الخميس، 16 ديسمبر 2021

تمويل ميزانية الدول ************

Apr 23, 2021

 المداخيل التي تحصّلها الدول تستخدم لتمويل قطاعات مثل الصحة والقضاء والتعليم، أو تطوير الخدمات الإدارية والبنية التحتية والأجهزة الأمنية

يتم تمويل ميزانية الدول من خلال جمع الضرائب ومساهمات العمال والاستثمارات الحكومية والقروض، إلى جانب مداخيل أخرى أقل أهمية مثل الرسوم الإدارية والشركات العمومية. وهذه المداخيل تستخدم لتمويل قطاعات مثل الصحة والقضاء والتعليم، أو تطوير الخدمات الإدارية والبنية التحتية والأجهزة الأمنية

الضرائب ومساهمات العمال هي أهم المصادر لتأمين مداخيل الدول، بالإضافة إلى الضرائب المباشرة على دخل المواطنين والشركات بناء على مستوى الثروة لديهم، والهدف ليس فقط تجميع المال بل أيضا الحرص على توزيع ثروات البلاد على كامل الشعب.

أهم الأمثلة على هذا النوع هو الضريبة على الدخل، التي تطبق على الأصول الشخصية، وضريبة الشركات التي تطبق على الأرباح التي تحققها كل شركة، أما المساهمات العمالية فهي تتغير بحسب الراتب، ويسهم فيها العمال وأرباب العمل، وتستخدم لتمويل رواتب التقاعد.

ضرائب غير مباشرة

أما الضرائب غير المباشرة فهي ليست متفاوتة بحسب الدخل، وتطبق على كل المواطنين بشكل متساو عندما يستهلكون سلعة أو خدمة.

والنوع الأكثر شهرة في هذا السياق هو الضريبة على القيمة المضافة، التي تستخلص عند عملية الدفع من خلال إضافة نسبة إلى السعر، ولكن إذا كانت المشتريات سلعا أساسية مثل الخبز فإن تلك الضريبة تكون أقل بكثير مما هو عليه الحال مع الكماليات مثل العطور.

يمكن أن تفرض الدول أيضا ضريبة خاصة غير مباشرة، من أجل زيادة مداخيلها أو دفع الناس للتقليل من الاستهلاك، مثل الضريبة المفروضة على الكحول والتبغ والمحروقات، وهنالك ضريبة أخرى غير مباشرة، وهي التعريفات الجمركية المفروضة على السلع التي تشترى وتباع بين الدول.

ضرائب أخرى

هنالك أيضا وسيلة أخرى لتحصيل الأموال، وهي الضرائب التي توظفها مختلف الأجهزة الحكومية على المواطنين عند استغلال الفضاءات العامة مثل الطرقات والممرات الجانبية، وهذا يحدث على سبيل المثال عندما تفرض البلدية رسوما على ركن السيارات، ويدفع الشخص الذي يريد ركن سيارته في مكان معين مبلغا في مقابل تلك الخدمة، التي تم إنشاؤها بالاعتماد على المال العمومي، كما تفرض الإدارات رسوما على إصدار الوثائق الشخصية، والدخول للمتاحف، والدراسة في الجامعات.

هنالك أيضا ضريبة الاستغلال التي يتم تنظيمها وفق المبدأ نفسه، حيث تحصل عليها الدولة من خلال فرض رسوم على الشركات التي تستغل الأراضي العامة مثل الحقول والغابات، أو تمنحها ترخيصا للقيام بنشاط معين يسبب مثلا انبعاث غازات ملوثة للبيئة.

كما يحصل القطاع العام على دخل من بيع الملك العام، مثل الأراضي والمزارع، ومن جهة أخرى يمكن للدولة أن تمتلك شركات ذات صبغة حكومية لزيادة مداخيلها من خلال توفير خدمات بمقابل مادي، كما يحدث مثلا بالنسبة لقطاع النقل العمومي.

القروض

تعد القروض أبسط مصدر للدخل بالنسبة للدول التي تقوم بإقراض المال للأفراد والمؤسسات العامة والخاصة والأجنبية، وتحصل في مقابل ذلك على نسب فائدة، كما يمكنها هي بدورها أن تقترض من هذه الشركات عندما تعاني من عجز في الميزانية.

بشكل عام يقول خبراء الاقتصاد إن ميزانية الدولة تتأثر كثيرا بحجم الدَّين العام، أي مجموع الدفوعات بذمة الدولة لدى الدائنين، وتكديس هذه الديون يعني أن الثروة التي ينتجها بلد ما لن تذهب لفائدة مواطنيه، بل لتسديد هذه الديون، ولهذا فإن سياسة الاقتراض تؤدي على المدى الطويل إلى التفقير والتبعية نحو الدول الدائنة.

التحويلات المالية

وأخيرا يمكن للقطاع العام أن يحصل على تحويلات مالية من مؤسسات دولية تركز على التنمية الاقتصادية والاجتماعية، إلى جانب وكالات أخرى دولية غير ربحية لا تنتظر مقابلا نظير هذه الأموال. ومن الأمثلة على ذلك، الصناديق التي ينشئها الاتحاد الأوروبي لفائدة الدول الأعضاء، من أجل دفع النمو الاقتصادي وتطوير قطاع الزراعة أو دفع الاندماج الاجتماعي.

*

العلاقة بين ميزانية الدولة وسعادة المواطن

عصر التسعينات ورأينا أسعار النفط في تقلب كبير وبدأت الدولة في الاقتراض وشد الحزام وتقليص النفقات وإعادة جدولة الكثير من المشروعات. وظهرت مفاهيم جديدة على المواطن مثل الخصخصة، وبدأت الدولة في تحميل القطاع الخاص عبء التوظيف معها.

عادت الأمور إلى التحسن نوعاً مع منتصف العقد الأول من الألفية الثانية بسبب نمو الصين وارتفاع الطلب على النفط. عادت الحياة إلى الدولة مجدداً وبدأت وزارة المالية الضخ في الاقتصاد ولكن للأسف لم تكن هناك استدامة مالية لأن التخطيط غير جيد والفساد منتشر ولم تكن هناك استثمارات حقيقية للدولة.

ثم دخلنا في عام 2016 وبدأت الدولة في الإصلاح الاقتصادي، وظهرت مفاهيم جديدة أخرى مثل الضرائب وخصخصة الخدمات وبدأت الدولة في الاستثمار داخلياً وخارجياً في قطاعات جديدة مثل السياحة والترفيه، وفي مشاريع كبرى مثل «نيوم» و«البحر الأحمر» و«القدية وتطوير العلا والسودة والدرعية.

المشروعات لن يرى المواطن أثرها الآن ولن يكون أثرها على التوظيف والدخل لحظياً. لم تعد الموازنة هي الموازنة وفرحة الناس بها مثل السابق ومن هنا ظهرت فجوة كبيرة بين الموازنة وسعادة الفرد.

المواطن لا يريد استثمارات طويلة الأجل، بل يريد إنفاقاً مباشراً يشعر بأثره على جيبه الخاص وحسابه المصرفي. والمواطن لا يريد دفع شيء للدولة لأن هذا الأمر حديث عهد، وحتى وإن لم يكن حديث عهد فلا أتصور أن أي مواطن في العالم يحب الضرائب ودفع شيء للدولة.

تقبُّل الإصلاحات ودفع ضريبة للدولة ليس سهلاً، وكان المواطن يتساءل: لماذا لا تذهب الدولة لاستعادة الأموال من السارقين والفاسدين؟

ولا أمانع أن أرى بعضاً من دخلي يذهب لبناء احتياطيات تساعدنا على مواجهة المجهول. وحتى نكون منصفين فإن هناك قطاعات تأثرت بشدة بلا شك وليست الأمور جميلة لدى الجميع ولكنها لم تكن بشعة مثل ما كانت خارج حدود المملكة.
في النهاية لا أعلم إذا ما كان مواطن اليوم سيدرك أهمية الهندسة المالية الجديدة، وقد يتطلب هذا وقتاً وجهداً. ولكن قد يساعد رفع مستوى الشفافية حول الاستثمارات في زيادة ثقته بالمستقبل، لقد حققت الدولة نجاحاً كبيراً على مستوى الشفافية في الدخل والإنفاق من خلال إعلانات الموازنة المستمرة، ومن المهم أن يطبق نفس مستوى الشفافية التي وصلنا لها في الموازنة على باقي المؤسسات والاستثمارات حتى يطمئن قلبه.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق