Jun 10, 2021 Nov 16, 2021
مجلة “فورين بوليسي” الأميركية، إن “الأزمة في شرق المتوسط لا تتعلق في المقام الأول بالغاز الطبيعي بل بقضايا السيادة التي تعود إلى عقود من الزمن والتي أصبحت مشبعة بمزيج من الطموحات الجيوسياسية القديمة والجديدة”.
جعل أردوغان من التدخلات الخارجية في بؤر التوتر نافذة إضافية لإحياء طموحات الزعامة الإقليمية والدولية، لرجل جعل الداخل التركي يتجه أكثر نحو نظام سياسي قائم على الدكتاتورية والحكم الأمني.
سارع الرئيس التركي إلى الرد على منتدى غاز شرق المتوسط بعقد اتفاق مثير للجدل مع حكومة الوفاق الليبية برئاسة فايز السراج للاستحواذ على مناطق بحرية يعتقد أنها غنية بالغاز ومصادر الطاقة الأخرى. وعمل على نشر جنود ومستشارين عسكريين أتراك في البلد الغني بالنفط بحجة دعم تلك الحكومة ضد هجوم يقوده الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر.
بدا التدخل التركي في ليبيا عبر نشر المرتزقة والجنود الأتراك، أكثر من مجرد مساعدة ميليشيات حكومة الوفاق، إلى أبعد من ذلك بالتدخل للاستيلاء على مناطق النفط والغاز، ووضع نقطة انطلاقة نحو تعزيز الحضور التركي والنفوذ في شمال أفريقيا.
التدخلات الخارجية جعلت تركيا دولة رجعية تسعى للسيطرة على أراض أجنبية في سوريا والعراق، وتتحدى الحدود البرية والبحرية في قبرص واليونان، وتمارس الهندسة الديموغرافية والتدخل السياسي في سوريا وشمال قبرص، ولها قواعد في الصومال وقطر، وتشغّل الوكلاء التابعين لها في ليبيا وشمال سوريا وقرة باغ”.
ويرى الباحثان أن هذه التدخلات “تأتي في النهاية بنتائج عكسية في تعزيز مكانة تركيا في مواجهة الحلفاء السابقين، لكنها ضمن مسار انتقامي مستوحى من سياسة أنقرة الخارجية الحالية، مع النسخة التجارية التركية الخاصة بالإسلام السياسي”.
يلعب ملف العضوية التركية في الاتحاد الأوروبي محركا إضافيا في خطط أردوغان، وينظر نظامه إلى معاهدة لوزان لسنة 1923، التي أسست الجمهورية التركية ورسمت حدودها الحديثة، على أنها “لعنة وتنازل لم يكن على تركيا أن توافق عليه أبدا”. وتأسف نخب حزب العدالة والتنمية على التنازل عن مناطق في شمال سوريا وشمال العراق بموجب المعاهدة، وادعى القوميون الأتراك أنها كانت في ميثاقهم الوطني سنة 1920.
على الرغم من أن مؤسس تركيا الحديثة مصطفى كمال أتاتورك صوّر معاهدة لوزان على أنها انتصار تاريخي، يراه أردوغان وأتباعه على أن أيّ شيء أسفر عن إلغاء الخلافة والسلطنة “خيانة”، خاصة عندما يتبعه مشروع علمنة، ولهذا السبب يرى الرئيس التركي أن مراجعة معاهدة لوزان أساس لطموحاته السياسية، وربما هذا الأمر يفسر طريقة التدخلات التركية الخارجية المثيرة للاستفزازات في مناطق مختلفة من العالم.
الحكومة الكمالية “لم تكن لتفكّر في مثل هذه المغامرات المليئة بالمخاطر، حيث كانت السياسة الخارجية الكمالية في معظمها تتسم بالخوف من خسارة الأراضي وليس كسبها”. ويقولان إن هذا الأمر تغيّر مع أردوغان وأتباعه مما أدى إلى تورط تركيا في حرب أهلية على بعد أكثر من ألف ميل من حدودها.
الاتفاقية الموقّعة مع ليبيا “لم تكن وسيلة لتركيا لاستخراج الغاز الطبيعي من الساحل الليبي بقدر ما كانت محاولة لتخريب الحدود البحرية الحالية وتعطيل مطالب الدول الأخرى المعترف بها، بما في ذلك قبرص ومصر واليونان”.
وتؤكد أن الاتفاقية المثيرة للجدل والانتقادات “تهدف بالأساس إلى إضفاء الشرعية على تطلعات تركيا التوسعية في جوارها المباشر”.
ووقّعت تركيا وليبيا مذكرة بشأن ترسيم حدود الجرف القاري والمناطق الاقتصادية الخالصة في شرق البحر المتوسط، بالإضافة إلى دعم حكومة الوفاق عسكريا في مواجهة الجيش الليبي.
على الرغم من الهدوء الذي يسود ليبيا في الوقت الراهن بعد انسحاب الجيش من محيط طرابلس وبعض المناطق، ونجاح الأمم المتحدة والدول الداعمة للحل السياسي في تقريب وجهات النظر الليبية على أكثر من صعيد وملف، باتت التساؤلات حول الأنشطة التركية في ليبيا أكثر إلحاحا للحصول على إجابات حول مصيرها.
وحسب “فورين بوليسي” فإن “القطاع المالي الليبي أصيب منذ سنة 2014 بشلل بسبب الخلل الوظيفي والاقتتال الداخلي، ويكمن آخر آماله المتبقية في الإنقاذ في اقتراح إصلاح الأمم المتحدة الذي قدم العام الماضي، وأنه لا يمكن لتركيا الاستفادة من الخطة إلا إذا وافقت الفصائل الليبية المتنافسة عليها”
يعتقد التقرير أن “إصلاح المصرف المركزي قد ينتهي ضد مصالح تركيا”، إضافة إلى خشية أنقرة من أن يعيد حفتر فرض حصاره، خاصة أن ليس هناك ما يضمن أن حملة الضغط التي قادتها الولايات المتحدة وروسيا، والتي أنهت الحملة السابقة، ستكون موجودة لإنقاذ الموقف مرة أخرى.
تختتم المجلة الأميركية تقريرها بالقول إنه “بالنسبة إلى تركيا يعتبر النفط والغاز الطبيعي وسيلة لتحقيق غاية: في ليبيا، يضمن النفط بقاء حكومة الوفاق الوطني من خلال تقليل اعتمادها الاقتصادي على الأعداء. وتحتاج أنقرة حلفاء أقوياء لتحقق غاياتها”.
* Jan 24, 2021
قناة دينية تركية للأطفال: أردوغان يوسّع استراتيجيته لأسلمة المجتمع
المشروع الآيديولوجي للإسلام السياسي بشقيه الشيعي بقيادة إيران، والسني بقيادة تركيا، ومشروع الدول الوطنية المتخففة من أثقال الآيديولوجيات، التي تتصدرها دول كمصر والإمارات والمملكة العربية السعودية.
تفسر ليبيا، كموضوع حديث لارتجال مساحة مشتركة بين إيران وتركيا، بعضاً من مرتكزات هذا الانقسام الجديد بين دول المنطقة. فالموقف الإيراني المعلن هو دعم حكومة فايز السراج الذي تدعمه تركيا، وتعترف الأمم المتحدة بحكومته، في مقابل دعم الإمارات ومصر والسعودية وفرنسا وروسيا لبرلمان طبرق والجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر. وفي الشق العسكري للتعاون الإيراني التركي في ليبيا كان لافتاً رصد سفينة إيرانية، في أبريل (نيسان) 2019، محملة بالأسلحة ومتجهة إلى ميناء مصراتة الليبي الذي تسيطر عليه ميليشيات مدعومة من تركيا.
وفي هذا السياق، لفت تقرير لموقع «جادة إيران»، المتخصص في الشأن الإيراني، إلى أن طهران في طريقها لتشكيل حلف إقليمي مع تركيا لمواجهة آخر تقوده السعودية والإمارات، بدافع من التغيرات الإقليمية التي طرأت مؤخراً، في إشارة لاتفاقي السلام بين الإمارات والبحرين من جهة، وإسرائيل من جهة أخرى.
الأدلة على محاولات بناء جبهة عريضة للمشروع الآيديولوجي للإسلام السياسي (ولاية الفقيه هي إخوان الشيعة عملياً) في مقابل الدول الوطنية مكتوبة على الجدران.
فحين انتقلت موجة «الربيع العربي» من تونس إلى مصر، سارع علي خامنئي لوصف ما يحصل بأنه «ربيع إسلامي»، مراهناً ضمناً على وصول «الإخوان» إلى الحكم. وكانت زيارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، إلى القاهرة، في فبراير (شباط) 2013 كأول زيارة يقوم بها رئيس إيراني للبلاد منذ نحو 34 عاماً، للقاء الرئيس المصري الإخواني محمد مرسي التعبير العلني السياسي عن هذا التلاقي لقطبي الإسلام السياسي.
يتزامن هذا التلاقي بين أركان مشروع الإسلام السياسي مع محاولات حثيثة لتجريد الدول الوطنية من مشروعياتها الإسلامية، تماماً كما كانت آيديولوجيا القومية العربية منصة للطعن في لا شرعية «الأقطار» الوطنية، أو إضعاف شرعياتها لصالح الوعاء الآيديولوجي العربي الأوسع.
من الأمثلة على ذلك التقاء إيران وتركيا على دعم تكوين «منبر الدول الإسلامية» في كولالمبور كمحاولة لإحلاله مكان «منظمة التعاون الإسلامي» التي تتمتع فيها الرياض بنفوذ جاد ومقرها في جدة.
اللافت يومذاك أن رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان، الذي لعب دوراً مركزياً في الدفع لعقد هذا الاجتماع، ما لبث أن امتنع عن الحضور في اللحظة الأخيرة.
بيد أن محاولات توسعة قوس دول الإسلام السياسي في مواجهة الدول الوطنية، لا سيما العربية، لم تتوقف، وهو ما ينبئ به الغزل المتصاعد بين إردوغان وعمران خان، وآخر الإشارات عليه تصريحات للرئيس التركي رجب طيب إردوغان إيجاد حل لقضية كشمير «بما يلبي تطلعات شعب كشمير»، مشيراً إلى «الأهمية المحورية لهذه القضية من أجل الاستقرار والسلام في جنوب آسيا»، ومنتقداً «إلغاء السلطات الهندية الوضع الخاص لإقليم (جامو وكشمير) والخطوات التي أعقب ذلك» بوصفها خطوات «أدت إلى مزيد من التعقيد في هذه القضية». وكان خان هنأ إردوغان بمناسبة إعادة فتح «آيا صوفيا» للصلاة، ووصف إقامة أول صلاة منذ 86 عاماً في مسجد «آيا صوفيا» بـ«التاريخي».
ومن أمارات الاختراق التركي للوعي الباكستاني على أسس عقائدية إسلامية وإمبريالية، ما تظهره بيانات موقع «غوغل» من أن وتيرة عمليات البحث عن كلمة «عثماني» في باكستان ارتفعت بشكل حاد هذا العام، وهو ما يُعزى بجزء كبير منه إلى الشعبية الهائلة التي يحظى بها في باكستان المسلسل التلفزيوني التركي التاريخي الخيالي «أرطغل»، والد السلطان عثمان الأول، مؤسس الدول العثمانية، الذي لا يعرف الكثير عن حياته وأنشطته.
وبموازاة ذلك تجتهد إيران لتعزيز علاقاتها بإسلام آباد، مستفيدة من كل حدث، لا سيما في حقل المواقف «الإنسانية» التي لا تكلف إيران أكثر من الكلام، ومستندة إلى تاريخ مديد، ولو متقطع، من العلاقات الاستراتيجية الإيرانية الباكستانية، قبل الثورة الإيرانية، وبعدها، وقبل الحرب الباردة، وبعدها، وخلال الحرب العراقية الإيرانية، وبعدها، وحتى يومنا هذا. ويبدو لي أن المحرك الأساس لهذه العلاقات في صيغتها الراهنة هو محاولة محاصرة الرياض وعموم محور الرياض - القاهرة - أبوظبي، كأولوية تعلو على أي أولويات أخرى.
لا ينبغي التقليل بالطبع من التحديات التي تواجه هذا الطموح لتركيب محور دول الإسلام السياسي، لا سيما بين تركيا وإيران، وخلافاتهما المعلنة في الملف السوري، أو المكتومة في الملف النووي، ولا فيما يتعلق بحسابات خاصة لدول كباكستان، التي تتمتع بعلاقات تاريخية استراتيجية مع السعودية والإمارات.
بيد أن ما يطغى على كل التحديات التي تعترض تكون واستقرار هذا المحور، هو التلاقي الاستراتيجي بين أجنحة محور الإسلام السياسي في مواجهة محور الدول الوطنية، كمحورين وكاقتراحين متناقضين لمستقبل المنطقة.
ففيما تحاول الدول الوطنية إدارة مصالحها، بالاستناد إلى محددات واقعية عملية، تعتمد دول الإسلام السياسي محددات آيديولوجية صارمة.
وفيما تبدو الدول الوطنية مشدودة نحو المستقبل، بكل تحدياته العملية، في الاقتصاد والعلم والصحة والأمن، تبدو الدول الآيديولوجية مشدودة أكثر نحو التاريخ بحثاً في خرائطه، وحقبه، ومثالاته عن أمجاد يُراد إعادة تكوينها، ولو بالحديد والنار!
*Jun 13, 2021
«حزب الله» اللبناني و«حركة حماس» الإخوانية و«ميليشيا الحوثي» اليمنية هي نماذج لحركات «شعوبية» تكره العرب وتمجّد الفرس، وتخدم المشروع الفارسي في المنطقة، وجماعة «الإخوان المسلمين» وجماعات الإسلام السياسي جميعاً تخدم المشروعين الكبيرين المعاديين للعرب في المنطقة؛ المشروع الفارسي والمشروع التركي، وتسويق ذلك يتم باسم الطائفة أو الدين أو الشعارات المتعددة.
«صعود القوميات» و«الإسلام السياسي» و«توحش الأقليات» عناصر ساعدت في إحياء «الشعوبية» ومعاداة العرب، وبطبيعة الحال فكل ذلك جاء عبر تراكمات تاريخية وثقافية واجتماعية ودينية وسياسية دفعت بهذه جميعاً إلى مشروعٍ متكاملٍ في معاداة العرب دولاً وشعوباً، لغة وحضارة، وباكتمال مشروعها السياسي في العقود الأخيرة وجدت لها نصيراً غربياً حديثاً في تيار «اليسار» العالمي، ورحّب رموز اليسار بالخميني وثورته، ونصيراً معاصراً في تيار «اليسار الليبرالي» في أميركا وأوروبا، وتكفي قراءة تصريحات الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما عن «الفرس» و«العرب»؛ فبِن رودس أحد أهم مستشاريه يقول عنه: «أوباما يكره العرب بشكل غريب، ويعشق إيران حد العمى»، والأهم من عواطف أوباما قراراته الاستراتيجية في الانحياز للمشروع الإيراني (الاتفاق النووي)، والإضرار بالدول العربية (الربيع العربي)، لاكتشاف هذا البعد بسهولة ويسرٍ.
«العثمانيون» الأتراك لديهم تراثٌ طويلٌ من هذا القبيل، وسياساتهم ضد العرب كأمة وقومية وشعوبٍ تسوّد صفحات طويلة من تاريخهم القديم والحديث والمعاصر، وأبعاد العرق والهوية واللغة يستحضرها «الشعوبيون الجدد» في صراعاتهم مع العرب.
«توحش الأقليات» هو تعبيرٌ عن هذا الاصطفاف «الشعوبي» ضد العرب دولاً وشعوباً؛ فبعض الشيعة في العالم العربي في العراق واليمن «الحوثي» ولبنان، وبعض «العلويين» في سوريا «أتباع الأسد»، وبعض المسيحيين في بلاد الشام، «التيار العوني» مثلاً، هم جميعاً عناصر في تيار «الشعوبيين الجدد»، وهذا السياق يسلط الضوء على عمقٍ تاريخي وثقافي لطبيعة التحالف الدولي المعاصر والمعادي للعرب من «اليسار الليبرالي» إلى «الإسلام السياسي».
«الشعوبيون الجدد يكرهون العرب مثل أسلافهم، ولكنهم يدعون الإسلام، وإن بنسخة شيعية ذات طابع «إسلامٍ سياسيٍ»، ويتناسون أن الإسلام كدينٍ إنما جاء به العرب؛ فرسوله الكريم عربيٌ، وكتابه المقدّس «القرآن» نزل بلسان عربي مبينٍ، وناشِروه في أصقاع الدنيا عربٌ، و«الفرس» و«الترك» إنما دخلوا الإسلام عن طريق العرب.
صعود القوميات» يتحدث عن مرحلة من التاريخ الحديث حين أصبحت «القوميات» مركزاً للصراع الدولي في أوروبا، إبان الحرب العالمية الأولى، وقد تأثرت به شعوب كثيرة حول العالم بحيث أحيا أو عزَّز لديها الشعور القومي، وتأثر «الفرس» و«الترك» و«العرب» بتلك المرحلة، وقد تبعتها مرحلة «الإسلام السياسي»، الذي أصبح «حصان طروادة» الذي استغله «الشعوبيون الجدد» لتحويل بعض العرب لمعاداة العرب باسم «الإسلام» و«الطائفية» و«استعادة الخلافة» و«الحاكمية».
الإسلام السياسي» جاء به «هنديّ»، هو أبو الأعلى المودودي، على قولٍ من الأقوال، وأثر في خلقه والتمهيد له «أفغاني - إيراني» هو جمال الدين الأفغاني الذي خرج من مدرسته «شعوبيون إيرانيون»، وفي هذا السياق حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين.
ضرب العلاقات بين «مصر» و«السعودية» و«الإمارات»، وتساهم فيه دولٌ عربية صغيرة وتنظيمات دولية، هو بهدف إضعاف العرب دولاً وشعوباً، تحت شعاراتٍ متباينة وأهدافٍ موحدة.
*
أقرب إلى الكمالية القومية العلمانية منها إلى الأخلاق الإسلامية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق