*
لباس المرأة ووقوع التحرّش
التحرش انعكاسًا للكبت الجنسيّ، وكأنه ظاهرة شرقيّة أو تخصّ المجتمعات المسلمة، وقد يقفز ثالث إلى القول: إنَّ هذه الظاهرة حديثة، وحداثتها ستقودُنا إلى مسارين أو تصوّرين متغايرين: يتبنّى أولهما سرديّة محافظة تَردُّ الإشكال إلى نمط الحياة الحديثة (الاختلاط، خروج المرأة إلى العمل، تقنيات اللباس، السينما، الإعلام، صناعة الجنس، تسليع المرأة…)، في حين ينطلق ثانيهما من منجزات الحركة النسويّة وحقوق المرأة في السيطرة على جسدها واستقلاليّتها، ومن ثمّ يتفرّع عن هذا: السؤالُ عمّا إذا كان الفقه الإسلاميّ قد عرف مثل هذه المفاهيم الغربيّة الحديثة حول العنف الجنسيّ والاغتصاب، وكأنّ فكرة حماية المرأة من الاعتداء الجنسيّ من منجزات الحركة النسويّة الحديثة.
كتابات الإنجليزيّة حول العنف الجنسي (Sexual Violence) يجد كتبًا موسّعة ومتنوّعة عن هذا الموضوع؛ بل إنّ بعض دور النشر الأجنبيّة قد أصدرت دليلًا متخصّصًا (Handbook)،
التحرّش الجنسيّ والتسلُّط والاغتصاب والقتل بالإضافة إلى العنف المنزلي والضغط من أجل ممارسة الجنس.
يختزِل المشكلة في ثنائيّة التحرّش واللباس
"فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا"
التعليل القرآني للبس الجلباب هو "ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعرْفَنَ فَلَا يُؤْذَيْن"، وهو خطابٌ موجه إلى الحرائر حتى لا يختلطن بالإماء في ذلك الزمن؛ أي: إنه جاء خطابًا لصيانة رتبة الحرية (المقابلة لرتبة الرّقّ)؛ ما يعني أنّ الشهوة نفسها لم تكن موضوع التَّجَلْبُب ولا سببًا له، بل كان الهدف صيانةَ الرتبة الاجتماعية، فالمعرفة هنا (أدنى أن يُعرفنَ) هي معرفة بالصفة لا بالشخص (وهي أن يُعرف أنّ المرأة حرة لا أمَة)، وإلّا فالشهوة والطمع ممّن في قلبه مرض يوجد في الإماء كما يوجد في الحرائر، إذا كان محرّكه الشهوة والرغبة. ففكرة التمييز بين الإماء والحرائر في ذلك المجتمع قائمة على عرف اجتماعيّ قديم يقيم للحرائر وزنًا وحُرمة، والفسَّاق يعرفون أنّ التعرض للحرائر له عواقب ومسؤوليات تردعهم عن التعرض لهنّ، وليس معنى ذلك أنّ تعرّض الفسّاق للإماء جائز، بل هو حرام؛ لأنّ القرآن يصف هؤلاء المتحرشين أنفسهم بأنّ في قلوبهم مرضًا.
المقدرة الإقناعيّة تتراجع لصالح القوة والسلطة القائمة على التهديد والتخويف، وهي التقنيات نفسها التي تستخدمها السلطة السياسيّة لتطويع الجميع وقهرهم
أي: إنّ كلّ طرف في هذا المشهد يسعى للتحكم بما يستطيع على طريقته الخاصّة، في مسلسل قائم على القمع والترهيب وانعدام الأمن النفسيّ بكلّ معانيه، حيث يتحوّل المجال العامّ إلى ساحة مستباحة.
لا يتصوّر تعقيدات الاعتداء الجنسيّ بدرجاته المختلفة (ما بين اللفظ والنظر والفعل)
إنّ الربط الآليّ بين النظر والإثارة من جهة، والتحرّش من جهة أخرى يُحوّل المُتحرِّش إلى حيوان تحركه غريزته؛ لأنَّه يغدو كما لو كان غير قادر على التحكّم بنفسه،
كان يمكن تَفَهُّم مثل هذا الربط بين الفعل والانفعال
إنّ الربط بين اللباس والتحرّش لا يعكس فقط خللًا في فهم تعقيدات الظاهرة وفي التقويم الأخلاقي لها؛ بل يعكس أيضًا حجم السطحيّة في التعاطي معها، إذ إنّ اللباس لن يحل الإشكال أصلًا، وثمَّة مخاوف من أن يتّخذ التحرّش الجنسيّ أشكالًا أخطر من الألفاظ واللمس، وأن ننتقل إلى شيوع الاغتصاب -وهو واقع فعلًا- وإن لم يتحوّل إلى ظاهرة.
* 2018
قاموس المعاكسة فى مصر يتطور مثل كل شيء، فالمغازلة والمعاكسة هى جزء من ثقافة المجتمع، فى أحيان تكون أنيقة ومهذبة وراقية تعبر عن التقدير لجمال فتاة دون أن تعبر الخطوط الحمراء على شاكلة "بنسوار يا هانم" حتى وإن كان هذا مرفوضًا فى ذلك الزمن، أو ركيكًا يشبه زحام حياتنا وأغانى المهرجانات على طريقة "نشرب كوفى" و"شارع محمد الحبوب".
وثقت السينما لمعاكسة أولاد المناطق الشعبية، من ينسى "يا صفايح الزبدة السايحة يا براميل القشطة النايحة" التى كانت المعاكسة الأشهر لسنوات طويلة فى الحوارى المصرية.
المعاكسة تحولت لتحرش، تلعب فيه الألفاظ البذيئة دور البطولة، يشبه كثيرًا الموسيقى والأغانى وحتى أفلام السينما وزحام الشوارع وتلوث الهواء والطعام، وعلى الجانب الآخر أبتكرت الفتيات طرق عديدة لمواجهة التحرش، بدأت بالبرينت اسكرين لرسائل المعاكسة على فيس بوك، وصولاً إلى تسجيل الفيديوهات للمتحرشين ونشرها عبر مواقع التواصل الاجتماعى.
*
لماذا يعتبر بعض الرجال أن من حقهم معاكسة النساء في الشوارع؟
أن يتعلم الشباب كيفية التحدث مع الجنس الآخر، وبالتالي لا نُجبر نحن النساء على الشعور بالقلق في كل مرة نريد الذهاب إلى المتجر.
الشباب يعشقون المعاكسات.. والفتيات يعتبرونها “قلة أدب”
“المعاكسات ظاهرة طبيعية وليست مرضية”
التسلية ليست هي الهدف الوحيد الذي يدفع طارق للذهاب إلى هذه الشوارع، وإنما أيضاً لمعاكسة الفتيات ومغازلتهن بطريقة عفوية وعشوائية.
من الشباب الذين يجدون متعة في معاكسة الفتيات في الأماكن العامة، سواء في الأسواق التجارية أو على بوابات مدارس البنات. وبالنسبة لطارق فإن معاكسة الفتيات هي طريقة للتعارف واكتساب الأصدقاء أحياناً، وهو لا يرى فيها أية خطأ أو حق يؤخذ على الشباب طالما يوجد استجابة وقبول من الفتيات، ويقول: “الأمر كله عبارة عن قراءات وانطباعات يأخذها الشاب من الفتاة، وبناء عليها يتصرف بجرأة ويبدأ بقول كلام غزل معسول يجذب وتعجب به نوعية معينة من الفتيات، وليس كلهن”.
وينفي طارق أنه يضايق الفتيات، فهو يطلب منهن في البداية أخذ رقمه، وإن رفضن، فإنه يعتذر ثم يقوم بالانصراف، حتى أنه لا يسيء لأي فتاة حتى بالكلام، وهذا حال أغلب أصدقائه الذين يفضلون عدم إقحام أنفسهم في مشاكل هم في غنى عنها.
“لولا قبول الفتيات لما كان هناك معاكسات، حيث يلاحظ بأن هناك شريحة كبيرة من الفتيات لا يمانعن سماع الكلام الجميل والتعليقات، ويتضح ذلك من خلال الابتسامات والضحكات التي تبدو واضحة على وجوههن”.
قد تعددت طرق المعاكسات وتفنن فيها الشباب، بدءاً من الأسلوب القديم والتقليدي الغمز بالعين، أو ابتسامة ناعمة، أو إلقاء نكتة طريفة، أو تعليقة يظنها صاحبها ظريفة، لتشمل نظرة ناعسة، أو تسريحة ساحرة، أو “لوك” ملفتا، أو مشية متكسرة متغنجة، أو عطرا يسحر القلب قبل الأنف.
يرفض زيد العلي (19 عاماً) القول الدارج بأن المعاكسات عمل خاطئ ومشين من قبل الشباب الذين غالباً ما تقع على عاتقهم المسؤولية، وتظهر الفتيات بدور الضحية، ويقول: “الفتاة جزء من عملية بطولات المعاكسات التي يقوم بها الشباب، وهي التي تحدد النجاح أو الخسارة لتلك النهايات منذ بداية التعليقات”
ولا يعاكس زيد جميع الفتيات، بل يقوم باختيارهن وانتقائهن بناء على حركات وتصرفات تصدر منهن يستدل منها الشاب المعاكس بأن الفتاة على استعداد للتعرف على هذا الشاب أم لا، ومن هذه الحركات الابتسامة في وجه الشاب أو تبادل النظرات. ويؤكد زيد على أن هناك فتيات من المستحيل أن يستطيع الشاب، ليس معاكستها وحسب، بل النظر اليها حتى من غير القاء التعليقات والكلام.
يستنكر زيد فكرة بعض الناس عن المعاكسات بأنها “تخويث وبرادة على الفتيات”، فهو شخصياً لا يقصد من المعاكسة سوى التعرف على فتيات للتنويع وتكوين “شلة”، بدلاً من الخروج دائماً مع مجموعة من الشباب فقط.
“خفة الدم”، غير مكترثين بردة فعل الفتاة، وسواء قابلتهم الأخيرة بابتسامة أو شتيمة فإنهم لا يبالون، بل يزيدون من جرعات التعليقات والسخافات التي تؤدي إلى شعور الفتاة بالاستفزاز.
تصف رانيا المعاكسات بالشيء المزعج بقولها “أنا لا استطيع المشي في الشارع أو ممارسة الرياضة أو الذهاب للتسوق. وحتى لو كنت في سيارتي فإني لا أسلم من معاكساتهم أيضاً”. وتقول رانيا بأنها “في البداية كانت تردّ لمعاكسيها الصاع صاعين، ولكنها ملت من الرد. وبنظرها فإن الحل الأفضل هو “التطنيش”.
“كل ما يهمهم هو التعليق فقط ” ولا يحترمون العمر أو تواجد الفتاة مع عائلتها.
“المعاكسات ظاهرة طبيعية وليست مرضية كما يعتقد البعض، فهي من الظواهر الاجتماعية السوية، وليس بالضرورة أن ينظر اليها على أنها مشكلة بكل معنى الكلمة”.
“ليست مشكلة اجتماعية إلا بالحجم والمدى والقدر الذي ينظر اليها أفراد المجتمع بهذا المنظور أو يعاملونها على هذا الأساس”.
“الزمن تغير الآن. نحن في عصر العولمة، عصر التواصل والاتصال والتفاعل الثقافي والانساني والحضاري، ليس فقط داخل المجتمع الواحد وإنما بين المجتمعات جميعاً، ومن غير المعقول أن يتمكن الشاب العربي من الاتصال مع جميع شباب العالم بشكل فوري، ولا يتاح له هذا في مجتمعه الخاص”، منوهاً إلى أن “الشاب تحرر بشكل كبير من قيود ثقافته المجتمعية العربية، ولكن لم يتم هذا التحرر بنفس القدر للفتاة، فما تزال الثقافة تحيط الفتاة بكثير من المحظورات والممنوعات”.
د. ساري حديثه بالتركيز على أن المعاكسات وسيلة للتواصل وطريقة مقبولة للتعارف وغالباً لا يصدر عنها مشكلات أو مصائب مادام لم يسئ الشاب للفتاة بمعنى الاساءة الحقيقية، مؤكداً على أن ظاهرة المعاكسات بدأت تنحسر تدريجياً في تأثيراتها، فاتحة المجال لوسائل تعارف أخرى أكثر قبولاً وشرعية.
*Jul 6, 2021
مايا دياب: لماذا أغضبت كلمات أغنيتها الجديدة كثيرا من النساء؟
"حزينة إنها امرأة وتروج للتحرش وهي تعرف أن هذا الشعور ما يروح من بال الضحية مهما مر وقت وسنين".
رأي صنف المعاكسة على أنها نوعان: الأول "معاكسة برضا الطرفين، هي ليست تحرشا" والثاني "معاكسة بدون رضا أحد الطرفين، وهي عبارة عن إزعاج وتحرش".
الجنس نوعان:
١- برضا الطرفين وهذا ليس اغتصاب
٢- بدون رضا أحد الطرفين، وهذا اسمه اغتصاب
التحرش الجنسي: هل ساهم الفن في انتشاره؟ وما مسؤولية "المؤثرين"؟
"التطبيع" تقنية قديمة ومعتمدة: تعريض الناس المتكرر للشيء. سيفاجؤون في البداية، لكنهم سيتعودون عليه بمرور الوقت إلى أن يصلوا لمرحلة عدم ملاحظته أساسا، فيسقط من أولويات العقل في التركيز والاستيعاب.
صناع تلك الأعمال بنوا حول لتحرش أسوارًا دعائمها "الفن" و"الفكاهة" و"خفة الظل" تحميها من الإدانة والتجريم،
"لقد زود الممثلون وكتاب السيناريوهات الشباب بذخيرة من الإجابات تصلح لمختلف مواقف الاحتكاك بالنساء، فنسمع عبارات هجومية مثل "شوفي لابسة إيه الأول"، أو "حد جيه جنبك ولا إنتِ عايزة تتعاكسي"، أو "شوفي نفسك الأول دا منظر يتعاكس".
*Sep 9, 2021
لا تشعر العديد من النساء بالثقة في الإبلاغ عما تعرضن له من تحرش خشية الانتقام المحتمل أو الضرر الذي قد يحيق بسمعتهن أو سمعة أسرهن.
إذا كان التحرش الجنسي يتجسد من “ثالوث” الفقر والكبت الجنسي والتشدد الديني كما يراه العرب، فلماذا تشكل تلك الظاهرة في الغرب الذي يضرب به المثل في الحرية أزمة حقيقية؟
في عالمنا العربي، لا تزال هناك أسطورة منتشرة تدّعي أن التحرش الجنسي يتجسد من "ثالوث" الفقر والكبت الجنسي والتشدد الديني، وأن الرفاه الاقتصادي والحرية الجنسية هما سبيلا التخلص من ظاهرة التحرش إلى الأبد، لتصبح الصورة المألوفة للمتحرّش هي الصورة الشيطانية للشاب العربي المقهور دينيا والمكبوت جنسيا في مقابل صورة أشبه ما تكون بالمثالية للشاب الغربي المتسامح دينيا والمنفتح جنسيا في بلاده التي لا تعاني من التحرش أو العنف الجنسي.
بعد انتشار هاشتاج #MeToo وتكثيف الدراسات والإحصائيات حول التحرش في الغرب، باتت هذه الصورة بحاجة إلى كثير من التعديل، فالغرب الذي يضرب به المثل في انفتاحه، وبمساحات الحرية الجنسية الواسعة فيه بالإضافة إلى استقرار المستوى المعيشي فيه، لكنه على الرغم من ذلك فإن التحرش في بلاده يمثل أزمة حقيقية.
مشكلة التحرش الجنسي ليست مشكلة خاصة بهوليود، ولا بغرف الإعلام أو حتى بالكونجرس فحسب.. إنها مشكلة منتشرة في كل مكان!".
(رسالة مفتوحة من 200 امرأة أميركية عاملة في قطاع الأمن القومي الأميركي)
من الأفلام والمسلسلات إلى الأغاني وألعاب الفيديو، من الإعلانات والإعلام إلى المجلات ووسائل التواصل الاجتماعي، ينتشر في كل مكان مبدأ "الجنس يبيع". حيث تقوم فكرة هذا المبدأ على أن هناك غريزة جنسية كامنة في لاوعي الإنسان، وتعتبر هذه الغريزة من أقوى غرائز الإنسان، وبالتالي فإن أفضل وسيلة لترويج السلع والبضائع ليست إظهار الفضائل العملية والتقنية للسلع والمنتجات، وإنما مخاطبة هذه الغريزة الجنسية عبر ربطها بالسلعة بشكل مباشر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق