الأحد، 17 أبريل 2022

الانتخابات العربية

Dec 4, 2021

 هل هناك في هذه الدول بنية سياسية واجتماعية متينة وقادرة على تحمّل الصدمات التي لا بد أن تأتي بها العملية الانتخابية، سواء كانت صدمة الفوز وكيفية التعامل معه، انطلاقاً من أنَّه ليس فوزاً أبدياً، بل هو فوز سوف يخضع لامتحانٍ لاحق، يمكن أن ينتهي بسحب ثقة الناخبين. أو كانت صدمة الفشل، والاستعداد للقبول بنتائجه، بعيداً عن اتهامات التزوير، أو الدعوة إلى «تصحيح النتائج»، حسب النداء المستهجن، الذي أطلقه الخاسرون.

إضافة إلى الحاجة إلى اعتراف الخاسرين بنتائج الانتخابات، هناك ما يسبق ذلك، وهو إتاحة فرص متساوية أمام المرشحين والقوى السياسية التي تخوض هذه التجربة. بحيث لا تخوض الميليشيات وحاملو السلاح المعركة في وجه مرشحين لا يملكون من القوة سوى صوتهم وبرنامجهم الانتخابي.

خيار الانتخابات هماً قائماً بذاته، بدلاً عن أن يكون مخرجاً وتسوية للهموم الأخرى التي تعاني منها المجتمعات. ويصل الأمر أحياناً إلى حد إرغام هذه المجتمعات على القبول بأمرها الواقع، والموافقة على فوز الحاكم بـ99 في المائة من الأصوات، باعتباره أهون الشرين. وبالطبع، فمن الظلم والإجحاف أن نقارن التجارب التي أتينا على ذكرها، وغيرها كثير في العالم العربي، مع تجارب دول غربية تذهب شعوبها إلى الانتخابات كما تذهب إلى مأدبة عشاء، ولا يرافق إعلان النتائج انقلاب عسكري أو معركة بين الميليشيات المتنازعة أو دعوات لتصحيح النتائج!

إذا كانت مجتمعاتنا مؤهلة لخوض هذه التجربة الديمقراطية، أم أنها يمكن أن تفاقم المشاكل بدل أن تكون طريقاً إلى الحل، حسب تعبير الأمين العام غوتيريش؟

لبنان والعراق نموذج 

*Dec 3, 2021

 السياسيين الإسلاميين عموما وخاصة المسلّحين منهم، لا يرضيهم سوى نظام يسمح لهم بالتحلّل من جميع الضوابط والموانع التي تضعها الأنظمة الديمقراطية الحقيقية لمنع استغلال النفوذ والاعتقال الكيفي واغتيال المعارضين والتصرف بثروات الدولة دون رقيب أو حسيب.

وما لجوؤهم إلى الانتخابات إلا من أجل الوصول إلى السلطة، بأية وسيلة، ثم احتكارها، خلافا لأبسط مفاهيم الديمقراطية وأحكامها.

يكفي تمسكُهم بمقولة “المكون الأكبر” الذي يحق له وحده امتلاك السلطة والسلاح والثروة، ثم استحواذُهم على حق تمثيل هذا المكون، دون تفويض شعبي حقيقي من باقي شرائح هذا المكون التي ليست كلُها دينية، ولا كلها موالية لإيران، ولا كلها مع وجود سلاحٍ غير سلاح جيوش الدولة وقواتها المسلحة. وهم بهذا السلوك الانقلابي التسلطي يغلقون الأبواب كلها بوجه الديمقراطية، ويمنعونها من الدخول.

لن تكون لدينا ديمقراطية حقيقية ما دام في وزارات الخارجية والمالية والتعليم والثقافة والإعلام والسياحة والشرطة والجيش سياسي معمم واحد يُحرّم التماثيل والغناء والموسيقى، ويروج لأساطير العصور القديمة

هذا العصر هو عصر الديمقراطيات الذي جعل الجماهير العريضة في البلاد العربية والإسلامية تعتقد بأن خلاصها من سطوة الدكتاتوريات لن يكون إلا بالديمقراطية وأدواتها، فقد أصبحوا يتفنّنون في إظهار حبهم للديمقراطية، على طريقة “تمسكن حتى تتمكن”.

 يرتكبون خطيئتين، الأولى بحق الدين الإسلامي نفسه، لأنهم بذلك يقولون إن الإسلام غير ديمقراطي، لذلك يحتاج إلى نظام آخر يسمى ديمقراطية، رغم أنهم يعتبرونها حين يخلو بعضُهم إلى بعض بدعةً مستوردة من الغرب الاستكباري العلماني الكافر، و”كلُ بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار”.

الخطيئة الثانية يرتكبونها بحق الديمقراطية ذاتها وقوانينها وقواعدها الحقيقية، لأنهم بإعلانهم الانتسابَ إليها، جعلوا المواطن البسيط يكرهُ الديمقراطية، ويلعن الساعة التي جاءت بها وبهم إليه. فلن يكون هؤلاء ديمقراطيين وهم غارقون في سراديب الفكرٍ الماضوي المتخلف، ويبيحون لأنفسهم القتل والاغتيال والتبعية للخارج والرشوة والاختلاس باسم الله ورسوله وآله، وهم كاذبون.

فالديمقراطية ثقافة وسلوك وطبيعة. والذي تربى على سلطة المرجع الديني الداخلي أو الخارجي الذي لا تَقبل أوامرُه وفتاواه المراجعةَ والمناقشة، ثم تعوَّد على اعتبار العصبية القبلية والطائفية والعنصرية من ضرورات الرجولة، لا يمكن أن يتغير، ويتحول إلى داعية رأي ورأي آخر، وقابلٍ للتعايش مع الآخرين بسلام.

لنا في النظام الإيراني الإسلامي (الشيعي) عبرة. فله ديمقراطية خاصة به لها قواعدها الصارمة في تنظيم العمل السياسي، وتحديد المرشح والناخب، بحزم وقسوة وجبروت.

للأحزاب والأنظمة (السنية) أيضا ديمقراطيتُها التي عرفت بها. ومنها مثلا ديمقراطية الإخوان المسلمين التي تبيح لهم رمي المعارضين من أسطح البنايات العالية وهم أحياء، كما فعلوا في مصر في مواجهة الملايين التي خرجت لإسقاطهم في يونيو 2013.

إن ديمقراطية القاعدة وطالبان والزرقاوي وداعش والنصرة والحوثييين وحزب الله اللبناني والميليشيات الولائية العراقية معروفة ولا تحتاج إلى المزيد من الكلام، فهي ديمقراطية خناجر وسيوف وسكاكين ومفخخات وتجارة مخدرات.

من المستحيل أن نجد مواطنا عاقلا واحدا في إيران وأفغانستان والعراق ومصر وسوريا واليمن ولبنان وفلسطين وليبيا والصومال وغيرها يقبل بديمقراطية وديمقراطيين من هذا النوع.

بالتالي فإن حياتنا لن تنصلح، ولن تعود عزيزة وآمنة ومزدهرة كما كانت إلا إذا خرج هؤلاء من حياتنا السياسية والاجتماعية والاقتصادية، تماما ونهائيا، وإلا إذا دخلنا في العصر الديمقراطي العلماني الحقيقي الذي يحترم أديان الناس جميعها وعقائدهم كلها، ولكنه يمنع رجل الدين من فرض فتاواه ومفاهيمه ومقاييسه على دساتير الدولة وقوانينها، ويضمن المساواة بين جميع المواطنين في الحقوق والواجبات، ويغسل العقول والقلوب من الأوهام والخرافات والأساطير، ويجعل رجال الحكومة موظفين لدى المواطنين، ولا يجعل المواطنين عبيداً للحكومة.

حينها سوف يجد الساسة المعممون أنفسَهم مرغمين على اختيار واحدٍ من اثنين، إما أن ينزعوا عمائمهم ويدخلوا عالمَ السياسة في القرن الحادي والعشرين بلا عمائم، ثم ينصاعوا، دون تقية وغش وخداع، لأفكار العصر الحديث وثقافاته وقواعده وقوانينه، أو أن يغادروا شوارع السياسة، ويعودوا إلى جوامعهم وحُسينياتهم، ويتفرغوا للصلاة والدعاء، ويتركوا السياسة لأهلها.

من أكبر منافع انتخابات العراق الأخيرة أنها كشفت حقيقة العشق الكاذب للديمقراطية لدى السياسيين الإسلاميين المسلحين، وبرهنت على أنهم يحبونها فقط وسيلة للوصول إلى التوافق وتوزيع المكاسب والمناصب والرواتب، ولتذهب نتائج الانتخابات وصناديق الاقتراع وأحلام الناخبين إلى جهنم وبئس المصير.

إبراهيم الزبيدي عراقي 

*

رضوان السيد 

فى معظم الأنظمة السياسية فى العالم؛ تشكّل الانتخابات النيابية والرئاسية آلية سلمية للمشاركة الشعبية فى السلطة فى البلدان والدول المستقرة،

كل بلدان الاضطراب أو الثوران العربى، تظل ثائرة أو مضطربة، ومع أن الجميع يقولون بالانتخابات مَخرجًا؛ فهى إما تؤجل، وإذا جرت فإن غير الفائزين فيها يُنكرون نتائجها ويعدونها مزورة، وهذا الذى حدث فى العراق، أما فى سوريا فإن الانتخابات بشقيها الرئاسى والنيابى تشكل شاهدًا على استعصاء التغيير واستمرار التأزم. وحتى فى تونس، وهى البلد الثورى الوحيد الذى انتظمت فيه الانتخابات، قرر رئيسه فجأة إيقاف النظام السياسى وانتهاج مسارٍ جديدٍ ما اتضحت خطواته تمامًا بعد عدة أشهرٍ!

باستثناء مصر التى ما دخلت عليها القرارات الدولية ولله الحمد؛ فإنّ الدوليين على العموم- ومن خلال مجلس الأمن والممثلين للأمين العام للأمم المتحدة- هم الذين حددوا المسارات أو ساروا فيها،

من خلال التوافق أو ما يشبهه اصطنعوا مفوضية للانتخابات؛ لتكون أداة محايدة فى الإجراء، ويجرى الاحتكام إلى المحكمة الدستورية فى حالات الاختلاف.

مع أن الثوار لم يفوزوا، بل فاز حزب مقتدى الصدر «وهو فى الأصل من القوى الحاكمة»؛ فإن معظم الآخرين فى المشهد عدّ الانتخابات مزورة، وتظاهر بصخب ولا يزال، رغم إطباق كل المراقبين على جدية الانتخابات ونتائجها!

إن الفرق بين العراق وليبيا؛ أن المسيطرين فى ليبيا- رغم انقسامهم بين شرق وغرب وجنوب- استطاعوا إيقاف العملية قبل إجراء الانتخابات، وقد بادروا إلى ذلك فى الغرب الليبى. وعلى أى حال فإن صعوبة المسألة تبينت عندما ترشح لمنصب الرئاسة زهاء سبع وتسعين شخصية، بينهم كل الموجودين فى المشهد تقريبًا، بل وإلى حضور مفاجئ مجددًا لكثيرين، منهم سيف الإسلام القذافى، وهو ابن أبيه بالفعل. وهكذا فقد تجرأوا أكثر من قوى الأمر الواقع بالعراق، ودعوا إلى تأجيل الانتخابات، وحجتهم فى ذلك مثل حجة العراقيين: المفوضية العامة للانتخابات التى اتهموها بالانحياز أو التزوير وقبل أن تجرى العملية الانتخابية!

عدم القبول بالانتخابات أو بنتائجها هو ظاهرة متكررة ودائمة من قوى الأمر الواقع أو القوى المسيطرة، إن لم تكن مسيطرة من البداية وإلى النهاية، مثلما يحدث فى سوريا والجزائر. والذى يدعو إلى التشاؤم أن هذا الأمر يتمدد ولا ينكمش.

وبتدخل دولى وإفريقى وعربى جرى اصطناع آلية للاشتراك بين العسكريين والمدنيين خلال المرحلة الانتقالية التى تبلغ نهايتها بعد عام. ولأن مشكلات السودان بعد ثلاثين عامًا من الحكم العسكرى كبيرة وكثيرة؛ فإن الطرفين المدنى والعسكرى نفد صبرهما، فبادر العسكريون إلى التخلى عن الشراكة وإقالة الحكومة المدنية ووضع الأعضاء فى الاعتقال أو الإقامة الجبرية! لكن الانتقال بالجديد ما صمد أكثر من شهر بسبب الضغوط الدولية ووقف المساعدات للحكومة والناس.

ليست هناك آلية سلمية للتغيير فى بلدان الاضطراب غير الانتخابات إنما مَنْ يقنع المسيطرين بالذهاب إذا خذلتهم صناديق الاقتراع؟ هذه هى المشكلة.

*Dec 25, 2021

السلاح والمال وسلطة الحكومة


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق