الجمعة، 15 أبريل 2022

التدخل في التفاصيل ينتهك خصوصية الآخر ويتجاوز الخطوط الحمر ****

Sep 23, 2020 Aug 21, 2021

 يعطي الكثير من الأشخاص أنفسهم الحق بتجاوز كل الخطوط الحمر بينهم وبين من حولهم مطلقين العنان لأسئلتهم السخيفة المحرجة ونظراتهم الجارحة المستاءة أن تقتحم بعض التفاصيل التي قد يكون التدخل فيها غالبا مؤذيا وفيه اعتداء واضح على خصوصية الآخر.

حب المظاهر وبحثهم المزيف عن الكمال في كل شيء واعتقادهم بأن كل ما هو مختلف يجب أن يكون منبوذا ومحط استهجان، جميعها أمور تنم عن شخصيات جوفاء تعاني النقص، وربما تريد بكل علامات الاستفهام تلك أن تحمي نفسها بغطاء رغم هشاشته، إلا أنه يمنحها الصورة المثالية البعيدة تماما عن العيوب والنقائص.

يقحموا أنفسهم في تفاصيل لا تخصهم من دون مبالاة

كانتقاد شخص لمجرد أنه يحمل هاتفا قديما أو بسبب ندبة معينة في شكله أو حتى عدم زواج الفتاة رغم أنها تعدت سن الثلاثين، ولا يقف الأمر عند هذا الحد فحسب، فهناك من يعطي نفسه الحق في التدخل في موضوع الإنجاب، وغيرها من الأمور الحساسة التي لا يحق لأحد التدخل فيها أو مناقشتها أو التعرض لها بالكلام أو حتى بالنظرات.

أما العشرينية رانيا فهي الأخرى تتساءل عن سبب تخلي البعض عن إنسانيتهم، تقول إنها واحدة من كثيرين تتعرض يوميا للتعليقات المؤذية، وذلك نتيجة لوزنها الزائد رغم أنها لا ذنب لها فيه، موضحة أنها تعاني من مرض ما وهو ما أدى إلى إصابتها بالسمنة.

رانيا يؤلمها جدا تلك الأسئلة التي تنم عن تجاهل صريح لمشاعرها وكلها تدور حول “كم وزنك؟ وليش ما تعملي ريجيم أو تلعبي رياضة؟ وكيف بتلاقي شي على قدك؟”، لافتة إلى أن مثل هذه الأسئلة تغرس في قلبها كالمسامير وتفقدها هدوءها واتزانها وثقتها بنفسها.

وتبين أنها في كثير من الأحيان تتجنب الخروج من البيت والاختلاط بالآخرين أو حتى المشاركة في المناسبات الاجتماعية تلافيا للنظرات المحرجة والتعليقات السامة.

الاختصاصي الاجتماعي الأسري مفيد سرحان “إن الاختلاف والتنوع سنة الكون والله تعالى خلق الإنسان والكون فيه الذكر والأنثى، القوي والضعيف، الأبيض والأسود، الطويل والقصير، الغني والفقير، وخلق الليل والنهار والجبال والوديان اليابسة والماء، والناس أيضا مختلفون في الطبائع ووجهات النظر والرأي، وفي هذا الاختلاف مصلحة للمجتمع والأمة”.

ويضيف “للأسرة دور كبير في تربية الأبناء على احترام هذا التنوع والاختلاف من خلال التوجيه، وأن يكون الوالدان قدوة حسنة للأبناء في هذا المجال، وقد يكون التنوع في الشكل والجمال والوزن ولون البشرة داخل الأسرة الواحدة أو داخل العائلة والعشيرة أو القرية أو البلدة”.

*

لماذا لا يحترم البعض حرية وخصوصية الآخرين في المجتمعات العربية؟

اتخاذ القرارات الشخصية لا يكون أمرا سهلا في بعض الأحيان خوفا من "كلام الناس"، ولكن حين يصل الأمر لحد الإيذاء، فلابد من وجود خلل ما. فما سبب عدم احترام البعض حرية وخصوصية الآخرين والاعتداء عليهم أحيانا؟

الخوف من كلام الناس وعدم احترامهم لخصوصية الفرد يعيق أحيانا اتخاذ بعض القرارات الشخصية ويحد من الحرية الفردية

 فقط "في حاجة لمساحة شخصية" خاصة بها.

لاستقلال المادي، لم تعد تشعر بالراحة في حيها القديم بسبب ما تصفه بـ "تتبع الناس بعيونها للنساء وفحص ملابسهن والتدقيق في سلوكهن، وإصدار الأحكام عليك من مظهرك ومما يرونه من بعيد".

”عايزة الناس تقول عننا إيه"!

"المجتمع يتيح التدخل في حياة الأخرين"!

مركز البحوث الاجتماعية والجنائية بالقاهرة، الدكتورة نسرين البغدادي، أن من شأن ما تكفله الدساتير العربية من حرية شخصية للمواطنين، فضلا عن نهي الأديان المختلفة عن التجسس والغيبة والسخرية "الحد من التدخل والتجسس على حياة الآخرين".

ولكن ما يحول دون احترام المساحات والحريات الشخصية في كثير من الأحيان، هو أن بعض المجتمعات العربية "ذات نسق منغلق تفرض نمطا من العلاقات فيه قدر من المساندة بما يتيح التدخل في تفاصيل حياة الغير"

 على حد تعبير البغدادي، التي تضيف بأن "البعض يعتبر التدخل حق يستبيح معه تتبع خطوات الآخر والتعرف علي تفاصيل حياته. ويتواكب مع هذا النوع من الفضول حالة من التربص والترقب". وتتابع "تتيح تلك الثقافة المجتمعية وضع المرأة دائما في إطار من مراقبة السلوك، بل وتتيح أيضا المحاسبة المجتمعية لها والنظر إليها بصورة مستهجنة قد تقود أحيانا إلي إيذائها دون اللجوء إلي القانون".

"قوانين كافية نحتاج فقط لتنفيذها واحترامها"؟

تنص المادة رقم 41 من الباب الثالث المخصص للحريات والحقوق والواجبات العامة في الدستور المصري على أن "الحرية الشخصية حق طبيعى وهى مصونة لا تمس، وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأى قيد أو منعه من التنقل إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع، ويصدر هذا الأمر من القاضى المختص أو النيابة العامة وفقا لأحكام القانون".  

ويرى أستاذ القانون ورئيس قسم الشريعة في كلية الحقوق بجامعة القاهرة، الدكتور محمد يوسف، في حوار مع DW عربية، أن القوانين المعمول بها في مصر "كافية للسيطرة على الجريمة"، ويضيف "لكننا نحتاج فقط لأن يكون الجميع مخلصون سواء من حيث تنفيذ القانون أو احترامه". 

استخدم يوسف ما تشهده مصر من نقاشات بشأن تعديل قانون الأحول الشخصية المعمول به حاليا في مصروالجدل حول تأثيره على حقوق المرأة، نموذجا للعمل على تعديلات التشريعات القانونية استجابة لمتطلبات العصر، على حد تعبيره. 

 حوادث تعدى على الحريات والمساحات الشخصية لأي فرد "حالات فردية ليس لها مبرر قانوني أو شرعي. وأنه حتى في حال وجود حق لشخص ما لدى الآخر فليلجأ حينها للوسائل القانونية". ويضيف: "لا اختلاف في مفهوم الحرية بين القانون والشريعة، فالحرية الشخصية تعني أن يقول ويفعل الإنسان ما يشاء، طالما أن ما يقوله وما يفعله لا يخالف النظام العام والأداب العامة والمعتقد الديني". و يوضح أستاذ القانون والشريعة أن "مفهوم الحرية مقيد بعدم التسبب في أي ضرر للآخر والقول بغير ذلك يعني الهمجية والعشوائية"، مؤكدا على أهمية زيادة الوعي القانوني لدى بعض فئات المجتمع.

لكن يخشى البعض من الآثار التي قد تنتج عن الاتساع أو عدم الوضوح الذي تتسم به بعض المصطلحات، مثل "النظام العام" أو "الأداب العامة"، بشكل ربما يشجع البعض على انتهاك الحريات الشخصية للأخرين. ودعت منظمة هيومان رايتس ووتش مصر إلى "عدم استمداد الأداب العامة من مجموعة واحدة من التقاليد أو الدين أو الثقافة، وإنما أن تقوم على التنوع في المجتمع"، وفقا لتقرير منشور في أغسطس/ آب الماضي علي موقع المنظمة، كما طالبت بأن يكون أي قانون جنائي "محددا بوضوح تام ليخول أي شخص بأن يتوقع آي سلوك يُعتبر جريمة".

"من رأى منكم منكرا فليغيره"

بالإضافة إلى الجانبين الاجتماعي والقانوني للقضية، هناك بعد أخر ذو طابع ديني حيث يلجأ البعض لعدد من تفسيرات الشريعة الإسلامية لتبرير تعديهم على المساحات الشخصية للآخرين وانتهاك حقوقهم وحرياتهم.

 حذرت أستاذة الدراسات الإسلامية في الجامعة التونسية والخبيرة بحركة مساواة الدولية،  الدكتورة زاهية جويرو، من تأثير التفسيرات المتشددة للشريعة الإسلامية، كجماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في السعودية. وتقول جويرو: ”حتى مع إلغاء هذا النوع من المؤسسات بشكل رسمي في غالبية البلدان الإسلامية، تستمر العقلية التي خلقتها تلك المؤسسة والتي جعلت بعض الأفراد يتصورون وكأنهم مسؤولون عن مراقبة الأخلاق العامة وعقاب من يخترقها في تقديرهم!".

ويوضح أستاذ القانون ورئيس قسم الشريعة بكلية الحقوق جامعة القاهرة دكتور محمد يوسف أن حديث "من رأى منكم منكرا فليغيره" المخاطب به هو الحاكم أو سلطة إنفاذ القانون، ويقول: "التغيير باليد ليس من سلطة أي شخص آخر، وإلا جعل كل إنسان من نفسه حاكما على الأخرين، وهذه هي العشوائية التي ينهى عنها الشرع والقانون".

وضمن الإصلاحات التي يقوم بها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمانتم تقليص صلاحيات هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتي اعتادت لسنوات طويلة على تسيير دوريات في الأماكن العامة لإنفاذ الحظر المفروض على الخمر والموسيقى واختلاط الرجال بالنساء ممن لا تربطهم بهن صلة قرابة والتأكد من غلق المحال التجارية أثناء الصلاة والتزام النساء بالزي المحتشم. ولكن الهيئة تحولت مؤخرا "من فعل الأمر إلى أسلوب التحذير وسط التغييرات التي يشهدها المجتمع السعودي"، على حد وصف موقع الخليج أونلاين.

ترى جويرو أن هناك فهم خاطئ للإيمان حينما "يتخيل البعض أن إيمانهم يعطيهم سلطة على ضمائر الآخرين، وبهذه السلطة يسمح الشخص لنفسه بمحاسبتهم والحديث عن عدم تقيدهم من وجهة نظره بحدود الله، بل ويسمح لنفسه أحيانا بتجاوز مستوى الكلام إلى العنف"، على حد قولها.

 تنمية الوعي بالعالم العربي، وفي مقدمتها المؤسسات الإعلامية، بأن تقوم بدورها التوعوي، وتقول: "لم نغرس في نفوس الناس مفهوم أن الدين ليس فقط عقيدة وممارسات وشعائر ومظاهر، وإنما هو أيضا مسؤولية اجتماعية. وعدم استيعاب البعض لذلك هو ما يؤدي لسوء فهمهم لأن يكون لكل إنسان حريته وفضاؤه الخاص به دون تدخل من أحد".    

لباس وجسد المرأة التنانير والفساتين واباس قصير حرية شخصية ام للمجتمع نصيب منه 

 الليبيراللين والمحافظين

*
Apr 17, 2021

بذخ الاحتفالات الخاصة.. حرية شخصية أم استعراض؟


ما يتطلب الإنفاق عليها بالشكل المناسب لإمكانات أصحابها المادية، ولكن بما لا يضر أو يؤذي الآخرين، فيما ذهب البعض الآخر إلى أن الإسراف في كلفة الاحتفالات هو تقليد للمشاهير في التباهي والاستعراض عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وأن المغالاة للإبهار تغرق صاحبها في الديون.

تقليد المشاهير  مرض نفسي عندما تتفاخر بعض العائلات بالبذخ حتى في مناسبات العزاء البعيدة عن أجواء الفرح، حيث يعرضون التجهيزات على السوشيال ميديا، ومؤخراً ظهرت أنواع أخرى كحفلات الطلاق لإغاظة الطرف الآخر ولفت أنظار الآخرين، داعية الجمهور إلى مراعاة سبب الاحتفال وتقييم أهمية المناسبة، والابتعاد عن البذخ اللامبرر.





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق