الأحد، 12 ديسمبر 2021

سياسة الكتمان . الغموض

Dec 6, 2021

 يتجاوز الكتمان الذي يحرص عليه الرئيس السيسي إشكالية الإعلان عن تعديل وزاري أو تبديل مسؤول، ووصل الأمر إلى أن الكثير من المشروعات التنموية لا يعرفها العديد من الناس سوى عند افتتاحها أو في أثناء مرورهم بالصدفة بالقرب منها

خيّب السيسي ظنون من اعتقدوا أنهم على علم بما يجري في كواليس مؤسسة الرئاسة من تطورات وأسرار، فلا أحد يعلم متى يحدث التغيير وما هي آلياته ومعاييره وتوقيتاته، وإذا سألت أحدهم لن تحصل على إجابة، فقد بات الأمر في جعبة الرئيس وحده.

تشير عملية تغيير المسؤولين في مصر إلى جانب مهم في فلسفة النظام الحاكم تمنحه خصوصية عمن سبقوه من أنظمة متباينة كانت هذه السياسة جزءا أصيلا فيها، واعتبرتها ضمن أدوات العقاب أو الثواب، ما جعل شخصيات عدة لا تملك رفاهية التيقن من البقاء في مناصبها إلى اليوم التالي.

وقعت أحداث مؤسفة الفترة الماضية في قطاع السكك الحديدية ولم يلجأ السيسي إلى إقالة وزير النقل اللواء كامل الوزير، ليس لأنه ينتمي إلى المؤسسة العسكرية، بل لأن هذا القطاع مترهل منذ فترة طويلة ولن تتوقف فواجعه إلا بعد إصلاحه تماما، وعند تغيير وزير النقل الحالي سيتوقف مشروعه الإصلاحي ويأتي آخر يواجه حوادث قد تكون أشد بشاعة.

يعتقد البعض أن انتماء السيسي للمؤسسة العسكرية أسهم بدوره في الإسراف في سياسة الكتمان، ويتجاهل هؤلاء أن ثلاثة من الرؤساء المصريين السابقين (عبدالناصر والسادات ومبارك) خرجوا من هذه المؤسسة أيضا وكانوا أكثر ليونة وأقل كتمانا، وتعاملوا وبدرجات متفاوتة مع عملية التغيير العام كأداة لامتصاص غضب الناس من خلال وضع الخطأ على عاتق المسؤول لتبرئة النظام.

الابتعاد عن الاستعانة بهذا المنهج في عهد السيسي يحمله وحده التبعات السياسية، وعدم اعتماده على لعبة التغيير لدغدغة مشاعر الناس وتطويق غضبهم يضع المسؤولية على عاتقه ويجعل الانتقادات موجهة إليه مباشرة.

ففي الحالتين لم يعد الكتمان الزائد يتسق مع تجاوز مرحلة تأسيس الجمهورية الثانية التي بشر بها الإعلام المصري، والتي تحتاج إلى خطوة جريئة نحو إدخال إصلاحات سياسية باتت ضرورية أكثر من أي وقت مضى.

الإصرار على الكتمان يقلل من التفاف الناس حوله، فهم بحاجة سريعة إلى إجابات شافية للقاعدة الإعلامية الشهيرة للخبر، ما ومتى وأين وكيف ولماذا.

*

 غضبه الشديد من صمت الوزارات والمسؤولين عن خبر زيادة البوتاغاز، وانفراد "المصري اليوم" وبعض الصحافيين بالتسريبات.

*

الغموض في بعض القضايا الحيوية يحمل إشارة بالغة السلبية للحكومة لأن الناس لن يقفوا صامتين حيث يحتاجون إلى فهم يفك لهم أسرار التخبط الذي يحدث في بعض دواليب الدولة وألغازه.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق