التساؤلات العميقة حول الديمقراطية. ومنها: ما الديمقراطية؟ هل هي صناديق الانتخابات لا غير؟ أم إنها تعني في جوهرها مجموعة من القيم والمفاهيم الثقافية التي ينبغي أن تترسَّخ في نفوس الناخبين قبل عملية الانتخاب؛ منها التسامح والعقلانية وتقبل الآخر المختلف واحترام هذا الاختلاف؟ وهل هناك نمط موحد للديمقراطية، فنعدّ الديمقراطية الغربية، خصوصاً النمط الأميركي، نمطاً مقدساً يجب نسخه وتطبيقه بحذافيره في بلدان أخرى؟ أم إن للديمقراطية أنماطاً متنوعة، حتى تناسب التنوع الكبير في ثقافات الدول وقيمها وعقليات شعوبها والخصوصيات التاريخية والاجتماعية لها، وبالتالي يحق لكل دولة استكشاف النمط الديمقراطي المناسب لها؟ وهل هناك مرجعية مطلقة مفوضة إطلاق الحكم على الغير، فتقسم العالم إلى عالم ديمقراطي وآخر شمولي أو استبدادي... إلى عالم متحضر وآخر وحشي... إلى عالم الأنا، وعالم الغير؟ أم إن هذه المرجعية لا تتمتع بأي شرعية قانونية أو أخلاقية، وإن هذا التقسيم لن يحقق إلا مزيداً من استقطاب العالم وتمزقه، وإن تشويه الآخر المختلف وشيطنته يناقض الروح الديمقراطية نفسها؟ وهل الديمقراطية دواء سحري يصلح لعلاج كل أمراض العالم السياسية والاجتماعية والاقتصادية؟ أم إن هذا الدواء يحمل في داخله السموم أيضاً إذا أُسيء تناوله، وقد ظهرت آثارها الجانبية القاتلة في العديد من الدول التي اندلعت فيها ثورات «الربيع العربي» المطالبة بالديمقراطية؟ هذه التساؤلات وغيرها تثار لا لإيجاد أجوبة جاهزة عنها؛ إنما لكي نزيل الإطار الذهبي الوهمي حول الديمقراطية، ونتأمل في المسائل المتعلقة بها بعقلانية وواقعية، بوصفها وسيلة سياسية من أجل تحقيق سعادة الإنسان ورفاهية المجتمع، لا بصفتها غاية ماورائية تعلو ولا تُعلى.
النمط الديمقراطي الأميركي نفسه أبعد ما يكون عن الكمال، وأن المجتمع الأميركي يعيش اليوم أزمات عميقة تهدد بتمزيق نسيجه وتقويض وحدته، مثل الاستقطاب السياسي والآيديولوجي، والتفاوت الطبقي، والتمييز العنصري، وانتشار الأسلحة والجرائم والمخدرات، والإدمان على الحروب والتدخل في شؤون الآخرين.
بأي حق تحرص الدولة الأميركية على نشر؛ بل فرض ديمقراطيتها المريضة في أنحاء العالم؟
من الأفضل أن تركز جهودها في إصلاح ديمقراطيتها وتحسين شؤونها الداخلية وعلاج أمراضها المزمنة؟ وهل حقاً الإدارة الأميركية تهتم بحقوق الإنسان الصيني، أو العربي، أكثر من اهتمامها بحقوق الإنسان الأميركي؟ وأخيراً؛ إذا كانت الحكومات الغربية تحترم حقوق مواطنيها في رفض أخذ اللقاحات ضد فيروس «كورونا» التي يشكون في فاعليتها أو يخافون من آثارها الجانبية، فلماذا لا تحترم حقوق البلدان الأخرى في رفض نمطها الديمقراطي الذي تشك في فاعليته؛ بل ثبت فشله مراراً وتكراراً؟
في الختام؛ أقول كل ذلك لا لكي أنكر أنَّ كل مجتمع تواجهه مشكلات مختلفة، وأن أميركا لا تزال تحظى بميزات وإيجابيات كثيرة، ولا لكي أشجع الحكومات على التهرب من واجب استكشاف النمط الديمقراطي المناسب لها، أو أدافع عن الأنظمة التي تمارس الظلم والطغيان ضد مواطنيها، بل لأؤكد ضرورة التعايش السلمي والتنافس الإيجابي والتعلم المتبادل بين التجارب السياسية المختلفة. وعلينا أن ننظر إلى السياسة بالنظرة التي كان يتحلَّى بها الحكيم الصيني القديم سون تسي (Sun Zi) في كتابه الخالد بعنوان: «فن الحرب»، حيث قال عن الحرب: «إنها من جلائل أمور الدولة؛ حيث يكمن الموت أو الحياة. وإنَّها طريق تؤدي إلى الوجود بقدر ما تؤدي إلى الهلاك. فلا يمكن إلا النظر فيها بعناية وتأنٍّ».
*
Nov 24, 2021
نقد النظام الديمقراطي المقدس وثن سياسي و صنم قانوي
ديمقراطية الشعارات
في وقت تنتشر فيه الحروب والنزاعات وتكثر فيه انتهاكات حقوق الإنسان وتنقلب أنظمة رأسا على عقب، يدعو الرئيس الأميركي جو بايدن لعقد قمة افتراضية من أجل الديمقراطية
حوالي 110 دول يراها الرئيس الأميركي ديمقراطية بالقدر الذي يؤهلها للمشاركة.
مشاركة تايوان، التي لا تعترف بها الولايات المتحدة حتى كدولة، ولكنها على الأقل مفعمة بالديمقراطية. ولا ينطبق هذا المعيار على دول أخرى مدعوة إلى القمة، مثل جمهورية الكونغو الديمقراطية وزامبيا وباكستان.
لا يتقنون إلا الثرثرة، دون تحرك فعلي.زعماء العالم
البرازيل والهند والفلبين، إلى نماذج ترمز إلى تراجع الديمقراطية، حيث يقوم قادة هذه الدول الشعبويون الأقوياء، باقتباس أساليب من نهج السلطويين، وبتخريب الأعراف الليبرالية.
أندرياس كلوث: ثلثا العالم يعيشون في ظل نظم استبدادية أو ديمقراطية متهاوية
ويقول كلوث “بالطبع، التراجع الديمقراطي بعيد كل البعد عن أن يكون ظاهرة أميركية، فهو يحدث في كل مكان، تقريبا: انحدار بشدة إلى الطغيان، كما هو الحال في ميانمار وأفغانستان وبيلاروس، أو انزلاق تدريجي- كما هو الحال في المجر وتركيا، اللتين لم يوجه إليهما بايدن دعوة للمشاركة في قمة الديمقراطية”.
باستشراء الفساد، وبما يرتبط به من انتشار فقدان الثقة وعدم الاكتراث بين السكان. وفي أحيان أخرى، تتعلق المشكلة بالتفكك التدريجي للضوابط والموازين، مثل استقلال القضاء، كما هو الحال في بولندا (المدعوة رغم ذلك للقمة). وقد زادت جائحة كورونا الأمر سوءا، حيث وفرت للمستبدين قدرا كبيرا من المبررات لفرض المزيد من القيود التعسفية.
وفي كل مكان تقريبا، تغذي المعلومات المضللة ونظريات المؤامرة الاستقطاب والانقسام والتشكك، حيث إنها تنتشر في عصر الإنترنت أسرع من أي وقت مضى. والعقول المدبرة وراء هذه الحملات هي في الغالب من الأعداء المعروفين للديمقراطية الليبرالية، مثل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ونظيره الصيني شي جين بينج.
فرصة كبيرة للحديث الحماسي للبقية الباقية من الديمقراطيين في العالم، من النشطاء، والزعماء المدنيين، والساسة أصحاب النوايا السليمة. بل أكثر من ذلك، يراد للقمة أن توجه دعوة حاشدة للدول الليبرالية، بشكل أو بآخر، للدخول في تحالف تقوده الولايات المتحدة ضد القوى الاستبدادية. وقد اعتبر بايدن نفسه هذه القمة بأنها “صراع عالمي بين الديمقراطية والاستبداد”.
خطورة أن تتحول القمة إلى ما دفع الفتاة السويدية تونبرغ إلى التهكم على زعماء العالم في قمة المناخ، ففي أسوأ الحالات قد تتحول قمة بايدن الديمقراطية إلى مجرد ثرثرة، وقد يتمكن بايدن من حشد الديمقراطيين الحقيقيين والمدعين، لإجراء حديث مطول يتسم بالنفاق عن أمور غير ذات أهمية ولالتقاط الصور، وبذلك لن يصبح أي إنسان في أي بقعة من الأرض أكثر حرية، بل وسيتفشى التشاؤم على نطاق أوسع.
عدو خارجي يتمثل في نظم استبدادية مثل روسيا والصين، والثاني أكثر مكرا أو غدرا ويتمثل في خائني الحرية والانهزاميين المحليين.
ستدرك الديمقراطيات
في عام 1987، عندما كانت الديمقراطية تتقدم ولا تتراجع، قال الرئيس الأميركي الراحل دونالد ريجان بشكل واضح “الحرية ليست أبدا أكثر من أن بيننا وبين الانقراض جيلا. يتعين على كل جيل أن يكافح من أجل الحرية والدفاع عنها”. ويرى كلوث أن على بايدن أن يجدد هذه الموعظة أمام ضيوفه في قمة الديمقراطية، وأمام جميع الأميركيين.
"الكلمات والوعود الفارغة" للسياسيين
Nov 29, 2021
تقسيم العالم
عبد المنعم سعيد
تنوّع العالم بحاجة إلى أنماط متعددة من الديمقراطية
- السفير الصيني لدى السعودية
Dec 1, 2021 Dec 6, 2021 Dec 10, 2021
المعروف في الأنظمة الديمقراطية أن المدارس، والجامعات، والأحزاب، مدارس رئيسة لإكساب الشباب أليات الممارسة الصحيحة للديمقراطية.
قبل وصم الشعوب العربية بالأمية السياسية، عليك أن تسأل نفسك هل لدينا حواضن لتأهيل الشباب سياسياً. من الخطأ حصر الديمقراطية في المنافسة على المناصب السياسية. الديمقراطية في معناها الأشمل حائط الصد أمام محاولات اختطاف عقول قادة المستقبل.
*
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق