الأحد، 12 ديسمبر 2021

فالوظيفة الحكومية مريحة ودخلها مضمون وتزيد من الوجاهة الاجتماعية . البطالة

Sep 18, 2021

 وهذه معادلة معقدة تعجز الحكومة عن حلها، فالشباب يرفضون استيعاب أن الحكومة لا يمكن أن توفر لهم وظائف وأن وظائف أخرى قد تكون بعيدة عن اختصاصاتهم الجامعية لكنها توفر لقمة العيش.

أسباب عزوف الشباب عن العمل، هل لأن الجيل الجديد كسول ومرفه ويميل إلى حياة الكسل ويفتقر للرغبة في البحث عن ذاته ولا يدرك قيمة العمل، أم أن الأسرة أخفقت في تربية أولادها على الجهد وتحمل المسؤولية، أم لانتشار الإحباط واتساع الفجوة بين التعليم واحتياجات سوق العمل؟

لا يمر أسبوع وتعلن وزارة القوى العاملة في مصر عن حاجة الكثير من الشركات والمؤسسات إلى الآلاف من الشباب للتوظيف فيها برواتب جيدة، وبعد فترة قصيرة يتحدث المسؤولون عن ندرة إقبال الخريجين على الوظائف لأسباب غير مفهومة، بينما الغالبية من الفئات الشبابية تشتكي من البطالة وغلق أبواب العمل في وجوههم.

المفارقة إلى أن الشباب المصريين لديهم أزمة حقيقية مع مسألة العمل بشكل عام، فهم يشتكون البطالة ويرفضون التوظيف ويفضلون أن يكونوا أحرارا دون ضغوط أو مسؤوليات يمكن أن تقع على عواتقهم جراء الالتحاق بوظائف لا تتناسب مع أحلامهم، ومازالت الأغلبية تتمسك بأن تعمل في كنف الحكومة مهما ندرت المزايا والمكتسبات.

 أحدهما تخرج قبل عامين في كلية التجارة، والآخر حصل على بكالوريوس في كلية الحاسبات والمعلومات، ورغم أن المجالين متاح فيهما التوظيف بشكل سريع في القطاع الخاص، إلا أنهما لم يتقدما لأي وظيفة يتم طرحها بشكل دوري عبر وزارة القوى العاملة.

يقرأ عن وظيفة يجد راتبها لا يتناسب مع طموحه، فهو ينتمي لعائلة ميسورة نسبيا وتوفر له الأسرة أغلب احتياجاته الشخصية وتمنحه مصروفا شبه يومي للإنفاق على مستلزماته، وكان أعلى راتب في عروض التوظيف الدورية خمسة آلاف جنيه (321 دولارا) ويراه مبلغا هزيلا مقارنة بحجم مصروفاته.

 مصطفى فهو يرفض أن يعمل في وظيفة مغايرة للتخصص الجامعي الذي حصل عليه، ويأبى أن يكون تحت رحمة شركة أو مؤسسة تتحكم في تحركاته ومواعيده وتُملي عليه شروطها، ومع أي تصرف تقوم بالخصم منه وتوقيع الجزاء عليه، لأن شخصيته متحررة وترفض القيود والضغوط والمسؤوليات الوظيفية، ويرى العمل في الحكومة هو الحلم الأكبر المريح له.

رفض الكثير من الشباب تحمل المسؤولية في ظل اعتيادهم الاعتماد على العائلة في تحمل المصروفات الشخصية، ما يدفعهم للعزوف عن الارتباط بوظيفة قد تمنع عنهم “الراتب الأسري” أو تقف عائقا أمام استمرار الرفاهية والراحة التي تعودوا عليها.

المعضلة الأكبر أمام العديد من الشباب أن الوظائف المتاحة لا تتناسب مع سقف طموحاتهم الأدبية والمادية والاجتماعية، إذ يضع كل منهم نفسه في مكانة عالية يرفض التنازل عنها مهما كانت الأبواب مغلقة والفرص المتاحة قليلة، وهذه أزمة إرادة لدى الشباب.

التنشئة الاجتماعية الخاطئة سهلت تمرد شريحة ليست بالقليلة من الشباب على كل وظيفة خارج الجهاز الإداري للحكومة، فهناك نظرة دونية لفرص العمل المرتبطة بالحرف اليدوية وعمليات البيع والشراء والتسويق والأعمال المكتبية والإنشائية وغيرها وحال استمرت هذه الثقافة سوف تكون تبعاتها كارثية على الكيان المجتمعي.

الشباب المصريين يعانون من أزمة كسل وتواكل، والتقاليد الأسرية شجعت على ذلك، فلا تتم تربية المراهقين والصبية على تحمل المسؤوليات والتدريب على العمل منذ الصغر لزرع ثقافة الكسب والاجتهاد والمثابرة وتحدي الصعاب، وترتب على ذلك فقدان الكثير من الأجيال المعاصرة لقيمة العمل والوقت وتراهم متراصين في المقاهي أغلب الوقت.

صدمة عدم مواءمة التخصص التعليمي مع احتياجات سوق العمل، ولأن هناك حالة من الاستسلام للأمر الواقع تحت وطأة الإحباط الذي يشعر به الناس جراء الضغوط وغلاء المعيشة ويتسلل الشعور نفسه لشريحة من الشباب بلا عزيمة قوية.

 قناعة شخصية بأنه مهما كانت الوظيفة المتاحة في القطاع الخاص ملائمة نسبيا على الصعيد المادي لن تصل بظروفهم إلى المكانة الأفضل التي تحقق لهم الرضا المعيشي والاقتصادي، ويقتنع هؤلاء بأن وجودها مثل عدمه، وبالتالي لا داعي لإرهاق الذات نفسيا وذهنيا، في حين أن الظروف السيئة لن تتبدل بفرصة عمل.

يصعب فصل خيبة الأمل التي يعاني منها الشباب المصريون عن الأجواء العامة اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا، فهناك أزمات خانقة وشعور متصاعد بأن الوظائف التي توفرها الحكومة للخريجين للعمل في القطاع الخاص ما هي إلا مسكنات ومحاولة للترضية والإيحاء بأن الفئات الشبابية هي من ترفض العمل، بينما ما يُطرح لا يوفر الحد الأدنى من الرضا والقبول.

تخرج في كلية السياحة منذ ثلاثة أعوام، ومازال يعاني البطالة، أن فرص العمل المتاحة في شركات السياحة الخاصة من جانب الحكومة تمثل بالنسبة إليه إهانة إذا قبل بها، فهي وإن لم تكن عبارة عن وظيفة أمنية كفرد حراسة، تضعه بوظيفة مندوب المبيعات أو التسويق، وهذه الوظائف ديكور للشركة.

تفضيل البطالة عن الانضمام لوظيفة تخالف أحلامهم صار ظاهرة عامة لأسباب ترتبط باليأس من تغيير حياتهم للأفضل وعدم الشعور بالأمن الوظيفي في القطاع الخاص وإخفاق الحكومة في إلزام رجال الأعمال بحماية حقوق الموظفين والمساواة بين مزايا الوظيفة الحكومية والخاصة.

لا ينكر الشاب أن المجتمع نفسه كرّس ثقافة تمرد الشباب على الكثير من الوظائف المتاحة، إذ ينظر لها بدونية مهما كان عائدها المادي، وعندما يتقدم بعض العاملين في وظيفة غير ملائمة لتخصصه التعليمي لفتاة للزواج منها قد يُتهم بأنه فاشل دراسيا أو ظروفه المادية صعبة باعتباره قبل “أي وظيفة” من أجل المال، ويصبح الشباب ضحية لعنصرية مجتمعية.

هناك نظرة دونية لفرص العمل المرتبطة بالحرف اليدوية وعمليات البيع والشراء والتسويق تهدد الكيان المجتمعي

تعامل المجتمع مع الوظيفة بمنطق الوجاهة كرس تمرد الشباب على فرص العمل المتاحة حتى لو كانت عوائدها المادية معقولة، وجعلهم أكثر كسلا، والكثير من الأسر لم تعلم أولادها كيفية التخطيط للمستقبل وتحفيزهم على الاعتماد على أنفسهم وزراعة الأمل.

غياب القدوة الحسنة أمام الشباب الذين بدأوا من الصفر في القطاع الخاص حتى تحقيق أحلام الشهرة والمال، جعلت الكثير منهم يشعرون بعدم قيمة العمل الذي يحتاج إلى جهد وعزيمة ومهارات، وباتوا محبطين وينتابهم إحساس دائم بتوقع الفشل مبكرا، وهذا يحتاج إلى حملة توعية ضخمة لتغيير هذه القناعات.

تفرض هذه المخاوف على الحكومة أن تقترب من الطموحات الشبابية وتقرأ ما يدور في خيالهم وتحاول البحث عن حلول وبدائل واقعية، أولها مواءمة التخصصات التعليمية لفرص العمل وإلغاء ما لم يعد مناسبا منها لمتطلبات العصر، لأن استمرارها ليس في صالح المجتمع ولا الشباب، فالحكومة وحدها ستدفع فاتورة زيادة البطالة.

بيئة العمل وتحقيق الذات


أوضح هاشم أستاذ التنمية والتخطيط أن عدم التعامل مع الشباب باعتبارهم مصدر الطاقة الاجتماعية مؤشر خطير، لأنهم وحدهم القادرون على تغيير الواقع بكل تفاصيله، ومن المهم معالجة التشاؤم الذي يراود مستقبلهم الوظيفي كمدخل للقضاء على حالة الإحباط التي تسللت إلى بعضهم بحيث لا يكون هناك شعور بالغربة بين بيئة العمل وتحقيق الذات.

متابعون لظاهرة العزوف الشبابي عن التوظيف، أن الحكومة المصرية تتحمل الجزء الأكبر من المسؤولية، لأنها تتحرك دون خطط واقعية على مستوى التنمية وتحسين مستوى المعيشة، فهي تؤسس العشرات من المجتمعات السكنية وأغلبها يكون بعيدا عن التجمعات الصناعية التي تنشئها الدولة ويحتاج كل شاب لراتب خاص للمواصلات بين السكن ومقر العمل.

الحكومة لم تفرض بشكل حازم على الكيانات الاقتصادية الخاصة أن تمنح موظفيها نفس المزايا التي يحصل عليها الموظف العمومي، كنوع من المساواة بين الطرفين، بشكل يشجع الشباب على العمل بوظيفة آمنة خالية من التعسف وإجراءات الفصل وقطع مصدر الرزق في أي وقت، ما شجع الكثير من الشباب على العزوف عن التوظيف لغياب الأمان الوظيفي.

يمكن البناء على ذلك أنه لو كانت هناك فئة شبابية متمردة على الوظيفة بشكل عام، فهناك شريحة أخرى لديها طموحات شخصية لا تتناسب مع الممارسات الخاطئة التي تقوم بها العديد من المؤسسات الخاصة وسط غياب للرقابة الحكومية لتوفير ضمانات قانونية تحفظ الحقوق الأدبية والمادية والصحية لهم، وصاروا بين خيارين، إما تفضيل البطالة أو العمل الحر.

Nov 2, 2021

  • قلّة الأعباء الوظيفيّة: عبء العمل في الوظيفة الحكوميّة يكاد لا يُذكر، لذا يحظى الموظّف بوقت فراغ يُمكّنه من القيام بأنشطة أخرى، كما يساعده في العودة إلى المنزل بمزاج أفضل. بالمقابل، يضطر الموظف في القطاع الخاصّ إلى العمل لأكثر من 8 ساعات، وذلك بشكل يومي، حتى يتمكن من الترقي أو إثبات جدارته في المنصب الذي يشغله.
الاجازات والتامين والراتب 

*
Nov 10, 2021
Dec 10, 2021

"إن فاتك الميرى اتمرغ فى ترابه"، مثل شعبي دراج، يقال في الأرياف لدى عدم إمكانية الشباب في الحصول على وظيفة حكومية، حيث يرى البعض أن الوظيفة الحكومية هي الأهم في مسيرة الشاب. 2019

هذه المقولة الشعبية رسخت أفكار سلبية ـ للآسف ـ عند البعض، وجعلت كثير من الشباب يعزفون عن النزول لسوق العمل الخاص، إنتظاراً للوظائف الحكومية، بالرغم من أن الجهاز الإداري للدولة يكتظ بالموظفين، وقد يكون مؤهل الشخص غير مطلوب، أو تقديره الجامعي لا يؤهله للالتحاق بوظيفة حكومية، ومع ذلك تبقى الأحلام في "الوظيفة" ملازمة للشاب، حتى يخرج من مرحلة الشباب ويدخل في مرحلة آخرى وهو ينتظر ويفضل الإنتظار دون البحث عن مشروع شخصي أو عمل خاص يدر عليه رزق حلال.

بعض الشباب تخلوا عن هذه الأفكار السلبية، وشقوا طريقهم، ورسموا مستقبلهم، من خلال الالتحاق بالقطاع الخاص، أو تنفيذ مشروع شخصي، وبعضهم بات الآن ضمن مصاف رجال الأعمال، وآخرين كبرت تجارتهم وتوسعوا في مشاريعهم.

بعض الشباب العازفون عن العمل بالقطاع الخاص، والمتلطعون على المقاهي يسهرون طوال الليل ويستيقظون عصراً، تنفق عليهم أسرهم، هم نفس الأشخاص الذين يترددون على مطاعم أكل ومشروبات وكافتيريات ومشروعات ناجحة أقامها الأشقاء العرب المتواجدين في مصر، ولم يفكر شبابنا في سر نجاح هؤلاء الأشخاص المغتربين في بلادنا، في حين أن شبابنا يتكاسل ومازال ينتظر العمل الحكومي، ويقضي معظم وقته إما على المقاهي أو على الانترنت.

وبصفتي محرراً للشئون الأمنية، أرصد يومياً عدة قضايا تضبطها مباحث الأموال العامة، يقع ضحاياها الشباب الذين يلقون بـ"تحويشة" العمر بين أيدي النصابين طمعاً في الحصول على الوظيفة، ثم تتبخر أحلامهم عندما يستولي النصابين على أموالهم ويهربون.

عزيزي الشاب المنتظر للوظيفة الحكومية، عجلة العمر تدور ولن تتوقف، فإنهض من غفوتك وابحث عن فرصة عمل في قطاع خاص، أو مشروع شخصي، لتساهم في عجلة الإنتاج لبلدك، ولتكن شريك نجاح في إقتصاد وطنك، فلا تكن عبء على غيرك، بل كن أداة إنتاج ونجاح، وإن "فاتك الميري اتمرغ في تراب الخاص".




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق