Jun 21, 2021 Apr 9, 2022
2017 تعريف الأخلاق وقلة الأخلاق، والأدب وقلة الأدب يتفاوت حسب من يُعرفها، فالفلاسفة عرفوا الأخلاق كأرسطو الذى قال، إن الفضيلة الأخلاقية تكمن فى تحاشى التطرُّف فى السلوك وإيجاد الحد الوسط بين طرفين، مثال ذلك أن فضيلة الشجاعة هى الحد الوسط بين رذيلة الجبن من طرف ورذيلة التهور من الطرف الآخر، وبالمثل فإن فضيلة الكرم هى الحد الوسط بين البخل والتبذير.
تعريف الأخلاق والأدب لا يرتبط فحسب بأقوال الفلاسفة ورجال الدين، ولكنه يختلف باختلاف الزمان والمكان، فما قد يعتبره المصرى المولود فى صعيد مصر عام 1920 عيبا وغير أخلاقى قد يعتبره مصرى آخر مولود فى ذات المكان ولكن فى زمن آخر ليس عيباً ولا غير أخلاقى، وما قد يعتبره الأمريكى قمة الأدب قد يراه اليابانى فى نفس زمانه قمة قلة الأدب.
الخلاصة أن تقييم الأدب وقلة الأدب أو الأخلاق من عدمها مسألة نسبية لها اعتبارات كثيرة متباينة ، وقد كثر الحديث هذه الأيام عن الأخلاق والأدب وقلة الأدب، خاصة فى الإعلام وعلى مواقع التواصل، وصارت هناك هيئة لإعلام تمارس دور الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر أو بتعبير أدق الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر كما تراه، وصارت تلك الهيئة تنشئ اللجان للنهى عن المنكر كلجنة الدراما التى لا أعرف كيف ستسير بها الأمور، خاصة فى تقييم ما هو أخلاقى وما هو غير ذلك.
قد كثر فى مجتمعنا أهل النهى عن المنكر على اختلافهم، فالمحامى سمير صبرى ومن على شاكلته نموذج من الناهين عن المنكر! وكم من مذيعين أمام الشاشات أيضاً ناهون عن المنكر بطريقتهم، ويعتبرون أنفسهم ضابط شرطة «امسك قليل الأدب» ولكن على نهجهم أيضاً!
النقيب هانى شاكر من أهل النهى عن المنكر فى ملابس المطربات، فعجباً أن شرطة الآداب لم تعد وحدها هى المسؤولة عن الضبط والربط والأدب وقلة الأدب، بل صار المسؤولون عن الأخلاق كُثرا
رغم هذا فالأخلاق على اختلاف تعريفاتها فى انحدار مذهل، ولكن للأسف نحن مجتمع إذا سرق فينا الشريف تركناه أما إن سرق الضعيف أقمنا عليه الحد، أو إذا كان الشهير قليل الأدب وهم كُثر فنحن نتركهم، أما إن كان ضعيفا ومهيض الجناح فنحن أسود عليه، لذا فشيما بطلة كليب عندى ظروف فى السجن وأبلة فاهيتا تمرح فى الدوبلكس، وكم من شيما فى السجن وكم من فاهيتا حرة طليقة توزع قلة أدبها على الجميع.
*
"حرفة قلة الأدب" فى مصر! 2018
نحن جيل تربى على الرضا والقناعة والسمع والطاعة، وذلك لأسباب كثيرة هى بالأساس تعتمد على التربية الصحيحة وطبيعة ذلك المجتمع الواعى الذى كنا نعيش فى كنفه تحت سماء صافية غير ملبدة بغيوم الغضب والكراهية الحالية، أما جيل اليوم فجيل (متشيطن)، جيل يمكن أن يحطم كل شيء إذا لم يحصل على ما يريد، جيل لا تقنعه المسلمات ولا يرضى بأى شيء متاح، بل إنه يرى ويسمع ويقارن ويسأل بصوت عال جدا، هذه الجملة جاءت على لسان أحد كبار السن من أمثالنا أو أكبر قليلا قبل أيام ونحن نخوض غمار الانتخابات الرئاسية فى مصر، فى ظل عزوف ملحوظ لقطاع من الشباب الذين فضلوا المقاطعة بدعوى عدم الجدوى من الذهاب للجان التصويت طالما أن الأمر محسوم سلفا.
نحن جيل تربى وكبر على صوت الراديو فى البيوت والحارات الدافئة بمشاعر الطمانية والآمان، جيل استمد قيمه وتقاليده وخيالة الخصب من برامج الإذاعة المصرية الجميلة، وأصوات مقدمى البرامج أمثال (باباشارو - صفية المهندس - فاروق شوشة - أبلة فضيلة - آمال فهمى - فؤاد المهندس - رأفت فهيم - إيناس جوهر- على فايق زغلول- سعد الغزاوى وسميرة عبد العزيز- عمر بطيشة وغيرهم من الأساطين الذين عمروا أسماعنا بطيب الكلام، جيل تربى على كلمات الأغانى الجميلة والأصوات العذبة الندية التى تبعث على الأمل والحماس والتفاؤل، جيل تربى على البرامج الهادفة والأفكار القيمة، أيام أن كانت الإذاعة مؤسسة تربوية لايشوبها أى نوع من شراهة الحس التجارى الحالى.
لقد كنا فى السابق قبل اختراع "المحمول واللاب توب والآيباد" نظن أن قزقزة اللب أثناء عرض الفيلم هى أعلى مراتب قلة الذوق.. حدث ذلك فى الزمن الذى كان فيه من يهمس داخل السينما إلى من بجواره يشعر أنه يرتكب ذنباً كبيرا، واليوم أصبحنا نتحسر على تلك الأيام بعد أن أصبح الحديث فى المحمول أثناء عرض الفيلم تصرفاً عادياً يمارسه الأوغاد دون حرج أو إحساس بالذنب، أو أدنى احترام لخصوصية الآخرين فى التمتع بالمشاهدة.
والاعتقاد بأن أخلاقيات وقيم الأبناء يجب أن تماثل ما كان لدى آبائهم، اعتقاد خاطئ شكلا ومضمونا، وذلك لأن التماثل يعنى توقف التاريخ وركوده، وهذا بالطبع يعد تفكير غير منطقي، ومن هنا تبقى المعرفة بسمات كل جيل هى وحدها الكفيلة بتصحيح مسارات كثيرة فى الإعلام والتربية والتعليم والتسويق والسياسة أيضا، إذ أن ما كان يقنع جيل الأجداد لم تكن له الصدقية ذاتها لدى جيل الآباء، وبالطبع لم تعد له أية أهمية لدى جيل الأبناء، ولذلك فإن الجيل الذى كان يحترم القواعد بلا نقاش خلفه جيل عمل على كسر تلك القواعد، ثم ظهر الجيل الذى غيرها تماما كما نلحظ حاليا من نماذج تضج بها مواقع التواصل غير الاجتماعى.
يظل صارخا محتجا بكافة الوسائل غير الأخلاقية التى تعلمها للأسف من واقع افتراضى يعج بمواقع التواصل غير الاجتماعي، حتى يحصل على هذا الحق عنوة ودون أدنى مجهود يبذله غير لغة الصراخ والاحتجاج التى تصل إلى مستوى التبجح وقلة الأدب فى كثير من الأحوال.
ولأن الغرب يرصد تلك التغيرات غير المنطقية فى محاولة التوصل لعلاجها، فقد فوجئ طلاب مدرسة "ويلزلى" الثانوية بالولايات المتحدة بأن مدير المدرسة قرر أن يجعل موضوع خطابه فى حفل تخرجهم عن إنكار الذات، بدلاً من امتداح تميزهم، حيث قال لهم: "أنتم لستم متميزين، فالكوكب الذى تعيشون فيه ليس مركز المجموعة الشمسية، المجموعة الشمسية ليست مركز المجرة، المجرة ليست مركز الكون، الحقيقة أن الكون ليس له مركز، وبالتالى: أنتم لستم مركز الكون! وأضاف: "الحياة الناجحة المتحققة هى حياة الإنجاز، ليست شيئاً سيسقط فى حجرك لأنك شخص لطيف"، كلام هذا المربى الفاضل يدق على وتر مهم، يخاطب شعورا مبالغا بالذات لدى "جيل الألفية" وهو كلام بطبيعة الحال ليس بعيداً عن الواقع المصري، فى ظل تفشى ظاهرة من أدركتهم حرفة قلة الأدب.
إنهم جيل الألفية الذى ولد فى الثمانينيات، ذلك الجيل الذى تربى على تكنولوجيا التواصل الاجتماعى، ابن هذا الجيل ينظر فى هاتفه النقال كل خمس دقائق للاطمئنان على أنه تلقى علامة إعجاب جديدة على آخر تعليقاته على الفيس بوك، ومن ثم فهو يبدو جيل نرجسى، يشعر بأنه يستحق أفضل الفرص، يشعر "بالاستحقاق دوما وأبدا"، يشعر بأنه متميز بصورة حاسمة مقارنة بالأجيال السابقة، يجد صعوبة فى تقبل أى وجهات نظر مختلفة، ويدعى دوما أنه يمتلك الحقيقة المطلقة.
فى الواقع فإن جيل الألفية فى مصر لا يختلف كثيراً عن غيره، فهو جيل رباه جيل الستينيات والسبعينيات بكل ما عايشه من نكبات قومية وشخصية، تلك النكبات التى تركت فى الشخصية جروحا لا تندمل، فقد غرس الآباء فى الأبناء شعورا مرضياً بالنرجسية والتميز، كثيرون من أبناء هذا الجيل نشأوا فى كنف "بيوت نفطية" الآباء فى الخليج يضخون الأموال، الأبناء فى مدارس أجنبية تمنح قشور تعليم يتباهى بها الأهل، أو فى مدارس حكومية لا تمنح أى شىء سوى الشهادة.
الكارثة أن هذا الجيل نشأ فى مجتمع يخاصم السياسة، فلا توجد معركة كبرى يمكن أن تخلف هذا الشعور بالوطن الذى انحصر للأسف فى حفنة من أغنيات وطنية تُذاع بعد مباريات كرة القدم، وهذا لا يولد الشعور بالجماعة التى أصبحت معدومة، كما إنه جيل هجر بالضرورة مسلسلات "أسامة أنور عكاشة" ذات النكهة الستينية والسبعينية، وإذا نظرت بعين فاحصة ستجد أن قليلين ممن ينتمون لهذا الجيل تأثروا بمحاضرات "أبو العلا البشرى فى المسلسل الذى يحمل نفس الاسم.
May 7, 2021
*
أخلاقنا انحدرت إلى أدنى مستوى.. هذه حقيقة.. بدون تجميل فى الكلام.. ولا «لف ودوران».. بصراحة شديدة أقولها.. مجتمعنا المصرى يعانى من حالة «قلة أدب» لا مثيل لها 2016
كثير من الأحيان يجد نفسه داخل محيط التجاوز اللفظى «غصب عنه» !.
أنت مجبر على معايشة حالة «قلة الأدب» خلال يومك العادى.. إذا كنت تسير فى الشارع «فى حالك».. فبالتأكيد ستسمع سيل من الشتائم.. بجد أو بهزار.. من مجموعة من «الشباب» يسيرون بجانبك.. هذا هو أسلوب التهريج والحوار لديهم الآن.. شتائم لا تنتهى.. بالأب والأم وبكل الصفات والكلمات المنحطة !.. إذا كنت فى مكان.. أى مكان.. وحدثت أمامك «خناقة» بين اثنين أو أكثر.. فالمؤكد أنك -أيضا- ستسمع قاموس فظيع من الشتائم و«الأباحة» وقلة الأدب الرهيبة.. وربما يتطور الأمر إلى ضرب ولكمات.. وأحيانا مطاوى وسكاكين.. فهذه هى الموضة الجديدة فى شوارعنا المصرية الآن.. ومعيار «الرجولة» والجدعنة والسيطرة !.
إذا كنت تقود سيارتك وتمشى فى شوارعنا ومياديننا.. قد ترتكب غلطة أو هفوة بسيطة.. وقد لا تفعل أى شيء.. فى جميع الأحوال سيكون عقابك الأكيد «شتيمة» بالأب أو الأم من سواق تاكسى أو ميكروباص.. أو حتى شاب فى سيارة ملاكى أنيقة.. هو غير راضى عن طريقتك فى القيادة.. وأسهل وسيلة لتوجيه اللوم لك هو الشتائم والسب.. ولو اعترضت على هذا الأسلوب سيتطور الأمر إلى خناقة بالأيدى.. و«الكوريك» وأحيانا «طبنجة» إذا كان خصمك فى الشارع يمتلكها !..
كل فتاة أو سيدة تمشى فى شوارعنا هى «مطمع» للشباب الفاسد المنتشرين فى كافة الأحياء والميادين.. هى فى نظرهم «بنت شمال» حتى إذا لم ترتكب أى خطأ من جانبها.. هى «مستباحة» دائما.. عليها أن تسمع كلمات «المعاكسة» وعندما لا تستجيب أو تبتسم.. تسمع شتائم وألفاظ وإيحاءات خارجة.. وأحيانا «تلامس» وتشابك بالأيدى !
الحوار بيننا -كمصريين- أصبح صعبا جدا.. وفى بعض الأحيان مستحيلا.. يجب أن نهدأ قليلا.. أن نمسك لساننا.. أن ننسى قاموس البذاءة ونبحث عن كلمات أكثر أدبا ورقيا فى التعامل بيننا.. البعض منا يحتاج إلى «كورس» إعادة تربية.. وأعرف أن هذا الأمر قد يكون صعبا جدا مع شباب ورجال «اتولدوا» ونشئوا و«ترعرعوا» فى مجتمع الفساد والانحلال والشتائم وانعدام الأخلاق.. ولكن علينا أن نحاول معهم.. لا نهبط لمستواهم فى الشوارع بل نحاول أن نرتقى بهم قليلا على أمل أن يشعروا بقليل من «الكسوف» ويكون لديهم بعض الدم.. ويحاولون إصلاح أخلاقهم أو تهذيبها قليلا !..
بعد ثورة يناير.. ولم تنغلق حتى الآن.. البعض فسر الحرية على أنها «بلطجة».. والتعبير عن الرأى على أنه شتائم وسباب وقلة أدب.. يجب علينا أن نواجه هذه الظاهرة بأسرع وقت وبكافة الوسائل والطرق والمحاولات.. البلد تنهار أخلاقيا.. والناس «المتربية» تعانى كثيرا وتشعر بالكآبة والغضب والحزن..
*
ثروات بلا ورثة
أعتقد أن النجم العالمي جاكي شان كان على حق عندما ندم عن عدم إلحاقه ابنه جايسي الوحيد بالجيش ليتعلم الانضباط ولتتشكل شخصيته على أسس متينة بدل حالة الصياعة التي تمكنت منه، ولكن اللافت أن عمنا جاكي قرر التبرع بثروته بالكامل للجمعيات الخيرية والتي تبلغ حوالي 350 مليون دولار وفقا لإحصائيات مجلة فوربس العالمية، وعندما سئل عمّا سيورّثه لابنه أجاب ببرودة دم “فليعمل ويحقق لنفسه ثروة كما فعلت أنا، أما أموالي التي جنيتها فلن أتركها له ليصرفها على نزواته”.
لا ينوي توريث أبنائه الأربعة شيئا من تلك الثروة حتى لا يفسد أخلاقهم.
الثراء حالة شخصية لا تورّث، وأن على أبنائهم أن يعملوا بدورهم ليحققوا النجاح والثروة.
بيل غيتس، مؤسس “مايكروسوفت” والذي يقدر صافي ثروته بأكثر من 132 مليار، ويمتلك غيتس وزوجته مؤسسة “بيل وميليندا غيتس”، وهي أكبر مؤسسة خيرية خاصة في العالم، والتي تستهدف مساعدة الناس على عيش حياة صحية ومنتجة، قال إنه سيورث أبناءه الثلاثة 10 ملايين دولار لكل منهم، وعندما سئل عن السبب قال إنّ ترك مبالغ ضخمة للأطفال أمر ليس في صالحهم، والطريف أن الأبناء سعداء بذلك، فقد تعلموا من والدهم أن أفضل ميراث هو مبدأ العمل وفكرة النجاح، وبعد ذلك يأتي المال لاسيما في تلك المجتمعات التي توفر لأبنائها فرصة تحقيق الذات والهدف.
*
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق