الغالب محاط بأصدقاء و أنصار و خصوم و أعداء و مناضلين و انتهازيين و معجبين و منافقين. لديه قدرة كبيرة على أن يستحمل مختلف الاطياف البشرية و يتعايش معهم لأن المهم لديه هو ألا يكون وحيدا.
العلماء و الفنانون يجدون في العزلة ملاذا و مصدرا للإلهام فإن العزلة بالنسبة للسياسي هي أقسى عقوبة يمكن أن تمارس عليه. فالسياسي يدرك تماما بأنه متى تم عزله فإنه سيسهل الاستفراد به و من تم فإن مصيره السياسي لن يصبح بيده فيبدأ العد التنازلي لسقوطه الحر .
الدول نفسها عندما تريد أن تضعف خصومها و تعاقب الدول التي تزعجها فإنها تبحث أن تمارس عليهم عقوبة العزلة السياسية
عالم اللامرئي، حيث توجد ميكانيزمات في السياسة يستشعرها السياسي و لكن يصعب عليه وصفها أو حتى البرهنة عليها.
معظم السياسيين يجدون صعوبة في كتابة مذكراتهم لأنه من جهة، كثير من الأحداث تبقى مجرد تأويلات و تخمينات بدون دليل قاطع، و من جهة أخرى لأن السياسي في خضم صراعاته السياسية سيجد نفسه في مواجهة جبهات مختلفة و متناقضة، و سيجد نفسه في أحيان كثيرة في مواجهة شرسة مع من يدافع عنهم على أرض الواقع، مما سيجعله في حالة من الحيرة و الارتباك و الإحباط، و سينتهي به الأمر إلى أن يعترف في أعماقه بأنه لن يستطيع أبدا أن يفهم أصل الأشياء التي تربط بعضها ببعض.
السياسيين و من القياديين يستشعرون الخطر و يقرؤون المؤامرات التي تحاك ضدهم ، فحواسهم أصبحت تشبه جهاز لاسلكي يستقبل الإشارات و الرسائل المشفرة. و لكن بدل مقاومتهم هذا الإحساس الجامح و صمودهم في وجه الخوف و الخطر القادم الذي قد يأتي و قد لا يأتي فإنهم يستسلمون له و يقدمون تنازلات عن طواعية على أمل تجنب الخطر الذي قد يهددهم ، و لكنهم يتجاهلون أن الخوف الشديد من العزلة هي العزلة بعينها، لان هذا الخوف أرغمهم على تقديم تنازلات و قبول قرارات ضدا عما يؤمنون به و ضدا عما يسوقونه في خطبهم و بدون الرجوع إلى قواعدهم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق