Aug 8, 2021 Mar 13, 2022
لا يوجد بها سجناء رأي، وإن القضاء هناك لا يخضع لتوجهات أجهزة الأمن، فردّ مندوب منظمة العفو الدولية بمعلومات عزّزها ببعض الأمثلة منها وفاة معتقلين وهم قيد الاحتجاز، فاحتجّ المحامي المصري على النبرة "العدائية" لمندوب منظمة العفو الدولية، وانسحب من المقابلة غاضبا.
يبدو أن المدافعين عن الحكومة المصرية لا يعرفون أن مطالبة أي مواطن لرئيس دولته، إن كان ترامب أو بايدن أو ماكرون أو بوريس جونسون بالاستقالة ليست جريمة ولا جنحة، ولا حتى مخالفة، بل تعتبر من واجبات أي مواطن تجاه بلده عندما يرى أن الرئيس قد أخطأ في معالجة قضية ما، فلا يوجد في دول العالم الحديثة المتطورة ما يسمّى "التطاول على مقام الرئاسة" فهذه التهمة تكاد تقتصر على أنظمة الحكم الديكتاتورية.
تم الإفراج عن الناشطة إسراء عبد الفتاح التي اختيرت "امرأة العام" في مجلة "غلامور" الأميركية في 2011 لشجاعتها، كما تم ترشيحها لجائزة نوبل في نفس العام، وكانت عبدالفتاح معتقلة لنفس المدة باتهامات مماثلة. وأغلب من تم إطلاق سراحهم كانوا موقوفين احتياطيا لفترات طويلة، ولم يخضعوا لأي محاكمة، فإذا كان هذا وضع الشخصيات العامة المعروفة دوليا، فما هو حال "الغلابة" الذين لا يعرف بهم أو يطالب بهم أحد؟
تجاهل المحامي الغاضب أنه، قبل يوم واحد من مقابلته، اعتقل رئيس تحرير الأهرام الأسبق عبد الناصر سلامة بعدما كتب مقالا على مواقع التواصل الاجتماعي، دعا فيه الرئيس السيسي للاستقالة نتيجة ما اعتبره فشله في معالجة قضية سد النهضة.
في البلاد الديمقراطية يعتبر ما تضمنته حلقة أحد الإعلاميين المصريين من سباب وألفاظ نابية بحق عبد الناصر سلامة مثل وصفه بمرتزق وسافل ومنحط وحقير وتافه مع مطالبة الجهات "المعنية" بالقبض عليه ومحاكمته، هي التي تعتبر جرائم يحاسب عليها القانون في تلك الدول، لأن هذا الإعلامي يعتقد أن أمام المواطن المصري خيارين، إما أن يكون مع الدولة (أي الرئيس) وإما "ضد الدولة" ولا توجد منطقة رمادية وسطى، وبالتالي يجب إنزال أشد العقاب بمن يقف "ضد الدولة"، مع أن دمج مفهوم الدولة مع شخص الرئيس يعتبر حكرا على أنظمة الحكم الفردية.
لم يقتصر فشل الإعلام المصري على تبرير تجاوزات أجهزة الدولة بهذا الأسلوب المكشوف، بل يتجسد كذلك في وسائل الدعاية "المنقرضة" لشخص الرئيس مثل ترتيب لقاءات "عفوية" له مع بعض الأفراد بمصادفات من الصعب تصديقها، وتلبية مطالبهم في أساليب عفا عليها الزمن، قد تعطي مفعولا عكسيا لأنها تعبّر عن الاستخفاف بذكاء الإنسان المصري.
أتى الوقت الذي تبحث فيه الحكومة المصرية عن أساليب جديدة مختلفة عن محاولة خداع الداخل والخارج، مثل إطلاق سراح كافة النشطاء السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، ووضع حد لتجاوزات أجهزة الأمن، وتحسين ظروف الاعتقال، والتوقف عن جميع الممارسات التي كانت تتم بذريعة محاربة الإسلام السياسي الذي لم يعد يشكل خطرا على مصر حاليا، والأهم من كل ذلك شرح ملابسات كافة القضايا للرأي العام.
من الممكن مصارحة الشعب في جميع القضايا، والوثوق بأن لديه ما يكفي من الوعي للتمييز بين الشعارات الشعبوية وبين ما يمكن تحقيقه على أرض الواقع.
من الأفضل البدء بمناقشة القضايا ذات الأولوية مثل أفضل السبل لتشجيع القطاع الخاص الداخلي والخارجي على الاستثمار في مصر، فجميع البلدان التي نهضت اقتصاديا خلال العقود الماضية، من الصين والهند، حتى إندونيسيا وفيتنام وبنغلادش، كان اعتمادها في رفع نسبة النمو الاقتصادي لهذا القطاع، ومن المؤكد أن مطالبة محكمة مصرية الإنتربول بسرعة ضبط وإحضار رجل الأعمال محمد علي لا تخدم هذه الغاية، وكذلك من المفيد مناقشة مبررات تنفيذ الجيش للكثير من المشروعات الكبرى، وما هي الحسنات والسيئات المترتبة على هذه السياسة؟
* Aug 5, 2021
على رأس هذه الخطوات إعلان الاستراتيجية الجديدة لحقوق الإنسان، والتي سبق أن قال عنها مصدر أمني لـ"العربي الجديد" أخيراً، إن السلطات لا تربط البتة بين تحسين أوضاع المعتقلين ووقف التلاعب بمصائرهم والإعلان المخطط له عن تلك الاستراتيجية. ويدلّ هذا الأمر على أن السلطات المصرية تتعامل مع هذه الاستراتيجية كخطوة دعائية، أكثر من كونها رغبة حقيقية لبدء مرحلة جديدة وتصالحية مع المجتمع المدني والحقوقي، وتخفيف معاناة المعتقلين السياسيين وسجناء الرأي وغيرهم من الفئات الأكثر معاناة في مصر منذ 8 سنوات.
*
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق