الجمعة، 24 يوليو 2020

الدكتور أشرف دوابة اقتصادي مكملين عنصرية اللون والمال بالولايات المتحدة الأمريكية

 يوليو 2020

عنصرية اللون والمال بالولايات المتحدة الأمريكية.. رؤية إسلامية


ه العنصرية البغيضة لم تكشف عن عنصرية الجنس البشري واللون فحسب، بل كشفت كذلك عن توحش النظام الرأسمالي الذي يزيد الغني غنى والفقير فقراً،
 ويقسم المجتمع إلى طبقتين؛ طبقة غارقة لا تجد قوت يومها، وطبقة طافية مترفة، حتى وصلت نسبة الذين يعيشون تحت خط الفقر في الولايات المتحدة نحو 12%، وارتفع معدل البطالة إلى 13.7%، في أبريل الماضي، وقد بدا واضحاً رد الفعل على الطبقية التي هي نتاج العنصرية المالية البغيضة من خلال السلب والنهب بصفة خاصة للمتاجر ذات الماركات العالمية المشهورة.

إن ما يحدث بأمريكا يكشف بوضوح عن عورة الذين يتغنون بالحرية ويغذون العنصرية، وفي مقدمتهم الرئيس الحالي «دونالد ترمب»، وفي الوقت نفسه يتهمون الإسلام ليلاً ونهاراً خفية وجهاراً بالإرهاب

التمييز لم يجعله على أساس الجنس أو اللون أو اللغة أو المال، ولكن بمعيار التقوى، فقال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) (الحجرات: 13).

«إنَّ الله لا ينظر إلى صوركم، ولا إلى أموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم»

وعنصرية المال التي بدت نواجذها واضحة في أزمة «فلويد» بأمريكا من خلال التفاوت الطبقي الكبير، وفقدان التراحم بين أبناء المجتمع، لا مكان فيها للإسلام الذي يرسخ للدرجية لا الطبقية، وفتح مجال التراحم ومعالجة التفاوت الطبقي من خلال إعادة التوزيع.

فالله تعالى جعل الناس درجات وليس طبقات، وسخر بعضهم لبعض وفق تخصصاتهم، فكل منهم يحتاج للآخر ولا يستغني عنه، يقول تعالى: (أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضاً سُخْرِيّاً وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ) (الزخرف: 32).
والحكمة في هذا التفاوت في جميع العصور وجميع البيئات ليسخر بعضهم بعضاً.. ودولاب الحياة حين يدور يسخر بعض الناس لبعض حتماً، وليس التسخير هو الاستعلاء.. استعلاء طبقة على طبقة، أو استعلاء فرد على فرد.. كلا! إن هذا معنى قريب ساذج، لا يرتفع إلى مستوى القول الإلهي الخالد.. كلا! إن مدلول هذا القول أبقى من كل تغير أو تطور في أوضاع الجماعة البشرية؛ وأبعد مدى من ظرف يذهب وظرف يجيء.

إن كل البشر مسخر بعضهم لبعض، ودولاب الحياة يدور بالجميع، ويسخر بعضهم لبعض في كل وضع وفي كل ظرف، لمقدر عليه في الرزق مسخر للمبسوط له في الرزق، والعكس كذلك صحيح، فهذا مسخر ليجمع المال، فيأكل منه ويرتزق ذاك، وكلاهما مسخر للآخر سواء بسواء، والتفاوت في الرزق هو الذي يسخر هذا لذاك، ويسخر ذاك لهذا في دورة الحياة.. العامل مسخر للمهندس ومسخر لصاحب العمل، والمهندس مسخر للعامل ولصاحب العمل، وصاحب العمل مسخر للمهندس وللعامل على السواء، وكلهم مسخرون للخلافة في الأرض بهذا التفاوت في المواهب والاستعدادات، والتفاوت في الأعمال والأرزاق».

العدالة في الإسلام

لقد حرص الإسلام على تحقيق العدالة والتوازن في التوزيع للدخل والثروة؛ ففتح المجال أمام الملكية الفردية من خلال توظيف ما يملكه الإنسان من مهارات، والعمل بصورة نظيفة لا غش فيها ولا احتكار ولا ربا ولا قمار ولا أكل للمال بالباطل على العموم وفتح الباب للكفايات، وتقسيم العمل بين الناس على أساس التخصص وتبادل المنافع.

وفي الوقت نفسه؛ شرع آليات تتولى إعادة توزيع الدخل والثروة، من أبرزها آلية الإرث التي تعيد توزيع الدخول والثروات المكتسبة خلال دورة الحياة على أساس درجة القرابة، والشارع الحكيم وهو يتوخى توزيع الميراث على مستحقيه توزيعاً عادلاً -لا يشوبه حيف ولا يعتريه ظلم- أخذ في الاعتبار بمعيار الحاجة كأساس للتفاضل في التوزيع وليس عنصرية النوع، فكلما كانت الحاجة إلى المال أشد كان النصيب أكبر، ولعل هذا هو السر في كون «للذكر مثل حظ الأنثيين» في بعض حالات الميراث؛ لما يتحمله من تكاليف مالية في مقدمتها المهر والنفقة؛ فالعطاء على قدر الحاجة هو العدل، والمساواة عن تفاوت مقدار الحاجة هو الظلم. 

كما شرع الإسلام الزكاة على الدخول والثروات بشرائطها، وهو ما يحقق إعادة تلقائية في توزيع الدخول في المجتمع، وفي الظروف الاستثنائية يتدخل الشرع لحماية الفقراء من الحاجة وحماية الأغنياء من الطغيان، قال تعالى: (كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاء مِنكُمْ) (الحشر: 7)، وقد حرص الرسول صلى الله عليه وسلم على إعادة توزيع الدخول بالمال الذي أفاء الله به عليه حينما ظهر على بني النضير، حيث قسمه بين المهاجرين، ولم يعطِ أحداً من الأنصار منه شيئاً إلا رجلين كانا فقيرين.

ملايين الأفدنة، فإذا قام بتقسيمها بين الفاتحين فقط وهم ألوف معدودة تضخمت الملكية في أيدي أفراد قلائل، ولم يجد من بعدهم شيئاً، فأبقى الأرض في يد أهلها وأخذ منهم خراجاً للمسلمين كافة وأجيالهم القادمة، وبذلك رسخ لمفهوم «التنمية المستدامة» قبل أن تعرفها الأمم المتحدة بمئات السنين.

إن إعادة توزيع الدخل والثروة في الإسلام يتجاوز النظام الرأسمالي وعنصريته المالية الذي لا يسمح باستحقاق الثروة أو الدخل المتولد في الاقتصاد إلا لعناصر الإنتاج التي شاركت فيه؛ لأنه يؤمن بأن قوى السوق هي المعيار الوحيد للتوزيع بين الفئات المختلفة، حتى أصبحت الثمرة المرة والنكدة التي أفرزها هذا النظام هي تأجيج نار الصراع الطبقي وإشاعة الكراهية والبغضاء في النفوس المعسرة أو المحرومة من الإنفاق أو من سعة في المال التي أقعدتها ظروف البطالة أو الفقر عن المشاركة في النشاط الاقتصادي، ومن ثم لم تستطع إشباع حاجاتها الضرورية أو أن تنال شيئاً مما يوزع من خلال آلية السوق، التي لا تلبي إلا الطلب المدعوم بالقوة الشرائية الذي يفتقد في حقيقته للمنافسة الشريفة ويتحكم فيه الرأسماليون الكبار.

الطريق للبركة الاقتصادية في عالم الماديات


 (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ) (الملك: 15)، فالله تعالى يقول: «وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ»، ولم يقل: «كلوا من سعيكم وجهدكم»؛ فالرزق بيده وحده.

يكشف واقع المسلمين اليوم عن تفاوت طبقي ملحوظ، وفقر مدقع موجود، وتكافل بات مفقوداً، في ظل الحصار على كل ما هو إسلامي وطمسه، وتجفيف منابع التمويل النافع للمسلمين لبناء الإنسان الاقتصادي الصالح.

وفي ظل ما يعانيه جل المسلمين في ربوع الأرض، غنيهم وفقيرهم، من كسب مال خال من البركات، أو العيش في شظف الفقر المادي أو المعنوي أو كليهما؛ تبدو الحاجة ملحة للمسلمين لتخطيط حياتهم المعيشية تخطيطاً اقتصادياً يعتمد على ركنين أساسيين للكسب والإنفاق؛ أحدهما مادي باتخاذ الجوانب المادية لتعزيز الدخل وترشيد الإنفاق، والآخر معنوي -وهو المفقود- من خلال تعميق البعد الإيماني لتحقيق البركة الاقتصادية. 

من عوامل تحقيق البركة الاقتصادية في حياة المسلم الحرص على الطاعات، وهجرة المعاصي والآثام، ومن ذلك المسارعة في الصدقات، والبعد كل البعد عن الربا؛ فالله تعالى يقول: (يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ) (البقرة: 276)، فالربا في ظاهره نماء للمال، وفي باطنه محق لبركته، وهذا عكس الصدقة التي في ظاهرها نقص للمال، وفي باطنها زيادة في البركة والنماء.

 (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ) (البقرة: 152)، وفي الحديث القدسي: «أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم، وإن تقرب إليَّ بشبر تقربت إليه ذراعاً، وإن تقرب إلي ذراعاً تقربت إليه باعاً، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة» (متفق عليه).

++++++++++++++++++++++

السيسي و(30-6-20)

"آه مصر حتبقى في موضع تاني 2020".."30/ 6/ 20 زي ما وعدت الدولة قلتلكم 30/ 6/ 20 حنقدم لكم دولة بشكل مختلف خالص".. ومن ورائه خرج حملة المباخر من الإعلاميين ليزينوا قول السيسي الذي لا يعرف سوى لغة الوعود والأماني وما يعد الشعب المصري ويمنيهم إلا غرورا.

لقد مر 30 حزيران/ يونيو 2020 واستيقظ الشعب وقد وجد مصر في "موضع تاني" وبشكل مختلف، لكن ليس في التنمية والحكم الرشيد، بل في الاستبداد والفساد وانهيار الاقتصاد وتسارع الوفيات وتضخم الديون وضياع الإنسان.

لقد مضت سبع سنوات منذ الانقلاب العسكري وسيطرة العسكر على مقاليد الحكم، وكلام سيدهم المعسول وإرهابه الملحوظ. والحكم على هذه الفترة المظلمة من تاريخ مصر يتطلب الرجوع إلى ما كتبناه منذ تولي السيسي حكم مصر، ولخصناه في ثلاثة مصطلحات تكشف عن سلوكه الاقتصادي في الحكم هي: التجريف، والتوريط، والتخدير.

كما بدا التجريف واضحا أيضا من خلال رفع الدعم عن الكهرباء والمياه والغاز، وزيادة الضرائب وتطبيق في ذلك اقتصاد الصدمة، حيث زادت الضرائب لتصل في موازنة 2020/2021 إلى مبلغ 975 مليار جنيه، بنسبة 75 في المئة من الإيرادات العامة بزيادة 108 مليار جنيه، أي بنسبة 13 في المئة عن العام السابق. وكانت في عهد مرسي 267 مليار جنيه، وفي بداية عهد السيسي 306 مليارات جنيه، ومن ثم بلغت هذه الزيادة نسبة بزياة 265 في المئة، 219 في المئة على التوالي.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق