الثلاثاء، 14 ديسمبر 2021

هيغل او هيجل

 Sep 6, 2020

هيغل وأدوات التغيير الفكري في عالمنا

تطبيق جدليته لفهم واقعنا الفكري والمادي

 أرسطو وديكارت واسبينوزا وغيرهم من العباقرة الذين أنجبتهم البشرية، ولكن التقدير أن الفيلسوف الألماني العظيم هيغل قد تفرد بصياغة منهجية فكرية شاملة نستطيع أن ننتقي منها ما قد يفيدنا لفك طلاسم الحاضر والقادم.

إنه أهم فيلسوف أنجبته الولايات الألمانية بعد إيمانويل كانط،

لقد اعتمد كارل ماركس على هذه المنهجية الهيغلية لمحاولة شرح مفاهيمه لا سيما ما يتعلق منها بالتطور الاقتصادي للبشرية من الرأسمالية البدائية مروراً بالإقطاع حتى الرأسمالية المطلقة، وبنى على هذه المنهجية رؤيته للتطور الطبيعي للبشرية نحو الاشتراكية ومرحلة الشيوعية فيما بعد، ولكن التطور الفكري والاجتماعي لهيغل كان أكثر تجرداً،

عملية التناقض ثم التجميع،

هيغل... كبير فلاسفة الحداثة الذي لا يخبو بريقه

لا يعترف لصاحب «دروس في فلسفة التاريخ» بالعبقريّة والريادة وأصالة الأفكار، بمن فيهم فلاسفة ما بعد الحداثة الفرنسيون من فوكو إلى ألتوسير مروراً بديلوز ودريدا وبودريارد الذين امتشقوا السلاح للقضاء على الأفكار الشموليّة في تفسير العالم ومثاليات (الديالكتيك أو الجدل) الهيغلي دون هوادة

بعض المفاهيم الهيغليّة، كالاغتراب، وفلسفة حركة التاريخ، والديالكتيك، تعد نقط انطلاق للمادية التاريخيّة –التفسير المادي لحركة التاريخ كنقيض للأفكار المثاليّة بشأنه- وأحد المكونات النظريّة الأساسيّة للفكر الماركسي ومصدر إلهام المدرسة الوجوديّة في الفلسفة على الرّغم من أن الرجل نفسه كان محافظاً يميني الهوى عنصريّاً في مواقفه،

*

دراسة في ديالكتيكية هيجل

هيجل هو الفيلسوف الالماني الذي رفع راية الفلسفة المثالية في المانيا والعالم الى اعلى قمة لها في التاريخ لحد الان، وضع النظرية الديالتيكية التي شرح فيها فلسفة التاريخ كسجل لصراع العقل في عالمنا الواقعي من اجل وصول الروح الى الوعي والحرية والوحدة المطلقة في نهاية صراعهم.

*

هيجل والدولة

 وظيفة الدولة هي في عملية خلق التوافق الاجتماعي بين الطبقات المتنازعة ، وأن غاية التاريخ هي الدولة وغاية الدولة الحرية ، ولا حرية بدون دولة. 

 (الفلسفة التطورية) هي خلاصة فلسفة هيجل في منحى جدليٍّ تصاعديّ  ؛ فالروح تتطور من الحس إلى العقل إلى المعرفة المطلقة ، والقانون يتطور من القانون الأخلاقي إلى القانون المدني إلى القانون السياسي.

أسمى واجب أن يكون الفرد عضوًا في الدولة ،في حال كونه على علم بمضمونها المطلق متماهيًا  معها في حالة اتحادٍ مع انفصامه عن مضمونه الخاص ؛ وهو أي هيجل يجعل من هذا العمل في حد ذاته بطولةً حقيقيةً عندما تتلاشى الفرديات الأنانية ؛ التي هي  سبب كل فوضى وفساد واضطراب ؛ من أجل الإفساح لوجود هذا الكلي الأعلى الذي هو فوق الجميع ، ويكون كل شيءٍ مسخر له ، وهي أي الدولة (لها إرادة جوهرية تتجلى وتظهر وتعرف وتفكر في ذاتها وتنجز ما تعرف بمقدار ما تعرف ) وعندما تأتي السلطة من فوق ؛ فإن التنظيم المحكم يعم المجتمع ،  وهذا لا يعني الاستبداد ؛ لأن الاستبداد يعني أي حالة يختفي فيها النظام ،  وتكون  الإرادة في حد ذاتها سواء أكانت إرادة الملك أو إرادة جماعة من الغوغاء قانونًا حاكَمًا يرجع إليه.

يرى هيجل الحرية خارج الدولة ضربا من الوهم  ، ومفهوم الحرية عنده غير  محدد تمامًا وغامض بشكل مكثف لا يمكن أن نمسك به ؛ لكنه يؤكد على أن  الحرية الطبيعية أو الحق الطبيعي يتحقق فقط في الدولة 

يكون خارجها شيئا فارغا لا معنى له ؛ فليس هناك حرية طبيعية في ذاتها كهبة للطبيعة ؛ لأن الدولة هي التحقيق الأولي لها  ، وأن الحرية التي تنبع من ضمير الفرد ، أو ما يسميه كانط بالعقل العملي ، ستكون مجردة للغاية ؛ فنحن في الواقع أحرار ليس كأفرادٍ ، ولكن كأجزاء من كل يضمنا ، وهو الدولة ؛ فالحرية إذًا في الدولة ومن أجلها ؛ فبدلاً من التحرر من الدولة نتحرر بها ومعها .

 وإرادة الجميع ( الكل) هي إرادة الأفراد مجتمعةً  وهي أصل عند روسو في مفهومه للدولة ومع موافقة هيجل

هناك حريتان  حرية إيجابية وحرية سلبية حيث تقتصر الحرية السلبية على انتفاء القيود ومن ثم فليس هناك حريةً في الواقع ولا شيء إيجابي يتمحض  من الإرادة الخالصة  ؛ فأنت عندما تعمل ما يحلو لك ؛ فإنك بالفعلة هذه لا تكون ناضجًا فكريًا ولا حرًا ؛ لأن تصرفك لا يتضمن  أيَّ إشارة إلى الإرادة الحرة ، أو الحق ، والحياة الأخلاقية وأنه لا يعدو اختيارًا في ظل ظرف قسري ؛ فهو في الحقيقة اختيار غير حر وعلى حد تعبيره ؛ فإنّ الدولة قائمة على الحرية وليس على القسر.

فلو افترضنا أن هناك منتجًا ما وليكن (أ) مع أنه لا حاجة إليه إطلاقًا ولكن صاحب المنتج قدم حملة إعلانية ونجح في تغيير منحنى تفضيلات الناس  ؛ فالليبراليون يرون أن عمل الاقتصاد بهذه الطريقة رائع ، ولكن الراديكاليين يرونه بعكس ذلك وأن الاقتصاد لابد أن يعبر عن الحاجات الواقعية ويكون صورة صادقة عن المجتمع بدون تدخل ،  ويأتي رد هيجل مثل رد الاقتصاديين الراديكاليين ؛ أن المفهوم السلبي للحرية لا يستند بالفعل إلى قيمة تقوم على الاختيار الحقيقي ، ويعمد لغض الطرف  عن الطريقة التي تم الوصول بها إليه ،  ويرحب بأي ظروف تغير من طريقة الاختيار ؛ فهو في الحقيقي قسري وليس حرًا ؛

 هيجل إلى أن حصر الدولة في قضية إشباع حاجات الناس يعني الانهيار التام وقيام المجتمع المدني  على أساس اللامساواة الاقتصادية سبب قوي لزيادة عدد الفقراء نظرًا لتركز الثروة في يد الأقلية ، وهو أكبر خطايا الاقتصاد الرأسمالي مع قوله بدولة الرفاه والتقدم والازدهار وهو ما يرمي إليه هيجل، ولكن في نطاق القانون ؛ فالسوق في رأيه لا ينتج قانونا ولا عدالة ومن هنا نشأت الحاجة للسلطة ( الدولة ) التي تمثل المبدأ الأخلاقي العام وتناغمًا بين تضارب الأنانيات 

فالحرية الحقيقية إذًا هي أن تفعل الصواب داخل الدولة ، وهذا يعني إطاعة قوانين الدولة ، وفي العقد الاجتماعي لروسو ، كل من يرفض إطاعة الإرادة العامة يجب “إجباره” على فعل ذلك ، أي أنه مجبر على أن يكون حرًا 
 فلم  يكن يرى الحرية على أنها رخصة للعمل وفق رغباتي المطلقة،  ولكن لفعل الشيء الصحيح  ؛ فمن لا يستطيع أن يفعل الشيء الصحيح لا يمكن أن يقال عنه حرًا ، وعند تحليل كلام روسو نفهم أن مفهوما للحرية أو الإرادة قد تشكل من خلال الجميع خارج نطاق الدولة ، ومن ثم يؤخذ بالمجموع أو ما يسمى بالإرادة العامة ، ووفقا لروسو ؛ فالإرادة هي المجموع الكلي للاختلافات الصغيرة بين الأفراد التي تولد قرارًا جيدًا ؛

في الوقت المناسب تلغي نفسها تاركةً فقط جاذبية واحدة كبرى  نحو مركز الأرض ، وشبه هذا الانجذاب الكبير بالإرادة العامة فهذا المجتمع الذي له هدف مشترك أو إرادة عامة هو ما يسميه هيجل المجتمع الذي يوجد فيه “نحن الذي هو أنا وأنا الذي هو نحن” حيث الكل يصبح ذاتيًا وفرديًا وأنانيًا ، وهو ما يعارض القانون الكلي ومفهوم الدولة عنده 

 فروسو وفقا للإرادة لعامة يرى أن يجبر الأفراد لكي يكونوا أحرارًا ، وعليه  فقد تكون قضية الحجاب في فرنسا الروسوية  ؛ هي إجبار للأفراد على الحرية من منطلق الإرادة العامة

سمعنا من يقول  إن تعريف الحرية هو القدرة على فعل ما يحلو لنا ؛ فإنها لا أكثر من تعبير عن حالة من عدم النضوج الفكري ؛ لأنها لا تحتوي عن فكرة الإرادة الحرة المطلقة ، والحق ، والحياة الأخلاقية، ولو أخذنا على سبيل المثال حرية الصحافة   فهل هي قول ما يجب على المرء أن يكتبه أي ما تقرره الإرادة العامة المتجسدة في الحكومة ، أو هي قول وكتابة ما نشاء حين نقصد بالحرية فعل ما يحلو لنا ؛ بالنسبة لكانط  كل شيء في الطبيعة يعمل وفق القوانين ، والكائن العقلاني هو وحده من يتصرف وفقا لفكرة القانون ، ولكن من خلال إرادة ، وعقل الفرد وفق ما يمليه الضمير أما هيجل ؛ فإن الفعل الحر لا يكون إلا بما يتفق مع العقل الكلي المتجسد في الدولة. 




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق