الثلاثاء، 28 ديسمبر 2021

الشيخ غوغل

 الإعلام الإسلامي الالكتروني المغلوط، الذي ينشر مفاهيم تشوه الدين وتسيّسه، لذلك يجب عدم ترك الحبل على الغارب لمن يتفنون في نشر أفكارهم المسمومة المشوهة للإسلام. 

نحن بحاجة إلي الخطيب المعاصر، العاقل، الذي يلبي حاجات العصر، ويحاكي الواقع، انطلاقا من مبدأ يؤكد أن الصعود على المنبر رسالة وليس وظيفة، وما يطرح من فوق المنبر على الناس تحته يمكن أن يهدم وطنا أو يبنيه.

*Mar 15, 2020

أحتاج شيخا تقليديا يعظني ويذكرني


كم أنا بحاجة إلى (شيخ تقليدي) واعظ؛ بغض النظر عن لقبه الأكاديمي، ولا يشترط أن يحمل الحرف (د) ونقطة قبل اسمه، فيهزني بوعظه ويدخل كلامه صميم قلبي، شيخ واعظ يذكّرني بقدرة الله، وضرورة الإيمان الصادق بالقضاء والقدر، وأن الله -جل وعلا- هو المتحكم والمتصرف بالكون بكل ما فيه.. شيخ يقول لي بأن الإنسان مهما بلغ من القوة ومن التقدم في مجالات العلوم والتقنيات وفي المجال الطبي يظل ضعيفا أمام قدرة الله؛ الله الذي جعل من فايروس لا يرى إلا بمجهر إلكتروني شغل العالم الشاغل، حتى سجن هذا الفايروس مئات الملايين من الناس في بلدانهم أو مساكنهم، وهم الذين كانوا بفضل وسائل النقل المختلفة خاصة الطيران يستطيعون قطع مسافات طويلة بساعات معدودة، كان أجدادهم يقطعونها بشق الأنفس في أيام وأسابيع وشهور.

شيخ يقول لي: إن الإنسان الذي يستعد ويتأهب لاكتشاف الكواكب والمجرات البعيدة وأشكال الحياة فيها-إذا وجدت- يعجز أمام هذا الفايروس عجزا لا يجد دونه سوى ما كان قبل قرون طويلة...الحجر والإغلاق، شيخ يرفع صوته قائلا: إن الدول العظمى والكبرى التي استكبر حكامها في الأرض، والذين بما في حوزتهم من سلاح فتّاك يستطيعون جعل المدن العامرة  كومة رماد؛ هذه الدول ترتعد وتتقوقع على ذاتها، وتغير أولويات الإنفاق من موازناتها، وتحجر على ساكني مدنها ذات الأبراج الشاهقة، والحدائق الغناء، خوفا من تفشي وباء ينتشر في كل مكان كأنه نقطة حبر سقطت في كأس ماء صغير.

 فهذا الخطاب أو الوعظ التقليدي كان أحد أهم عوامل صبرنا وصمودنا وثباتنا وحفظ كينونتنا وكان سلاحا فعالا لاجتياز مراحل وأزمات صعبة على مدى الزمن، وهو الذي جعلنا نستشعر الحاجة إلى لطف الله، ونبتهل طالبين الرحمة والمغفرة ونطمع بكرم الله وسخيّ عطاياه.

فالشيخ والواعظ وخطيب الجمعة ليس محللا سياسيا، ولا صحافيا استقصائيا، ولا خبيرا استراتيجيا، ولا باحثا مختصا في الأسواق العالمية وأسعار النفط والعملات، وهو أيضا ليس خبيرا في شؤون الداء والدواء والأمصال واللقاحات، كي نحمله مسئولية ما ليس من مجاله، وكل ما سبق وغيره، له أهله وطرق دراسته ومهنه وحقول أعماله، ومواعظه لا تعيق عمل هؤلاء ولا تتعارض معه، مثلما يروّج بعض من يزعمون التجديد في (الخطاب الديني) وأرى أن عقولهم هي التي تحتاج تجديدا وتحديثا! الواعظ هو إنسان مهمته تذكير الناس بتقوى الله وطاعته، والصبر على البلاء، والشكر على النعم، ويذكر الناس بقدرة الله وعظمته، ويحضهم على تجديد العهد معه، والرجوع إليه، والإكثار من الطاعات، وينهاهم عن المعاصي واجتراح السيئات، ويؤكد لهم حقيقة يعرفونها ولكنهم يتغافلون بطول الأمل عنها، وهي أن الموت قادم والقبر مفتوح لكل منا، وأنه ما بعد الموت إلا برزخ وقيامة وحساب وجنة أو نا

ولكن حين سخرنا وتعالينا على (الوعظ التقليدي) واعتبرناه صار لا يصلح لعصر العلم وعفا عليه الزمن، فقدنا السكينة وخسرنا الطمأنينة والراحة النفسية التي دونها أي راحة، وصرنا نطالب الشيوخ والواعظين بما ليس من مهماتهم؛ فما الفائدة حين يتحدث الشيخ الواعظ عن مؤامرات الدول الكبرى على بعضها، وعن الألاعيب السياسية، والتحليلات التي هي ظنون تلغيها وتنسفها ظنون أخرى؟ هناك من هذا مجال اختصاصه أو عمله أو اهتمامه، فلماذا نصرّ على سحب الواعظ من بيت التذكرة المنير إلى ضبابية لا تنفعنا ولا تضيف إلينا شيئا؟! ولا يُفهم من كلامي أنني أدعو إلى أن يكون الشيخ الواعظ جاهلا أو متجاهلا لهذه الأمور والتحليلات، ولكن يجب ألا يغلب حديث التحليل السياسي والاقتصادي على حديث الموعظة، والروحانية الضرورية عند سماع الموعظة.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق