الأربعاء، 29 ديسمبر 2021

العلاقة ما بين الفكر الأوروبي الغربي والفكر العربي الإسلامي

الغرب والعرب

الغرب“ هـــو العـــدو الكافر وأنه
ســـبب مصائب العالـــم العربـــي والمغاربي
والإســـلامي ناســـين بأنهم يركبون سياراته
ويتبردون بمكيفاته ويأكلون ما تنتجه أيادي
أبنائه، ويداوون في مستشفياته

فولتير جديد جريدة العربي

Aug 20, 2020

لا تنفصل حركة العبادة في المسجد عن حقل الاقتصاد وعالم السياسة والعلاقات العامة أو الدولية وذلك لوجود صلة وثيقة بين الدين ومختلف شعاب الحياة المتنوعة..

تعاقب على أوروبا ثلاث موجات فكرية وفلسفية متتالية بدأت بالفلسفة والإيديولوجيا وكان من نتائجها الحركات الفكرية كالاشتراكية والداروينية والعلمانية والماركسية وغيرها تحولت بعدها إلى حقلي العلم والإيديولوجيا فنشأ عنها مختلف العلوم الاجتماعية والإنسانية والطبيعية واليوم يقيم الغرب بشكل عام علاقة مع المعرفة والتكنولوجيا فظهرت الاختراعات والكشوفات الحديثة.

وقد حاول الفكر العربي تقليد الأنماط الفكرية الأوروبية والغربية واستنساخها بلا تحفظ وإنتاجها بصورة أو أخرى.. فإذا كان الفكر الأوروبي فرض نموذجه على معظم المجتمعات الإنسانية ومن بينهم العرب الا يجدر بنا التعامل مع هذا النموذج الفكري تعاملًا نقديًا رصدًا وقراءة وتحليلًا وتفكيكًا وإعادة تأسيسه في وعينا بعقل عربي، فمثلًا عندما دخلنا في الحداثة الأوروبية لم يكن دخولنا ناتجاً عن تطور مرحلي أو تدشين وعي جديد وإنما كان انبهارًا مقلدًا.

فإذا ما نظرنا حول نمط التفكير الأوروبي الغربي حول العلمانية كما ينظر لها المنظرون الاجتماعيون الأوروبيون كماكس فيبر ودوركايم ونطبق نمط التفكير الأوربي على الحقل الإسلامي فإننا سوف نصطدم بصعوبات شتى وذلك لاختلاف علاقة الديني بالدنيوي ما بين الفكر الأوروبي الغربي والفكر الإسلامي.. فما يميز الإسلام عن بقية الديانات الأخرى الترابط الوثيق بين الديني والدنيوي فالأديان السابقة لا يتحد الديني بالدنيوي في أصل كينونتها الذاتية. فالمسيحية مثلًا تنأى عن الشأن الدنيوي وذلك بسبب ظروف نشأتها تحت نفوذ وهيمنة الدولة الرومانية التي كانت معادية لدعوة المسيح عليه السلام.

أما الإسلام فقد وازن بين الديني والدنيوي ودمج بينهما 

فالإسلام لا يقيم فصلاً بين الديني والدنيوي لأن كل ما هو دنيوي في فلسفة الإسلام لا ينفصل عن مرتكزاته الروحية وبهذا المعنى لا يوجد فصل بين المادي والمثالي وبين الروحي والزمني لأن كل ما هو مادي ودنيوي هو في جوهره وكينونته روحي.

 المفكرين الغربيين أمثال فولتير ومارسيا ألياد ونيتشه إلى اعتبار الإسلام أنموذجًا مكثفًا للدين الطبيعي المناقض للزهدية المسيحية فالإسلام دين له ارتباطه الوثيق بالحياة الدنيا والآخرة.

إن إضافة الإسلام الكبرى -وهي ما أشار اليها المؤرخ رفيق عبدالسلام في كتابه آراء جديدة في العلمانية- تتمثل في تغيير معنى الديني أصلًا من خلال وصله بالدنيوي وتغيير معنى الدنيوي عبر وصله بالروحي والديني يما يجعل الواحد منهما وثيق الصلة بالآخر.

ولعل التقارب الاشتقاقي لكلمتي دين ودنيا في اللغة العربية فضلًا عن اقترانهما الوثيق في سياق الخطاب القرآني يبرز هذا الوثاق الشديد بينهما.

ويمكن القول إن الإسلام يؤسس ضربًا جديدًا من الدنيوية يمكن تسميته الدنيوية الروحية كما أنه يعطي دلالة جديدة لمعنى الروحي والديني في إطار ما يمكن تسميته بالروحية الدنيوية، ففي حين يحث الإسلام على التمتع بطيبات الحياة الدنيا يحرص على إكسائها بالفضائل الأخلاقية والروحية من أجل الارتقاء بالمادي إلى طور السمو الروحي وهكذا يمكن القول إن جوهر الاختلاف بين الإسلام والعلمانية يعود إلى نوعية الرؤية إلى هذه الدنيا وصلتها بالآخرة.

 القاعدة العامة التي تحكم الإسلام تقوم على كون الديني لا يكتسب قيمته إلا من خلال انخراطه في مشاغل العالم إذ يتعاضد الطبيعي مع الدين الشرعي إلى الحد الذي لا يمكن فصل أحدهما عن الآخر.

ولهذا السبب قدم الإسلام نفسه باعتباره وارثًا للديانات التوحيدية السابقة ومتجاوزًا لها في الوقت نفسه فقد قامت المسيحية على نزعة زهدية ترى في المادي والدنيوي رمزًا للسقوط والخطيئة.. أما الإسلام فقد عمل على صب هذه الدنيوية ضمن قالب روحي يقوم على إثراء الحياة والارتقاء بها.

*

العرب والتعامل مع الغرب

Feb 7, 2020

يتعامل بعض العرب مع كل حسن يأتي به الغرب على أنه «بضاعتنا رُدت إلينا»، على اعتبار أن الحضارة الغربية استفادت من عطاء الحضارة الإسلامية في العلوم الإنسانية، ناهيك عن العلوم الطبيعية. وفي الإنسانيات يبرز، لدى أصحاب هذا الطرح، دور ابن رشد في إعلاء مكانة العقل وهضم التراث اليوناني وتقديمه للغرب، ودور ابن خلدون في بناء علم العمران، ناهيك عن إسهامات علماء الطبيعيات مثل جابر بن حيان والحسن بن الهيثم.

وينقسم السائرون على هذا الدرب إلى فريقين الأول يستخدم مقولة أن ما يعرضه الغرب هو بعض بضاعتنا، ليسند مسلكاً مفاده أن أخذ الأفكار السياسية والاجتماعية الغربية وتطبيقها على المجتمعات العربية وغيرها، لا يعني زرع نبات غريب في تربتنا، لأننا شاركنا في تهجين هذا النبت. أما الثاني فيريد بتلك المقولة أن يخدم رؤية تقوم على رفض استنكار اللجوء إلى الغرب لاستيراد أفكار تنهض بواقعنا، ما دامت جذور تلك الأفكار موجودة لدينا، لكنها مطمورة في تراثنا، وتحتاج إلى من ينقب عنها، ويعيد إنتاجها في صورة عصرية تتماشى مع ما تتطلبه حياتنا المعقدة.

لكن من بين هؤلاء يوجد من لا يؤمنون بغربلة التراث وتمحيصه، إنما تطبيق ممارسات القرون الغابرة بالصورة نفسها التي كانت عليها، دون تفرقة بين البشري الذي أفرزته السياسة وأنتجه المجتمع في جدله مع الزمان والمكان، والإلهي الذي فرضه النص، حيث الثوابت العقدية، وتحديد طريقة التعبد.

وهناك من ينظرون إلى ما لدى الغرب على أنه أرقى ما وصلت إليه البشرية في تطورها التاريخي من نظريات اجتماعية، ولذا فإن الأنجع هو الطلب على كل ما يعرضه الغرب، من ثمار فكرية «ناضجة» بدلاً من إضاعة الوقت في زرع شجر معرفي آخر. ومن بين المتبنين هذا الرأي من يبدون انتماء قوياً لأوطانهم، ويعتبرون أن ما يعتقدون فيه هو الطريق الصائبة. لكن هناك من بينهم المتحمسين لهذا التوجه، إما من منطلق شعور بالدونية تجاه الغرب، أو تكريس لحالة من التبعية، سواء بقصد، عبر خدمة مؤسسات وجهات غربية معنية، أو من دون قصد، من خلال الانبهار بالحضارة الغربية، خاصة من بين عناصر النخبة الفكرية التي تلقت تعليمها في أوروبا والولايات المتحدة.

ويبرز تيار توفيقي يتحمس للمزاوجة بين «التراث» و«الحداثة» أو بين «الأصالة» و«المعاصرة»، منطلقاً من اقتناع مفاده أنه إذا كان من الصعب تجاهل العطاء الاجتماعي والسياسي للحضارة الغربية في تفوقها الراهن، فإنه من الخطأ إهمال ما يكمن في تراثنا العربي الإسلامي من قيم إنسانية ورؤى اجتماعية.

ويستند أنصار هذا التيار إلى داعمين الأول يرتبط بحركة المجتمع، ليس على مستوى كل فرد على حدة، لكن على مستوى الكتلة الرئيسية أو الغالبية الأعم، حيث يسير التمسك بقيم اجتماعية أصيلة بالتوازي مع تبني قيم حديثة ينتمي بعضها إلى الغرب، دون أن يكون هناك شعور بالانفصام الاجتماعي، يعوق مسيرة الحياة اليومية.

أما الثاني فيتعلق باقتناع تام بأن باب الاجتهاد لا يغلق أبداً من الناحية الشرعية، وأن الناس أعلم بشؤون دنياهم، وأن ما يوجد الآن، يختلف كلية عما كان بالأمس، ولذا لا بد من أن تكون هناك استجابة قوية وشافية للتحديات التي يفرضها الواقع الحالي. ولأن هذه التحديات عصرية الطابع، وهي من نتاج حركة التحديث، فإن التعامل معها بأدوات قديمة لن يمكننا من مواجهتها، ولذا لا بد من آليات عصرية يتم استخدامها بوعي، دون افتئات على الخصوصيات. لكن هناك من يرى أن الزج بالخصوصيات أو التمسك بها يبدو وهما، والأنجع هو التفاعل مع المعطى العصري المطروح دون قيود، لأن تيار العولمة سيجرف أمامه كل أولئك الذين يدعون أن ما في تقاليدهم وموروثاتهم أفضل مما هو متاح حاليا.

*Apr 11, 2021

الغرب والفساد والمحاصرة 
منير شفيق

 رأس الفساد العالمي هو دول الغرب نفسها، هو النظام الرأسمالي الإمبريالي الغربي العالمي. بل يمكن القول إن قطع هذا الشريان سوف يؤدي إلى أزمة مالية عالمية أخطر من التضخم المالي، والكساد الإنتاجي، أو قل دونها أزمتا 1929 أو 2008، أو أي أزمة ضربت في النظام الرأسمالي وأدت إلى الحرب. ولعل الظاهرة المشهودة التي تحمل المغزى المشار إليه هو منع استرداد دولة لبعض ما نُهب وهُرّب من ثرواتها. فما يدخل جيوب الغرب لا يخرج منها، أما استثناء هذه القاعدة فسيكون فتاتاً، وثمة المثال التونسي بعد سقوط زين العابدين بن علي.

لهذا من الضروري شنّ نضال عالمي، بأن تتشكّل محكمة دولية يسندها قانون يجرّم هجرة الأموال المنهوبة إلى الغرب، تماماً كما القوانين الدولية التي تنظر فيها محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية. ولكن الأهم من ذلك فهو التشهير السياسي ضد السياسة الغربية التي هي وراء تشجيع الفساد العالمي والفاسدين العالميين.

تدل التجربة العالمية منذ الثورة البلشفية في روسيا وتشكّل الاتحاد السوفييتي على أن ما من دولة تجرأت على التمرد على الهيمنة الغربية إلاّ وراحت تذوق الأمرين في مواجهة الحصار الاقتصادي والسياسي، والمعززيّن بالتهديد العسكري، الأمر الذي كان يؤدي إلى اختناق اقتصادي وصعوبات معيشية شديدة جداً، وذلك من أجل تحريض الشعب في الداخل للتذمر والثورة، أو لهجرة قطاعات واسعة منه.

فكان على دولة الثورة، أو دولة الاستقلال ورفض التبعية للإمبريالية والصهيونية، أو للغرب عموماً، أن تصمد ولا ترضخ للاستسلام أمام الضغوطات الاقتصادية، والسياسية، والعسكرية، والمؤثرة على معيشة الناس وحياتهم. وكان هذا الصراع ضمن هذه المعادلة يمتد لسنوات، وربما لعشرات السنين، كما حدث مثلاً مع مصر وسوريا والعراق وفيتنام وكوبا وكوريا والصين والهند

وبهذا كان القانون الذي يفرضه النظام العالمي الإمبريالي الغربي وحلفاؤه، هو الخيار: إما التبعية والخضوع، بما يحملانه من ظلم وإفقار وتخلف (مثال الدول التابعة في العالم الثالث)، وإما الصمود والثورة والسيادة والاستقلال بما يحمله ذلك من حصار خارجي وضيق اقتصادي وصعوبات حياتية، وتذمر (جزئي أو واسع) داخلياً، فضلاً عن هجرات (محدودة أو جماعية) لمن يضيقون ذرعاً من الصعوبات، أو لمن لا يهمهم قَيَم الثورة ومصلحة الشعب والسيادة والاستقلال والاعتماد على الذات، رفضاً للتبعية المذلة المهينة.

*


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق