Nov 1, 2018
الفكر الدينى غير الخطاب الديني. فالفكر الدينى هو فكر ورؤية وتفسير واجتهاد البشر فى التعامل مع النص الديني. ولأن البشر فكر وتفسير واجتهاد وثقافة وانتماء جغرافيًا ومسيرة تاريخية هم مسار تباين وتعدد ثقافى ولذا وجدنا هذا الخلاف والاختلاف فى هذه التفاسير وفى تلك الاجتهادات وعليه وجدنا تعدد الفرق وتناقض الطوائف، وهذا ليس على المستوى الفكرى وحسب ولكن وصل هذا الخلاف إلى درجة المواجهات الحربية التى يريد فيها كل طرف أن يصفى الآخر جسديًا. فبالرغم من وحدانية النص الدينى نجد ذلك الصراع بين أبناء الدين الواحد. تصورًا من كل فريق وكل طائفة أنهم يملكون الحق المطلق والرأى الأصح والاجتهاد الأصوب
. فالدين هو الدين مهما كان اسمه بالنسبة لمعتنقينه فهو نفس التمسك وذات الاقتناع ونفس الرؤية والتصور أن كل منهم هو من يمتلك الحقيقة المطلقة.
وكل منهم هو الفائز بالسماء والجنة، أما الآخر فهو فى جهنم وبئس المصير.
والمسلمون هم خير أمة أخرجت للناس. هنا لا خلاف على أن يؤمن وعتقد كل واحد بصحيح دينه وإلا ما كان منتبأ لهذا الدين. بل من حق المؤمن الطبيعى أن يؤمن بصحيح وحقيقة دينه وإلا كان يؤمن بالدين الآخر. ولكن الإشكالية هنا أن كل صاحب دين لا يعطى نفسه برهة من التفكير لكى يقتنع أيضًا أن الآخر الذى يؤمن بدين غير دينه هو أيضًا يؤمن بصحة دينه وحقيقة إيمانه. فالدين هو الدين والإنسان هو الإنسان مهم تعددت الأديان وتكاثرت العقائد
فالوطن هو كل أبنائه مهما كانت أديانهم أو ألوانهم أو عقائدهم. فحب الوطن والانتماء إليه لا يحدده الانتماء إلى دين بذاته عن الأديان الأخري. فالدين هو علاقة بين الإنسان وبين الله سواء كان هذا الإنسان مسلمًا أو مسيحيًا، أما الوطن فهو للجميع.
أهمية تصحيح وتجديد الفكر الدينى هنا وهناك حيث أن المشكلة ليست فى النص الديني. فكلنا نحفظ القرآن ونعلم الإنجيل. ولكن المشكلة فى هذا الفكر الدينى الذى يفسر النص، كما يريد ومن خلال خلفية لا تخلو من مصالح شخصية وذاتية وجماعية لا علاقة لها بالدين ولكنها تستغل الدين لصحل هذه المصالح. ولذلك نرى أن تأثر المسلم والمسيحى ليس بالنص بقدر التأثر بهذا الفكر الدينى الذى يشكل نوع وطريقة وتفسير هذا النص. فإذا كان الفكر الدينى هنا وهناك لا يقبل الآخر. فالمسلم لا يقبل المسيحى والمسيحى لا يقبل المسلم.
مع العلم أن كل طرف يتصور أنه يملك الحقيقة المطلقة دون سواه. فى الوقت الذى أراد فيه الله هذه التعددية الدينية لحكمة يراها،
والتعددية الديانية هذه ظهرت فى جميع النصوص الدينية، وهذا دليل على وحدانية العقيدة والإيمان بالله الواحد على تعدد طريقة العبادة واختلاف طقوسها. «لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجًا» «لو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين» «لقد أرسلنا لكل أمة رسولًا» «من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر» أما الأهم فهل إذا كنت تؤمن بصحيح دينك فما الوصاية التى تملكها حتى تحاسب الآخر المختلف معك دينيًا؟ «أن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى، والذين أشركوا أن الله يفصل بينهم يوم القيامة إن الله على كل شيء شهيد». والجنة والسماء ليست محجورة لدين بالذات. «ليس بأمانيكم ولا أمانى أهل الكتاب من يفعل شرًا يجزى به ولا يجد من دون الله وليًا ولا نصيرًا
*
الخشب
إصلاح الخطاب الدينى أو تأسيس خطاب دينى جديد دون تطوير طريقة التفكير، ولن تتحقق تنمية اقتصادية بدون تطوير العقل وتغيير طريقة تفكيره وتأسيس خطاب دينى جديد
بتطوير العقل فاننى أعنى بالأساس تطوير طرق التفكير، وهى بالطبع شىء مغاير تماما، فطريقة التفكير مثل الطريق، أو المنهج عبارة عن الإجراءات، وهى الخطوة التى تسلمك للخطوة التالية،
إن التفكير التقليدى يقول: «المكتوب على الجبين لازم تشوفه العين»، يعنى أنه لا جدوى من السعى والاجتهاد والتفكير والتخطيط، طالما أن كل شىء مكتوب ومقدر، ولا حيلة للإنسان فيه، ولكن التفكير العقلانى على النقيض من ذلك فيرى أن الإنسان يصنع مصيره بنفسه، لأنه ليس معنى أن كل شيء مقدر ومكتوب أننا مسيرون لا مخيرون، وإلا فكيف سيحاسبنا الله على أعمالنا، إن خيرا فخيرا وإن شرا فشرا؟ وهناك مقولة «الأرزاق بيد الله» يعنى عملك وعدمه سواء طالما أن رزقك آتيك لا محالة، فالبعض أحيانا ينتظر الفرج أو أن تمطر السماء ذهبا.
عماد الدين حسين: إن التاريخ متاح لنا كلنا على جوجل بضغطة زر بكل اللغات أى انسان سيفعل هذا سيصل إلى مجموعة من النقاط الأساسية: حتى نتقدم يجب إزالة كل العوائق الموجودة على الدماغ للأسف نفهم كلمة العلمانية باعتبارها مرادفا للكفر والإلحاد الكلمة لا تعنى هذا حتى فى الثقافة الاستعمارية وأنا أؤمن بالله والرسول لكن حتى نتقدم لابد من التحرر من الضغط الذى يمثله رجال الدين.
وهناك احاديث كثيرة للرسول تثبت أنه لا تعارض بين الدين ومصلحة الإنسان، جزء أساسى من تحرر العقل أن تكون هناك حرية تفكير حقيقية فيما لا يمس الثوابت. جزء أساسى أننا نربى أبناءنا فى البيت على المناقشة والتفكير الناقد كيف أفعل هذا بأن اتيح للطفل وهو صغير حرية الكلام والمناقشة أفهمه وأقنعه، والمفروض أن الخدمة الأساسية للجامعة هى حرية التفكير وحرية البحث ولا نقصد بذلك السياسة فقط وحرية الصحف هناك الصين التى يحكمها حزب شيوعى واحد ومنغلقة سياسيا ومع ذلك وصلت لتقدم رهيب لأنها استطاعت التقدم فى البحث العلمى بالاجتهاد وأزعجت القوى الغربية وبالتالى نستطيع أن نصل إلى صيغة إتاحة كل الفرص للباحثين ومواجهة التشوهات فى البحث العلمى وللأسف الشديد كلنا نعرف أن غالبية الأبحاث الموجودة فى مصر مسروقة، قليل هم الناس الذين يصنعون أبحاثا.
محمود مسلم: كثيرا ما نتكلم عن قضايا يومية لكن لا أحد يتكلم فى قضايا مصيرية ورأيى أن تطوير العقل المصرى قضية تحتاج إلى كثير من البحث وكثير من الأدوات.
دعونا نعترف بذلك حتى نستطيع أن نشخص المشكلة فقط. للأسف نحن لا نبذل مجهودا أحيانا وربما هناك تقصير من الإعلام للعمل فى عمق الأمور دون الأمور السطحية، عندنا مشكلة فى الثقافة كمشكلة فى الوعى كقصور فى كل المؤسسات التى لها علاقة بهذه القضية، وفى هذا الملف سواء المؤسسات الدينية أو المؤسسات التعليمية أو الثقافية أو الإعلامية مسئولة عن عملية الوعى.. للأسف عملية الوعى تراجعت كثيرا الفترة الفائتة، ونرى شواهد من خريجى الجامعة ومن معهم دراسات عليا لكن بالنسبة لدرجة الوعى بالمجتمع وقضايا المجتمع والقضايا الدولية نجد أمورا غريبة.
علاء ثابت
طبعا سأتكلم عن التعليم.. هناك فجوة بين الجامعات والتطور المجتمعى، الجامعات مالت فى السنوات الفائتة عن فكرة الليبرالية وفقد المؤهل الجامعى بريقه وصار لدى مصر إدراك الآن بأنها تواجه أعتى المشكلات التى استمرت سنوات طويلة.
نحتاج أن نعرف ما الخطة التنفيذية لرفع مستوى وعى الشعب المصرى؟ ما الخطوات؟ وما الجدول الزمنى؟ وما مؤشرات الأداء؟.
*
الخطاب الدينى المسيحى والإسلامى، وقد حدد لهذه الرؤية خمسة محاور أوردها على غلاف كتابه الجديد إيماناً منه برؤية حضارية، وتتضمن أن يؤمن المسيحى بأن ديانته على حق ولا يتنازل عن الثوابت فى الإنجيل وكذلك يؤمن المسلم بأن ديانته على حق ولا يتنازل عن الثوابت فى القرآن، والخلاف بين الديانتين الإسلامية والمسيحية منزل من عند الله ذاته وبأوامر إلهية، لأنها ديانات سماوية.. (ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين) «الآية 118 سورة هود».
ويقول الدكاترة نبيل لوقا: لذلك لابد أن نترك النقاش فى المسائل الخلافية بين المسيحية والإسلام لله وحده فقط يفصل فيها يوم القيامة، «إن الله يفصل بينهم يوم القيامة إن الله على كل شىء شهيد» «سورة الحج الآية 17». ولذلك لابد من النقاش فى المسائل الاتفاقية.
ويورد الدكاترة نبيل لوقا على غلاف كتابه المهم الثوابت فى رؤية التجديد قائلاً: المسيحى لا يستطيع تغيير حرف واحد فى الإنجيل، والمسلم لا يستطيع تغيير حرف واحد فى القرآن ولذلك حسب الرؤية الجديدة من النقاش فى المسائل الاتفاقية فقط وهى «99٪» من الديانتين والبعد عن مناقشة المسائل الخلافية وهى «1٪»، ولكن المتعصبين من المسيحيين والمسلمين يناقشون المسائل الخلافية لأن غرضهم الشهرة الإعلامية وجمع الأموال ولذلك لابد من إبعادهم عن كل وسائل الإعلام. ويختتم الدكاترة نبيل لوقا ثوابته قائلاً: العالم تعداده «7.6» مليار نسمة منهم «2.3» مليار مسيحى، و«1.5» مليار مسلم، ويوجد «4» مليارات نسمة لا يعرفون الله، وبدلاً من مناقشة المسائل الخلافية، نخلق ثقافة جديدة لجذب من لا يعرفون الله إلى الله فى الديانتين.
تجديد الخطاب الديني مواطنة ومساواة وحقوق انسان
*
كتاب لمحمد إقبال بعنوان «تجديد التفكير الديني في الإسلام»، مروراً بأخرى عديدة من بينها «حال تجديد الخطاب الديني في مصر» تحرير الدكتورة نادية مصطفى وإبراهيم البيومي غانم وكتاب «تجديد الخطاب الديني» للدكتور أحمد عرفات القاضي وليس انتهاءً بكتاب «تجديد الفكر الديني» للكويتي الدكتور أحمد البغدادي، وهي تناولات تعكس رؤي مختلفة من
قضية التجديد تتراوح ما بين أقصى اليمين وأقصى اليسار.
نظرة الشك والريبة، ويسوق في هذا الصدد مقولة أن الإسلام أتى لكل زمان ومكان.
وكفى وعندما يتم الاستفسار منه عن التفاصيل لا تجد أمامك سوى الصمت. فيما أن الفريق الآخر الرافع لراية التجديد في أكثر معانيها انفتاحا تجد أن متابعته قد تنتهي بك إلى الانسلاخ من الدين.
الإسلام دين يجدد نفسه بنفسه مستشهداً في ذلك بحديث مضمونه أنه يأتي على رأس كل قرن رجل يجدد شباب هذا الدين، وهو حديث استشهد به الإمام الأكبر الشيخ الطيب مؤخرا، وهي رؤية يحيط بها الكثير من الاستفهامات
مصطفي عبد الرازق
*
رئيس الجمهورية يطالب سراً وعلانية بتجديد الخطاب الدينى، لكن كأنه يؤذن فى مالطة، وكأن الأزهر والمؤسسة الدينية بكاملها دولة أخرى لا تخضع للإدارة المصرية.. وبعيداً عن المؤسسة الدينية نجد التيار السلفى فى مصر يتكاثر تكاثر الفئران ويتمدد وينتشر فى كل الأنحاء رغم علم الجميع بأنه الوهابية ذاتها وأغلب شبابه هم صفوة جنود داعش.
وتم تدمير الدولة المدنية المسلمة والمستنيرة والحالمة بمستقبل أفضل لتتحول إلى دولة متأسلمة أهملت العلم والمعرفة والبحث، وصار الفن محرما والشعر رزيلة والأدب هو كلام الشيطان.. حتى الدين الحنيف نفسه صار مسخا مشوها على أيديهم وبفعل فكرهم الضال المنحرف
وحيد حامد
*
نوال السعدوي
تجديد الفكر الدينى لا يعنى تجديد الفكر الإسلامى فقط،
تجديد الفكر الإنسانى والعقل البشري، بما يحقق رقى الإنسان، المرأة والرجل، بالتساوى وتطوير حياة الشعوب الى القيم الإنسانية العليا، العدل، والحرية المساواة والرخاء والسلام والعمل الخلاق والتفكير الإبداعي، هذه القيم تتجاوز الاختلافات الدينية والعرقية والجنسية والقومية والسياسية وغيرها من أنواع التفرقة، التى فرضت على الشعوب منذ نشوء العبودية، وهى النظام السياسى بأبعاده الثلاثة: الاقتصاد، الدين، الجنس، الذى حكم العالم خمسة آلاف عام،
*
آراء طه حسين ومصطفى محمود و رواد المنهج العلمى فى «تجديد الخطاب الثقافى» فى كتاب عزة بدر
قدمت عزة بدر إعادة قراءة لكتاب «مستقبل الثقافة فى مصر» لطه حسين الصادر عام ١٩٣٨، الذى ناقش فيه قضايا التعليم، لافتًا إلى أنه الدعامة الصحيحة للحرية، لأن التعليم يشعر الفرد بواجبه وحقه، وبواجبات نظرائه وحقوقهم، والتعليم هو الذى يشيع فى نفس الفرد شعور التضامن الاجتماعى، الذى يجعله حريصًا على احترام حقوق الآخرين، كما يقدم الكتاب آراء عميد الأدب العربى حول بعض القضايا الهامة كالثقافة والمعرفة ومعنى الإنسانية والوطن. يتناول الكتاب شرحًا لبعض القضايا التى ناقشها كتاب «التراث والتجديد» لشيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، حيث قدم شهادة مهمة عن علاقة المؤسسة الدينية الرسمية والسلطة فى ستينات القرن الماضى.
يلقى الكتاب تساؤل، لماذا لا تتم دراسة الاجتهادات الفكرية لقراءة التراث وتجديد الخطاب الدينى؟ ولماذا لا يتم تبادل الأفكار المهمة والحوار حولها فى حلقات علمية فى جميع المؤسسات الدينية والثقافية والمدنية فى شراكة فكرية حقيقية تؤمن بالتعددية وقبول الرأى والرأى الآخر للوصول إلى خطاب ثقافى جديد يقوم على إعمال العقل والتحليل والتفكير النقدى للذات والآخر؟. وتطرق الكتاب إلى أهم رواد المنهج العلمى فى دراسة الأدب والفن والدين، الشيخ أمين الخولى، وهو أول من قام بتدريس الفلسفة رسميًا فى الأزهر، وقد دعا إلى تجديد الفكر الدينى من خلال أعماله الفكرية، ومنها، «المجددون فى الإسلام»، و«رسالة الأزهر فى القرن العشرين»، و«كتاب الخير: دراسة موسعة للفلسفة مطبقة على الحياة الشرقية والتفكير الإسلامى».
ولم تغفل «بدر» عن عرض بعض الإسهامات والاجتهادات الفكرية للفيلسوف والدكتور مصطفى محمود، فكان يدعو للبحث عن جوهر الدين، يقول: «إنك حر مسؤول لم تولد عبثًا، ولا تحيا سدى، وإن موتك ليس نهايتك، وإنما سيعبر بك إلى غيب من حيث جئت من غيب، والوجود مستمر، وهذا الإحساس يوث الرهبة والتقوى والورع، ويدفع إلى مراجعة النفس، ويحفز صاحبه لأن يبدع من حياته شيئًا ذا قيمة ويصوغ من نفسه وجودًا أرقى كل لحظة».
*
تجديد الخطاب الديني وسجال فلسفة التاريخ
تجديد ومراجعة خطابنا الثقافي والحضاري بُغية بناء مجتمع تعددي مفتوح
مفهوم فلسفة التاريخ هو أوثق المفاهيم الفكرية ارتباطاً بعملية تجديد الخطاب الديني؛ لأنه أوثقها ارتباطاً بنشأة الأصوليات الدينية المتطرفة..
فاعتقاد الفلاسفة منذ القديس أوغسطينوس مروراً بالفيلسوف الإيطالي فيكو وصولاً إلى الفيلسوف الألماني هيجل، بأن التاريخ البشري ليس مجرد مجموعة من الأحداث التي يمكن أن تغير وتصوغ مصائر الناس والأمم، بل إن هناك منطقًا ثابتًا أو معادلة فلسفية محددة هي التي تُسير تلك الأحداث وتوجهها قبل أن تحدث كان ولا يزال اعتقاداً وثيق الصلة بالجذور المعرفية لظاهرة الإرهاب؛ لأن هذا النمط من التفلسف قد أنتج ما أطلق عليه الفيلسوف البريطاني كارل بوبر التاريخانية الإيمانية التي عرفها في كتابة "المجتمع المفتوح وأعداؤه" بأنها اعتقاد جماعة من المؤمنين انطلاقاً من فرضية ثبات قوانين التاريخ (التاريخانية) بامتلاك الحقيقة المطلقة، بل واحتكار نصر الرب وتأييده الحتميين في مواجهة خصومها، ولعل مفهوم الفرقة الناجية عند التنظيمات الإسلامية الراديكالية المتطرفة ومن قبلة مفهوم شعب الله المختار عند اليهود، هما أكثر الامثلة وضوحاً على مدى العنف والتطرف النابع من هذا النمط الفلسفي ...
ورداً على هذا المنطق في فلسفة التاريخ تبنى التيار التنويري العربي خطاباً لا يقل التباساً عن تلك التاريخانية الإيمانية، ولعل مشروع المفكر المغربي المعروف عبدالله العروي الذي يروم من خلاله تجديد الخطاب الثقافي والحضاري العربي عبر إحداث قطيعة معرفية شاملة مع التراث العربي والإسلامي باعتبار أن هذا التراث معوقاً أساسياً يحول دون نهضة العرب والمسلمين وتقدمهم انتقالاً إلي نمط الحداثة هو أبرز دليل على هذا الالتباس، فقد أسس العروي رؤيته تلك انطلاقاً من تصور يفترض أنه مناقض لتلك التاريخانية وهو تصور يعتمد على فهم واستيعاب معارف الماضي في سياقها التاريخي، ثم القيام بقطيعة معرفية معها...
فالإشكالية الكبرى في منهج العروي بوصفه خطاباً مؤسساً لعلاقة الدين بظاهرة الحداثة تكمن في مزجه ما لا يمكن أن يمتزج فقد انطلق من النمط التقليدي لفلسفة التاريخ القائم على ثبوت قوانين التطور التاريخي ووحدة اتجاهه (التاريخانية التقليدية) ثم مزجه بنمط مناقض تماماً وهو النمط ما بعد الحداثي للتاريخانية (التاريخانية الجديدة) الذى يتيح إمكانية إحداث قطيعة معرفية مع الماضي بعد استلهام أحداثه، وكلا النمطين يناقض مشروع الحداثة التنويري البرجوازي الأوروبي الذي يعد استنساخه عربياً بمثابة الهدف النهائي لمشروع العروي وهو ما يضعنا أمام العديد من الإشكاليات الكبرى والمعقدة...
أولها: أن الاعتراف بثبوت قوانين التاريخ ووحدة اتجاهه بمثابة شرعنه لمنطق الجماعات الدينية المتطرفة التي استلهمت نفس القالب الفلسفي منتجة مقولة الفرقة الناجية...
وثانيها: هو التناقض بين الخطابين الحداثي وما بعد الحداثي في تكييف مفهوم الماضوية ومدى علاقته بالظاهرة الدينية فإذا كان هدم الماضوية في خطاب التنوير البرجوازي الحداثي يرتبط بشكل أساسي بتهميش وهدم الميتافيزيقا (المطلقات والغيبيات الدينية) فإن هدم الماضوية في خطاب ما بعد الحداثة قد بُنى على توظيف الفكر الديني لهدم هذا التصور التنويري نفسه انطلاقاً من أن السلطة السياسية في نظام الحداثة والتنوير قد حلت كبديل للإله في المنظومة الدينية وفق ما قال الفيلسوف الفرنسي ميشيل فوكو الذى استلهم مفهوم الحلولية (إمكانية حلول الإله في بعض مخلوقاته) في الخطاب الديني الصوفي لتفكيك هذا التصور الحداثي للسلطة السياسية ...
وثالثها: إن مفهوم العروي يتجاهل التناقض بين أطروحات الحداثة وما بعد الحداثة فيما يتعلق باعتماد الأولي على الأيديولوجيات السياسية الأممية التي تهمش دور الدولة القومية باعتبارها تخاطب الإنسان كإنسان في كل أرجاء الكون مبشرة بالإنسان الكوني كنموذج عابر للقومية على صعيد ما يعتنق من قيم وأفكار وهو ما يتناقض مع التصور ما بعد الحداثي الذى يعتبر تلك الأيديولوجيات أوهاماً غير علمية هدفها السيطرة على الجماهير وتضليلها ...
ومن ثم يمكن القول في النهاية إن هناك مساحة من التداخل والاشتباك بين عدة تصورات لفلسفة التاريخ سواء على صعيد معسكر الإسلام السياسي المتطرف أو على صعيد الأطروحات العلمانية التنويرية التي تهدف إلى تفكيك خطابة قد نجمت بالأساس عن استناد تلك التصورات إلى مرجعية فلسفية أو نقطة صلبة يتم شرعنتها، إما انطلاقاً من الخطاب الفكري التنويري التقدمي أو من الدور المتوهم للتنظيمات الإسلامية الراديكالية في الدفاع عن الهوية الدينية والوطنية في مواجهة العلمنة والتغريب ومن ثم فإن تجديد الخطاب الديني في عالمنا العربي والإسلامي قد تحول بذلك إلى مجرد سجال في فلسفة التاريخ يبتعد عن النقطة الجوهرية في فلسفة أي عملية تجديد إلا وهى رفض كافة القوالب المغلقة في خطابنا الديني والثقافي لمصلحة النسبية في المواقف والرؤى، وكذلك التعاطي مع عملية تجديد هذا الخطاب بوصفها كلا لا يتجزأ لا انفصال فيه بين واعظ ومثقف...
*
الحاجة لجهد وفكر إسلامى جمعى مؤسسى
طبيب علي محمد فخرو
يحار الإنسان من مواقف المؤسسات الرسمية الإسلامية والتجمعات المدنية الإسلامية من الممارسات الدينية الخاطئة والصور المتخلفة لفهم الدين. كأن لديها خوفا غامضا من الاصطدام المباشر مع الجموع التى تقوم بتلك الممارسات والإفهام.
إنها بذلك تقوم بنصف مسئولياتها وتتجنب القيام بالنصف الآخر، إذ لا يكفى أن تنطق بما تعتقده صحيح الدين، وإنما عليها مسئولية النطق الواضح الصريح بما تراه مخالفا لنصوص وروح الدين.
كثير من جوانب الضعف والدس والتضادات التى يزخر بها الفقه الإسلامى، وفى الاعتقاد الخاطئ بأن الفقه جزء مقدس لا يمكن نقده أو الخروج على بعض ما جاء فيه، وفى عدم إفهام وإقناع العامة بأن الفقه هو حصيلة اجتهادات بشرية مشكورة، ولكن غير مقدسة، من قبل فقهاء عاشوا منذ قرون طويلة فى مجتمعات مختلفة بصورة جذرية عن مجتمعات الإسلام المعاصرة.
ما زال موقف الغالبية الساحقة من علماء الدين، القابعين لكل المذاهب، يتصف بالغمغمة والخوف والتردد بالنسبة لكل ما جاء فى الفقه من قراءات خاطئة المقاصد وأقوال القرآن الكريم والسنة النبوية المؤكدة بصورة قطعية، محتوى وتسلسلا، وبالنسبة لكل ما هو غير عقلانى فى ذلك الفقه، ولكل ما هو محرف من قبل بعض فقهاء القوى السياسية المتصارعة عبر القرون.
*
تجديد الخطاب الديني أم تجديد الإسلام؟
لقد نسخت الحضارة الإنسانية الحديثة بفعل تجارب الحروب واضطهاد البشر بعضهم بعضاً، آيات عدة مثل آيات الرقيق مثلاً (والنسخ يعني إزالة ما كان ثابتاً بنص شرعي في الفقه). فلم يعد مقبولاً أن يستعبد شخص شخصاً آخر تحت أي ذريعة. وهذا النسخ وقع بيد الإنسان لا بحكم آية قرآنية أو حديث من الصحاح أو فتوى شرعية. إن تكرار مقولة "لا اجتهاد في موضع النص"، يتصادم مع إلغاء هذه الأحكام وغيرها على أرض الواقع. فلماذا نقبل بنسخ العصر الحديث لآيات الرقيق، ولا نبادر نحن لنسخ آيات انقضى حكمها وأصبحت لا تنتمي إلى عالمنا اليوم؟لقد نسخت الحضارة الإنسانية الحديثة بفعل تجارب الحروب واضطهاد البشر بعضهم بعضاً، آيات عدة مثل آيات الرقيق مثلاً (والنسخ يعني إزالة ما كان ثابتاً بنص شرعي في الفقه). فلم يعد مقبولاً أن يستعبد شخص شخصاً آخر تحت أي ذريعة. وهذا النسخ وقع بيد الإنسان لا بحكم آية قرآنية أو حديث من الصحاح أو فتوى شرعية. إن تكرار مقولة "لا اجتهاد في موضع النص"، يتصادم مع إلغاء هذه الأحكام وغيرها على أرض الواقع. فلماذا نقبل بنسخ العصر الحديث لآيات الرقيق، ولا نبادر نحن لنسخ آيات انقضى حكمها وأصبحت لا تنتمي إلى عالمنا اليوم؟
تجديد الخطاب الديني أم تجديد الإسلام؟
لقد نسخت الحضارة الإنسانية الحديثة بفعل تجارب الحروب واضطهاد البشر بعضهم بعضاً، آيات عدة مثل آيات الرقيق مثلاً (والنسخ يعني إزالة ما كان ثابتاً بنص شرعي في الفقه). فلم يعد مقبولاً أن يستعبد شخص شخصاً آخر تحت أي ذريعة. وهذا النسخ وقع بيد الإنسان لا بحكم آية قرآنية أو حديث من الصحاح أو فتوى شرعية. إن تكرار مقولة "لا اجتهاد في موضع النص"، يتصادم مع إلغاء هذه الأحكام وغيرها على أرض الواقع. فلماذا نقبل بنسخ العصر الحديث لآيات الرقيق، ولا نبادر نحن لنسخ آيات انقضى حكمها وأصبحت لا تنتمي إلى عالمنا اليوم؟لقد نسخت الحضارة الإنسانية الحديثة بفعل تجارب الحروب واضطهاد البشر بعضهم بعضاً، آيات عدة مثل آيات الرقيق مثلاً (والنسخ يعني إزالة ما كان ثابتاً بنص شرعي في الفقه). فلم يعد مقبولاً أن يستعبد شخص شخصاً آخر تحت أي ذريعة. وهذا النسخ وقع بيد الإنسان لا بحكم آية قرآنية أو حديث من الصحاح أو فتوى شرعية. إن تكرار مقولة "لا اجتهاد في موضع النص"، يتصادم مع إلغاء هذه الأحكام وغيرها على أرض الواقع. فلماذا نقبل بنسخ العصر الحديث لآيات الرقيق، ولا نبادر نحن لنسخ آيات انقضى حكمها وأصبحت لا تنتمي إلى عالمنا اليوم؟
ينبغي أن نفهم النص وفق ما يقرره لنا العقل المشبع بالعلم، والغني بتجارب البشرية من حروب ودماء ومآسٍ، بدلاً من التمسك ببدائية فكرية بحرفية النصوص خصوصاً أن القدماء قالوا إن القرآن حمال أوجه.
في صميم الإسلام. فدفع الضرر مقدم على جلب المنفعة. كما أن مقاصد الإسلام الخمسة، وهي حفظ الدين والعقل والنفس والمال
بالعلوم الشرعية تم وضعها بعد عصر النبوة، وبالتالي فإنها محاولات لوضع منهج للفهم كانت محكومة بمدارك ومعارف العصر الذي وضعت فيه.
فالعقل الفقهي الذي يقول إن أقصى مدة للحمل عند المرأة هي بين سنة (عند الشيعة الإمامية) وسنتين (عند الأحناف)، إلى أربع سنين (عند المالكية والشافعية وبعض الحنابلة)، لا يمكن له أن يحكم عقولنا بشكل مطلق الآن.
إن أي نظرة متفحصة في كتب التفسير والصحاح، تكشف لنا كثيراً من العوار الذي لا يمكن الدفاع عنه. فحين نعلم أولادنا أن الإسلام دين تسامح ومحبة، ثم نرى في صحيح مسلم حديثاً يقول: "لا تبدؤوا اليهود ولا النصارى بالسلام فإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروه إلى أضيقه"، فإننا لا بد أن نتساءل عن هذا التناقض في ما نعلمه. وحين نرى أحاديث أخرى في الصحاح تعتدي على العقل البشري المتحضر، مثل حديث البخاري ومسلم "أمرت أن أقاتل الناس حتى يـشـهــدوا أن لا إلــه إلا الله وأن محمد رسول الله، ويـقـيـمـوا الصلاة ويؤتوا الزكاة؛ فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله تعالى"، والذي يبرر لداعش تماماً ما تفعله بالآخرين من قتل واسترقاق، وتضفي عليه قدسية دينية، فلا بد لنا أن نتساءل إذا كان في هذا الحديث وأمثاله من صحة تبرر تدريسه والاعتقاد به. فهل نعلم أبناءنا أن الجنة "تحت ظلال السيوف"، أم "تحت أقدام الأمهات"؟، وأيهما أنفع لنا في حياتنا وأكثر درءاً لشبهة الإرهاب الناتج عن الخلط وسوء الفهم؟
لقد قام الراحل د. محمد الغزالي بعمل جريء في كتابه "السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث"، حين أنكر أحاديث في البخاري ومسلم رغم صحة سندها. ونحن اليوم في أمس الحاجة إلى عقول شرعية تفكر خارج النطاق التقليدي، وتقوم بمبادرات تتجاوز حتى ما قام به الشيخ الغزالي، لأن التحديات اليوم أعظم وأشد خطورة. إن بقاء رجال الدين سدنة لأفكار وضعها فقهاء العصر القديم لا يجرؤون على تجديدها، أو إعادة النظر فيها هو السبب الرئيس في ظهور داعش وأمثالها من فرق الغلو والتطرف. أفلا يجدر بنا أن نعلن ما نقوم به فعلاً على أرض الواقع، ونقول إن كل النصوص التي تجذر الكراهية لم تعد صالحة للقرن الحادي والعشرين، بل هي السبب الرئيس في ما يوصم به المسلمون اليوم من إرهاب؟ هل يجادل أحد في أن أحكام العقوبات في الإسلام من جلد وقطع أيدٍ وحد حرابة ورجم قد نسخها العصر؟ ألا يجدر بنا أن ننظر إلى المقاصد الأسمى من الدين، وننبذ كل حكم أو نص وقتي كان يدعو للقتال وقطع رؤوس المخالفين، باعتباره ينتمي لعصر عتيق مضى إلى غياهب التاريخ؟ يجب على فقهاء الأمة الآن أن يعيدوا تعريف المفاهيم، ويغيروا سلم الأولويات في الإسلام. فالجهاد هو دفاع عن النفس فقط، وليس قطع رؤوس المخالفين، أو شن الغزوات باسم الله. بل إن الجهاد الأعظم هو جهاد النفس، وقتال التخلف والفقر والجهل في الأمة.
في صميم الإسلام. فدفع الضرر مقدم على جلب المنفعة. كما أن مقاصد الإسلام الخمسة، وهي حفظ الدين والعقل والنفس والمال
بالعلوم الشرعية تم وضعها بعد عصر النبوة، وبالتالي فإنها محاولات لوضع منهج للفهم كانت محكومة بمدارك ومعارف العصر الذي وضعت فيه.
فالعقل الفقهي الذي يقول إن أقصى مدة للحمل عند المرأة هي بين سنة (عند الشيعة الإمامية) وسنتين (عند الأحناف)، إلى أربع سنين (عند المالكية والشافعية وبعض الحنابلة)، لا يمكن له أن يحكم عقولنا بشكل مطلق الآن.
إن أي نظرة متفحصة في كتب التفسير والصحاح، تكشف لنا كثيراً من العوار الذي لا يمكن الدفاع عنه. فحين نعلم أولادنا أن الإسلام دين تسامح ومحبة، ثم نرى في صحيح مسلم حديثاً يقول: "لا تبدؤوا اليهود ولا النصارى بالسلام فإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروه إلى أضيقه"، فإننا لا بد أن نتساءل عن هذا التناقض في ما نعلمه. وحين نرى أحاديث أخرى في الصحاح تعتدي على العقل البشري المتحضر، مثل حديث البخاري ومسلم "أمرت أن أقاتل الناس حتى يـشـهــدوا أن لا إلــه إلا الله وأن محمد رسول الله، ويـقـيـمـوا الصلاة ويؤتوا الزكاة؛ فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله تعالى"، والذي يبرر لداعش تماماً ما تفعله بالآخرين من قتل واسترقاق، وتضفي عليه قدسية دينية، فلا بد لنا أن نتساءل إذا كان في هذا الحديث وأمثاله من صحة تبرر تدريسه والاعتقاد به. فهل نعلم أبناءنا أن الجنة "تحت ظلال السيوف"، أم "تحت أقدام الأمهات"؟، وأيهما أنفع لنا في حياتنا وأكثر درءاً لشبهة الإرهاب الناتج عن الخلط وسوء الفهم؟
لقد قام الراحل د. محمد الغزالي بعمل جريء في كتابه "السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث"، حين أنكر أحاديث في البخاري ومسلم رغم صحة سندها. ونحن اليوم في أمس الحاجة إلى عقول شرعية تفكر خارج النطاق التقليدي، وتقوم بمبادرات تتجاوز حتى ما قام به الشيخ الغزالي، لأن التحديات اليوم أعظم وأشد خطورة. إن بقاء رجال الدين سدنة لأفكار وضعها فقهاء العصر القديم لا يجرؤون على تجديدها، أو إعادة النظر فيها هو السبب الرئيس في ظهور داعش وأمثالها من فرق الغلو والتطرف. أفلا يجدر بنا أن نعلن ما نقوم به فعلاً على أرض الواقع، ونقول إن كل النصوص التي تجذر الكراهية لم تعد صالحة للقرن الحادي والعشرين، بل هي السبب الرئيس في ما يوصم به المسلمون اليوم من إرهاب؟ هل يجادل أحد في أن أحكام العقوبات في الإسلام من جلد وقطع أيدٍ وحد حرابة ورجم قد نسخها العصر؟ ألا يجدر بنا أن ننظر إلى المقاصد الأسمى من الدين، وننبذ كل حكم أو نص وقتي كان يدعو للقتال وقطع رؤوس المخالفين، باعتباره ينتمي لعصر عتيق مضى إلى غياهب التاريخ؟ يجب على فقهاء الأمة الآن أن يعيدوا تعريف المفاهيم، ويغيروا سلم الأولويات في الإسلام. فالجهاد هو دفاع عن النفس فقط، وليس قطع رؤوس المخالفين، أو شن الغزوات باسم الله. بل إن الجهاد الأعظم هو جهاد النفس، وقتال التخلف والفقر والجهل في الأمة.
وإذا كنت مؤمناً بالعقل أيضاً وليس بالوراثة فقط، فلا مناص من أن تؤمن أن إرادة الله قضت بهذا التغيير والتبدل في الحياة. وهذا أقوى من أي نص وأرسخ من أي حجج قد يسوقها رجل دين توفاه الله منذ قرون في بيئة كانت لا ترى غضاضة في الجلد والبتر واقتناء العبيد والجواري. إن المشكلة الأخرى هنا تكمن في جمود العقل العربي عندما يصل الأمر إلى الدين. فالعرب قوم ماضويون وتفسيراتهم لا تزال تدور في أجواء قريش ويثرب، وفي ثنائية الحق والباطل، والمؤمنين والكافرين. بينما الدنيا الآن تضج بالألوان وقد غادرت عالم الأبيض والأسود منذ زمن بعيد.
هناك في الواقع محاولات للتنقية والتمحيص يقوم بها البعض مثل الدكتور عدنان إبراهيم، ولكنها، رغم تواضعها، تواجه آراءً متصلبة رافضة، ممن يتسلمون أعلى المراتب في المؤسسات الدينية كالأزهر مثلاً.
والسؤال الآن: ما الذي سينقص من العقيدة الإسلامية إذا قمنا بتنقية كتب الحديث والفقه والتفسير من مفاهيم الكراهية وقتل الآخر؟
إن أثمن خدمة يمكن لرجال الدين أن يسدوها للإسلام هي تدارك التصادم الحتمي بينه وبين ركب البشرية
*
قضايا ملتبسة مسكوت عنها. أولها وأخطرها قضية «الأديان والأوطان».
تمرض الأمة بأفكار وفتاوى فحواها أن الأوطان ضد الأديان، وتختزلها فى تفسيرات تجعل الوطن مجرد قطعة ارض مرهونة على ذمة الخلافة الإسلامية.
«طظ فى مصر»
*
تجديد الفكر الديني
نص مشاركة أ.عيسى الشارقي في
حلقات صحيفة الوطن حول
1- ما مدى الحاجة إلى رؤية الدين منظور جديد؟
عصر تداعي الأمم علينا كتداعي الأكلة على قصعتها
نستورد ديناً جديداً أو نظرية أو مذهباً فنعيد بناء أمتنا على أساسه حيث لا بد لنا من النهوض، وقد جربنا ذلك، ففئة جربت الدولة القومية في السياسة، والاشتراكية في الاقتصاد، ومركزية الدولة في إدارة المجتمع، وفئة عادت نحو ما كانت عليه من مخلفات العرب القبلية والعشائرية فأقامت صوراً مصغرة من دول العوائل والقبائل، وفئة أنشأت مجتمعاً تعددياً ديمقراطياً يحترم الأديان والمذاهب دون أن تكون له عقيدة نحو العالم والكون والمجتمع كما في لبنان، وجربنا وجربنا، ولكن دون أن نتمكن لا من تحقيق نهضة حقيقية، ولا من كسب ثقة الشارع العريض من الأمة، فهذه كلها تجارب نخبوية. فما الذي بقي علينا الآن؟ إما الاستسلام للتخلف أو إعادة فهم تجربتنا الإسلامية الأولى التي حققت نجاحاً ثم انهارت، فندرس أخطاءنا في التجربة الأولى وهي هائلة ومتراكمة وجوهرية حتى يمكننا القول بأن الإسلام إذا أردناه على الحقيقة اليوم فسيكون دينا جديداً على المسلمين أنفسهم وسيكون صعباً وهذا أمر لا بد منه وإلاّ فالموت.
2-هل الإسلام تاريخاني؟
فالإسلام مركب معقد يشتمل على أمور كثيرة جداً فهو حتى ليس مجرد عقيدة وشريعة، فإذا أردنا بالتاريخانية أنه كان صالحاً ولم يعد كذلك اليوم، أو أنه وليد ظرفه هكذا كله برمته، فهذا يخرجنا من الدين إلى غيره، ولكن في الإسلام قيم وأخلاق ومبادئ أبدية تبقى مع الإنسان بل ومع الوجود لأنها قفزت من اللحظة الآنية للولادة إلى أبدية الخلود، حينما أدركت جوهر الإنسان وجوهر الخالق، فالقيم الإسلامية هي قيم إنسانية وربانية لا يمكن أن يتعداها الزمان، إلاّ إذا فسد الزمان وفسد الإنسان؛ فاستحسن الظلم واستقبح العدل، وتعقل الخرافة، واستجهل العقل، ورفض حرية الالتزام وقبل حرية الانفلات، وهذا لا يمكن أن يكون أبداً في عموم الإنسان.
وأما إذا أردنا بالتاريخية انسجام الحلول التشريعية والعرفية الإسلامية مع ظروفها ومجتمعها وناسها ساعة التشريع فهذا أمر حتمي، وعدم اقتناع المسلمين بهذا الأمر هو من المشاكل الكبرى في إمكانية تطوير التشريع والأعراف الدينية، ولو تأتي لأنصار السلفية ( وهم موجودون في كل المذاهب ولا أعني بهم هنا خصوص الحنابلة) لألبسوا العالم كله العمائم وحمّلوهم العصا، لما ورد من امتداح النبي (ص) لهذا اللباس لقومه العرب.
فهناك أمور ثابتة وهناك أمور متغيرة في الدين، والمتغيرة تاريخية، والثابتة خالدة.
3-التعامل مع الرؤى الجديدة لا مثال محمد أركون وعلي الوردي وغيرهم
في فكر أمثال هؤلاء من الذين يكتبون عن الدين من خارج المنظور الإسلامي الملتزم بالنص، فائدة كبيرة لنا، لأنهم كمثل الذي يلقي حجراً في بركتنا الآسنة، ويدلنا على عيوبنا ونواقصنا، أراد هذا أم لم يرده، ولكن لا يمكن أخذ نتائجهم كاتجاهات عملية في تجديد وتطوير الفكر الإسلامي، لأنهم قد يخرجون على ثوابت الدين، التي بدونها لا يعود بناء الإسلام متماسكاً، من مثل خلود النص القرآني، والذي هو أساس الدين كله، فأي تجديد للدين لا بد أن ينطلق من روح محبة للإسلام أولاً، وملتزمة بصحة وخلود النص القرآني ثانيا، وأي تجديد يقوم على فهم صحيح للقرآن وإن خالف كل ما ورد من تفسير ورواية يمكن احترامه والأخذ به، ولديه فرصته لينال ثقة الأمة.
4-كيف نقرأ مقولة أن الدين صالح لكل زمان ومكان؟
نعم هذا مؤكد ولكن في ثوابته وقيمه وأصول عقيدته، وأما فيما يتولد عنها من ثقافة وتشريع وقانون ونظم وأعراف وتقاليد فالواجب على الأمة أن تنبذ عنها الجمود على ما أنتجته هي في ظرف من الظروف، وتحت فهم ساد عندها لناحية من الدين، وإلاّ فلم تقول الأخبار أن الله يبعث على رأس كل مائة سنة رجلاً يجدد للأمة دينها. المشكلة أن الجمود صادر مفهوم التجديد نفسه فجعله العودة للقديم، ولا يزال هذا الفهم الخاطئ يشد الأمة نحو الماضي بكل مغار الفيل كما يعبر امروء القيس.
5-ماهي حدود التأويل؟
التأويل الحقيقي هو امتلاك البصيرة في فهم ما يؤول إليه المعنى، وفقه المرامي البعيدة للنص، كما قال الخضر لموسى عليهما السلام حينما عجز موسى عن إدراك سر تصرفاته الغريبة من خرق السفينة وقتل الغلام وبناء الجدار، فلما بين له غرض الغرض، قال له ذلك تأويل مالم تستطع عليه صبرا، فالتأويل هو أعمق بأشواط من التفسير ولهذا فلا يدركه إلاّ الله، والراسخون في العلم يقولون آمنا به.
6- بم نفسر تناقض الفتاوى؟
الفتاوى لابد وأن تختلف، وليس مستحيلاً أن تتناقض، لأن الفتوى هي عملية إنزال للنص أو الرواية أو الفهم على الواقع، والواقع له حق في إسباغ العدالة والاعتدال واليسر على الفتوى، فمثلاً يجب على المسلم قضاء ما فاته من صوم وصلاة، هذا هو أصل الحكم، ولكن ماذا لوكانت المدة خمسين عاماً؟ هنا تتدخل قاعدة اليسر ” يريد الله بكم اليسر ” فالفقيه من حبب الله ورسوله لعباده، فإذا كان هذا الفقيه بصيراً بنفوس العباد أسقط عنه الحكم أو بعضه متوكلاً في مخالفته للنص على معرفته بالله ورحمته، وأما إن كان الفقيه متشددا ومنقبضا،فإنه يصر على تكليف العبد قضاء كل ما فاته، إلى أن يموت فيوصي وليه بمواصلة القضاء، أو استئجار من يقضي عنه إن كان له مال، فهذا الفقيه لا يريد أن يتحمل في ذمته أنه أفتى عبداً بسقوط واجب القضاء عنه، خوفاً من الحساب يوم القيامة، وهذا مجرد وجه واحد لاختلاف الفتاوى، وإلاّ فإن الأصل الأكبر هو اختلاف المفتين في اعتبار النصوص والروايات إذ كل يأخذ ما جاءه في مذهبه، وما صح سنده عنده.
7- بم نفسر اختلاف تفسير القرآن بين المذاهب؟
لا يوجد اختلاف شديد في تفسير القرآن بين اتباع المذاهب اللهم إلاّ في الآيات التي توظف لخدمة مبادئ مذهبيّة
فكل طرف من الأطراف يتخذ الموقف أولاً، هم يذهب للقرآن ليبحث فيه عما يساند رأيه، وهو واجد فيه حتماً ما يمكن أن ينسجم مع هواه ومذهبه، ولكنه لا يتخذ القرآن منهجاً قبل تمذهبه، ليرى أي الطرق يدله عليها، ثم هو لا ينظر إلى عموم القرآن بعد تمذهبه، ليرى ما يوافق مذهبه وما يخالفه، عسى أن يهتدي لحق جديد خارج مذهبه ومذهب خصومه، ولهذا فهناك آيات قوية في تعزيز كل مذهب ديني أو كلامي أو سياسي، مما يدلك على أن الحق هو خارج أو يمكن أن يكون مغايراً للجميع في كثير أو قليل.
8- هل تسير الفتوى لصالح السياسة؟
كانت البداية في وضع الأحاديث المكذوبة على رسول الله (ص) لصالح السياسة والخلفاء، وأكثر من توسع في هذا المجال هم الأمويون، وآثارهم في ذلك عميقة لا تزال إلى اليوم، وهي أخطر بما لا يقاس من الفتاوى، لأنها صارت من الحديث الشريف الذي يوجه الفكر والشرع والعقيدة وإلى اليوم، ولو تكشف لنا مدى عمق هذا التأثير لصدمنا به، فقد اشترى الأمويون ذمم عددٍ من الرواة الكذبة، فأكثروا القالة على رسول الله (ص)، ثم لحقهم الآخرون، والفتاوى اللاحقة إنما اعتمدت في الغالب على ما أسسه هؤلاء من الأحاديث الموضوعة، والدين إلى اليوم يدار مع السياسة أينما دارت حكماً ومعارضة، في الفتوى والإعلام والخطابة، فالكل يوظف الدين لتحطيم الخصوم واستجلاب الأعوان، والدين أبرأ ما يكون من الجميع.
9- هل فهم الدين حكرٌ على رجاله؟
لم يكن الدين في بداية الإسلام يتطلب تخصصاً، ولا يتطلب دراسة علوم محددة لفهم مبادئه وأحكامه وتوجهاته، ومع مضي الزمن وزيادة التعقيدات والفلسفات وتوسع المعارف، وتتابع العلوم التي وضعها المسلمون لفهم الكتاب والسنة، صارت الدراسة الدينية تخصصاً يتطلب تفرغاً، وصار لا يفهم الشريعة إلاّ من درس هذه العلوم، بل وصارت هذه العلوم نفسها ديناً، وهنا لا بد من إيضاح أمور:
أولاً: إن الله لم يكلف عباده بدراسة علم الأصول والرجال وكتب الرواية والبلاغة والنحو وما شاكل من علوم وضعها علماء الإسلام لتساعدهم على فهم القرآن والسنة، فإذا أمكن لأي علم آخر أو طريقة جديدة أن توصلنا لمعرفة وفهم نص القرآن والسنة النبوية اللازمة، فهي وما وضعه علماء الإسلام سواء بسواء، فلا يقال لمن لم يتخرج من الحوزات الدينية أنه غير مؤهل لفهم القرآن، فلو كانت هذه العلوم التي يدرسونها تنهض كفاية بمعرفة أسرار القرآن والحكم النبوية، لما بلغنا هذا المآل من الفشل والتمزق والتخلف، فالمهم أن يتمكن المرء من فهم النص وفق آلية صحيحة وتفكير سليم وافق علوم الحوزة أو فارقها.
ثانياً: إن رجال الدين لا يريدون احتكار معرفة الحلال والحرام، فهم لا ينظرون لأنفسهم كما ينظر للمهندس والطبيب كما يدعون، وإنما يريدون احتكار معرفة الصواب والخطأ والحسن والقبيح والصالح والفاسد، هم يريدون احتكار الزعامة والقيادة والفكر، فهم لا يقيمون أنفسهم كخبراء يؤخذ رأيهم وكفى، بل هم اليوم يريدون أن يتسنموا مناصب القيادة على الناس، لمجرد أنهم قد درسوا العلوم الدينية، ولا يوجد علم في الدنيا يدرسه الإنسان فيصبح قائداً اجتماعيّاً، فالعلم شيء ومؤهلات القيادة والتوجيه شيء آخر، فلا احتكار لرجال الدين في المعرفة والفكر والثقافة الدينية، بل قد لا يكون الواحد منهم فيها إلاّ عالة على سواه.
10- ماهو السبيل لوضع رؤية مشتركة في قراءة الدين تهدف إلى خدمة مجتمعاتنا لا استغلالها؟
لا يوجد سبيل إلى ذلك إلاّ بوعي الجمهور، فمادام الجمهور يسلم زمام أمره لعصبياته المذهبيّة والفئوية، ويرتاح إلى ذلك، فإن المتعصبين من عشاق الزعامة لن يرحموه، ولن يتفق المتعصبون يوماً على منهاج يخالف عصبيتهم، ومن يأمل مثل ذلك فهو واهم، فهم لن يتركوا ذلك إلاّ بالهزيمة، ولن يهزموا إلاّ بانفضاض الشارع عنهم إلى غيرهم، فإذا من انفض السامر من حولهم وسقط لواء التعصب من أيديهم أمكن أن تتوحد الأمة على ثمار عقولها الحرة..
اهم موقع اطلعت عليه
tajdeed.org
*
تجديد الخطاب الديني قضية امن قومي
صالون الاهرام الثقافي او يناير 2020
20 بالميه من الشعب المصري تلوث فكري ديني
هههههههههه لا يعني الاقتراب من الثوابت لان التجديد ثوابت
تنقية التراث قيم التسامح والمواطنة // انا اري قطيعة لان بشر الحاضر اكثر من الماضي وفيهم ابداع وقدرة لانتاج تراث افضل
الحور العين
خطبة الجمعة اخلاق
May 11, 2021*
تجديد الخطاب الديني
الرئيس عبد الفتاح السيسى عندما تولى رئاسة مصر وضع فى مقدمة اهتماماته مسألة تجديد الخطاب الديني. وفى اللقاء الذى جمعه بشيخ الأزهر فى الاحتفال بالمولد النبوى الشريف عام 2015 قال الرئيس ما نصه: «لا يمكن لـــ 1.6 مليار مسلم أن يقتلوا سبعة مليارات من البشر حتى يعيشوا هم فقط...» وقال: «نحن نحتاج لثورة دينية».
ومنذ أيام قلائل فوجئ العالم كله بالتصريحات الثورية للأمير محمد بن سلمان والتى جعلت أنظار المسلمين فى العالم كله تتجه إلى المملكة السعودية. ما الذى حدث؟ وكيف أقدم الأمير على الإدلاء بهذه التصريحات النارية التى تركزت كلها حول ضرورة الحد من أهمية السنة النبوية والأحاديث، خاصة أحاديث الآحاد والأخبار التى تشكل أغلب الأحاديث وقال إن هذه الأحاديث غير مُلزمة حتى لو وردت فى صحيحى البخارى ومسلم.
ونحن – من جانبنا – نصف هذه التصريحات الواضحة بأنها ثورية لأننا نعلم جميعا أن السعودية منذ تأسيسها عام 1932، تتخذ من المرجعية الوهابية أساسًا أيديولوجيًّا لها، وتصريحات الأمير معناها أن السعودية لن تكتفى فقط بمظاهر التحديث التى طرأت عليها فى السنتين الأخيرتين مثل إقامة الحفلات وقيادة النساء للسيارات، بل من الواضح أن الأمر قد وصل إلى تغييرات جوهرية فى البنية الأيديولوجية، وهذا أمر ليس بالهين بالنسبة للتاريخ السياسى والدينى للمملكة.
رأى الشيخ الطيب أنه يدعونا إلى عدم تقديس التراث الفقهى أو مساواته بالشريعة.
مؤتمر تجديد الفكر والعلوم الإسلامية (يناير 2020) وفى هذا اللقاء دعا الخشت فى كلمته إلى تطوير علوم الدين وليس إحياءها، كما انتقد الخشت المذهب الأشعرى الأزهرى، داعيًا إلى خطاب دينى جديد يتجاوز المذاهب والفرق الدينية. وجاء رد شيخ الأزهر حادًّا وساخرًا ورافضًا لكل ما قاله الخشت، ولن نستطيع هنا أن نورد كل ما قاله الشيخ الطيب، ونكتفى ببعض الإشارات مثل وصفه لرؤية الخشت للتجديد بقوله: «هذا ليس تجديدًا، هذا إهمال وترك وإعلان الفرقة لبيت الوالد...» وأكمل: «... هذا التراث الذى تهون من شأنه اليوم... خلق أمة كاملة...».
فى تصريحات أخرى تالية ذهب الشيخ الطيب إلى أن هجر التراث سيؤدى إلى ضياع ثلاثة أرباع الدين، وأن سلخ القرآن عن السنة يضعه فى مهب الريح، ويفتح عليه أبواب العبث بأركانه وتشريعاته!!
نتساءل: هل ستؤثر التغيرات الدراماتيكية فى السعودية على موقف مؤسسة الأزهر فى مصر- وعلى موقف المسلمين عموما - من التراث والأحاديث والمرويات؟ هل ما قاله فضيلته فى الآونة الأخيرة يُعبر عن موقف فكرى جديد، سوف نشهد ترجمة واقعية له من خلال تشكيل لجان موسعة من داخل وخارج الأزهر يكون هدفها إعادة تقييم التراث فى ضوء معطيات الواقع وأحكام العقل واستنادًا إلى القرآن الكريم بوصفه النص المؤسس للشريعة؟ تُرى هل سيكون لدينا الجرأة على أن نُغير تراثنا الثقافى والدينى بأيدينا وبمحض إرادتنا وبذلك نتصالح مع ذواتنا ومع روح العصر ومع الحداثة والتجديد؟ أم أن قدرنا أن ندور فى دائرة التراث المغلقة وننتظر رياح التغيير الآتية لنا من الشرق؟!
*
العلم المطلق والعلم النسبي
الله مطلق الغيب
الانسان نسبي الاطباء مثال والجنين
العلم اللدني
النسبي المكتسب من يريد الله به خير يفقه في دينه
وان اعطيت العلم بعضك لم يعطك شىء
ومن لم يذق ذل التعلم ساعة تجرع ذل الجهل طول حياته
*
الحق المطلق
وعلماء الكلام، وأساتذة الفلسفة، وعلماء المنطق منذ أرسطو وسقراط وأفلاطون مروراً بشيللر ونيتشه وهيجل وديكارت.. كانوا ينقبون الأرض بحثاً عمن يناظرهم ويختلف معهم بهدف اختبار مدى صحة أو خطأ أفكارهم ونظرياتهم. كان هؤلاء يبدأون -هم أنفسهم- فى الشك فى أفكارهم، حتى ظهرت مدرسة الشك الديكارتى، وعرفت الفلسفة وعرف المنطق مدرسة «الشك الديكارتى»، وأصبحت عبارة «أنا أشك إذاً أنا موجود» هى إحدى حقائق الفكر الإنسانى.
يندر جداً أن نرى فى مجتمعاتنا حالة حوار تقوم على مبدأ «رأيى صواب يحتمل الخطأ ورأيك خطأ قد يحتمل الصواب».
ويندر جداً أن تسمع أحداً يعتذر عن معلومة خاطئة، أو فكرة غير مدققة، أو وصف جانبه الصواب.
يندر جداً أن تسمع أن أحداً فى زماننا هذا يقول: لقد اقتنعت بفكرتك «وأنت صح وأنا طلعت غلط».
والله وحده -سبحانه- هو صاحب الحق المطلق.
*******************************
النقد الموضوعي والنقد للمطلق
تشوية وتحريف كل ما يتعلق بالعلم والماركسية
السمة الاساسية للنقد تتسم بالغموض والطابع الظاهري لكل ما هو علمي وثوري ، النقد في هذة الحالة يتوجة الي الفكر ككل بغض النظر عن مضمون الاراء وما تحتوية من افكار .
ويتسم ذلك النقد دائما بالسلبية والبعد عن الموضوعية والحقيقة ، وتؤيدة البرجوازية كل التأييد ، بل وتسعي من خلال وسائل اعلامها الي تضليل وعي الجماهير عن طريق غرس فكرة النقد المطلق لكل ما هو تقدمي وعلمي وثوري بدون مناقشة او تحليل موضوعي.
اما النقد الموضوعي فهو نقد ثوري يسعي الي اثراء الفكر البشري وللبناء ولولاة ما كان للمعرفة البشرية ان تتطور ، اذ تتسم هذه الطريقة في النقد الي تحليل الافكار بالاستناد الي القوانين الموضوعية للطبيعة او المجتمع او الفكر الانساني "اي بصورة علمية" ، وبذلك تقوم هذة الطريقة في النقد بدورها في تطوير معارف البشرية وفي الوصول للحقيقة.
*
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق