مراد وهبة
المقايضة مردودة إلى أن الانسان حيوان اجتماعي. ومن حيث هو كذلك أفرز ظاهرتين: التعاون وتقسيم العمل. بفضلهما تولدت ظاهرة ثالثة هى ظاهرة الفائض، أى فوق ما يحتاج إليه الفرد. من هنا تدعمت المقايضة.
ظل الحال على هذا النحو حتى حدثت أزمة فى المقايضة فصكت النقود، وعندئذ أصبح من اللازم على المشترى تحويل نقوده إلى سلع، وعلى البائع تحويل سلعة إلى نقود. مع ذلك كان الدوران للسلع وليس للنقود لأن السلع أصبحت وسيلة انتاج من جهة وقوة انتاج من جهة أخري. مع التطور أصبحت النقود بديلاً عن السلع، ومن ثم تحولت إلى رأس مال وأضيف إليه العمل والأرض.
مع هذه الإضافة أصبح لرأس المال سمتان: الثبات والدوران. الثبات خاص بأجور العمال وشراء الآلات وما يلزم من ذلك للمصنع المبنى على الأرض. أما الدوران فخاص بما يفرزه رأس المال من ربح يذهب جزء منه إلى تدعيم رأس المال الثابت والجزء الآخر يذهب إلى صاحب رأس المال حيث يتم تراكمه. وقد أفضى هذا التراكم مع الوقت إلى نشأة النظام الرأسمالي
فى سياق الثورة الالكترونية فى هذا القرن أُضيف عامل رابع إلى العوامل الثلاثة سالفة الذكر وهو المعرفة كقوة انتاجية، أى كقوة خالقة للثروة. من هنا صك العالم الأمريكى ألفن توفلر مصطلح «الثروة الثورية» فى كتابه المعنون بهذا المصطلح والذى صدر فى عام 2006 وقد أفرزت هذه الثورة ظاهرة ما أطلق عليها توفلر «نسق الثروةب إلا أن هذا النسق ليس نسقاً معزولاً عن الأنسقة الأخرى مثل أنسقة التعليم والصحة ووسائل الاعلام والخدمات والدين. وأنا أنتقى من هذه الأنسقة نسق الدين وأتساءل عن علاقته بنسق الثروة، أو بالأدق أتساءل عن نقطة التلاقي بين هذين النسقين.
السلطة الاجتماعية المتمثلة فى الاجماع، أو ما يقال عنه إنه الرأى العام، إذ هو أول دليل مصطنع على صحة الحقيقة. إلا أننا نمتص هذا الاجماع من سلطة غير سلطة العقل، أى سلطة تمنعك من إعادة التفكير فيما اقتنعت به. ولكن ماذا يحدث لو استيقظ العقل واسترد سلطته؟ يحدث تصدع فى الاجماع، وبالتالي الحقيقة.
السلطة الدينية عندما تزعم أنها معصومة من الخطأ. لكن ماذا يحدث لو أن تطوراً علمياً أفضى إلى نتيجة لا تتسق مع هذا الزعم؟ الدخول فى زنقة قد تفضى إلى انشقاق، وقد حدث ذلك الانشقاق بالفعل فى زمن جاليليو فى القرن السادس عشر، وفى زمن دارون فى القرن العشرين. والسؤال بعد ذلك: إذا دخلت الحقيقة فى زنقة وهى بالفعل قد دخلت فهل ثمة بديل؟
.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق