May 27, 2020
Jun 7, 2021
Jul 9, 2021
Jul 26, 2021
أكدوا أن الإسلام المرجعية الأصيلة لمعالجة مشكلات المجتمع.. خبراء ومختصون لـ«الجزيرة»
:المشكلات الأسرية ظاهرة مجتمعية خطيرة تفكتك بالبناء الاجتماعي
الإسلام بما يحمله من قيم وعقائد هو المرجعية والبوصلة التي تحكم وتحدد اتجاه المجتمع، وتشهد المرحلة الحالية مشاكل أسرية كبيرة نحو التفكك الأسري، وزيادة الطلاق، والعنف الأسري وغيرها.
وأصبح دور الأسرة ضعيفاً لأنه يشاركها في التنشئة الإعلام والمدرسة والعمالة المنزلية؛
يقول الدكتور خالد بن عمر الرديعان أستاذ علم الاجتماع بجامعة الملك سعود بالرياض: في مراحل التحول الكبيرة كالذي يعيشه مجتمعنا الآن يحدث بعض السلبيات المرتبطة بالتحول وهذا من طبيعة الأمور
زيادة معدلات الطلاق، وتأخر سن الزواج، بل وانصراف بعض الجنسين عنه، والتفكك الأسري، وبروز بعض الدعوات النسوية المتطرفة التي تنادي بالمساواة التامة بين الجنسين في كل شيء بما في ذلك أمور مقررة شرعا كشرط ولي المرأة في الزواج، والميراث وغيرها من القضايا المقننة شرعا. ويربط البعض هذه الدعوات بمسألة تمكين المرأة وما ترتب على ذلك من سلبيات، مشيراً إلى أن هذه الدعوات تبتعد كثيراً عن الطرح الإسلامي الذي هو دستور المجتمع السعودي،
إعادة صياغة مفاهيم حقوق المرأة والأسرة ومفهوم التمكين بطريقة تضمن عدم الشطط والخروج عن الثوابت الدينية،
أسباب التفكك
عبدالرحيم بن محمد الثميري مأذون الأنكحة بمحافظة المجمعة
1 - الأب المنهمك بالعمل الذي لا يجد وقتاً ليقضيه مع أسرته ولا يجد وقتاً ليقدم المعونة المعنوية لزوجته.
2 - الأم الحاضرة الغائبة فالمرأة المنشغلة بعملها عن أسرتها، قد لا تمنح الزوج العناية بشؤونه الخاصة واحتياجاته.
3 - صراع الأدوار وهو من أهم مسببات التفكك الأسري، حيث يتمثل بتنافس الزوج والزوجة ليحل أحدهما مكان الآخر.
4 - وسائل الاتصال الحديثة.
5 - الخدم أصبحت الخادمة تحل محل الزوجة في كافة أمور المنزل، وكذلك السائق يحل محل الزوج أحياناً، فيقوم بخدمة توصيل الأم والأطفال.
6 - الوضع الاقتصادي للأسرة يتسبب الوضع الاقتصادي للعائلة سواء بحالة الثراء أو الفقر.
التفكك الأسري يتسبب بضعف شعور الأبناء بالأمان والاستقرار داخل الأسرة، وقد يلجأ أحد الأبناء إلى تحقيق الأهداف المرجوة بطرق غير مشروعة بسبب التفكك الأسري، وعلى الأم والأب السعي الدائم لتقوية العلاقة بينهما، وحل مشكلاتهما بأسلوب راقٍ، بعيداً عن العنف والصراخ، كما أن وجود الوالدين العاطفي والنفسي والروحي والجسدي بين الأبناء، وتخصيص وقت خاص؛ لمعرفة مشاكل الأبناء واهتماماتهم وحاجاتهم.
دور الأسرة لأنها العامود الفقري لحياه الإنسان متى صلح الأفراد، ولذا أرى شخصياً أن المسؤولية على الأسرة أكبر وأكبر من السابق؛ ففي السابق كان هناك تكاتف اجتماعي يسند الأسرة الصغيرة، واليوم تعاظمت المسؤولية التربوية والتوجيه والمتابعة وأصبحت الأسرة تواجه تيارات كثيرة تحير رب الأسرة كيف يتعامل؛ مشدداً على أن التثقيف والاستماع والتوجيه يتطلب اليوم أسلوباً مقنعاً، فمسائل تفكك الأسر هذا يبدأ من الأسرة ذاتها وضعفها في التربية،
الإسلام شريعة صالحة لكل زمان ومكان، ومع هذا التطور وفي ظل العولمة والتوسع في مجال التنشئة الذي يشارك فيه مع الأسرة الإعلام بشكل كبير والانفتاح على العالم الخارجي
وتبين الأستاذة هند بن محمد الفقيه مديرة إدارة الجودة وقياس الأداء بإدارة تعليم حائل أن العلاقات الأسرية هي أسمى وأقدس العلاقات على وجه الأرض؛ فبذرتها، تبدأ بين فردين بالزواج، ثم أفراد بالإنجاب، إنها كالشجرة التي تمتد أوراقها ليستظل بها الجميع فهي الحضن الدافئ والحصن الأمين لكل من يأوي إليها، ولما كانت السعادة الزوجية ليست منحة أو هبة بل هي كسب، فإنه لا بد لضمان هذا الكسب من تعاون كل من الزوج والزوجة والمجتمع ومؤسساته في سعي حثيث من أجل العمل على تحقيق أسباب التكيف، وتجنب دواعي الخلاف، وزيادة عوامل وأسباب التوافق والانسجام.
النسيج الأسري كقنوات التواصل الاجتماعية والمدرسة والمجتمع المحيط فجميعها تلعب الدور الأبرز في التكوين والأمان الأسري لذلك وجب استثمارها كي تكون معول بناء لا هدم للأسرة وبالأخص قنوات التواصل الاجتماعية الضارة والتي أثبتت الدراسات البحثية ارتفاع معدل الطلاق بسبب ما تبثه من مهددات للاستقرار العاطفي والنفسي والاجتماعي بين الأزواج.
ويتفق الباحثون في مجال الإرشاد والتوعية الأسرية على ضرورة تعاون جميع المهتمين بالدراسات الأسرية من علماء الاجتماع، وعلماء الدين وعلماء النفس، وعلماء الاقتصاد، ورجال القانون، ورجال السياسة في وضع خطط التوعية الأسرية، وبرامج وقائية.
*
اتجاه الأبناء نحو التحرر من الروابط الأسرية مؤشر على تفكك العلاقة داخل الأسرة
حسن توجيه الأبناء واحترام رغباتهم في الاستقلال يحدان من تمردهم.
فقدان أحد الوالدين أو كليهما أو الهجر أو الطلاق أو تعدد الزوجات أو غياب أحد الوالدين مدة طويلة. فيما يستخدم آخرون هذا المفهوم ليشيروا إلى بداية اتجاه الأبناء إلى التحرر من الروابط الأسرية، خاصة إذا بلغوا سن المراهقة.
مرحلة المراهقة هي بداية لإثبات الذات والاستقلالية، يبدأ فيها المراهق بالتحرر من قيود الأسرة، وهي مرحلة فاصلة بين عالمي الطفولة والرشد.
خصائص هذه المرحلة التمرُّد على السلطة، والرغبة الحتمية في الاستقلال والتحرر من كل مصدر للسلطة، وكذلك الرغبة في تأكيد الذات.
في هذه المرحلة لا يحب المراهق الخروج مع والديه ويفضل الذهاب مع أصدقائه وكذلك الفتاة تسعى إلى زيارة صديقتها بمفردها دون مرافقة أمها، أو الخروج معها لشراء الحاجيات بمفردهما، لتشعر فقط بأنها فتاة ناضجة ويمكنها الاعتماد على نفسها.
استقلال الأبناء عن الأسرة ظاهرة طبيعية، واحتياج بشري لا غنى عنه حيث أن رغبة المراهق في السَّعي إلى المزيد من الحرية أمر طبيعي، لكن يتعارض مع غرائز الآباء لحماية أطفالهم من الضَّرر مما يسبب خللا في وقوع تفكك وخلافات أسرية بين الابن وأسرته والسبب هو الجهل بخصائص هذه المرحلة وكيفية التعامل وتحقيق الاستقلال الذاتي له. واقترح العرفج الحوار مع المراهق والاستماع له ومشاركته هواياته واحترام رغبته في الاستقلال دون إهماله وتوجيهه ومتابعته خلال هذه المرحلة كحلول لمواجهة هذه المشكلة.
* Apr 30, 2021
جيل الألفية لا يعير اهتماما للروابط الأسرية
وسائل التواصل رسّخت لدى الجيل الجديد الأنانية في التعامل.
فإحساسهم بأنهم مركز الكون ولد لديهم نوعا من الأنانية جعلتهم لا يعيرون اهتماما للروابط الأسرية الضيقة وحتى الموسعة التي تشمل العائلات الكبيرة أو المتصاهرة. ويرجع الباحثون ذلك إلى ارتباطهم الوثيق بوسائل التكنولوجيا العصرية.
تشكل جيلا يبحث عن التغيير ولا يحب القيود، كما أن ارتباطه بإرثه الثقافي والفكري الكلاسيكي يبدو محدودا.
أكثر التفافا حول ذاته، وأكثر رغبة في لفت انتباه الآخرين، وأكثر اقتناعا بأنه مركز الكون كله، ما يعني أن الروابط الأسرية ورابط الدم يأتيان في مرتبة متأخرة من اهتماماته.
ويربط باحثون بين طريقة الشباب في العيش حاليا وآرائهم وخياراتهم وبين ازدهار الإنترنت والشبكات الاجتماعية، ويعتبرون أن هذه المواقع تلعب دورا رئيسيا في كيفية تفاعل أبناء هذا الجيل مع الآخرين وتشكيل وجهات نظرهم ورؤيتهم للحياة.
قالت زكية الشيحي وهي أم لثلاثة أبناء، إن أولادها لا يعيرون اهتماما كبيرا للروابط الأسرية التي تجمعهم بعائلتهم الموسعة، مشيرة إلى أنهم لا يزورون أقاربها ولا أقارب والدهم، وأنهم لا يجيدون الملاطفات، ويقضون أغلب وقتهم أمام شاشات هواتفهم.
الجيل البارد العواطف حسب تعبيرها والمنكفئ على نفسه، وهي لا تستثني أولاد إخوتها الذكور والإناث المقصرين بالسؤال عنها أيضا والذين لا يمتون بصلة لجيلهم السابق.
ما يعيشه الإنسان في هذه الفترة المتقدمة من التطور التكنولوجي جعله إنسانا متحولا، بمعنى أنه إنسان ذو بعد واحد هو الإنسان الافتراضي الذي صار صورة وكائنا تواصليا مع جماعة من الغرباء في مجتمعات سيبرنية.
فكت الهواتف الذكية والحواسيب والفضائيات الارتباط الأخلاقي بينها وبين أسرها”.
أجيال جديدة بلا مرجعية تربوية وبلا قيم محافظة، هي أجيال نمطية ومتمردة على سلطة الأبوين وعلى احترام الأكبر سنا والأوسع تجربة وأرباب العمل… إنها أجيال عصر الاستنساخ وزمن الروبوتيزم والمادية المفرطة والعولمة الشرسة لذلك فعناصرها أصبحوا أبناء شهواتهم وصنائع ثقافة الاستهلاك ونتيجة حضارة إيروس”.
صانعة المستقبل الأفضل للبشرية، غدت محل مخاوف كبيرة بسبب حيادها رغما عن الأسرة والدولة والمؤسسات التربوية والتعليمية والثقافية الرسمية.
غالبية شباب اليوم مرتبطون بمؤثّري مواقع التواصل الاجتماعي أكثر من أصدقائهم، ويعتقدون أن مؤثّرهم المفضل قد يفهمهم أفضل من المقربين لهم.
90 في المئة من جيل الألفية، ما بين 18 – 29 سنة، موجودون على مواقع التواصل الاجتماعي التي تلعب دورا رئيسا في كيفية تفاعل 90 في المئة من هذا الجيل مع الآخرين، بالإضافة إلى أن 40 في المئة منهم مرتبطون بـالمؤثّرين “المشهورين” أكثر من أصدقائهم، وهذا الجيل هو الذي يبحث عن التغيير، جيل لا يحب القيود، وارتباطه بإرثه الثقافي والفكري الكلاسيكي.
خبراء علم النفس أن تراجع ارتباط الأبناء بالأسرة الموسعة ظاهرة طبيعية، واحتياج بشري لا غنى عنه حيث إن رغبة الأبناء في السَّعي إلى المزيد من الحرية أمر طبيعي، لكنه يتعارض مع غرائز الآباء لحماية أطفالهم من الضَّرر مما يسبب خللا في وقوع تفكك وخلافات أسرية بين الابن وأسرته، والسبب هو الجهل بخصائص مرحلة المراهقة وكيفية التعامل وتحقيق الاستقلال الذاتي للمراهق.
اقترح علماء النفس الحوار مع الأبناء والاستماع لهم ومشاركتهم هواياتهم واحترام رغبتهم في الاستقلال دون إهمالهم وتوجيههم ومتابعتهم خلال هذه المرحلة كحلول لمواجهة تفكك الروابط الأسرية.
يرى خبراء علم الاجتماع أن استقرار المجتمع مرتبط ارتباطا وثيقا باستقرار الأسرة، وزيادة ترابط أفرادها، فكلما زادت الروابط الأسرية قوة كلما قلت المشكلات الناجمة عن التفكك الأسري. ويؤكد علماء النفس أن الأسر التي يحوطها العنف الاجتماعي والتوتر يميل أفرادها للعنف المجتمعي؛ لأن العنف لا يولد إلا عنفا، والأسر التي تتعايش في جو من السكينة والهدوء يقدم أبناؤها نموذجا للتميز والبذل والتقدم. كما تزيد الأسر الناجحة من القوة القادرة على الإنتاج والعطاء في المجتمع، ويصبح أفرادها لبنات في طريق تحقيق التنمية المستدامة، ويؤكد علماء الاجتماع أن الأسر التي تتعايش في جو من تقديم الحقوق الكريمة في أوقاتها المناسبة كاللعب للأطفال، والتعليم للنشء، تقدم نموذجا للمصلحين الذين يبحثون بشكل جاد عن الحق والعدل وإقرار السلام المجتمعي.
كما تقدم الأسرة التي تغرس الفضائل في أبنائها وتحارب الرذائل في نفوسهم خدمة للمجتمع بمنع انتشار الفواحش فيه، وتؤسس لمجتمع متكافل ومتضامن يسوده الود وتكون فيه الروابط الأسرية متينة.
تعد الأسرة اللبنة الأساسية في المجتمع، وهي أهم علاقاته الاجتماعية، وتتكون من مجموعة من الأفراد، يشكل كل فرد فيها مجموعة من الأفكار والقيم الروحية والعقلية والاقتصادية والعقائدية، تربط بين أفرادها صلة القرابة والدم، أو صلة النسب والمصاهرة، وتقوم على الحب وتحمل المسؤولية وتربية الأولاد بطريقة سليمة؛ بهدف التأثير في المجتمع إيجابيا.
*
لماذا تكره الرأسمالية الأسرة وتسعى لتفتيتها؟ *****
Jun 3, 2020
التفكك الأسري وعدم الاستقرار النفسي، وضعف العلاقات الأسرية بين الآباء وأسرهم، سببه غياب الأب عن المنزل بسبب كثرة أعباء العمل وضغوطه المستمرة، وأشارت الدراسة إلى أن وسائل التقنية الحديثة أفرزت آثارا سلبية تمثلت في قلة التواصل بين أفراد الأسرة، والتأثر بالمظاهر الدخيلة على المجتمع المحلي.
المأزق التاريخي للنظام الرأسمالي، بالإضافة إلى "عدم وجود وظائف جيدة وانخفاض أجور الشباب الذين يدخلون سوق العمل، فإنه يعبر عن نفسه أيضا من خلال التفكك الواسع للعلاقات الإنسانية، بما في ذلك مؤسسة الأسرة النووية
فالرأسمالية تقلب الأسرة إلى وحدات اجتماعية تخدم أهدافها -الرأسمالية- وتوفّر لها الأيادي العاملة لاستمرار عجلتها، لكنها، وبصورة موازية، لا تصنع ذلك بالقهر المادي دون اعتمادها على القهر المعنوي من خلال تبديل الرؤى والتصورات حول العمل المادي، وتحويله -وسيلة للعيش- إلى قيمة في حد ذاته، وهدف محوري من وجود الإنسان مهما تأخرت راحة المرء النفسية وتأثرت أدواره الاجتماعية والأسرية. فكيف حدث هذا التغير الاقتصادي الذي أعاد تشكيل الأنماط والأدوار الاجتماعية وانعكس على تفاصيل حياتنا اليومية وكيفية تصورنا لذواتنا وللآخرين؟
رافد "الماركنتيليين" الذين وصفوا الثروة باعتبارها تراكما للذهب والفضة وأن القيمة لا تتحقق إلا من خلال الربح التجاري، وهي الرؤية التي سادت في أوروبا خلال فترات الكشوف الجغرافية بالقرن الخامس عشر واستجلاب العمالة الزهيدة للتعدين.
أما رافد "الفيزيوقراطيين" الذين رأوا مصدر الثروة الأمثل ينبع من الأرض واستصلاح الأراضي الشاسعة بالأميركتين، وهي الرؤية التي سادت خلال القرن السابع عشر، وبالتالي يصبح كل من الذهب والفضة تعبيرين نقديين عن قيمة الثروة التي تنتجها الأرض
استمر الأمر على ذلك حتى بدايات عصر النهضة والتنوير الأوروبي، فكان كتاب "ثروة الأمم" لرائد الليبرالية الاقتصادية "آدم سميث" واحدا من العوامل المؤثرة للانتقال من الحقبة الماركانتيلية والحقبة الفيزيوقراطية، وكذا لعبت الحركة التجارية البريطانية والانفتاح على أسواق جديدة، بالإضافة إلى الثورة الصناعية، أدوارا رئيسية في "التمكين للمفاهيم الأولية للرأسمالية وتكوين طبقة من الرأسماليين التجاريين
من هنا، برزت المصطلحات الأولية للمذهب الرأسمالي في إدارة المال، فالرأسمالية هي "نظام اقتصادي ذو فلسفة اجتماعية وسياسية تقوم على أساس تنمية الملكية الفردية والمحافظة عليها، متوسعة في مفهوم الحرية
ساعية لتعزيز الملكية الفردية على حساب الملكيات العامة، "فوسائل الإنتاج بشكل عام مملوكة ملكية خاصة أو مملوكة لشركات، حيث يكون التوزيع والإنتاج وتحديد الأسعار محكوما بالسوق الحر والعرض والطلب، ويحق للملاك أن يحتفظوا بالأرباح أو يعيدوا استثمارها"
فالناس حينها حسب "جون ديميليو"، تحت مظلة النظام الرأسمالي، هم عمّال أحرار من جهتين: حرية البحث عن وظيفة مع امتلاك القدرة على العمل، وحرية بيع تلك القوة مقابل الأجر لمن يرغب في شرائها، الأمر الذي يعني أننا أحرار كذلك من تملك الأراضي أو الثروات التي تمنحنا دخلا للعيش، مما يضعنا في النهاية -مهما توهمنا الحرية- تحت مقصلة أصحاب رأس المال (الحر).
أدى توسع رأس المال، تحت شعار الرأسمالية الأول: دعه يعمل دعه يمر، والذي يحدد قيمة الشيء بحسب ربحيته فقط، بالإضافة إلى انتشار العمل لقاء الأجور في مؤسسات الرأسمالية إلى "تحول عميق في بنية الأسرة النواة ووظيفتها وأيديولوجية الحياة الأسرية"[6]. فقد بدأ الأمر، كما يخبرنا "ديميليو"، مع تأسيس المستعمر الأبيض لقرى مبنية على الإنتاج المنزلي.
غير إنه، ومع دخول القرن التاسع عشر، بدأ نظام الإنتاج المنزلي هذا في التقلص، ليتبعه استثمار أصحاب رؤوس الأموال من التجّار في إنتاج المنتجات، فشاع العمل مقابل الأجر، وجُذِبَ الرجال والنساء من اقتصاد منزلي مكتفٍ بذاته -إلى حد بعيد- نحوَ نظام رأسمالي يعتمد على العمالة الحرة، لتخرج المرأة -بصورة غير مسبوقة تاريخيا- من أجل العمل لدى الغير مقابل الأجر.
من الاقتصاد المنزلي المعتمد على الأسرة إلى اقتصاد رأسمالي يَرْتكِز على العمل الحر، في بطء شديد، مما يعني أن الأسرة، وإن بقيت متكافلة كما في نظام الإنتاج المنزلي السابق، لكنها، على الحقيقة "قد فقدت استقلالها
التمركز حول الأنثى
كانت الرأسمالية إذن هي الباب الذي خرجت من خلاله المرأة خارج نطاق الأسرة، لتشارك الرجل تحت دعاوى المساواة التي لا يمكن التصالح معها دائما؛ لأن "الاختلاف بين الرجل والمرأة حقيقة جلية، وليس الحديث عنه إلا تحصيل حاصل لا يحتاج إلى إثبات ولا إلى تدليل، بداية من الاختلافات الجسدية، مرورا بالوظائف الحيوية للمرأة في الاجتماع الإنساني وليس انتهاء بالجانب العاطفي
تلك الفروقات التي كانت تحفظ للأسرة اتزانها في حال خروج الرجل للعمل، لم تعد تفعل الشيء نفسه عندما ألغتها الرأسمالية حين اقتنصت المرأة من منزلها إلى السوق والمصنع، ودعمتها بتوحيد طرق التدريس والتعليم التي تؤهل المرأة كما تؤهل الرجل لسوق العمل، كتروس في آلة الإنتاج، بالصورة التي يعلق عليها "جلال أمين" قائلا: "دع المرأة تخرج من سجن العرف والتقاليد لتدخل سجن السوق بمنتهى الحرية"[8].
النظر إلى عمل المرأة، بصفته مؤثرا على دورها الأسري، يفتح التساؤل حول واقعية هذا الأثر وضرره، وما إن كانت الرؤية الفكرية للعصر المادي/الرأسمالي لها دور في صنع ذلك الأثر. وبالنظر إلى ذلك، فإن "عبد الوهاب المسيري" يرى أن النموذج المادي الغربي قد انتقل بالإنسان عبر مراحل متعددة[9]، فبدأ من التمركز حول الإنسان، ثم انتقل إلى التمركز العنصري حول جنس/عرق بعينه -الجنس الأوروبي في حال الاستعمار-، لتنشأ من بعدها حركات تمتاز بنظرتها العنصرية تجاه الآخر، كالفاشية والنازية، ثم يمد الخط على استقامته ليضع "الفيمنيزم" في السلة نفسها.
فالفيمنيزم عند "المسيري" ليست تعبيرا عن النسوية بقدر ما هي حركة تدعو للتمركز حول الأنثى في عداء مع الذكر، وهو السياق الذي يحقّر من دورها الأسري ويضرب بقيمته عرض الحائط؛ لأن القيمة في المنظومة المادية/الرأسمالية تنحصر فيما يمكن التعبير عنه بالمال. فالعمل ما لم يكن ذا عائد مادي فإنه -حسب هذه الرؤية- لا يمكن تعريفه على إنه عمل.
الأمر هنا -أي التمركز المادي حول الأنثى- يتجاوز فكرة الحقوق والواجبات النسوية، وإنما ينطلق إلى الأساس الأسري نفسه لنسف اعتباريته، وتحديد قيمة المرأة فيما تثمره يداها في محيط دائرة الرأسمالية، فتقول "سيمون دي بوفوار"، إحدى أبرز المؤسسات للفيمنيزم، إن المرأة ستظل مستعبدة "حتى يتم القضاء على خرافة الأسرة وخرافة الأمومة
داخل هذه المنظومة تتحول المرأة من إنسان إلى كائن مادي لا يُفسَّر إلا في إطار المادة -بعد اضمحلال دورها العاطفي والمعنوي- بحيث لا تشير إلى ذاتها وإنما تشير إلى المادة، فهي حينها امرأة، فقط امرأة، "لكنها لا تدل على الأم/الزوجة/الأخت التي نعرفها، والتي لها دور مستقل داخل إطار الجماعة الإنسانية الشاملة"[11]، وهو ما يتعارض مع الرؤية الإنسانية التي تعترف بالأمومة كوظيفة اجتماعية بحسب "بيغوفيتش"[12].
في السياق نفسه، ترى الدكتورة "هبة رؤوف"[13] أنه بسقوط الأم والزوجة تسقط الأسرة ويتراجع الجوهر الإنساني المشترك، ويصبح لكلٍّ مصلحة خاصة، مما يقلص من مساحة التعاون المشترك بين أفراد تلك الأسرة شيئا فشيئا حتى تندثر تماما، تاركة إياهم في مواجهة فردية مع الحياة.
أبناء أم أدوات؟
الأسرة والمجتمع متنافران. هكذا رأى المفكر البوسني، والرئيس الراحل، "علي عزت بيغوفيتش"[14] في معرض حديثه عن الأسرة والمدينة المثالية الناجحة؛ ذلك لأن المبدأ الرابط في الأسرة هو الحب والعاطفة، بينما، على الجانب الآخر، فإن ما يحكم المجتمع هو المصلحة أو العقل أو كلاهما معا.
بهذا الفارق، يمكن فهم الآلية التي تعاملت بها الرأسمالية مع الأسرة، فيقول "جون ديميليو"[6] إن تعامل الرأسمالية مع العلاقات الجنسية -الزواج- كان تعاملا تحكمه المصلحة لا القيمة المعنوية لتلك العلاقة. ففي "نيو إنجلاند"[*] أثناء الاستعمار، كان معدل المواليد يتجاوز سبعة أطفال لكل امرأة في سن الإنجاب، إذ كان الرجال والنساء في حاجة إلى الأطفال للعمل، مما جعل إنجاب الأطفال ضروريا لاستمرار الحياة بقدرِ أهميّة إنتاج الحبوب، فكان الجنس مُسخّرا للتَنَاسل فقط وإنتاج العمال، لا من أجل الحياة الإنسانية الحقيقية.
يؤكده "أنجلز"[15] حين يقول إن العامل الحاسم في التاريخ -وفقا للمذهب المادي- هو الإنتاج وإعادة الإنتاج لمطالب الحياة المباشرة، سواء كان بالحاجات المادية أو البشرية -العمال- وتكاثر النوع، ولتحقيق ذلك فإن الشرط الأول سيكون إدخال النساء في النشاط العام، مما يعني إلغاء الأسرة المنعزلة كوحدة اقتصادية واجتماعية، وتصبح إدارة البيوت صناعة اجتماعية.
واعترفت الرأسمالية بالشذوذ الجنسي، بعد أن كانت ترفضها قديما، وهو الرفض الذي اتضحت مرجعيته النفعية لا الأخلاقية.
بالعودة إلى الانفصال الأسري، فإن "بيغوفيتش"[14] يرى أن الاتجاه الحضاري قد اقترن بموقف فكري سلبي تجاه الزواج والأسرة، فظاهرة الانفصام الأسري بين أفرادها في الصين وكوريا -مثلا- قد نتجت عن الأسباب نفسها؛ إذ إن ملايين الأسر تعيش في حالة انفصال، حيث يعمل الأب في جزء من الدولة، وتعمل الأم في جزء آخر، ولا يلتئم شمل الأسرة إلا مرة واحدة كل عام، والسبب المعلن، هو حاجة الدولة الاقتصادية والمصلحة العامة.
وهو الأمر الذي يتعارض مع تصور الدين -بوصفه قانونا حياتيا- عن الأسرة، فالدين -كما يرى المفكر البوسني- قد كرّس الأسرة باعتبارها عش الرجل، واعتبار الأم هي المعلم الأول الذي لا يمكن استبداله بغيره، على خلاف ما تتبناه الحضارة المادية من التعليم الموحد والتأهيل الحكومي للأفراد ليخدموا دائرة العمل والسوق. ففي نظام كهذا لا تكون الأم والأسرة إلا مصدرا لإثارة الاضطراب غير المرغوب.
فهل تبدو الحياة الأسرية في تصور المادة والرأسمالية كما ينبغي لها أن تكون؟ أم إنها مجرد مفرخة لإنتاج الأيدي العاملة، حتى إذا ما انفصلت الحاجة عنها انقضت المحافظة عليها وتم الاعتراف بالهويات الجنسية المنحرفة أو الشاذة؟ وهل يكمن الحل في سد الفراغ الذكوري من قِبل الأنثى في الخروج إلى السوق لتلقاه فيه، أم بسحب الرجل -كما يرى "المسيري[9]– نحو واجبه الأسري؟
*
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق