وفي 11 أيلول/سبتمبر 2001، نفذ تنظيم القاعدة الهجوم الأكثر دموية في التاريخ على برجي التجارة في نيويورك، الذي أسفر عن مقتل 3 آلاف شخص.
وبين عامي 2014 و2019، أعلن تنظيم الدولة الإسلامية أو "داعش" الخلافة في العراق وسوريا قبل أن يمنى بالهزيمة تحت ضغط ضربات التحالف الدولي.
ويهيمن التنظيمان بذلك على الساحة الجهادية العالمية منذ سنوات، لكن بينهما منازعات تؤدي أحياناً إلى أن يكرسا طاقاتهما في قتال بعضهما البعض، وليس على خدمة هدفهما النهائي.
وفي مثال حديث على ذلك، نشر تنظيم الدولة الإسلامية في غرب إفريقيا مقطع فيديو يظهر رجالاً يذبحون مقاتلين قدموا على أنهم عناصر في جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، أحد فروع القاعدة، معلنين قتل 52 منهم.
"القاعدة تعتبر تدمير الغرب شرطاً مسبقاً لإنشاء دولة إسلامية".
أما تنظيم الدولة الإسلامية من جهته فيضع "تأسيس الخلافة في +الأراضي المحررة+ كشرط مسبق لمعارك ستسمح بضرب العدو في الصميم"، وفق بونتيتشيلي.
يستحوذ تنظيم الدولة الإسلامية أيضاً على شرعية حصرية في معاقبة "الكفار". ويشير محمد حافظ في هذا الصدد إلى التعارض بين "طهرانية" تنظيم الدولة الإسلامية و"شعبوية" تنظيم القاعدة. ويوضح أن "تنظيم الدولة الإسلامية يمثل رؤية حصرية وغير مساومة عن الجهاد، فيما القاعدة حولته إلى حركة إسلامية عالمية شاملة وبراغماتية وشعبوية".
يريد تنظيم الدولة الإسلامية أيضاً فرض تمييز أخلاقي نقي تماماً بين الخير والشر، في حين أن القاعدة تسمح بالتعامل مع السكان والجماعات الأخرى وحتى الدول.
ويتفاوض بذلك تنظيم نصرة الإسلام والمسلمين بقيادة إياد أغ غالي مع الدولة المالية، كما تفعل طالبان على سبيل المثال مع الحكومة الأفغانية.
تشبه قاتل
يمكن ملاحظة أوجه الاختلاف تلك بطريقة تواصل التنظيمين مع العالم الخارجي.
*
حرب النفوذ بين الإخوة الأعداء القاعدة وداعش
التنظيمان يتنافسان على تأييد المقاتلين وجذب اهتمام الإعلام، ويكرسان طاقاتهما في قتال بعضهما البعض.
*
تنظيم الدولة الإسلامية "نقل" مركز ثقله إلى قلب القارة الأفريقية
2020/12
تنشط الجماعات المتطرفة في القارة الافريقية منذ أمد طويل فقد أقام زعيم تنظيم القاعدة السابق اسامة بن لادن مقر قيادته في السودان قبل أن يعود الى افغانستان عام 1996.
وفي نيجيريا سبق أن اعلنت جماعة بوكو حرام عن انطلاق عملها "الجهادي" عام 2010 وقبل وقت طويل من قيامها عام 2014 بخطف مئات الطالبات من بلدة تشبوك.
وتواجه المنطقة حالياً تصاعداً في العمليات الارهابية بفعل المنافسة بين الجماعات الجهادية. ويؤكد منسق محاربة الارهاب في وزارة الخارجية الأمريكية السفير ناتان سلز أن القاعدة وتنظيم الدولة الاسلامية نقلا مركز ثقلهما من منطقة عملهما التقليدية في سوريا والعراق الى الجماعات المرتبطة بهما في غرب وشرق القارة الافريقية والى افغانستان.
يرجح سلز أن تكون ساحة المعركة الاساسية القادمة ضد الجماعات الارهابية هي القارة الأفريقية. لكن المعركة لن تكون فقط بين حكومات المنطقة من طرف والجماعات الجهادية من طرف آخر بل سنشهد طراعا داميا بين القاعدة والدولة الاسلامية بسبب المنافسة بينهما.
وهذه المنافسة تحتدم أكثر فأكثر حسب رأي الخبير في شؤون الجماعات الجهادية اوليفيه غييتا من مؤسسة غلوبال سترات للمخاطر الأمنية الاستشارية، "أفريقيا ستكون ساحة الجهاد العالمية خلال السنوات العشرين المقبلة بدلا من الشرق الاوسط" حسب رأي غييتا.
رغم أن الجماعتين تشتركان في كراهية حكام المنطقة المدعومين من الغرب وتتهمانهم بالكفـر، لكن هناك فروقات جوهرية في مقاربة وأفكار كلتا الجماعتين. فالدولة الإسلامية معروف عنها أنها لا تتورع عن استخدام أشد أساليب العنف والفظاعة في عملياتها، مثل عمليات قطع الرؤوس ونشرها عبر شرئط مصورة.
ورغم انها تنجح في استقطاب المنحرفين والمجرمين إلى صفوفها عبر هذه الاساليب لكن ذلك يثير حفيظة وكراهية الغالبية العظمى من المسلمين.
بينما القاعدة تلجأ الى أساليب أكثر براغماتية مثل كسب ولاء ابناء المنطقة الذين لا يثقون بحكوماتهم وبقوات الأمن الحكومية، واستغلال المظالم الاقليمية والعرقية.
مالي ومنطقة الساحل
تضم منطقة جنوب الصحراء الكبرى التي تعرب باسم منطقة الساحل ايضا، بعض أفقر دول العالم وهذه الدول هي مالي ونيجر وتشاد وبوركينا فاسو وموريتانيا وجميعها شهدت هجمات مسلحة وأعمال تمرد
تعاني اجزاء واسعة من هذه المنطقة من القحط بدرجات متفاوتة ومن الفقر والبطالة والفساد إضافة الى وجود مناطق شاسعة خارج سيطرة الحكومات.
بيئة مثالية
ويرى السفير سلز أن منطقة غرب أفريقيا تمثل البيئة المثالية لنشاط الجماعات الجهادية بسبب "فشل الحكومات في السيطرة على أراضيها وارتكاب القوات الحكومية انتهاكات ضد السكان وسهولة عبور الحدود بين هذه الدول".
الجماعة الجهادية المهيمنة في المنطقة هي "جماعة نصرة الاسلام والمسلمين" الموالية للقاعدة وهي تتنافس مع جماعة "الدولة الاسلامية في الصحراء الكبرى" الموالية للدولة الإسلامية وقد وقعت عدة معارك بين الجماعتين خلال العام الحالي لكنها لم تتحول الى مواجهات واسعة.
كانت نيجيريا الدولة التي عانت اكثر من غيرها من عنف الجماعات المتطرفة حيث تواجه القوات الحكومية مصاعب في السيطرة على المناطق الشمالية من البلاد وهي المناطق التي تنشط فيها جماعة بوكو حرام.
*
Apr 3, 2021 Apr 3, 2021
بوكو حرام
وتُحرم الجماعة على المسلمين المشاركة في أي نشاط سياسي أو اجتماعي مرتبط بالمجتمع الغربي، ويشمل ذلك التصويت في الانتخابات وارتداء القمصان والسراويل أو تلقي تعليم علماني.
وترى بوكو حرام أن الدولة النيجيرية يُديرها "الكافرون"، بغض النظر عما إذا كان الرئيس مُسلما أم لا، وقد وسعت نطاق حملتها العسكرية لتشمل الدول المجاورة.
رغم أن الاسم الرسمي للمجموعة هو جماعة أهل السنة للدعوة والجهاد، لكن السكان في مدينة مايدوغوري الشمالية الشرقية، حيث مقر المجموعة، أطلقوا عليها اسم بوكو حرام.
تعد ترجمة الاسم من لغة الهوسا فضفاضة، إذ تعني "التعليم الغربي ممنوع"، لكن كلمة بوكو تعني في الأصل "مزيف"، وقد جاءت للدلالة على التعليم الغربي.
التنظيمات المتشددة تسعى لإقامة إمارة بالساحل الأفريقي تمتد من موريتانيا إلى دارفور، مستغلة ضعف جيوش المنطقة
*
الاصوليات اشد عداء لبعضها البعض من الخارج عن الدين
*
Nov 24, 2021 Jan 26, 2022
ليس من مصلحة القوى المعنية بالإرهاب الدولي أن يختفي داعش. ميليشيا مسلحة يمكن إحياؤها في أي وقت تحتاج فيه تلك القوى إلى استمرار الشعور بالخوف. لقد تم استهلاك الهدف العقائدي لداعش بعد أن تبين أن الدولة الإسلامية في العراق والشام هي مجرد فزاعة يُراد منها ممارسة أكثر عنف ممكن ضد سكان المدن ذات الأغلبية السنية في العراق وسوريا. داعش لم يقتل شيعيا واحدا وإن حدث ذلك فعن طريق الخطأ. ربما يدخل ذلك في إطار الرعب الطائفي المتبادل.
لا ترى إيران ضررا في أن يقتل تنظيم داعش عراقيين. سنة أو شيعة لا فرق. المهم بالنسبة إليها أن تظل أجندتها قائمة. ولأن القضاء العراقي اكتشف أن هناك ضباطا عراقيين يبيعون أحدث الأسلحة إلى الحشد الشعبي فإن تلك مناسبة للتذكير بأهمية بقاء الحشد باعتباره القوة التي تضمن حماية العراق التي هي عبارة عن شعار طائفي لم يكن تنظيم داعش إلا واحدا من أدواته. داعش يقتل العراقيين والسوريين لأهداف لا علاقة لها بوهم الدولة الإسلامية. هناك قوى استخبارية تتعاون في ما بينها هي التي تخطط لذلك وهي المستفيدة من ذلك وليس مستبعدا أن تتعاون إيران مع الولايات المتحدة في إنعاش داعش كلما أفل نجمه. لم تعد تلك الفكرة صادمة لأحد.
ولكن التنظيم الإرهابي صار جزءا أساسيا من المشهد. لا تكتمل الصورة من غير داعش. لا تملك الحكومات المحلية (حكومة الكاظمي في بغداد أو حكومة الأسد في دمشق أو حتى حكومة بارزاني في أربيل) أن تعترف بحقيقة ما يجري من حولها. بل هي تعرف أنها ممنوعة من السؤال بحثا عن تلك الحقيقة. كل المعلومات التي تمكنت من جمعها أجهزة المخابرات في الدول المصابة بداء داعش غير مسموح تداولها ثنائيا كما يُمنع تسريبها إلى وسائل الإعلام خوفا من سخرية الرأي العام.
وإن كنتَ تبحث عن ثمرة للتعاون الإيراني – الأميركي فإن داعش هو تلك الثمرة.
بالنسبة إلى الولايات المتحدة وإيران لا تختلف الحاجة إلى داعش عن الحاجة إلى الحشد الشعبي أو حزب الله أو الحوثيين. الفوضى هي المطلوبة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق