Jun 7, 2021 Jul 9, 2021Apr 8, 2022
سبع سنوات، منذ عام 2014، والمؤسسات الدينية لا تفهم من قضية تجديد الخطاب الدينى إلا مؤتمرات، وندوات، وبرامج إعلامية، للاستهلاك الخارجى، والداخلى، بالإضافة إلى بناء مساجد جديدة، وترميم أخرى متهالكة، وكأن مشكلة المسلمات والمسلمين، هى نقص الصلاة، أو ربما تم اختصار تجديد الخطاب الدينى فى زيادة عدد دور العبادة.
شاهدت وسمعت شيخ الأزهر يقول: «يعنى إيه تجديد الخطاب الدينى؟. محدش يقدر يجدد حاجة فى دينَّا وإسلامنا.. الدين تم تجديده فى عصور السلف».
فتوى رسمية تخص صلاة المرأة، تقول إن المرأة المسلمة يجب عليها أثناء الصلاة، حتى لو كانت بمفردها فى الغرفة، أن تغطى شعرها، ولا شىء يظهر إلا الوجه والكفان، وأن سفور الوجه والكفين، هما المسموح بهما، للمرأة المسلمة، فى الشارع وأماكن العمل، والتغطية تكون بأقمشة فضفاضة، لا تشف من تحتها، ولا تحدد الجسم.
هل نسينا ثورة 1919، ثورة كل الشعب المصرى، وثورة النساء أيضًا، لنزع الحجاب والمطالبة بالسفور، وبجلاء الاحتلال الانجليزى؟. منذ مائة واثنتين سنة، كانت النساء أكثر وعيًا، ويقظة، وثورية، واشتهاء للحرية. وكان الرجال أكثر فهمًا للعلاقة بين تحجيب وقهر النساء، وتحجيب وقهر الوطن.
بادر الرئيس السيسى بخطوة جسور وهى ضرورة إلغاء الطلاق الشفهى، لمنح النساء كرامة وحقوق البشر.
هاجمته مؤسسة الأزهر والمشايخ وكل ممثلى الثقافة الدينية. بقى الطلاق الشفوى، الذى يرسخ غياب العدالة بين الزوج والزوجة، ويعاملها كمملوكة أو جارية، وليست إنسانة كاملة الإنسانية والأهلية.
تمجيد المرأة لديهم هو الطاعة العمياء للرجل والزوج، والتفانى فى خدمته، والعيش بشروطه، ومقاييسه هو، واعتبار كل ما يصدر عنه، الصواب المطلق والدين المطلق والحق المطلق.
هؤلاء هم الذين يمنعون أى تغيير بسيط فى قوانين الأحوال الشخصية، يمكنه أن يضرب رذيلة الطاعة فى مقتل، التى هى من بقايا عصور العبودية، عصر الأسياد التى تأمر، والعبيد الذين يطيعون.
حتى الآن، لم يستطع أحد تكفير داعش، وتوابعه، التى تذبح، وتكفن النساء وهن أحياء، وتسفك الدماء، علنًا وهى تردد بفخر واعتزاز وانتصار: «الله أكبر».
وعندما بادرت تونس بإجراءات ثورية فى أحكام الفقه الإسلامى الموروثة، لتحقيق العدالة بين النساء والرجال، اتهمتها المؤسسات الدينية الرسمية، بانتهاك الثوابت الشرعية.
«بيت القصيد»، فى القضية، هو سيادة الدولة المدنية، فى كل تفاصيلها. والدولة المدنية تبدأ بتكوين الأسرة المدنية، وليس الأسرة الدينية، كما هو حالنا.
الأسرة المدنية تعنى قانون زواج مدنى موحدًا لكل المصريات والمصريين، ونسف الأسمنت المسلح، للدولة الدينية الذكورية، ألا وهو «طاعة» النساء للرجال الأزواج.
منذ أيام سمعت شيخ الأزهر يقول: «إن بيت الطاعة غير موجود فى الإسلام». كيف؟ و«الطاعة» هى فرض وواجب وشرع الدين على المرأة، أمام زوجها، ولى نعمتها؟؟. وليس هناك خطيئة أكبر للمرأة مثل وصمها بأنها «غير مطيعة» لخليفة الله فى الأرض.
فى الدول المدنية، الشيوخ، والمفتى، والفقهاء، ورجال الأديان، لا قول لهم، باسم الحق الإلهى، وباسم الرسل والأنبياء. هناك دساتير مدنية، وقوانين مدنية، تقول وتحكم، وتنظم، باسم حق الشعب، وحق المجتمع، وحق الدولة.
فى الدول المدنية لا توجد قضايا دينية. فى الدول المدنية لا توجد أزياء دينية. فى الدول المدنية لا توجد خانة ديانة. فى الدول المدنية لا يُدرس الدين.
فى الدول المدنية لا توجد رموز دينية، ولا ملصقات دينية، ولا استعلاءات دينية.
*
هل يوجد إيمان بلا إسلام
قيل: "الإسلام: هو لغة: الطاعة والانقياد، ويطلق على الانقياد إلى الأعمال الظاهرة. وعلى هذا المعنى هو يغاير الإيمان وينفكّ عنه؛ إذ قد يوجد التصديق مع انقياد الباطن بدون الأعمال" والسؤال هو: إذا كان الإسلام ينحصر في الأعمال الظاهرة، وإذا كانت تلك الأعمال تعود في جوهرها إلى مجرّد الطاعة والانقياد، فهذا يعني؛ أنّ الإسلام هو، في الأساس، بنية "سلطة"، أو تدبير لأمر عام، أو سياسة إرادة عامة لدى أهلها. أوّل نتيجة، هنا، هي: أنّ مصطلح "الإسلام السياسي" هو مفهوم زائف، إذن، هو (حشو خطابي)، وعلينا الكفّ عن استعماله؛ لأنّه يوحي إلى السامع بوجود إسلام غير سياسي، وهذا ممتنع سلفاً؛ إذ ليست السياسة غير آليّة الطاعة والانقياد تحت سلطة ما مهما كان نوعها، ثمّ لماذا تمّ حصر التعريف الفقهي في شرط واحد؛ هو الطاعة أو الانقياد؟ ما الذي جعل الفقهاء يختزلون دلالة الإسلام المتشعّبة، في معنى الطاعة أو الانقياد؛ أي في نوع من الحرية السالبة؟ وهل ما زال هذا الردّ الفقهي (في معنى الإبوخيا الفينومينولوجية) ضروريًّا؟ أو هل ما زال يحتفظ بادّعاء صلاحيته بالنسبة إلى "مسلمي العصر ما بعد الحديث"؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق