والأغلبية منهم تسلموا وحدات سكنية مجانية وحصلوا على معاشات شهرية وإعفاءات لأولادهم من المصاريف الدراسية وعلاجهم على نفقة الدولة، وبعض الحالات حصلت على سيارات تاكسي لتكون مصدر دخل لأسرهم، وآخرون استفادوا بدعم مادي وأكشاك مرخصة لبيع السلع بدلا من البطالة.
قالوا إن معرفة ظروف الناس تكون بالاحتكاك بهم، لا باستدعائهم في القصر، حتى اختفت مشاهد استقبال الكادحين في مقر الرئاسة واستبدالها باللقاءات المباشرة معهم لكسر الحاجز النفسي بين الشارع والحاكم.
أصبح المصريون يترقبون يوم الجمعة ليعرفوا هوية صاحب الحظ السعيد الذي التقاه الرئيس واستمع إليه، حتى صارت هناك فئة من البسطاء أصحاب المطالب والمظالم، تبادر بالوقوف أسفل الكباري والمحاور المرورية وبالقرب من المشروعات التنموية على أمل أن يمر السيسي ويتوقف للحديث معهم ويسألهم عن مطالبهم ومشكلاتهم.
التحدي الأكبر يكمن في تعود البسطاء على أنه الوحيد القادر على حل مشكلاتهم، وهذا عبء سياسي، لكنه يستثمر ذلك في أن يكون حزبه الوحيد من القاعدة الشعبية، وهم الفقراء، ومن خلال الاحتكاك بهم يراقب الأداء الحكومي ويعرف الهفوات وأوجه التقصير بعيدا عن التقارير المكتوبة التي غالبا ما تجمل الواقع.
يتعمد السيسي مخاطبة شريحة بسيطة بتسجيل حواراته مع الكادحين وإذاعتها في بيان رئاسي، لتوصيل رسائل مفادها أنه ليس بمعزل عن الشارع، واحتياجات الفقراء الذين يمثلون شريحة كبيرة بالمجتمع محل اهتمام شخصي منه، والظهور بصورة توحي بأنه واحد من الناس ويسعى لتغيير الثقافة المتوارثة بأن الرئيس يعيش في برج عاجي.
يعكس إدراك السيسي بالخطر من استمرار وجود فجوة بين السلطة والبسطاء، خاصة أن النزول إلى مستوى طموحاتهم والاحتكاك المباشر بهم أفرز إيجابيات كثيرة.
البسطاء يشكلون صناعة الرأي الحقيقي.
نظرية في العلوم السياسية اسمها “الرأي الشعبي”، والذي يمثله الفقراء والمحتاجون، لأن سلوكياتهم نقية ومشاعرهم أكثر وطنية ويملكون سمات مثالية في التكوين الشخصي، وهؤلاء معروفون بأنهم الأكثر قدرة على مساندة الدولة في أزماتها وتحدياتها، ما يفسر سر التقارب الرئاسي معهم مؤخرا.
صار بسطاء المحافظات البعيدة ينظرون بنوع من الغيرة من أقرانهم القاطنين في القاهرة، لأنهم يحتكرون النسبة الأكبر من “الحظوظ السعيدة”، حيث لا يتجول السيسي بشكل مفاجئ إلا في شوارع العاصمة ويعوّل بنسبة كبيرة على وسائل الإعلام في رصد وإظهار الحالات الأكثر احتياجا في باقي الأقاليم المصرية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق