May 1, 2020
فعلى مدار الأسابيع الماضية؛ قامت بلدان عدة -خاصة في جنوب آسيا مثل كوريا الجنوبية وتايوان وهونغ كونغ وكذلك الصين- بتطوير واستخدام تقنيات رقابية حديثة، تستهدف تتبع المصابين بالفيروس ومعرفة دوائر اختلاطهم، وذلك من أجل مكافحته ووقف انتشاره. في حين تقوم دولة مثل إسرائيل باستخدام هذه التقنيات لفرض رقابة على حركة الأفراد، بتتبع تحركاتهم ومعرفة أماكن وجودهم بحجة مواجهة الفيروس.
ومن المتوقع أن يتزايد لجوء الدول -سواء الديمقراطية أو السلطوية- إلى تقنيات مشابهة خلال المرحلة المقبلة، وذلك بذريعة الحفاظ على الصحة العامة، وحماية مواطنيها من مخاطر الأوبئة. وسيكون من حق الهيئات والمؤسسات الحكومية الدخولُ على السجلاّت الطبية للأفراد، ومعرفة تاريخهم الصحي، دون إذن مسبق منهم كما هي العادة. ايمكن كما الحساب البنكي
ومن بين ما يعنيه ما سبق دخولُنا رسمياً في عصر السلطوية الرقمية (digital authoritarianism) الذي يفرض مزيدا من الرقابة والتحكم في سلوك الأفراد بحجج صحية وتحت ذرائع طبية.
وإذا كان الأمر موجودا الآن بالفعل في الأنظمة السلطوية التي تستبيح حقوق مواطنيها الشخصية، دون أدنى إحساس بالمسؤولية أو خوف من المحاسبة؛ فإن ذلك السلوك السلطوي سيمتد ليشمل دولاً توصَف عادة بالديمقراطية والحكم الدستوري، الذي يقوم -من بين أمور عديدة- على مسألة احترام خصوصية الأفراد، باعتبارها حقاً أصيلاً لا يمكن انتهاكه أو الانتقاص منه.
وإن كنّا قد شهدنا -في الماضي- حالات مماثلة قامت فيها بلدان ديمقراطية باستخدام تقنيات الرقابة على الأفراد بشكل أدى إلى انتهاك خصوصياتهم، على غرار ما حدث في أميركا بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001، حيث استباحت الإدارة الأميركية آنذاك خصوصيات الأفراد بحجة مكافحة الإرهاب.
وهو ما فضحه إدوارد سنودن الخبير التكنولوجي الذي كان يعمل في وكالة المخابرات المركزية الأميركية عام 2013، وكشف مدى توغّل الحكومة الفدرالية الأميركية في الحياة الخاصة للمواطنين، عبر تقنيات ومنصّات رقمية للتجسس عليهم دون علمهم. بل والتجسس على قادة وسياسيين خارج الولايات المتحدة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق