May 11, 2020 May 18, 2021
ما تقدّمه وسائل الإعلام من إعلانات في شهر رمضان يُظهر صورة جميلة للبلاد تتنافى مع حقيقة أوضاع الطبقات الفقيرة.
صراعات طبقية داخل المجتمع المصري.
وتبني الكثير من الفئات الناقمة على إعلانات رمضان موقفها على أن هناك إصرارا على إظهار مصر في صورتين متناقضتين، الأولى بلد الرفاهية الذي يعيش سكانه في سعادة ولديهم منتجعات وإمكانيات مادية يستطيعون من خلالها شراء المتعة، والثانية بلد المهمشين و”الغلابة” الذين يواجهون الموت جوعا ومرضا ويتوسلون المساعدة.
حيث تستغل المؤسسات الخيرية اتجاه الكثير من المقتدرين لإخراج الزكاة، ويتمّ اللعب على هذا الوتر بمشاهد مؤلمة لمواطنين يفترشون الأرض في المستشفيات ويبكون لعدم وجود طعام أو سكن آدمي.
قد وقفت بعض المنابر الإعلامية إلى جانب المحتوى المصنف على أنه طبقي، بحكم المصالح التي تربط أصحاب الشركات وملاك القنوات الفضائية التي هاجمت الأصوات المناوئة بدلا من إظهار وجهتي النظر.
تعرض الإعلامي عمرو أديب لانتقادات لاذعة، عقب هجومه على معارضي إعلان المنتجع، وساير صاحبه هشام مصطفى في اتهامهم بأنهم “ليسوا أسوياء نفسيا”، لتبرير موقفه وتثبيت فكرة الطبقية بعد وصفه لمعارضيه بـ “أعداء النجاح”.
فكيف تطالب إحدى المؤسسات الخيرية بأن يتبرع المشاهد بجنيه واحد لإنقاذ حياة إنسان وبعد دقيقة واحدة يأتي إعلان آخر يروج لسلعة أو منتجع فاخر بطريقة استفزازية، ما يترك لدى الناس حالة من الإحباط تدفع بعضهم إلى التمرد على واقعه المعيشي.
إعلان "مدينتي" يزعج المصريين.. هل تمنح أسوار المدن الأمان للأثرياء الجدد؟
مبدأ ترسيخ الطبقية صار هدفا للقائمين على الترويج لذلك المجتمع الرأسمالي، إذ يؤكد الإعلان فردانية سكان المدينة، خاصة مع جملة "الناس كلهم شبه بعض، والكميونتي هنا حلوة".
إعلان "مدينتي" ليس الوحيد الذي يرسخ للعزلة والانفصال، لكن أغلب إعلانات المجمعات السكنية الرأسمالية تؤكد تلك الميزة (الانعزال) لأن ملاكها يعرفون جيدا ما ترغب فيه الطبقة التي تقبل على الشراء، وكيف تخشى الأخيرة الاختلاط مع أي مختلف عنهم اقتصاديا وثقافيا.
أحلام مشروعة
يحلم الجميع بمختلف المستويات الاجتماعية بالسكن في مكان نظيف وراق يضمن كل الخدمات ووسائل الترفيه، مكان به أماكن خضراء وبيوت سكنية يدخلها ضوء الشمس.
كل منا يرغب في الحياة بالقرب من بشر يشبهونه في الأفكار والأحلام وطريقة الحياة، لكن ذلك لا يمنع أن فكرة الاختلاط بين البشر بالرغم من اختلافهم هي المعنى الأهم للوجود في الحياة، والسبب الرئيسي لتطور البشر اجتماعيا، وإنسانيا وحتى فيزيائيا وجسمانيا.
لكن أسوأ ما في تلك الفضاءات والمجتمعات ترسيخ صعوبة الحياة مع البشر المختلفين بأي شكل من الأشكال، خاصة الأقل اقتصاديا، وكأن سكان المجتمع المثالي يرغبون في النأي بأنفسهم بعيدا عن سموم الآخر المختلف "الفقير" ليعيشوا حياتهم بالكامل في جزيرتهم البعيدة المنعزلة.
يُطرح هنا تساؤل: هل يمكن أن تتحول تلك المجتمعات إلى ملجأ لكل جماعة مختلفة، ترغب في الانعزال، واجتناب النظر العميق في الاختلافات بين البشر وطرق حلها، وهل تصبح تلك المجتمعات المنعزلة نواة المجتمع المستقبلي بعيدا عن التواصل الذي كانت تقوم عليه المجتمعات لأزمنة طويلة؟
يتصرف الإنسان تبعا للدوافع والحاجات التي تحرك سلوكه، وفقا لعالم النفس الأميركي إبراهام ماسلو، وتأتي الحاجة للشعور بالأمان، تتلوها مباشرة الحاجات الفسيولوجية الإنسانية، ويضم الشعور بالأمان الرغبة في سلامة الجسد والبعد عن الألم ووجود مسكن مناسب، وكل ما يتضمنه معنى الشعور بالأمان، خاصة العالم الجديد، حيث تظهر بوضوح النزعة الإقصائية الانعزالية في أسوأ صورها.
ويظهر تأثيرها في العواصم الكبرى، حيث تكونت مجتمعات جديدة تحاول توفير الأمان والرفاهية لأصحابها بعزلهم عن المجتمع المحيط بهم، عن طريق الأنظمة الأمنية المبالغ فيها، والمراقبة المستمرة داخل المجتمع المغلق.
الثروة والعزلة
يذهب علماء الاجتماع بالفعل إلى أنه كلما زادت ثروة الشخص كانت حياته أكثر عزلة، وأصبح تفاعله المجتمعي أقل، طلبا للأمان وخوفا على حياته وعائلته وثروته.
ويحلل الفيلسوف الألماني زيغمونت باومان تلك الظاهرة العالمية في كتابه "الحب السائل" معتبرا أن الأثرياء يحولون حياتهم بالكامل اجتماعيا وإنسانيا داخل المجتمعات العقارية الجديدة باعتبارها "فقاعة" توجد داخل المدينة، لكنها بالفعل خارج المدينة.
ويحاول بها الأثرياء القادرون على تكوين حياة خاصة لهم، تختلف عن الحياة السائدة في المدينة بالكامل، عن طريق الانفصال اقتصاديا واجتماعيا عن من هم أقل منهم ماديا أو اجتماعيا أو ثقافيا، أو عن طريق اقترابهم من أناس يشبهونهم في الأفكار وطريقة الحياة.
لا توجد تلك المجتمعات المنغلقة في مصر فقط، ولكنها اتجاه عالمي ظهر في العالم بالكامل مع تنامي الرأسمالية ورغبة أصحاب رأس المال في فصل أنفسهم عن المجتمعات الأكثر فقرا، وشعورهم المستمر بالقلق ورغبتهم في شراء الأمان ماليا.
تسببت تلك المجتمعات المغلقة الجديدة في زيادة الهوة الطبقية والاقتصادية بين سكان البلد الواحد، وأصبحت واحدة من علامات التفكك الاجتماعي لأن الغرض منها التقسيم والعزل والإقصاء وليس التواصل وتسهيل العلاقات الاجتماعية، خاصة مع انتشار فيروس كورونا والتأكيد المستمر على فكرة التباعد الاجتماعي وعدم الازدحام، فأصبح سكان المناطق المنعزلة الراقية ينظرون إلى الفقراء أو سكان الأماكن المزدحمة على أنهم المتسبب الأساسي في نشر الفيروس.
يوتوبيا القاهرة الجديدة
في روايته "يوتوبيا" المنشورة عام 2008، تنبأ الكاتب المصري الراحل أحمد خالد توفيق بانقسام المجتمع إلى طبقتين إحداهما شديدة الثراء والأخرى شديدة الفقر، حيث يعيش الأثرياء في مجتمع يوتوبيا بالساحل الشمالي، والمحاط بأسوار مرتفعة، ويحرس سكانه قوات المارينز، حيث جل مشكلات ذلك المجتمع هي المعاناة من الملل بسبب تخمة الخدمات ووسائل الترفيه المتاحة لديهم، حتى أنهم لم يعد لديهم وسيلة للترفيه سوى صيد الفقراء من الأحياء الشعبية وقتلهم والاحتفاظ بأجزاء من أجسامهم للذكرى والتفاخر بين الأصدقاء في المجتمع الذي يشبههم.
في حين يعاني الفقراء في باقي أنحاء مصر من الفقر والمرض والإدمان الذي يصبح الوسيلة الوحيدة للهروب من الواقع والاستمرار في العيش، حسب الرواية التي تتنبأ بأحوال البلاد عام 2023. ورغم القسوة الشديدة في وصف الكاتب للفجوة بين المجتمعين، فإن الواقع الحالي يرسخ لدى المصريين فكرة ضرورة العزلة، والاحتماء بالأسوار بين أناس يشبهونهم في الثراء، خشية المجتمع الخارجي المليء بالفقراء والمحتاجين.
أسوار غير كافية
ولكن رغم الإجراءات الأمنية المشددة، لم تخل مدينتا "الرحاب، مدينتي" المملوكتان لرجل الأعمال هشام طلعت مصطفى من عدة حوادث جنائية أثارت ذعر القاطنين بهما، إلى جانب عدد كبير من حوادث السرقة.
ففي أغسطس/آب 2018، استدرج أحدهم شابا أراد خطبة ابنته إلى إحدى وحدات "الرحاب" وقتله بمساعدة آخرين، وقام بدفن جثته داخل الشقة، والتي تم العثور عليها بعد أيام، كما شهدت المدينة جريمة قتل أسرة مكونة من خمسة أفراد، ولم ينتبه الجيران للجريمة إلا بعد عدة أيام، لكنها قيدت ضد مجهول.
وكذلك شهدت "مدينتي" جريمة مروعة عام 2017، قتل فيها طفل عمره أربع سنوات، وألقيت جثته بجوار أحد المساجد.
لكن الأمان الذي ينشده الأثرياء والفقراء معا لا يتحقق بالعزلة خلف الأسوار، وإنما بالتكافل والتواصل المستمر، فالأسوار تمنح الشعور بالخصوصية والتفرد والهدوء أحيانا، لكنها غير قادرة على منح القانطين خلفها الشعور بالأمن.
*
مدينتي نموذجا: لماذا يلجأ مصريون للعيش في مجمعات مغلقة؟
10 مايو/ أيار 2020
إعلان حول مجمع سكني في مصر إلى مادة نقاش دسمة
مجمع "مدينتي" الواقع شرقي القاهرة، إذ يظهر سكانه في مقطع مصور وهم يتحدثون عن طيب العيش فيه وجودة خدماته المتعددة التي تغنيهم عن الخروج منه وتحد تواصلهم مع باقي المناطق.
دعاية ترسخ للطبقية في المجتمع، في وقت لا يستطيع فيه ثلث المصريين توفير احتياجاتهم الأساسية .
الهوة الموجودة بين طبقات الشعب المصري وتنقد محتوى الإعلان".
المصري البسيط بات يشعر بنوع من الاغتراب أمام هذه الدعايات التي تروج إلى مدن الأحلام وتصور العالم خارج أسوار "الكومباوند" على أنه عالم غير صحي وغير آمن.
أن الهوة بين أبناء الشعب الواحد لم تعد مقتصرة على أسباب اقتصادية أو على الفقر، بل أصبحت تشمل نسبة كبيرة من الموظفين وسكان أحياء كانت تعد في السابق مناطق راقية كالمعادي.
التفاوت الطبقي
بعض خبراء علم الاجتماع يعتبرونها ظاهرة طبيعية وجدت على مر العصور.
مستقبل العقد الاجتماعي بين الناس، في ظل انتشار التجمعات السكانية المغلقة والمعزولة حول العالم.لطالما شيدت مبان وأحياء تدعم فكرة التمييز بين الطبقات. وقد عرفت القاهرة كغيرها من المدن الكبيرة، تلك المباني والأحياء.
ومن أشهرها "مصر الجديدة" و"الزمالك" و"المعادي".
نذكر منها فيلم "رأس السنة" للمؤلف والمنتج محمد حفظي. يتحدث الفيلم عن نوعية العلاقات التي تربط أبناء الطبقة الفقيرة بالطبقة الثرية ويكشف بعض التناقضات فيهما. فقد ركز على مواضع الضعف في الشخصيات المنتمية للطبقتين مع إغفال الجانب الإيجابي فيها.
ورغم ما تعرض له الفيلم من اتهامات بالوقوع في السلبية، إلا أن نقادًا اعتبروه مادة تؤرخ لبداية اختفاء الطبقة الوسطى واتساع الهوة بين الفقراء والأثرياء.
أما فيلم "نوارة" للمخرجة والكاتبة السينمائية هالة خليل، فعالج موضوع الصراع الطبقي من منظور مختلف.
تتشابك الأحداث لتبرز التفاوت الحاد بين الطبقتين، إذ يصل حد الاختلاف في أسلوب الحياة واللغة المحكية وحتى مفهوم الانتماء للوطن.
ويخشى البعض من أن تخلق إعلانات المدن المسورة حالة من الحقد الطبقي، خاصة في شهر رمضان الذي تكثر فيه إعلانات التبرعات.
يعد المجمع أول مدينة سكانية متكاملة الخدمات ينشئها القطاع الخاص في مصر.
*
Apr 28, 2021
#إعلانات_رمضان تثير سخرية المصريين: السعادة في اختيار الكومباوند الصح
محاكاة ساخرة على مواقع التواصل الاجتماعي لإعلانات لا تمثل المصريين.
ليس كل الشعب نيللي كريم
واستطاع إعلان مجموعة ZED (زاد) للعقارات أن يلفت الانتباه بشدة حيث استطاع جمع 14 نجمًا من مشاهير الفن وكرة القدم في مصر. وجمع الإعلان الذي يروج لتجمعات سكنية فخمة في اثنتين من أرقى ضواحي القاهرة وهما مدينتا أكتوبر والشيخ زايد بين الفنانين يسرا وكريم عبدالعزيز ونيللي كريم وشيرين رضا ودينا الشربيني وسلمى أبوضيف وتارا عماد وهدى المفتي وزينب عزام ومن نجوم الرياضة حازم إمام ومحمد زيدان وأحمد حسام ميدو والإعلامي سيف زاهر، في حين يختتم الإعلان بتعليق بصوت رجل الأعمال نجيب ساويرس.
المهم إننا بنشوف إعلان زاد من هنا ونندب حظنا من هنا.
صوّر مصريون مقاطع فيديو ساخرة من إعلانات الكومباوندات التي رأوا أنها تعكس صورة غير حقيقية عن مصر ونمط عيش أهلها.
واقترح حساب “تحت السلم” الساخر على يوتيوب نسخة جديدة من إعلان “زاد” يعبر بشكل أكبر عن واقع عامة الشعب المصري مستبدلا ضاحيتي الشيخ زايد وأكتوبر المتباعدتين بشارعي “ناهيا” و”همفرس” في حي بولاق الدكرور.
https://twitter.com/Qutibah/status/1385587957588013057
ظهر الفنان اللبناني راغب علامة في إعلان آخر لمشروع في مجال العقارات مدينتي أيضًا.
قدم الفنان الإماراتي حسين الجسمي هذا العام إعلانا لمشروع مدينة “ماونتن فيو”، بعنوان “سر السعادة”. وأدى الجسمي أغنية تحمل عنوان “سر السعادة”.
بينك وبين السعادة؛ إنك تختار الكومپاوند الصح. #إعلانات_رمضان
انضمت المطربة اللبنانية إليسا إلى قائمة الفنانين المشاركين في إعلانات الكومباوندات هذا العام إذ شاركت في حملة دعائية جديدة لإحدى شركات العقارات من إنتاج وتنفيذ شركة ميديا هب سعدي -جوهر.
إعلان اليسا - شوف الجنة
تكرر ظهور الفنان المصري عمرو دياب في الإعلانات التجارية كعادته في السنوات الأخيرة، وذلك من خلال إعلان لشركة “بالم هيلز” العقارية، حيث أدى خلال الإعلان أغنية جديدة بعنوان “الدنيا حلوة”.
أثار ظهور الفنانة اللبنانية ميريام فارس في إعلان لصالح شركة “معمار المرشدي” للعقارات، إلى جانب الفنان آسر ياسين، غضبا وذلك على خلفية تصريح سابق لها قالت فيه: “أصبحت ثقيلة على مصر ولهذا لم أعد موجودة بكثرة هناك”، حيث قصدت بأنها أصبحت تتقاضى أجرا عاليا نظير إحياء الحفلات الغنائية. وعبر مغرد عن حيرته:
أسكن مع كريم عبدالعزيز ولا أروح أسكن مع منى زكي، طب أروح أسكن جنب عمرو دياب ولا اشتري جنب آسر ياسين وميريام فارس ولا أذوق سر السعادة مع الجسمي. #إعلانات_رمضان.
لما بتفرج على إعلانات رمضان بحس الناس كلها عايشة فكمبوندات إلا أنا لوحدي.
الإعلانات تؤجج الطبقية
إعلانات الكومباوندات حسست ناس كتير بالطبقيه وبقوا مضطرين يدافعوا عن أماكن سكنهم أو يتريقوا على نفسهم، معرفش علاقة رمضان بكومباوندات أصلا. محسسني الشعب مشكلته يلاقي كومباوند.
#اعلانات_رمضان جنون اعمي لكسب المال غباء تسويقي لا يوجد في اي مكان بالعالم اعتقد انة في طريقة الي الزوال قريبا
لكنها فقط للمليونيرات.
مصر عبارة عن 5 في المئة من السكان معاهم مليارات. بيفكروا طول الوقت إزاي يسرقوا من الـ95 في المئة الـلي مش معاهم قوت يومهم. #إعلانات_رمضان.
يؤكد مراقبون أن الشركات العقارية تخاطب فئة أقل من 1 في المئة، بينما الأغلبية ليس لها علاقة بهذا كله.
في رمضان تنقسم الإعلانات إلى نوعين غالبين في مصر، الأول عن المساكن الفاخرة، وفي المقابل أخرى تطلب التبرع لتحسين حياة الفقراء، وهذه المفارقات مستمرة من سنوات.
هذه الإعلانات لا تعبر عن المجتمع المصري وتمثل استفزازًا للمشاهد.
هو السنة دي فين إعلانات السمنة والجبن والالبان وعروض رمضان للطبقة المتوسط و الغلابة..
الاعلانات كلها *اشتري في كومباوند* أو * أتبرع علشان الدولة مافيهاش موارد غير جيب أبو أم حضرتك.. بس برضه مش هتعيش في ال كومباوند
*
المجتمعات المغلقة
2019/6
يرون «الكومباواند» أو «المدينة الصغيرة المسورة» منظومة طبقية عنصرية ينبغى أن تٌهدم على رؤوس ساكنيها. وكم من قلم كتب صاحبه منددًا بهذه المجتمعات المخملية، ومحذرًا من الانفصال المجتمعى والفصام المعيشى إلى آخر مفردات الانتقاد الطبقى المعروفة.
لكن أحدًا من هؤلاء لم يسأل عن أسباب بزوغ ظاهرة المجتمعات المغلقة ورواجها رواجًا أزعم أنه غير مسبوق فى العالم. والمسألة لا يمكن اختزالها فى وفرة مالية أو رغبة اجتماعية فى التميز أو مخطط اقتصادى للانفصال. وعلى كل قادر على التخلى عن حنجوريته قليلاً، والابتعاد عن اتهاماته سابقة التعليب بعض الشىء أن يفكر قليلاً.
حتى سنوات قريبة مضت، لم يكن هناك فى مصر ما يعرف بـ«الكومباوند». وعلى الرغم من توافر إمكانيات صناعة ثقافة الكومباوند على مدى الأزمنة المختلفة، إلا أن الأثرياء وأبناء الطبقات الأرستقراطية كانوا يسكنون فى الزمالك والمعادى، والمنتمين للطبقة المتوسط يستقرون فى العجوزة والدقى والمنيل، وباقى الطبقات بين بولاق وإمبابة وشبرا والسيدة زينب وغيرها.
التقسيمة إذن بناء على الطبقة ليست ابتكارًا حديثًا أو اختراعًا وليد الأمس. وابن الزمالك حين كان يزور السيدة زينب لم يكن يشعر بأنه ينتمى للمكان، والعكس صحيح. وشعور الانتماء من عدمه لا يعنى نقصًا فى الاحترام أو شحًا فى الشعور بالآلام، أو رفضًا لوجود الآخر، لكنها سنة الحياة. ناس فوق، وناس تحت، وناس بين البينين. وشخصيًا أعرف عددًا غير قليل من أصحاب الأقلام والأصوات المنددة بالمجتمعات المغلقة التى تتنافى وانتماءاتهم الفكرية وتوجهاتهم الأيديولوجية التى اكتسبوا شهرتهم بسببها، وراجت أعمالهم وأنشطتهم بفعلها، وهم فى حقيقة الأمر يقطنون مجتمعات مغلقة، سواء بسور أو ببوابات.
بوابة الفهم تبدأ بنبذ طبقات الصدأ المتراكمة. ولذلك، فإن نعت كل ما ومن ينتمى لمجتمع مغلق بأنه «مش حاسس بالغلابة» و«آه يا بلد الفقير فيكى مالوش مكان» و«آه يا مصر ياللى الغنى فيكى بيدهس الفقير» إلى آخر الصعبانيات الاجتماعية لا يخرج عن إطار كونه أحاديث بغبغائية وسفسطة اجتماعية وخلخلة فكرية. فإما هو يتاجر بمشاعر الطبقات الأقل حظًا، أو إنه لم تتح له فرصة العيش فى مجتمع مغلق، أو هو رافض الاعتراف بأن الله سبحانه وتعالى خلق الناس طبقات ودرجات.
الطبقات والدرجات المختلفة لا تعنى أبدًا ألا تشعر هذه الطبقات ببعضها البعض، أو ألا تود بعضها البعض. وأن يشعر من يملك بمتاعب من لا يملك لا يعنى بالضرورة أن يترك الأول بيته ويقيم فى دار من لا يملك.
من يملك القدرة على التحليل سيعرف أن ما جرى فى مصر من انقلاب سلوكى وأخلاقى جعل البعض يقترض ويستدين لينجو بنفسه وأولاده فى مجتمع مغلق بعيدًا عن سلوكيات لا ينكرها إلا غائب عن البلاد أو غائب عن الوعى.
*
إعلانات رمضان: من الترويج لشراء فيلات فاخرة إلى الدعوة للتبرع للفقراء
إعلانات "الكومباوندات" وإعلانات التبرع للفقراء
عروض الفيلات والمدن الجديدة الفارهة واالشاليهات البحرية، إلى التبرع لبناء مستشفيات الحروق أو أمراض القلب و سرطان الأطفال.
عاكسة للمجتمع المصري وتناقضاته الاجتماعية والطبقية.
خبراء الإنتاج الإعلامي
إعلانات المنتجات الغذائية والتي تستهدف الشريحة الأعرض من متوسطي الدخل، وإعلانات الشقق الفاخرة والمدن الجديدة التي تستهدف الأثرياء، وإعلانات التبرع التي تستهدف من لديهم فائض من الدخل.
نظام طبقي تجاري يقسم المجتمع إلى شرائح تبدأ من الفقراء وغير العاملين وهو ما يطلق عليه تصنيف E، مرورا بالطبقة العاملة D، ومتوسطي الدخل B، وإلى الطبقة المتوسطة العليا A، والأثرياء A+
هذا التفاوت الصارخ في الرسالة
الإعلانات التي تطلب من المشاهد التبرع للفقراء، ثم تشعره أنه "واحد من هؤلاء الفقراء"
وبحسب تقرير لجريدة المال المصرية، يتراوح سعر دقيقة الإعلان بين نصف مليون (حوالي 27 ألف دولار) و مليون ومئتي ألف جنيه مصري (حوالي 65 ألف دولار) وذلك حسب العمل الدرامي أو البرنامج الذي تعرض خلاله.
" لا تراعي نفسية المواطن"، وأن التفاوت في إعلانات رمضان بين مشاهد الفقراء المحتاجين ومشاهد "الألوان الزاهية والملابس الفاخرة" قد يكون له تأثير سلبي على نفسية المشاهد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق