Apr 22, 2020 Oct 31, 2021
في عالمنا العربي والعالم الثالث يُقاس نجاح القائد بتسيير الأمور. أي أنّ المدير الذي يُسيِّر الأمور بنجاح يعد ناجحًا.
فالمثقفون كثيرون، وهم الذين اكتسبوا ثقافتهم من خبرتهم أو من كثرة قراءاتهم، ولكنهم لا يأتون بجديد لأنهم لا يستطيعون الخروج عن النمط التفكيري السائد. وأما النابغة فهو من قرأ قليلاً أو عمل قليلاً، ثم أتى بالكثير من التجديد والتطوير في مجاله.
وإدراكًا لهذه الحقيقة، وشاهداً عليها، أنك ترى أن الأمريكان قد وضعوا اختبارات قياسية لكل شيء، كاختبارات القبول في الجامعات والدراسات العليا. والمتأمل لهذه الاختبارات - غير التخصصية - سيجدها تعتمد على حد أدنى من المعرفة العلمية، مع تركيزها على مقدرة الشخص العقلية في حل المسائل بطرق غير تقليدية، التي لا يستطيع اكتسابها عن طريق التدريب (أي الخبرة) ولا عن طريق التعمق في العلم أي (الأكاديمية). فرغم التشابه الشديد لأسئلة هذه الاختبارات، إلا أنه مهما تدرب الشخص على حل هذه المئات من نماذج هذه الاختبارات، إلا أن الحصول على درجات عالية فيها لا يتحصل إلا لمن له قدرة في التفكير خارج الصندوق بحل هذه المسائل بطرق غير تقليدية.
والمقدرة على التفكير خارج الصندوق موهبة فطرية تولد مع المرء، ثم تنمو وتتطور مع الممارسة والعلم. ومستوى تطور هذه المقدرة ونموها مرتبط ارتباطاً وثيقاً بمقدار مستوى الجرأة لصاحب الموهبة. فالخروج عن الفكر السائد، لا يقدره إلا صاحب جرأة فطرية. والجرأة هي مطية العقل، فمتى غابت الجرأة غاب العقل.
وفي عالمنا العربي المحسوبيات والاعتبارات الخاصة هي الأولويات المقدمة. ثم يأتي بعد ذلك معيار سلوك الدابة وطريقة تفكيرها. فالدواب يرسلها ربها في طريق جبلي منحدر، فتنطلق دون أي مراجعة أو إبداء رأي لربها، لتقطع الطريق بكفاءة عالية، لا يستطيع البشر مثلها. فالدابة لا تقدم الرأي والنصيحة وتراجع ربها إذا ما أرسلها في يوم مطير لا تثبت فيه حوافرها، فتنزلق بربها في الهاوية. والدابة لا تحسن إلا الوقوف إذا كان الطريق قد سُد بعقبة طبيعية كتدحرج حجارة، أو بعقبة اصطناعية وضعها المنافسون والمترصدون.
ولهذا ازدهرت في العالم العربي ثقافة الغش في التعليم، وثقافة تنصيب غير الكفؤ في المناصب القيادية في القطاع العام والخاص على حد سواء. فشهادات الخبرة أو الشهادات العلمية هي المعتبرة في العالم الثالث عند التعيين، لا النظر في نوعية حصيلة هذه الشهادات والخبرات من نتائج عملية تطبيقية.
فلماذا إذاً لا تزدهر اقتصاديات العالم العربي اليوم رغم وفرة الشركات الاستشارية الأجنبية. والجواب هو أنّ العالم العربي قد فشل في اكتساب المعارف.
*
المال والممتلكات أم الخبرة
إنفاق الأموال على الخبرات يوفر سعادة أكثر ديمومة. حتى حالة الترقُّب التي قد تعيشها أثناء انتظار خوض تجربة جديدة هي حالة تُثير المزيد من السعادة والإثارة أكثر من انتظار سلعة مادية.(9) أظهرت الأبحاث كذلك أن التجارب تميل إلى جعل الناس أكثر سعادة لأنهم أقل عُرضة لقياس قيمة تجاربهم من خلال مقارنتها بتجارب الآخرين، وهذا على عكس الممتلكات.(10)
تُحسِّن التجارب في الأطفال أيضا القدرة على تطوير التواصل واللغة، فهي تمنح الأطفال شيئا يتحدثون مع الآخرين حوله. ومن خلال المساعدة على تطوير اللغة، فأنت تدعم تطور مجالات التعلُّم الأخرى. على سبيل المثال، لإحراز تقدُّم في فهم الرياضيات، مثل: الشكل والمساحة والقياس، يحتاج الأطفال إلى أن يكونوا قادرين على مقارنة الحجم والوزن والطول والتحدُّث عنهم. (11)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق