وتحبيب فعل القراءة الميسرة (لكن الرصينة في الوقت ذاته) لأجيالٍ باتت نهشاً لمعطيات الثقافة الرقمية التي يمكن أن تكون (لو أحسن استغلالها) عامل ارتقاء بالثقافة، لكنها -للأسف- صارت منصات ترويج ثقافة إعلانية تخاطب مكامن الرخاوة الثقافية في نفوس أجيال لم تعتد الرصانة. إن هذه الرخاوة الثقافية هي بعض مفاعيل عصر «التفاهة»، كما يسميها الكاتب الكندي آلان دونو، وليس من سبيل أمامنا سوى محاولة الحفر في صخرة الواقع حتى يلين وينكشف الخيط الأبيض من الخيط الأسود.
يختم المؤلف كتابه بفصل عنوانه «الطريق إلى قراءة الفلسفة»، وهو فصلٌ وجدته مهماً، فضلاً عن كونه ممتعاً، إذ يقدم فيه المؤلف للقارئ ما يرقى إلى أن يكون «خريطة طريق» لقراءات فلسفية منتخبة تعينه على تلمس طريقه في غابة الفلسفة.
كتاب «أحفاد سقراط» إضافة مهمة لمكتبتنا الفلسفية العربية، وأحسب أنه جاء متوافقاً مع زمنٍ صار فيه العرب أمام مفترق طرق يوجب عليهم إعلاء شأن التفكير الفلسفي الناقد، ومساءلة المواضعات اليقينية، وترسيخ عناصر الحداثة والعقلنة والعلم في العقل العربي المعاصر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق