ممكنات النمو الاقتصادي الذي تطمح مدينة الرياض إلى تحقيقه، ولا بد من الإشارة إلى أن المملكة تعمل على العديد من التعديلات النظامية حاليًا بهدف تطوير بيئة استثمارية حاضنة للاستثمارات العالمية.
يوجد في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مقرات إقليمية لما يقارب 346 شركة عالمية نصيب السعودية منها لا يتناسب إطلاقًا مع الإيرادات والأرباح التي تحققها تلك الشركات من السوق السعودية بنسب تتراوح بين 40 و80 في المئة من إجمالي مبيعاتها الإقليمية.
لذلك يأتي انتقال مقرات تلك الشركات إلى الرياض بفوائد كثيرة وسيُسهم في تسهيل الإجراءات واتخاذ القرارات وفهم حاجات السوق بشكل أكبر وتوسعة الاستثمار في السوق السعودية.
كشفت السعودية الشهر الماضي عن مخطط استثمارات واعد خلال السنوات العشر المقبلة عبر مشاريع جديدة في إطار رؤية 2030 لتنويع الاقتصاد والاستفادة من قدرات المملكة غير المستغلة وتأسيس قطاعات نمو جديدة وواعدة.
*
ربط جميع الإجراءات التي اتّخذتها الرياض خلال الفترة الأخيرة من إطلاق سراح سجناء والإعلان عن الإعداد لتغييرات عميقة في منظومة التشريعات تشمل مجال الأحوال الشخصية، يهمل حقيقة أنّ مسارا إصلاحيا بدأ منذ سنوات، وأنّ نتائج ذلك المسار أصبحت ملموسة بوضوح في الجوانب الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، وحتى الدينية بمواجهة التفسيرات المتشدّدة للشريعة وتخفيف سطوة رجال الدين على الحياة العامّة.
حقوقيون سعوديون قرارات الإصلاحات القضائية والقانونية التي أطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بأنها خطوة سباقة هدفها صيانة الحقوق وتطبيق العدالة، وإعطاء صورة عن أن السعودية متمسكة بالانفتاح على العالم في شتى مظاهره مع توخي سياسة التهدئة مع الجيران الإقليميين للتأقلم مع المتغيّرات المحتملة في مقاربة إدارة الرئيس جو بايدن لملفات المنطقة.
الأمير محمد، الذي يقود ثورة إصلاحات عميقة في شتى المجالات ضمن “رؤية السعودية 2030″، قد أكد الأسبوع الماضي أن عملية تطوير المنظومة التشريعية مستمرة مع الأخذ فيها بأحدث التوجهات القانونية والممارسات القضائية الدولية الحديثة، بما لا يتعارض مع الأحكام الشرعية، ويراعي التزامات السعودية في ما يخصّ المواثيق والاتفاقيات الدولية التي انضمت إليها. * دليل محمد العيسي
تركيز المتابعين للتحولات المتسارعة في الشرق الأوسط في أعقاب تنصيب بايدن، على السعودية التي تعتبر الدولة الأهم والأكبر بين بلدان الخليج العربي، وباعتبارها حليفا استراتيجيا لواشنطن منذ عقود وحتى مع تعاقب الحكومات الأميركية.
*
مثلت دبي وجهة استثمارية مفضلة حيث تميزت ببنية تحتية حديثة وقوانين مرنة، ولكن حملة الإصلاحات السعودية، ولاسيما اشتراط نقل مقار الشركات الأجنبية إلى المملكة، غيرت قواعد المنافسة، في وقت يرى فيه خبراء أن الليبرالية الاجتماعية والإسكان والتعليم التي تتميز بها دبي تظل العلامة الفارقة.
وقد سهّلت الإمارة الخليجية الثرية فتح الأعمال التجارية في منطقة تعاني من البيروقراطية ما ساعدها على استضافة حوالي 140 مقرا لشركات كبرى خلال ثلاثة عقود، أكثر من أيّ مدينة أخرى في الشرق الأوسط.
وبينما كانت بيئة الأعمال تزدهر في دبي، يتعثر النمو في الرياض، عاصمة أكبر اقتصاد عربي، بسبب السياسات المتشددة والتهديدات الأمنية والفساد.
ولي العهد محمد بن سلمان سعى إلى وضع حد لذلك عندما تولى منصبه في عام 2017 وقد باتت المدينة المحاطة بالكثبان الرملية تنعم بازدهار نسبي وتشهد افتتاح أعمال جديدة بوتيرة متسارعة، من المطاعم إلى الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا.
قال الأمير البالغ من العمر 35 عاما في يناير الماضي إن هدفه “أن تصبح الرياض واحدة من أكبر عشر مدن اقتصادية في العالم”.
ولتسريع هذا الهدف، أعلنت الرياض أنّها ستوقف اعتبارا من مطلع العام 2024 التعامل مع شركات أجنبية تقيم مقرات إقليمية لها خارج السعودية.
الرياض، المدينة التي يبلغ عدد سكانها 7. 5 مليون نسمة وكان يُنظر إليها أنها معقل لسياسات المحافظين، فتحت أبوابها للترفيه والاستثمار، وهمّشت هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونفّذت حملات لمكافحة الفساد .
الوجه الجديد للعاصمة جذب مع ذلك مستثمرين كثرا يأملون في الاستفادة من مشاريع بمليارات الدولارات مثل مدينة نيوم المستقبلية الضخمة والمخطط لها أن تكون على ساحل البحر الأحمر.
ويقول المسؤولون السعوديون إن المملكة تستضيف أقل من 5 في المئة من المقرات الرئيسية للشركات الكبرى في المنطقة رغم أنها تمثّل “حصة الأسد” من الأعمال والعقود إقليميا.
وبعدما وصلت رياح المنافسة للإمارات، استجابت الدولة النفطية بسرعة للتحدي الجديد.
فرفعت البلاد التي يسكنها مليون إماراتي وتسعة ملايين أجنبي الحظر المفروض على إقامة غير المتزوجين معا، وخففت القيود المفروضة على الكحول، وعرضت تأشيرات طويلة الأجل ومنح الجنسية لأفراد معينين، ووقّعت اتفاق تطبيع علاقات مع إسرائيل لتجتمع معا أكثر اقتصادات المنطقة تنوّعا.
على الإمارات أن “تسرّع بعض الإصلاحات التي لا تزال غير ممكنة في السعودية” حتى تظل قادرة على منافسة المملكة التي يسكنها 34 مليون شخص أكثر من نصفهم من الشباب.
ولا تزال المدن السعودية تفتقر إلى البنية التحتية الملائمة في قطاعات رئيسية مثل النقل والبنوك، بينما تعاني بعض الوزارات من بيروقراطية متجذّرة.
الرياض بعيدة جدا عن “دبي وحتى أبوظبي من حيث الليبرالية الاجتماعية والإسكان والتعليم وأماكن الترفيه”.
“الحقيقة الصعبة الأخرى هي أن في السعودية 19 مليون مواطن محافظ إلى حد كبير، سيكونون أقل قابلية للتفاعل مع العادات الاجتماعية الغربية لسنوات قادمة مقارنة بالإمارات”.
هذه ليست التحديات الوحيدة. فبينما يُنظر إلى دبي على أنها واحدة من أكثر المدن أمانا في المنطقة، تواجه الرياض تهديدا من متمردي اليمن حيث تقود تحالفا عسكريا منذ 2015، والجماعات المتطرفة على حد سواء.
جو بايدن بجعل المملكة “منبوذة” على خلفية جريمة مقتل خاشقجي وسجلّها الحقوقي وحرب اليمن.
أستاذ العلوم السياسية الإماراتي عبدالله عبدالخالق في تغريدة الأربعاء “الشركات والمصارف العابرة للقارات التي تتخذ دبي مقرا لها منذ 30 سنة. اختارت دبي دون غيرها بسبب نوعية الحياة والميزات التنافسية وبيئة تشريعية واجتماعية وبنية تحتية فريدة”. وأضاف “لن تتركها، رغم ذلك مليون أهلا بالمنافسة”.
كما يشكل نمط الحياة في الرياض عائقا آخر بفعل إغلاق المتاجر وأماكن الترفيه في أوقات الصلاة رغم أنه تم السماح للأجانب بالحصول على المشروبات الكحولية بجميع أنواعها والتي هي محظورة في السعودية.
يخضع أولئك الذين ينتهكون القانون لعقوبة الجلد أو الترحيل أو غرامات مالية أو السجن. كما لا تتواجد في المملكة تجمعات سكنية للأجانب بأسعار عادلة نسبيا، حيث تتاح للمغتربين حمامات للسباحة ومنشآت رياضية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق