May 19, 2020 Feb 3, 2021
أقل ما يوصف به أنه «وقع صدمة»، ذاك الذي أحدثه اعتراف الفنان الكبير هشام سليم بتحول ابنته (نورا) إلى ابنه (نور)، وكان واضحاً أن الاعتراف لم يكن مخططاً له، وأن تلقائية الاعتراف كانت شديدة واعتراها اضطراب وارتباك بديهيان، فليس سهلاً أن تقف شخصية مؤثرة ومشهورة هذا الموقف أمام جماهير غفيرة في شهر رمضان، وليس سهلاً من الأساس أن تكون أنت صاحب المعاناة والأزمة، ستكون على يقين أن أحداً يجلس مجلساً وثيراً في برجه العاجي لن يتفهمك، وسيصدر أحكامه المرفهة من موقعه هو لا من موقعك أنت.
أزمة اضطراب الهوية الجنسيَّة تجاوزت حدود الغرب، وبدأت تلح أمام أسوارنا العالية المحصنة، نحن أعتى المجتمعات التقليدية التي ترفض إعادة التفكير فيما نعده مسلمات، ونرفض مجرد الإصغاء لنتائج البحوث المختبرية، ونرفض إعادة النظر في أحكامنا السرمدية، فتح هشام سليم الباب على مصراعيه أمام هذا التابو متحملاً مسؤوليته كأب لشاب يعاني من هذا الوضع المفروض عليه، حيث ما تزال مجتمعاتنا تنظر إلى اضطراب الهوية الجنسية على أنه انحراف سلوكي يحتاج إلى علاج نفسي واستتابة، وفي أفضل الحالات علاج هرمونات فقط لا غير.
وفي السنوات الأخيرة فقط تم الاعتراف قانونياً بحالات الازدواج الجنسي، وهي أبسط حالات اضطراب الهوية، حيث يولد الشخص بأعضاء جنسية مضمرة تسهل عملية التحول الجراحي، ولكن ظلّت بقية الحالات مثار ريبة وتشاؤم من المجتمع.
ولا شك أن القضية ليست سهلة التقبل في مجتمعاتنا، خصوصاً بعد استغلال كثير من المنحرفين من مضطربي الهوية الجنسية لوسائل التواصل الاجتماعي، والتعبير عن انحرافاتهم غير المستساغة من المجتمع، ولكنَّ الإشكالية الثقافية التي ما تزال مجتمعاتنا عالقة في شركها، هي الحكم على المنتج السلوكي لهؤلاء قبل التعمق في النتائج العلمية.
فماذا يقول العلم عن (مجتمع الميم) المتحولون والمزدوجون والمتسائلون؟ وما هي الحلول الصحيحة لنمط حياتهم وللتعامل معهم؟ هذه الأسئلة قد تكون مرفوضة لدى الغالبية العظمى من مجتمعنا، ما يعيق فهمنا لحقيقتهم، ويعطل تحول أغلب أعضاء (مجتمع الميم) إلى مواطنين صالحين.
ما يتعين علينا فهمه مبدئياً، أن اضطراب الهوية الجنسية ليس فقط ميولاً جنسية مغايرة للمألوف، بل هو نمط حياة مختلف تماماً للفرد عما يراه الناس، وعما فرضته طبيعة الولادة.. إنه تعبير آخر عن الذات في اللبس واللعب والهوايات والعمل، يختلف عما تعكسه المرآة، إنه أحد التابوهات القديمة التي تزحف الاتجاهات العالمية بها إلى مجتمعاتنا.. وعلينا فقط الاستعداد لفهمها ومواجهتها.
نجل هشام سليم: أيه هى جريمة سارة حجازي؟.. إنها بتحب البنات!
وبدأ "نور" حديثه، بالتأكيد على دعمه لسارة حجازي، التي توفيت منذ أيام، وأثارت جدلا واسعا حول الترحم عليها بسبب مثليتها الجنسية، قائلا: "أنا قلبي متقطع على مصر.. والإنسانية اللي مش موجودة فيها.. اللي راضي بيا ومش راضي بسارة حجازي وملك الكاشف يبقى منافق".
وأكد نجل هشام سليم، أن العمليات التي أجراها ليصبح رجلا كانت تحولا جنسيا وليس عبورا كما زعم مسبقا، متابعا: "مكنش عندي خلل هرموني ولا "إنترسكس".. فأنا قدام ربنا اللي عملته ده غلط.. وأنتم ماشيين حبيبي يا نور.. وأعمل اللي تحبه".
وتابع حديثه، "أنا زيي زي سارة حجازي.. واللي مش راضي بيها مش راضي بيا.. ومش عايزه عندي"، مستنكرا الهجوم على الفتاة المثلية: "الجريمة بتاعتها إيه؟! أنها بتحب البنات.. أنتم مش ملايكة علشان تحكموا على الناس".
احنا بني أدمين يا جماعة، الجريمة بتاعتها ايه؟ انها بتحب البنات؟ انتو مش ملائكة علشان ترحموا الناس، فهموني أو فهموا نفسكم، أنا مش عارف انتو ليه بتدعموني ومش بتدعموا الناس التانية، أنا مش فاهم ليه الدعم دا كله ليا".
باتت حوادث الانتحار والإلحاد والشك موضوعًا للجدل والصراع الفكري والأيديولوجي خاصة بين الشباب بعد فشل الثورات العربية
موقف نقدي من الله (تعالى عما يقولون) ومن الفهم الديني وعلماء الدين (تتحدث عن ثورة دينية، اغتالوا الله، صورة الله المتغيرة لدى البشر، النص الديني الذي ضد النمو والتطور) وتتبنى مفاهيم نسوية، وتدعو إلى الحرية الجنسية وإلى "ثورة جنسية" كما تتحدث -بازدراء- عن المجتمع وأفكاره، وعن هؤلاء "الرعاع الغوغائيين الجهلة المتدينين فاقدي الإنسانية" وعن ضرورة "الانفصال عن القطيع المتشابه دينيًّا وجنسيًّا"
فالانتحار ليس جبنًا ولا شجاعةً، بل يكاد يكون -بحسبها- نوعًا من التحرر، فهي تتحدث عن "الوجود الفيزيائي الذي يُعيق عن التحليق بعيدًا عن الأرض". كتبت أيضًا عن أن "الألم -وحده- هو الذي يجعلنا نتغلغل ونذوب بداخل العالم وبداخلنا، لا شيء أسخف من الإنسان الذي يُكثر من نوعه" وأن الحصانة من الألم "لا تكمن في العدمية والتشاؤم فقط، بل أيضًا في أن نملك خيار الانتحار الذي يناسبنا" وهنا تقتبس عن الفيلسوف الألماني نيتشه قوله "إنني أحب من لا غاية لهم في الحياة سوى الزوال" وكان هذا من آخر ما دونته في أبريل/نيسان 2020.
النقد الجذري للدين، ولدعم الفهم الفردي للدين والشك الديني نفسه، وكان ثمة نغمة لإلقاء اللوم الكامل -في فعل الانتحار- على المجتمع نفسه.
لم تقف عند حدود التمرد على النظام السياسي فقط بل على المجتمع وقيمه أيضًا، ووصلت لتبني أفكار عدمية
الحرية الفردية والرحمة الإلهية الممتدة والغامضة وغير المشروطة، وطرف آخر ينطلق من موقف عقدي يؤسسه على مبدأ عامّ، وهو أن الرحمة الإلهية الأخروية لا تشمل إلا المسلمين الذين ماتوا على الإيمان بالله تعالى، ومن ثم فهو يتبنى تصورات صلبة عن الحلال والحرام ويطبقها على هؤلاء الأشخاص المعينين الذين هم محل الجدل (نستبعد هنا فريقًا أظهر الشماتة أو أمارات التشفي والانتقام بل والشتم أحيانًا).
فعلى مستوى تعقيدات الواقع، نحن أمام واقعة تجمع أكثر من إشكال (الانتحار، المثلية، الدين، الموقف من منظومة القيم السائدة في المجتمع) ومن ثم فمعالجتها تتصل بمجالات الفكر والدين والاجتماع والقانون والأخلاق.
ساهمت وسائل التواصل الاجتماعي في تطوير النشاط السياسي، سواءٌ في ثورات الربيع العربي أم في التغيير الفكري والديني والاجتماعي عامة، وهي وسائل حديثة تعظّم إمكانات وأدوات التعبير عن الأفكار والتشبيك والضغط.
الأولى: التمييز بين الشأن الخاص والعام، فنحن أمام وقائع لا ترضى بالاختيار الفردي (سواءٌ عن قناعة أم رغبة) بل تتعدى ذلك إلى ممارسة نشاط عامّ لنصرة أفكار وتوجهات محددة، ومن ثم فقد تلاشت المسافة الفاصلة بين الخاص المتمثل في أن كل شخص حر بأن يختار لنفسه ما يريد لنفسه، وبين العام المتمثل في الإعلان عن الاختيارات الشخصية، وهذا الإعلان يستلزم: (1) إشراك الآخرين فيها، ووضع النفس موضع التقويم والنقد منهم. (2) تلاشي المسافة الفاصلة بين المؤقت والعابر من جهة، والمستقر والراسخ من جهة أخرى، فبعض الأشخاص قد يكونون معرّضين لحالات من القلق والتوتر الداخلي والتقلب في عالم الأفكار والتوجهات ريثما يستقر بهم الحال على شكل من أشكال النضج الفكري، أي أن تقلباتهم هذه حالة مؤقتة قد تكون تعبيرًا عن اضطراب أو قد تكون تعبيرًا عن اجتهاد فكري ما في البحث عن الحق، ولكن وسائل التواصل الاجتماعي والتدوين العلني مكّنت الفرد من أن يخوض تجاربه علنًا، وأن يجرب ألوانًا من الأفكار كما يتذوق ألوانًا من الطعام ويتنقل بين المقاهي، ثم هو إلى ذلك يُشرك الآخرين معه فيها بل ربما دعاهم إلى خوض التجربة نفسها.
الثانية: التمييز بين الممارسة الفردية وبين النشاط الدعوي في المجال العام، والذي صار يُطلق على صاحبه صفة "الناشط". وهنا نحن أمام الانتقال من الاختيارات الفردية إلى الأيديولوجيا التي يُراد نشرها وحمل المجتمع على الاعتراف بها ومنحها صفة الحق، أي أننا أمام حالة "نشاط" يهدف إلى ممارسة تغيير اجتماعي لإزاحة عرف أو قيم سائدة للانتقال إلى عرف وقيم أخرى يُعتقد أنها "حديثة وطبيعية". ويتم في سبيل ذلك أحيانًا استخدام آليات الضغط والتنظيم، وهنا سيقع الصدام بين فئة الدعاة/الناشطين وبين المجتمع والمدافعين عن منظومة القيم السائدة، ويخطئ الناشط وحزبه هنا حين يحولان النقاش إلى معركة ضد "التوحش والانغلاق الديني، …" لأنهم في الواقع يموّهون على واقع أنهم يريدون فرض إرادة أو تصور معين على المجتمع ككل، ومن الطبيعي أن يلقى هذا التوجه مقاومة طالما أنه انتقل من الاختيار الفردي إلى حالة النشاط الدعوي وإرادة التغيير الاجتماعي.
الثالثة: التمييز بين الاجتماعي والأخلاقي والقانوني، فلا يمكن تجاهل الموقف القانوني من مسائل كالدعوة إلى تطبيع الممارسات المثلية مثلاً. واحترام القانون في ذاته قيمة يجب أن تصان،
إلقاء كامل المسؤولية على الظروف الاجتماعية أو السياسية يُحول الإنسان إلى مجرد منفعل مسلوب الإرادة والاختيار في مواجهة هذه الظروف
المجتمع مخير فقط بين أمرين: إما أن يقبل إملاءات فرد أو مجموعة أو أن يتحمل المسؤولية الكاملة عما يجري لهؤلاء، ولكن ماذا لو قبل هذه الإكراهات فقامت حركات مقاومة عنيفة لهذا، من سيتحمل -حينها- نشوء مثل هذا العنف في مجتمع متدين؟
الرابعة: التمييز بين الموقف الإنساني والموقف الفكري والعقدي عند وقوع حادثة موت أو انتحار شخصية قلقة. فالموقف الإنساني يفرض التعاطف مع الميت/المنتحر، والحزن لفوات نفس من الصواب، ولا ينبغي أن يتحول أفراد المجتمع إلى قضاة أو دعاة على أبواب الجنة أو النار. ويفرض الموقف الإنساني أيضًا التعاطف مع أهل الميت/المنتحر وذويه، وقد ميز الفقهاء قديمًا بين هذين الموقفين حين عالجوا مسألة تعزية الولد المسلم في أبيه الكافر، أو تعزية الوالد الكافر في ابنه المسلم، فجمعوا بين الواجب الإنساني والديني من دون أن يجدوا أي تنافر بينهما، ونحن نضرب هذا المثل بعيدًا عن إطلاق الأحكام على زيد أو عمرو، ولكن لمجرد إثبات الفكرة.
إزالة الشكوك في أصول العقائد واجبة،… والدعوة إلى الحق بالبرهان مهمة في الدين" كما يوضح الإمام أبو حامد الغزالي. والثاني: أن هذا النقد الفكري منفصلٌ عن الحكم على الميت نفسه باستحقاق جنة أو نار، فهو نقدٌ لأجل الأحياء، فالموت -دومًا- فيه عظة وعبرة للأحياء. أما أحكامنا الدنيوية فتُبنى على ظواهر الأحوال، لأن لها صلة بالشعائر الدينية من جهة، وبالحقوق القانونية المترتبة على هذا الحكم من جهة أخرى، وكل هذا يستدعي توفر المعلومات القطعية والحاسمة التي لا لبس فيها لذي صلة وليس لكل أحد!
فيما يخص المستوى الأخلاقي، لا بد أن نميز بين أمور:
الأول: تقويم الفعل في إطار أسبابه. فالخوض في الأسباب عامة قد يتطلب دراسات اجتماعية وإحصائيات، والخوض في الأسباب الخاصة بشخص محدد يتطلب الوقوف على معلومات مباشرة، ومن ثم فإننا نميز بين الحكم على الفعل العام، والحكم على فعل زيد أو عمرو تحديدًا. فالفعل العام فعلٌ مجردٌ عن الأسباب والسياق والملابسات، بخلاف الحكم على زيد أو عمرو، ومن ثم كانت هناك مسافة تفصل بين تقويم الفعل المجرد (كالانتحار، وممارسة المثلية الجنسية مثلاً) وبين تقويم الفاعل المعين (فعل زيد أو عمرو تحديدًا) لأن الانتحار قد يكون تعبيرًا عن مرض نفسي (كالاكتئاب) وقد يكون أيديولوجيا يضفي معنىً ميتافيزيقيًّا على هذا الفعل، والميل إلى المثلية الجنسية قد يكون نتاج اختلالات في البنية الفيزيولوجية للجسم أو نتيجة مرض ما أو شهوة جامحة، وقد يكون علامة على الانتماء إلى نخبة محددة (نوع من الهوية الأيديولوجية أو الوجاهة الطبقية!).
لثاني: أننا لابد أن نفرق عند الحديث عن الرغبات والشهوات (كالمثلية الجنسية) بين وجود الميل الداخلي وبين ترجمة هذا الميل إلى أفعال ظاهرة، فوجود الرغبة الداخلية والميل النفسي لدى بعض الأشخاص لا يقتضي -بالضرورة- التطبيع مع هذا الميل وجعله حقًّا يجب على الجميع الاعتراف به، كما لا يستلزم أيضًا عدم القدرة على دفعه أو مقاومته، ولو سلمنا بعدم قدرة الشخص على دفع هذا الميل المثلي (المخالف للنظام الطبيعي) فسنبطل فكرة تهذيب النفس ومشروعية التربية من أصلها، وعندها سنحتاج إلى/سنقوم بالتخير بين الرغبات (ما هو مشروع وغير مشروع) من دون قانون متسق، فَإضفاء الشرعية على المثلية الجنسية يستلزم نوعًا من التسويغ الأخلاقي، كما يستلزم مشروعية دينية وقانونية واجتماعية أيضًا، وهو ما لا يتوفر ويراد تغييره!
ماكس فيبر، وهو التمييز بين أخلاق الاقتناع وأخلاق المسؤولية، وهما مبدآن يحكمان أي فعل موجه أخلاقيًّا، وهما نوعان متباينان ومتعارضان. فمثلاً، حين يقرر شخص ما النضال من أجل فكرة ما، فإن الذي يحركه هنا هو أخلاق الاقتناع (الإيمان بفكرة مطلقة والإخلاص لها) ولكنه حين يخفق في إنجازها فإن أخلاق الاقتناع ستلقي باللائمة على المجتمع والمحيط الذي لا يقبل مثل هذه الأفكار الخلاصية، دون أن يعيد التفكير في قناعاته هو. والمتتبع لخطاب بعض الناشطين اليوم يجد أن أخلاق المسؤولية تكاد تختفي، وأخلاق المسؤولية مركزية في النظرية الأخلاقية، وهي تفرض أن الشخص عليه أن يتحمل عواقب أفعاله واختياراته.
ثمة مفهومٌ ديني يتصل بأخلاق الفضيلة (كالصبر والرضا والتوكل والشكر…) وهو مفهوم الابتلاء الذي تنطوي عليه هذه الحياة. وحين يفقد المرء الإيمانَ، يَكفّ مفهوم الابتلاء عن الفعالية، وربما يصل إلى حدود قصوى من الإحباط والتمرد والألم. والآلية الدفاعية التي يلجأ إليها بعض الناشطين هنا هي التطبيع مع الخطأ، بل ربما جعل التطبيع فعلاً نضاليًّا! ومن غير المفهوم لمن هو عاجز عن تغيير ما بنفسه والتحكم فيها أن يسوّغ السعي إلى تغيير المجتمع! إن هذه الممارسات ستقود في النهاية إلى معركة صفرية أو صدامات مع المجتمع، لأن الركون إلى مثل هذه المغامرات سيؤثر على الوضوح الأخلاقي (معيارية الصح والخطأ) وسينعكس على "العرف" الاجتماعي السائد..
نجل الممثل هشام سليم باكيا: من رضي بي ولم يرض بسارة حجازي فهو منافق
*
أنقرة - هاجم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ووزير داخليته سليمان صويلو أفراد “مجتمع الميم” متّهميْن إياهم بـ”التخريب”، ما يزيد من إثارة الغضب الشعبي على حكومة أردوغان خاصة بين شباب تركيا.
أدلى أردوغان بهذه التصريحات غداة توقيف أربعة طلاب متّهمين بأنهم علقوا في جامعتهم صورة للكعبة، أبرز المقدسات الإسلامية، وضع عليها علم قوس قزح رمز المثلية.
واتّهم هؤلاء الأشخاص بـ”التحريض على الكراهية” ووُضع اثنان منهم في الإقامة الجبرية والاثنان الباقيان لا يزالان مسجونين.
رغم أنّ القانون التركي خلال تاريخ تركيا الحديث يبيح المثلية الجنسية، إلا أنّ المثليين غالبا ما يتعرّضون لمضايقات وإساءات وكراهية.
ندد سليمان صويلو، الثلاثاء، بالاحتجاج الذي جد في إحدى الجامعات الكبرى في إسطنبول ووصف المحتجين بأنهم “شواذ منحرفون”، وذلك في بيان وصفته شركة تويتر بأنه مسلك بغيض.
*Nov 27, 2021
وما شأننا نحن العرب أو المسلمين، بهذه القضايا الفارغة في الغرب، والحق أن الزمن علمنا أن عالم الغرب يرى أن ما يراه صحيحا ومعبرا عن حقيقة القيم الجوهرية، يجب أن يكون كذلك في العالم كله... ومن يدري؟ فقد يأتي الزمن الذي تلزم فيه الدول وفق اتفاقيات دولية قبولَ وتطبيع مجتمع الميم... وإلا!
*
غريزة طبيعية أو مرض أو أنها محض اختيار شخصي عقلاني، والقول الأخير سادَ في الغرب تماماً. والقانون يتجاذبها بين التجريم المطلق والسماح غير المكبوح مُتعللاً بحقوق الإنسان. بعضُ المجتمعات تنظر لها بالرفض أو بالتورية كأنها لا توجد، وبعضها بالقبول والتشجيع والترويج. كل اعتبارٍ ديني وعلمي وقانوني ومجتمعي يحتملُ درجاتٍ من المعاملة.
على مر العصور ومنذ بدأت المثلية بقوم لوط عاشت هذه العقلية والرغبة والممارسة الشاذة بين البشر وبقيت مستترةً حتى سنواتٍ قليلةٍ ماضية حين شاعت الجرأةُ بين المثليين فأعلنوا توجههم وسعوا مع السياسيين والقانونيين والعلماء لتشريع المثلية، وهو ما حدث في الغرب. حتى وصلت الأمور للزواج وبناء عائلاتٍ مثلية.
لا تزال المِثلية عندنا بمنطقتنا مستترةً إلا من ظواهر منفردة لكن الأغلب على الظن أنها لن تبقى مستترةً لزمنٍ طويل أمام الطوفان الإعلامي والتواصل المجتمعي المشجعين لها وأمام تفضيل الدولة والهيئات الدينية التعامل معها إلا من باب الجريمة إن أُرتُكبت ومن باب الستر للمنكر. والواقعُ يقول أن هذه السياسة الخجولة ستفقدُ الزمام و لن تستطيعَ أن تقف بوجه إعلامٍ مُوَّجهٍ صارخٍ مؤيدٍ للمثلية و مؤشراتٍ عديدةٍ على انفتاح المجتمع على قبول المثلية والمثليين.
تتوازى هذه المؤشرات وشروط تضعها جهاتٌ دوليةٌ متعددة تحت عنوان التساوي ونبذ العنف والخوف الغريزي القائم على النوع وتحبيب الاندماج وذلك عندما تقوم هذه الجهات بمشاريع تنموية وإنسانية تحمل أدبياتها هذه الرسائل. وما التعميم الذي ذكرت إلا أحد هذه العناوين. على سبيل المثال، فإن السياسة المتبعة في الأمم المتحدة، وفي معظم المنظمات العاملة في الشأن التنموي والإغاثي سواء كانت تابعة لدولة أو دولية، تسمح وتشجع وترعى كل أنواع المثلية والمتحورين جسمانياً جنسياً وتطوعاً، بمعنى أنهم ليسوا حالاتٍ مرضية تستدعي التدخل الطبي. ومعظم هذه المنظمات له وجود قوي بمنطقتنا. كما أن كل التعليمات الوظيفية وحقوق الموظفين تغيرت وصار من حق الموظف المِثلي، ذكراً و أنثى، إضافة زوجه المماثل و تبني الأطفال. ومن حق الموظف المبعوث لدولةٍ أن يلتحقَ به شريكه المماثل. و هذه كانت معضلةً عند بعض الدول العربية، أن تمنح حق الإقامة لمثلي شريك لموظفٍ دولي مثلي. لكنها خضعت أو غضت البصر. كما توفد المنظمات بعثاتٍ متخصصة لمكاتبها لإرشاد موظفيها بحقوقهم ومنها حقوق المثليين. لم يكن هذا ليكون لولا انتشار واتساع و علو شأن الموظفين المثليين بالمنظمات الدولية والدعم السخي من الدول الغربية. و اليوم يندر أن ترى منظمةً لا يرأسها أو من كوادرها الرئيسية مِثلِّيٌ و مِثليةٌ بل أن عَدْلاً عكسياً يتم ممارسته بتشجيع توظيفهم على توظيف من ليسوا مِثليين. هذا مثيلٌ من الضغوط الناعمة لكن المتواصلة التي مع الوقت ترسخ المِثلية. وهي ستصبح مشكلة علاقات بين الدول كذلك فبعض الدول الغربية تصدر تقريرا سنويا يذكر من الدول من يتحاب و يتكاره و ينكر حقوق المثليين و قد ينال الكاره بعض العقوبات. و هناك من الدول من تُعَّيِّنَ سفراء مثليين فارضة على الدول أن تقرر قبولهم رضوخا أو ترفضهم لتقع في حرج، و إن قبلتهم فمعنى هذا قبول الشريك والولد و العلاقات المُنَمِيةَ للمثلية. و من الدول من وزراء بارزين بها مثليون. الأمثلة كثيرة و متنوعة و ليست إطلاقا محور طرافة يتندر به البعض بل أنه موضوعٌ جادٌ و لا يخلو من تبعات.
جل ما يعرض من أفلام و مسلسلات غربية، و بعض العربية، بدأ يُظْهرُ المثليين كما هم بكل حياتهم و شركائهم و الدفاع عن حقوقهم و الحماية لهم. مجتمعنا المشاهد للإعلام هذا لم يعد يستهجن أو حتى يستحي من هذه المشاهد. التحول من الرفض والاستنكار للقبول أخذ وقتاً لكنه ينجح بتحويل المعتقدات التي يحملها المجتمع خاصةً من الصغار و الشباب. و سيل الإعلام الجاذب لا يتوقف عن اكتساب هؤلاء المشاهدين. وكذلك ما تروجه المباريات الرياضية التي انتقدها أبو تريكة، و معه كل الحق. تخيلوا لو قررت الفيفا تشجيع المِثلية خلال موسم كأس العالم القادم و رفضت ذلك الدولة المنظمة. هل ستلغي الفيفا الموسم؟ مثلما صار ببطولة الاسكواش مع اختلاف السبب و اشتراكه بسياسة الدولة المضيفة و ممارستها لحقها. و لو لم تمانع الدولة المضيفة فما تبعات ذلك؟!
القضية اليوم ليست وجود المِثلية فهي موجودةٌ و ستبقى، لكنها في كيفية التعامل مع انتشارها قبل أن تصبح عندنا حالةً عامةً وعندها لا ينفع معها التجاهل و التورية و أن تصبح مفروضاً علينا أن نتقبله. و لا أقول بقبولها، فهي حرامٌ و عيبٌ و مُنكرٌ نرفضه ما عشنا. لكنها مع الإعلام الفاجر ستصبح مشكلة عائلية قريبا ومع التدخل الدولي مشكلةَ حكومات و معضلةً دينية طالما لا تتم دراستها و إيجاد مداخل منطقية و إرشادية للتعامل معها. فليقل لنا لذلك القانونيون و العلماء في الشرع و السياسيون كيف التعامل مع المثلية حين المجتمع يتواجه مع الإعلام الذي يعرضها كطبيعةٍ مقبولة والسياسة الدولية التي تتبناها و تفرضها بنعومة و خشونة علينا.
*Dec 1, 2021
الناشط في مجال حقوق المثليين والمدير التنفيذي في جمعية "حلم"، طارق زيدان، في حديث لموقع "الحرة"، إن "كلام اللاعب المصري خطير، لا مسؤول، وغير صحيح"، مشيرا إلى أن "وجود جهود لإعادة تفسير موقف الديانات السماوية من الهوية الجندرية بشكل عام، والمثلية بشكل خاص".
"يجرى العمل حاليا من قبل جهات مختلفة على تفسير الآيات والسور التي تتحدث عن قوم لوط، وذلك لتغيير المفهوم التقليدي الذي يتبناه عدد من الأشخاص، وبينهم أبو تريكة".
"أبو تريكة يريد تعميم رأيه الخاص الذي يخالف القوانين الدولية وحقوق الإنسان"، معتبرا أنه "آن الأوان في الدول العربية، أن يتم الحديث عن حقوق المثليين بصوت مرتفع".
الباحث في منظمة "هيومن رايتس ووتش"، الناشط المصري عمرو مجدي، وسم #ضد_رهاب_المثلية، مغردا: "علم نفسك: يخلق الناس أحرارا ومتساوين. لا فضل لأي أحد على آخر إلا عند ربه. وليست وظيفتك أن تحط من شأن أي شخص. توجد المثلية في البشر منذ فجر الخليقة وتوجد أيضا في الكثير من الحيوانات والمخلوقات الأخرى. قوانين تجريم المثلية عندنا هي إرث استعماري".
انتقدت الصحفية اللبنانية ليال حداد كلام اللاعب المصري، قائلة: "المثلية الجنسية ظاهرة‘ هو كم سنة لازم أي موضوع يصير علني ومتداول ومعروف تيبطل ظاهرة؟ المثلية الجنسية عمرها من عمر البشرية وبعدها ظاهرة؟".
المحامي المصري مصطفى فؤاد، مدير البرامج في منظمة "هيومينا" لحقوق الإنسان، عن مخاوفه في أن "يؤثر كلام أبو تريكة، صاحب الشعبية الواسعة في الدول العربية، على آراء الناس، الأمر الذي قد يزيد من معاناة المثليين والمثليات، وتحديدا في مصر".
"كلام شخص لديه متابعيه ينعكس على آراء الناس وأفكارهم، وما تقدم به لا يندرج إلا ضمن خطاب الكراهية والتحريض على العنف".
"أفراد مجتمع الميم يعانون في مصر من القوانين، ونظرة المجتمع والدولة إليهم"، مشيرا إلى "حملة اعتقالات تشنها السلطات الأمنية من خلال مواعدة المثليين والمثليات عبر تطبيقات التعارف الخاصة بهم للإيقاع بهم".
معظم دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لديها قوانين تجرم العلاقات الجنسية المثلية. وحتى في البلدان التي لا تفعل ذلك، ومنها مصر، يتم التسلح بـ"قوانين الأخلاق" وقوانين الدعارة والفجور لاستهداف مجتمع الميم، بحسب تقرير لمنظمة "هيومن رايتس ووتش".
في ديسمبر 2020، ذكرت وكالة أسوشيتد برس أن السلطات القطرية ستسمح برفع علم قوس القزح الناطق باسم الأقليات الجنسية خلال كأس العالم 2022.
يشدد طارق مصطفى، باحث مصري في شؤون الأقليات الجنسية والجندرية، في حديث لموقع "الحرة"، على أنه "من الضروري تصدي وسائل الإعلام لمواجهات خطابات الكراهية تلك، وخلق مساحات يتساوى فيها الكل بغض النظر عن اختلافات الميول الجنسية والهويات الجندرية".
تخوف مصطفى من أن "كلام أبو تريكة يعطي شرعية لخطابات وممارسات قمعية ضد المثليين في مصر"، مشيرا إلى أن "هذا النوع من التصريحات يستهدف فئة مهمشة في المجتمعات، تعاني من الاكتئاب والرفض والعنف المبرر قانونا".
دعم الفنان أحمد السعدني، اللاعب محمد أبو تريكة، بعد حديثه عن رفض تأييد المثلية الجنسية في الدوري الإنجليزي الممتاز والجدل الذي اُثير عقب تلك التصريحات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق