الثلاثاء، 4 مايو 2021

التراث

Feb 7, 2019

قطيعة مع التراث

الكاتب المغربي  إدريس هاني 
 محمد آركون إذ لا تعني القطيعة المعرفية الإنفصال النهائي عن الماضي و التراث أو الدعوة لإهمال ما أنتجه 
القدماء من أفكار و معارف و نظريات و فنون و أساليب ، بل إن القطيعة نتيجة حتمية للتطور التاريخي العام في مجتمع ما أو بيئة معينة 

مشروع ( عبد الله العروي ) كأحد هذه المشاريع التي دعت إلى بناء قطيعة ( كبرى ) مع التراث فهو يرى أن الحل الأمثل للعرب و المسلمين هو أن يديروا ظهرهم إلى منجزهم الموروث و الارتكان إلى المنجز الغربي الأكثر قابلية – كما يعتقد – لقيام حداثة فاعلة ، 
 فالقراءة الماركسية التاريخية هي الأنفع للعقل العربي – الإسلامي كإجابة على سؤال القطيعة الإشكالي ، و يقترب ( العروي ) من ( طه حسين 
  إن مشروع الجابري بقدر ما كان أكثر تصالحاً مع التراث من مشروع العروي و غيره من دعاة القطيعة الكبرى ، 
  كما و يبرز مشروع ( محمد أركون ) كواحد من أهم مشاريع القطيعة في العقل الإسلامي ، فـ ( الإسلاميات التطبيقية ) التي أراد أركون ممارستها في سعيه الدؤوب للتأسيس لمشروع حداثي ، تكشف عن رغبة كبيرة في بناء إنموذج معرفي جديد للعقل الإسلامي ، مع الإشارة إلى انه قام بإستعارة واضحة لمناهج و آليات غربية النتاج و البيئة ، ربما أكثرها ممارسةً  تفكيكية ميشيل فوكو 
  يبدو أن الكاتب المغربي ( إدريس هاني ) أجاد حينما ذهب إلى أن مشروع أركون يعبر عن ضرب من ضروب ( القطيعة الوسطى ) مع التراث ، إذ أن هذه القطيعة تتموضع بين القطيعتين ( الصغرى ) و  الكبرى 
 إن العقل الإسلامي ما زال يعاني الخلل في ميكانزمات الوعي المؤسس لذات مفكِرة تجمع بين الحسنيين ( الرفاه في الدنيا ) و ( السعادة في الآخرة ) ، اعتقد أن المشكلة قد تتجاوز رهانات القطيعة مع التراث 

*

لا سبيل إلى التخلُّص من سلطة الماضي، والدخول في حضارة العصر الراهن إلا بإحداثِ قطيعةٍ معرفيةٍ مع التراث والأخذ بعقلِ الحداثة الذي يتّخذه العلم الحديث مصدراً وحيداً للمعرفة !! 
ومن الذين نادوا بهذه القطيعة مع التراث المفكر اللبناني د.حسين مروة (1910 – 1987م) في كتابه "النزعات المادية في الإسلام" ومن دعاة القطيعة كذلك المفكر المصري د.حسن حنفي (1935 - ) في كتابه "التراث والتجديد" وكتابه "من العقيدة إلى الثورة" ومنهم كذلك الجزائري د.محمد أركون في كتابه " تاريخية الفكر الإسلامي" ومنهم المغربي د.محمد عابد الجابري (1936 – 2010م) في كتابه "نحن والتراث" ومشروعه الموسوعي "نقد العقل العربي".

فقد ذهب الجابري إلى أنه لا نهضة دون تحصيل آلة إنتاجها أي العقل النهضوي، وهذا العقل لا يمكن تحقيقه إلا من خلال القطع مع العقل التراثي المبني على النصوص الدينية التي جعلت العقل العربي أسيراً للغيبيات والمطلقات فتحول إلى "عقل مستقيل" حسب تعبير الجابري الذي ظل يكرر أنه لا يمكن تحصيل العقل النهضوي المنشود إلا بنقد هذا العقل العربي "التراثي" وتفكيك السلطات والمفاهيم المتحكمة في بنيته، وبعدئذ يمكن تأسيس عصر جديد يفتح للأمة طريقاً معرفياً جديداً يجعلها قادرة على الفعل والعطاء والاستجابة لتحديات الراهن !


العروي – من خلال نزعته التاريخانية - يطرح مقاربة مختلفة مفادها أن العقل العربي بني على المسلمات الدينية؛ ووقع في فخ "اليقين" قبل أن يفحص ويتأمل؛ أما العقل الحداثي في المقابل فقد بني على الإبداع والمبادرة والنزوع إلى المغامرة، ومن ثم انتهى العروي إلى أن حال الأمة لن ينصلح إلا باختيار المستقبل بدلاً عن الماضي، والواقع بدل الوهم، كما تأمر الحداثة !


أما أركون الذي يتفق مع صاحبيه بأن الأزمة تكمن في التراث، إلا أنه لا يراها أزمة عقل، وإنما أزمة قراءة وتأويل سببها سيادة القراءة الواحدة للتراث؛ هذه القراءة التي شكلت – في اعتقاده - سياجاً مغلقاً حول التراث جعله يرفض الرأي الآخر ! ولهذا رأى أركون أن نهضة الأمة لن تحصل ما لم تقطع الأمة علاقتها بهذه القراءة التراثية المغلقة !


• فقد أخذ الناقدون على مشروع العروي نزعته التاريخانية التي جعلته ينظر إلى المنجز الحضاري الإسلامي على أنه حدث تاريخي أخذ مكانه ضمن التطور التاريخي؛ وعفا عليه الدهر، فصار لِزاماً علينا هجره إلى ما بعده !


الرد علي الدعوي

كما أخذ الناقدون على هؤلاء الثلاثة زعمهم بوجود عقل عربي ذي مواصفات خاصة؛ فقد رأى ناقدوهم أن هذا الزعم غير صحيح على الإطلاق؛ فالواقع يشهد أنه لا يوجد عقل عربي، وآخر فرنسي، وآخر أمريكي مثلاً، فهذه الصور النمطية للعقل كما تصورها دعاة القطيعة لا وجود لها في الحقيقة، بدليل أن العربي الذي نجده فاشلاً في البيئة العربية نجده في قمة الإبداع والفعالية عندما ينتقل إلى البيئة الغربية، فالعقل نفسه لم يتغير وإنما تغيرت البيئة، فقد انتقل العقل من بيئة محبطة إلى بيئة محفزة، فأبدع وأعطى، وفي هذا دليل على تهافت الدعوة إلى القطيعة بسبب استنادها إلى أساس فاسد ! وليس هذا هو النقد الوحيد الذي واجهته الدعوة إلى القطيعة مع التراث؛ فقد اتهمت هذه الدعوة كذلك بتبسيطها لتشخيص الأزمة، وتبسيط الحلول التي اقترحها دعاة القطيعة للخروج من الأزمة ! فلا غرابة أن تنتهي هذه الدعوة إلى الخيبة والفشل والاحباط، كما نلمسها بوضوح فيما يأتي
فقد تخلى الجابري عن دعوته إلى العلمانية، وعاد إلى رحاب الدين والإيمان بالتراث الذي ظل يدعو إلى القطيعة معه زهاء نصف قرن !
 وتوقف أركون في أخريات حياته عن حديث القطيعة !

*

 الكثيرين من «المتنورين» كانوا سيدعون إلى حرق هذه الكتب باعتبارها تروج لخرافات وهلاوس عفى عليها الزمن والتلميح من بعيد إلى أن هذه الأقوال لا تعبر عن صاحبها بقدر ما تعبر عن ديننا، في إشارة من طرف خفي إلى أن المشكلة ليست في الأشخاص وإنما في الدين الذي ربي هؤلاء الأعلام. 

في ظل تصاعد الموجة الرافضة لاعتباره أحد الأصول التي يمكن التعويل عليها في النهوض بالأمة, وفي ذات الوقت مواجهة محاولات البعض تقديس التراث لدرجة اعتبار ما جاء به لا يرقي إليه شك أو إعادة نظر.

من الخطأ معاملة اليونان باحترام خرافي فعلى الرغم من أن فئة قليلة منهم هم الذين أشرقت عليهم أشعة المنهج العلمي لأول مرة إلا أنهم بصفة إجمالية لم يكونوا يستسيغون المنهج العلمي بطبيعة عقولهم وأن محاولة تمجيدهم بالتصغير من شأن التقدم العلمي الذي تم في القرون الأربعة الأخيرة لمما يقعد بالفكر الحديث عن النهوض. ويدعم رؤيته تلك بمقولة حبذا لو آمن بها الجميع وهي «أنه لا يحتمل أبداً لأي إنسان أن يكون قد بلغ الحق النهائي الكامل في أي موضوع كائناً ما كان».

رغم أن هذه آراء فيلسوف بحجم راسل في أساطين التراث اليوناني وما يراه سقطاتهم.. فإننا على جانبنا الإسلامي نرى العجب العجاب.. فتراثنا هو مطية البعض للشهرة، والهجوم عليه هو الوصفة السحرية للصعود، حتى يخال لك أن نهضتنا بإلقاء هذا التراث في البحر، وتلك هي الطامة الكبرى!
*
التراث.. إشكالية المناهج في إدارة الخلاف
شبكة العين الاخبارية
 بين ما قرأت من كتب التاريخ أني لم أجد بها -على اختلافها- ما يسمى "الخلافة" أو "الشريعة الإسلامية"، ملقاة "كمفردات" هنا وهناك، بل وجدت مصطلح "الخلافة" قد وصف بخلفائها بين أموية وعباسية وغيرها، أما كتب الفقه فقد جاءت بأسماء أصحاب المذاهب والفقهاء من مالكي وحنبلي.

وبين ما يحيط بنا من إشكالية في التعامل مع العديد من المفاهيم وفحواها، وفي هذه الأثناء التي أحضر بها لمشاركتي في مؤتمر "الإدارة الحضارية للخلاف الفقهي"، والتي تعد من أبرز القضايا المهمة على الساحة العالمية، وجدت أننا لا نزال نعيش في بوتقة الضرورة الزمانية والمكانية، إذ لا بد من ترسيخ وبناء استراتيجية واضحة نحو إدارة الخلافات الفقهية بمنهجية حضارية في كل بقاع الأرض، التي إن لم تكن دولة مسلمة، تكون ذات مكون ضامٍ للمجتمعات المسلمة، ذلك أن التراث العربي الإسلامي على وجه الخصوص، ترك مخزوناً معرفياً لا يستهان به، سواء أكان دينياً أو اجتماعياً أو سياسياً. وترتب على المجتمعات البشرية اللاحقة أن تتفق على حدود واضحة لإدارة المناهج المتخصصة في التراث.

ضبط المنهجية الصحيحة في صياغة المفاهيم والمصطلحات، والإشارة بالبنان لآثار الخلل المنهجي، في بناء المفاهيم وما يتبعها على البنية المعرفية في العلوم الشرعية، إذ إن "عقدة" منهجية التعامل مع التراث تعتبر موضع تجاذبات قويا، ولذا فله ما له من شأن في الانقسامات الحادة الواقعة بين النخب الثقافية والدينية، وذلك ما لا نستهجنه على المتشبثين بهالة التقديس التراثي، التي تتعدى ذلك للحكم بالتكفير أو الصلاح لدعاة الحداثة، أو القطيعة مع الماضي.

لا بد من وجود ما يسمو على "اللامنهجية" التي مثلت العامل الأساسي في تأجيج الخلافات الفقهية، والشروع في التنسيق بين دور الإفتاء في العالم، والسعي الحقيقي في سبيل إيجاد المنهج المتزن، على اعتباره الطريق الأنجع في ضبط المنهجية الواضحة في التعامل مع التراث، لإنتاج منظومة إدارة فقهية حضارية مثلى.

الجذر المهم والاستراتيجي العامل في تحديد مستوى نهضة الدول، استعراض المدارسات التي أحاطت بالموروث الثقافي في الفكر العربي المعاصر، كالمنهج التاريخاني، المرتكز على عرض المعطيات الثقافية التراثية. والمنهج التاريخي الفيلولوجي، المعتمد على الفحص التاريخي اللغوي للنص، بالبحث في أسبار مصادر المفاهيم والأفكار التي تؤسسه. 

أضف إلى ذلك المنهج المادي التاريخي الذي يقرأ الأفكار والنصوص، بما هي مجرد تعبير عن أيديولوجية طبقة اجتماعية، في صراعها مع باقي الطبقات الأخرى، أما المنهج الفينومينولوجي فقد اعتمد أطروحات هوسرل، الذي حاول الأستاذ الدكتور حسن حنفي تطبيقه في دراسة تاريخ الفكر الإسلامي. ليرتكز منهج التحليل الأبستمولوجي على تحليل المفاهيم الحاكمة للتفكير، وإنتاج المعرفة داخل ثقافة ما، وقد ارتبط استخدامه بالأستاذ الدكتور محمد عابد الجابري، رحمه الله، في كتابه "نقد العقل العربي".
ونجد لجانب ذلك المنهج التحليلي – النقدي، معتمداً على تفكيك المنظومات الأبستمولوجية للمعرفة، البارز في تحليلات محمد أركون للعقل الإسلامي، وقراءته النص القرآني. والمنهج التأويلي على نحو ما فعل نصر حامد أبو زيد في قراءات متعددة للنص الديني، ويفترض أن للمعنى شروطاً تتغير بتغير نوع الخطاب وظروف التلقي. وأخيراً المنهج التاريخاني النقدي، الذي يشدد في قراءة الموروث على تاريخيته المعرفية وعدم الخلط بين أزمنة المعرفة، وتميّز باستخدامه باحثون مثل علي أومليل وناصيف نصار وعبدالمجيد الشرفي.

وعلى الرغم من تعدد القراءات والمقاربات المنهجية في التعامل مع التراث العربي الإسلامي، فإن كل قراءة منهجية تبقى نسبية، تحمل في طياتها نقاطاً إيجابية من ناحية، وأخرى سلبية من ناحية أخرى، وتحوي أيضا في منظومتها الفكرية والنظرية والتطبيقية أبعادا أيديولوجية مختلفة، ومقاصد مرجعية متباينة. وبعد ذلك، تصل هذه القراءات أو المنهجيات إلى حقائق احتمالية ونتائج نسبية، تختلف من قارئ إلى آخر، ولذا فلا بد من التبصر والإمعان في انعكاسات هذه المناهج التحليلية، على المقاربات العلمية في فهم وإدارة الخلاف الفقهي، مع مراعاة نتاج ذلك، من الميل لإحدى المسالك في فهم التراث، بين مسلك تقديس التراث الفقهي وإنتاجاته ورموز مدارسه عبر الأزمنة والأمكنة، بالتمسك بـ"الثوابت"، دون التأويل أو المصاحبة، وآخر هو مسلك البحث عن البعد المقاصدي والمصلحي من غائية التشريع الإسلامي وأحكامه، التعبدية للخروج بفقهٍ مناسبٍ يأخذ بعين الاعتبار المتغيرات الزمانية والمكانية ويعتمد على إعمال العقل والمصالح المرسلة لتحقيق المناط.
ومن ذلك فلا بد من وجود ما يسمو على "اللامنهجية" التي مثلت العامل الأساسي في تأجيج الخلافات الفقهية، والشروع في التنسيق بين دور الإفتاء في العالم، والسعي الحقيقي في سبيل إيجاد المنهج المتزن، على اعتباره الطريق الأنجع في ضبط المنهجية الواضحة في التعامل مع التراث، لإنتاج منظومة إدارة فقهية حضارية مثلى.
نقلاً عن "الاتحاد"
*
اربع تيارات في التراث الاسلامي فهمي جدعان 
التيار النقلي السلفي
 هو الاغلب والاعم وارتبط بضعف الحضارة الاسلامية وغلبة سلاطين الاستبداد وفقهاء السلاطين 
التيار العقلاني 
المستقبل ورفض النقل والتقليد والجمود والاتباع الجامد 
التيار التجربي 
قريب من العقلاني + العلم العربي  + الجاحظ عن الحيوان 
التيار الصوفي
لا العقل ولا النقل ولا التجريب + ايمان بالتجربة الباطنية والحدسية والكشف 
*

مصر بعد السعودية تشرع في نفض الغبار عن التراث الفقهي



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق