Feb 22, 2020
اللغة المشتركة أول أسباب الألفة في المجتمعات، واختلاف اللغة كثيرا ما يسبب خلافات وربما نزاعات وحروبا، وكثيرا ما تعبر اللغة عن الهوية، لكنها لا تعبر بالضرورة عن هوية المتكلم
وتعرف اللغة الأم بأنها لغة الأبوين، التي يكتسبها الأبناء عن والديهم من المنزل، فإذا كان للابن أبوان يتحدثان لغتين مختلفتين، يصبح لديه لغتا أم.
يقول الباحثون إن اللغات الصينية، والهندية، والإنجليزية، والعربية والإسبانية لديها أكبر عدد من الناطقين الأصليين حول العالم.
بعد دراسة استمرت 15 عاما، نشرت أولريش آمون بجامعة دوسلدورف مجموعة من الأرقام المذهلة عن اللغة، من بينها أن ثلثي سكان العالم يتشاركون 12 لغة محلية فقط.
وفي كتاب حقائق وكالة المخابرات المركزية، يتحدث الإسبانية 4.85% من سكان العالم أي أنها تستخدم أكثر من اللغة الإنجليزية، التي يتحدث بها 4.83%، بحسب "واشنطن بوست".
اختفاء نصف لغات العالم يعود السبب في أن الإنجليزية والفرنسية والإسبانية من بين اللغات الأكثر انتشارا في العالم إلى جذورها في الماضي الاستعماري، وبسبب هذا التاريخ من الانتشار، تراجع استخدام اللغات الأصلية في البلاد التي تعرضت للاستعمار.
وتتوقع هيئة اليونسكو اختفاء نصف لغات العالم المنطوقة بحلول نهاية هذا القرن، خاصة أن 40% من البشر لا يحصلون على التعليم بلغتهم الأصلية وهو ما يهدد باندثارها.
اللغات الأكثر انتشارافي ذكرى نضال سكان بنغلاديش من أجل الاعتراف باللغة البنغالية، يحتفل العالم باليوم الدولي للغة الأم منذ عام 2000 تحت رعاية اليونسكو، فقد عانت البنغال من التقسيم المستمر من قبل بريطانيا والهند، ومع ذلك تعد اللغة البنغالية التي يتحدث بها 228 مليون شخص ضمن اللغات الأكثر انتشارا في العالم، إضافة إلى عدد من اللغات المهمة التي يمكن ذكرها:
1- الصينية- ماندرين اللغة الصينية لديها متحدثون أصليون أكثر من أي لغة أخرى، حيث يتحدث بها 1.9 مليار شخص حول العالم، من بينهم 897 مليون ناطق أصلي.
ويعتقد الكثيرون أن "الصينية" لغة واحدة، لكنها وفقا لموقع "اتقن لغة في 3 أشهر" (Fluent in 3 months) مجموعة من اللغات، وتعد "الماندرين" الصينية هي اللغة الأكثر استخداما، حيث إنها لغة رسمية في جمهورية الصين الشعبية وتايوان وسنغافورة.
2- الإسبانية هناك عدد من الدول تتحدث الإسبانية كلغة أصلية منها: إسبانيا والمكسيك وغواتيمالا وكولومبيا وفنزويلا والسلفادور وبنما.
ويتحدث 460 مليون شخص حول العالم اللغة الإسبانية، وهي اللغة الأساسية لمعظم سكان أميركا الجنوبية والوسطى، وفي مساحات شاسعة من الولايات المتحدة.
3- اللغة الإنجليزية يبلغ عدد المتحدثين الأصليين باللغة الإنجليزية 379 مليون شخص، ورغم أن اللغة الإنجليزية متأخرة في عدد الناطقين الأصليين بها، فإنها إلى حد بعيد اللغة الأكثر شيوعا في العالم، حيث يتعلم مزيد من الناس الإنجليزية أكثر من الفرنسية والإسبانية والإيطالية واليابانية والألمانية والصينية مجتمعة.
ويقدر عدد الأشخاص الذين يتحدثون بها كلغة ثانية 743 مليون شخص، بحسب موقع "ليمونغراد" (Lemongrad) المختص بتعليم اللغة الإنجليزية وأساليب التواصل.
ربما تدل تلك الأرقام على النجاح المذهل للغة الإنجليزية باعتبارها اللغة المشتركة للأعمال والسفر والعلاقات الدولية، خاصة أن الإنجليزية هي اللغة المهيمنة على الإنترنت حيث تستخدم في ما يقرب من 54% من المحتوى، وتنتشر الإنجليزية في 118 دولة على مستوى العالم.

أهميتها والسهولة النسبية التي يمكن من خلالها تعلم الإنجليزية تعني أنها ستستمر في السيطرة على المسرح العالمي في المستقبل، خاصة أن أكثر من 50% من الدوريات الفنية والعلمية في العالم باللغة الإنجليزية
وكذلك الدوريات التقنية والعلمية، وبالنسبة للكثيرين، تعد الإنجليزية مرادفا لفرص العمل والحياة الأفضل.
4- الهندية- الأوردو

يوجد في الهند 23 لغة رسمية، من بينها "الهندية" و"الأوردو"، ويعتقد علماء اللغويات أنهما شكلان مختلفان بأصول مشتركة، ولهاتين اللغتين أشكال مكتوبة مختلفة، لكنهما تشتركان في التاريخ نفسه والكثير من القواعد وفقا لـ"يونيغلوبيلغي" (Uniglobelgi).
ويتحدث الهندية بشكل رئيسي أكثر من 310 ملايين شخص في شمال الهند وأجزاء من باكستان، ويتركز الناطقون باللغة الهندية في المناطق الشمالية والوسطى للهند، التي تضم أكبر ولايتين في البلاد من حيث عدد السكان.
ولأن الهندية هي اللغة الأم لحوالي من 40% فقط من الهنود، بحسب "رويترز"، سعى رئيس الوزراء ناريندرا مودي، إلى جعل اللغة الهندية تحل محل الإنجليزية في الولايات الهندية الجنوبية باعتبارها اللغة الأساسية للتواصل الرسمي في خطابات الحكومة وحسابات التواصل الاجتماعي، والتعليم، وهي إستراتيجية قوبلت بالمقاومة، لكنه ما زال يحاول.
5- اللغة العربية هناك ما يصل إلى 420 مليون شخص حول العالم يتحدثون العربية وهي تنتمي إلى مجموعة اللغات "السامية" وترتبط ارتباطا وثيقا بالعبرية والآرامية، وبحلول القرن الثامن الميلادي، بدأت اللغة العربية تنتشر في جميع أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مع تحول الكثير من الناس إلى الإسلام، وكلهم يستخدمون العربية على الأقل في الصلاة.
وفي العالم العربي اللغة العربية هي لغة رسمية، وتختلف البلدان الناطقة بالعربية بشكل كبير من حيث ثقافتها ولهجاتها كما في اللغة الصينية.
وقد أثرت "العربية" أيضا، على العديد من اللغات الشائعة الأخرى مثل الإسبانية التي تحتوي على حوالي أربعة آلاف كلمة ذات جذور عربية، والتركية التي تضم نحو 6500 كلمة عربية.
ومع الأحداث الجارية وارتفاع أعداد اللاجئين الناطقين بالعربية في العديد من الدول الأجنبية، أصبحت "العربية" أكثر انتشارا، والإقدام على تعلمها في الدول الأجنبية أصبح ضرورة وفرصة جيدة للتواصل.
*
تعليم اللغة العربية كرافد اقتصادي
27 مايو 2020
تعد اللغة العربية إحدى أكبر اللغات بالعالم حيث تأتي بالمرتبة الخامسة بعد الصينية والإنجليزية والفرنسية والهندية، وتعد اليوم اللغة الأم لأكثر من 425 مليون إنسان واللغة الرسمية لـ22 دولة تحكم مساحة تقدّر بأكثر من 12,949,941 كيلومتر مربع وبتعداد سكاني يبلغ تقريبا 500 مليون نسمة مع الأقليات التي تتكلمها كلغة ثانية لهم. والعرب كمجموعة موزعون على نطاق جغرافي يمتد من جنوب غرب آسيا والخليج العربي شرقا إلى المحيط الأطلسي غربا، وتتركز الدول الناطقة بالعربية في موقع استراتيجي يربط بين قارتي آسيا وإفريقيا وتتحكم في عدد من المضائق والقنوات والخلجان البحرية المهمة كقناة السويس وباب المندب، أما من ناحية الانتشار والاستخدام عالميا فهي تعد اللغة الثانية بعد اللغة الإنجليزية في عدد من القارات والدول، حيث من النادر أن تجد بقعة مأهولة على كوكب الأرض دون أن تجد مسلمين فيها وإذا وجد مسلم وجدت اللغة العربية نظرا لارتباط الإسلام باللغة العربية من خلال القران الكريم، فلا يوجد مسلم إلا وينطق بالشهادتين أو قرأ الفاتحة على أقل تقدير.
وهناك أيضا طلب كبير على تعلم اللغة العربية من قبل المسلمين بالدول المسلمة من غير الدول العربية مثل ماليزيا وإندونيسيا وباكستان وغيرهم من الدول الإسلامية التي استقلت عن الاتحاد السوفيتي أو من قبل الأقليات المسلمة من مواطني الدول غير المسلمة مثل مسلمي الصين وروسيا والفلبين والهند وكذلك ومن قِبل المهاجرين العرب بالدول الغربية أو الشرقية.
على الرغم من أن المملكة العربية السعودية تعد هي عرين اللغة العربية ومنبع الإسلام الذي يدين به أكثر من مليار ونصف المليار مسلم حول العالم إلا أننا للآن لم نفكر بالاستثمار في تأسيس صناعة متكاملة لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها،
*
تعليم اللغة العربية كرافد اقتصادي
27 مايو 2020
تعد اللغة العربية إحدى أكبر اللغات بالعالم حيث تأتي بالمرتبة الخامسة بعد الصينية والإنجليزية والفرنسية والهندية، وتعد اليوم اللغة الأم لأكثر من 425 مليون إنسان واللغة الرسمية لـ22 دولة تحكم مساحة تقدّر بأكثر من 12,949,941 كيلومتر مربع وبتعداد سكاني يبلغ تقريبا 500 مليون نسمة مع الأقليات التي تتكلمها كلغة ثانية لهم. والعرب كمجموعة موزعون على نطاق جغرافي يمتد من جنوب غرب آسيا والخليج العربي شرقا إلى المحيط الأطلسي غربا، وتتركز الدول الناطقة بالعربية في موقع استراتيجي يربط بين قارتي آسيا وإفريقيا وتتحكم في عدد من المضائق والقنوات والخلجان البحرية المهمة كقناة السويس وباب المندب، أما من ناحية الانتشار والاستخدام عالميا فهي تعد اللغة الثانية بعد اللغة الإنجليزية في عدد من القارات والدول، حيث من النادر أن تجد بقعة مأهولة على كوكب الأرض دون أن تجد مسلمين فيها وإذا وجد مسلم وجدت اللغة العربية نظرا لارتباط الإسلام باللغة العربية من خلال القران الكريم، فلا يوجد مسلم إلا وينطق بالشهادتين أو قرأ الفاتحة على أقل تقدير.
وهناك أيضا طلب كبير على تعلم اللغة العربية من قبل المسلمين بالدول المسلمة من غير الدول العربية مثل ماليزيا وإندونيسيا وباكستان وغيرهم من الدول الإسلامية التي استقلت عن الاتحاد السوفيتي أو من قبل الأقليات المسلمة من مواطني الدول غير المسلمة مثل مسلمي الصين وروسيا والفلبين والهند وكذلك ومن قِبل المهاجرين العرب بالدول الغربية أو الشرقية.
على الرغم من أن المملكة العربية السعودية تعد هي عرين اللغة العربية ومنبع الإسلام الذي يدين به أكثر من مليار ونصف المليار مسلم حول العالم إلا أننا للآن لم نفكر بالاستثمار في تأسيس صناعة متكاملة لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها،
*
Jun 8, 2019
اللغة العربية وتعريب العلوم
حتي أوليات القرن الماضي، كانت لغتنا العربية مهيضة في مصر، وحسبك أن تقرأ ما كان يُصاغ من أحكام قضائية، أويُبدي من مرافعات، أوالتقرير الذي كتبه الأستاذ محمد عبده لإصلاح القضاء الشرعي .
كانت اللغة العربية مهيضة في بلدها، تفسح المجال في المحاكم للإنجليزية والفرنسية والإيطالية والتركية، ويعدوالترك والكرد والشركس والأرناؤوط وأسري إبراهيم باشا من بلاد » المورة » » وكريت » » والأناضول » الذين فك اعتناقهم الإسلام أسرهم علي أهل البلاد، فصاروا حكاما يترفعون علي أهل مصر وعلي لغتها، فتراجعت اللغة العربية في المرافعات والأحكام، ومن يرجع إلي سجلات وأحكام المحاكم الشرعية في ذلك الزمان يجد العجب العجاب في تردي لغة الأحكام ومصطلحاتها وسيادة التركية التي كانت لغة البلاد الرسمية، وتشويه النقل إلي اللغة العربية، مع تواضع وضعف وركاكة كتابة المذكرات والأحكام، ولعل بداية نهضة اللغة العربية في المحررات القضائية الرسمية يرجع إلي البناءين العظام في باقة رائعة كان منها الأستاذ شفيق بك منصور وإسماعيل باشا صبري والأستاذ الإمام محمد عبده وسعد باشا زغلول وأمين باشا فكري وعبد العزيز باشا فهمي ومحمد باشا فخري وأحمد فتحي باشا زغلول وقاسم بك أمين ومحمد بك صالح وحفني بك ناصف وغيرهم .. هؤلاء الذين حملوا الشعلة، وانتقلوا نقلة ملحوظة بأسلوب كتابة الأحكام وتطعيمها بمبادئ الشرع والقانون .
جهود الرواد
لقد بذلت أجيال الرواد، جهودًا عظيمة دءوبة، لرد المكانة إلي لغتنا العربية، وكان من أعمالهم المجيدة إنشاء مجمع اللغة العربية لكي يكون أمينًا عليها قائمًا بتنقيتها وضبطها راعيًا لتطورها، وقد كان أول إنشائه في عام 1916 باسم » مجمع دار الكتب » وأنشئ بجهود خاصة، ولم تتدخل الدولة إلاَّ عام 1932 يوم أنشئ مجمع اللغة العربية، والحديث عن المجمع وعطائه يطول، ولم يكتف بجهود أعضائه، بل استعان ويستعين بالخبراء المتخصصين في أبواب الثقافة المختلفة، ويشترك هؤلاء الخبراء في لجان المجمع ومجلسه ومؤتمره، ويؤدون للعلم واللغة العربية خدمات جليلة .
من أغراض مجمع اللغة العربية منذ نشأته، الحرص علي سلامة اللغة وتيسيرها، وتغذيتها وتنميتها بما هي في حاجة إليه من ألفاظ ومصطلحا فرضها تطور العلوم ومستحدثاتها في العالم كله .
وعلي هذا سار المجمع طوال هذه السنين التي ناهزت قرنًا من الزمان، وقام بتوسعة متن اللغة، وتيسير القياس والاشتقاق، وعني بالمصطلح العلمي عناية خاصة، ولبي الحاجة إلي وضع مصطلحات علمية وحضارية جديدة تواكب ما نشأ وتطور من العلوم المختلفة .
واخرج المجمع المعجم الوسيط للغة العربية في مجلدين تعددت طبعاتهما لسد حاجة المشتغلين بالعربية والمعنيين بضبط اللغة، والمعجم الوجيز، وطفق يعد للمعجم التاريخي، كما بدأ منذ سنة 1970 في وضع » المعجم الكبير » وهوعمل ضخم غير مسبوق، ظهر منه حتي الآن أحد عشر مجلدًا، أشبه » بمعجم لاروس » في الفرنسية .
الارتدادة المؤسفة
لا أغالي ولا أبالغ إذا قلت ارتداده، حسبك أن تطالع أسماء المحلات والمطاعم والمنتديات، لتري كيف عزفت عن لغتنا العربية، واستعارت مسمّيات أجنبية، اعتقادًا بأن ذلك أدني للانتشار والترويج، وحسبك أن تراقب أحاديث ومحاورات الشباب، لتري أن غير قليل منهم قد عشق الافتخار بالحديث باللغات الأجنبية !
تسرب العامية واللهجات المحلية
تواجه العربية من قديم تعدد اللهجات المحلية، وتسرب العامية المحلية إلي استعمالات الناس قراءةً ثم كتابةَ، وهي قضية شغلت من زمن أدبائنا الكبار انشغالاً حميمًا جادًا، بحثًا عن أسلوب وسيط يحفظ العربية الفصحي ويقترب من لغة الناس، ويراعي فيما يراعي دواعي العصر أن تكون اللغة أكثر دقة وإحكامًا وانضباطًا، وبعدًا عن الميوعة والسطحية والسجع اللفظي والعقلي والمحسنات البديعية الجوفاء .. ولكن من يتابع محاولات هؤلاء الكبار يدرك مدي الجهد الجهيد الذي بذله جيل الرواد مجدولاً بحرص حريص علي العربية والتزامها في جدية مشهودة .. تلمس هذا علي سبيل المثال في كتابات يحيي حقي الذي مع دعوته إلي أسلوب جديد في محاضرته التي ألقاها بجامعة دمشق ونشرت في كتابه » خطوات في النقد »، كان أحرص الحرصاء علي العربية حتي أنه كان يمضي الساعات بين المعاجم ليختار أوينحت كلمة عاشقًا حتي النخاع للغته العربية .. ولكن ما يجري الآن طوفان من الإيغال في السطحية تذرع بالبحث عن لغة وسيطة توفيقية، ليفارق الفصحي ويوغل في مفارقتها ويستسلم » للعاميات » المحلية حتي باتت اللغة الفصحي بعيدة عن استعمال وربما عن فهم كثير من الناس، واجتاحت الساحة اللهجات العامية مطعمة بألفاظ هابطة صارت تصافح عيون وآذان الناس في الأعمال المسرحية التي تركت المسرح وقواعده وتقاليده إلي الرقص والزمر، وفي الدراما التلفزيونية والإذاعية، وأخذ هذا الزحف المستمر يجور شيئًا فشيئًا، حتي تسرب إلي كتابات الأدباء (؟!) والشعراء (؟!) يتعلل بعضهم مداراة بمقتضيات واقعية ما يجب أن يدار من حوار علي لسان الشخصيات في العمل المسرحي أوالدرامي أوالروائي أوالقصصي بيد أن طوفان العامية والهبوط لم يلتزم بهذا الحد، ومضي لا يلوي علي شيء حتي ابتعد عامة الناس عن اللغة الأصل، وصارت العربية الفصحي غائبة غريبة أوشبة غريبة في وطنها !!!
هذه الازدواجية، بين » الفصحي » و» العاميات » فهي ليست عامية واحدة، شكلت وتشكل تحديًا حقيقيًّا ناحرًا للغة الفصحي، ركب علي ذلك عقم وتعقيد وجفاف أسلوب تدريس اللغة في مراحل التعليم المختلفة، وتزاوج ذلك مع هبوط المستوي التعليمي العام الذي هجر من زمن الكيف إلي الكم، ثم جار الكم علي أي اعتبار للكيف، حتي صار خريجوالجامعات يخطئون في أبسط قواعد الإملاء، ناهيك بالإلمام بقواعد اللغة ومفرداتها ومترادفاتها وروحها وثرائها ذلك الذي دعا العقاد لأن يخصص كتابًا لها بعنوان، » اللغة الشاعرة » لأنها بثرائها تعين الشاعر علي نظم القصيد المحكوم بالجرس والمعمار الموسيقي، والبحور والمصاريع والقوافي، إلي غير ذلك مما لا تقدر علي إمداد الشاعر بأدواته فيه إلاّ لغة غنية واسعة الثراء في مفرداتها وحركات إيقاع الألفاظ فيها تبعاً لموقعها من الإعراب بين السكون أوالنصب أوالرفع أوالجر أوالتنوين، مما يتيح مع غني المفردات بحرًا زاخرًا من الجرس يعين الشاعر في مهمته المحكومة بقوالب وضوابط وقيود لا تحكم كتابة النثر المرسلة !
هجران الفصحي !
هجران الفصحي شائع الآن حتي النخاع في كلام وأحاديث الناس، وفي أغاني ومونولوجات المطربين ناهيك بالزاحفين علي الطرب والغناء، وفي الحوارات المسرحية والدرامية والروائية والقصصية، وفي معظم الكتابات الصحيفة، وزحف إلي لغة الآداب العامة بعد أجيال البنائين العظام، ثم أخذ هذا كله يزحف إلي الإعلام المرئي والمسموع، وزحفه في هذا المضمار يزحف بالحتم والضرورة علي المجتمع بأسره .. كان المذيع قديما يخضع لاختبارات بالغة العمق والعراضة، تشترط فيه فضلاً عن الموهبة والصوت ثقافة واسعة، وإتقاناً تاماً للغة العربية معرفة ونطقاً .. ولا مجال في اجتياز هذه الامتحانات لوساطات ولا محسوبيات ولا مجاملات، فكنا في صبانا نضبط لغتنا العربية نحوًا وصرفًا ونطقًا علي مذيعينا أمثال محمد فتحي وعبد الوهاب يوسف وحسني الحديدي وصلاح زكي وعباس أحمد وفهمي عمر وسعد زغلول نصار وجلال معوض وفاروق خورشيد وطاهر أبوزيد وأحمد فراج وفاروق شوشه إلي آخر الباقة التي ظلت تحمي العربية وتسربها بسلاسة إلي وعي الناس، فلما أن اقتحمت الوساطات والمجاملات، بات علينا أن نحمي عربيتنا من أخطاء كثير من الزاحفين الجدد الذين لا يعرفون اللغة، ولا يهتمون بمعرفتها، ولا يهتم أحد باشتراط علمهم بها، أوبتعليمهم إياها أومحاسبتهم علي الأخطاء الفادحة فيها التي أخذت بدورها تتسلل إلي وعي الناس !
ندح المجتمع كله !
الندح الذي نراه هوندح المجتمع كله، وغياب العربية هوإذن غياب عن المحيط العام، وعن لغة وخطابات الساسة والمسئولين الكبار، بل وعن الواجب التفاتهم بحكم تخصص مواقعهم إلي حقوق اللغة وحدودها والاحترام الواجب لها ولقواعدها .. وهذا الغياب لا بد ينعكس بالضرورة علي كل ربع وعلي كل مجال !
لغتنا العربية يا ناس !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق