May 16, 2020
أحمد زايد: نصر حامد أبوزيد عمَّق إيمانى بالله وحمانى من الإلحاد
ابتعد عن الله خلال فترة قراءاته الشبابية فى علم الاجتماع والفلسفة، لكن مناقشاته مع زميل دفعته الدراسية بكلية الآداب جامعة القاهرة، المفكر الراحل نصر حامد أبوزيد، كانت سببًا فى تعميق إيمانه بالله، وحمايته من الوصول إلى مرحلة «الإلحاد».
يرفض بشكل واضح سلوك بعض الدعاة ممن يفرضون نوعًا من «الكهنوت» و«الوصاية» على الناس، ويعتبر تصرفهم هذا «تجرؤًا على عقل الله»، كما أنه يرى نفسه أقرب إلى الصوفية بمعناها القديم عند ابن عربى والحلاج وجلال الدين الرومى، بعيدًا عما فيها حاليًا من «دروشة». إنه الدكتور أحمد زايد، أستاذ علم الاجتماع السياسى، العميد الأسبق لكلية الآداب جامعة القاهرة، صاحب مؤلفات «صوت الإمام.. الخطاب الدينى من السياق إلى التلقى»، و«الهوية الوطنية»، وغيرهما من المؤلفات والأوراق البحثية فى تخصص علم الاجتماع السياسى، الذى يكشف، فى الحوار التالى مع «الدستور» عن مفهومه عن الله والإيمان، ويحكى عن نشأته وتأثيرها فى تلك التصورات.
كيف ترى الله؟ وما الذى يمثله لك؟
- الله بالنسبة لى طاقة منتشرة فى ربوع الدنيا بما فيها نحن كبشر، وهذه الطاقة مخترقة لأجسادنا وذواتنا وحياتنا، ولذلك إذا كان الله معروفًا بصفات الرحمة والإنسانية والحب، تجد أن هذه الصفات مخترقة الكون كله، وكذلك صفات الغضب والشدة والعقاب.
- الله بالنسبة لى طاقة منتشرة فى ربوع الدنيا بما فيها نحن كبشر، وهذه الطاقة مخترقة لأجسادنا وذواتنا وحياتنا، ولذلك إذا كان الله معروفًا بصفات الرحمة والإنسانية والحب، تجد أن هذه الصفات مخترقة الكون كله، وكذلك صفات الغضب والشدة والعقاب.
وعندما كنت أؤدى فريضة الصلاة فى المسجد أندهش عندما أرى شخصًا يمنع المرور من أمام أحد المصلين، لاعتقاده بأن الله موجود فى هذا الحيز الذى يصلى فيه، رغم أن العلاقة بين الإنسان والله «لا متناهية»، لا زمان لها ولا مكان، وهى مخترقة فى كل شىء، وموجودة وتمدنا بطاقة نستطيع من خلال علاقتنا بها أن نكتشف أنفسنا وذواتنا بشكل أفضل، ومن ثم استغلالها أفضل استغلال.
ما أول تصور تكوَّن عندك عن الله؟
- دعنى أقول لك إنى مَرَقت عن الله، خاصة خلال فترة القراءات الشبابية فى علم الاجتماع والفلسفة، بعد تخرجى فى الجامعة، حيث ظللت ٤ سنوات أفكر فى قضية الوجود والله، وتحولت هذه القضية عندى من توافق ميكانيكى آلى مع ما هو موجود من طقوس إلى تفكير عقلانى فى مسألة الوجود ومسألة الخلق ومسألة الله، إلا أنها تساؤلات وجودية لم تصل إلى مرحلة الإلحاد.
- دعنى أقول لك إنى مَرَقت عن الله، خاصة خلال فترة القراءات الشبابية فى علم الاجتماع والفلسفة، بعد تخرجى فى الجامعة، حيث ظللت ٤ سنوات أفكر فى قضية الوجود والله، وتحولت هذه القضية عندى من توافق ميكانيكى آلى مع ما هو موجود من طقوس إلى تفكير عقلانى فى مسألة الوجود ومسألة الخلق ومسألة الله، إلا أنها تساؤلات وجودية لم تصل إلى مرحلة الإلحاد.
ظل هذا القلق الوجودى يراودنى حتى وقعت مناقشة بينى وبين الدكتور الراحل نصر حامد أبوزيد، رحمه الله، فعلى الرغم من اتهامهم إياه بـ«الكفر»، فإننى أؤكد أنه هو من عمّق إيمانى فى تلك الفترة، حيث كنا نُدرس فى جامعة القاهرة فرع الخرطوم، وكنا نسكن أنا وهو واثنان من أعضاء هيئة التدريس فى شقة واحدة، حيث قلت له: «عايزك تقول لى يا نصر شيئًا يقنعنى بأن الله موجود، وأن القرآن منزل من عند الله».
قال لى: «شوف لغة النبى هى لغة الحديث، ونحن نعرفه بلغة الحديث، أما لغة القرآن من حيث التركيب وصياغة المفردات والعبارة والنظم فليست لغة محمد فهى لغة مختلفة، هى لغة الوحى المُنزل، فنحن أمام لغتين، كل لغة لها خصائصها».
منذ أن سمعت رد نصر حامد أبوزيد بدأت التساؤلات التى تقلقنى تخمد بإجابته المنطقية، ومع مرور السنوات بدأت أفكر فى طبيعة الإيمان الذى نتمناه، وأتأمل آيات القرآن وأفسرها بطريقتى بعيدًا عن كتب التفسير، بحيث تجعلنا نأخذ منها الفهم الإيمانى الأعم والأشمل، وهو الإيمان بمعنى «صناعة الدنيا».
منذ أن سمعت رد نصر حامد أبوزيد بدأت التساؤلات التى تقلقنى تخمد بإجابته المنطقية، ومع مرور السنوات بدأت أفكر فى طبيعة الإيمان الذى نتمناه، وأتأمل آيات القرآن وأفسرها بطريقتى بعيدًا عن كتب التفسير، بحيث تجعلنا نأخذ منها الفهم الإيمانى الأعم والأشمل، وهو الإيمان بمعنى «صناعة الدنيا».
وفى هذا الإطار أؤكد أن كثيرًا من النصوص التى يرددها بعض الأشخاص، المفترض أنهم يؤدون دور «الوسيط» بين الله والناس، هى عبارة عن فرض نوع من الكهنوت والوصاية، وهى أمور لا علاقة لها بالدين، فيتصرفون وكأنهم يمتلكون عقل الله، فيقولون: «ليه ربنا قال كده ومقالش كده؟!»، وهم يتجرءون على عقل الله على الرغم من أن أدوارهم الحقيقية تتمثل فى تأويل بعض المعانى الجيدة.
■ من أول شخص رأيت الله من خلاله؟
- والدى «الشيخ عبدالله» تتجسد فيه صورة الله الحقيقية. عندما كبرت وتركت القرية للدراسة والعمل فى الجامعة رأيت الكثير من الناس، منهم أساتذة جامعة ومفكرون، وغير ذلك من صنوف الناس، وكنت وقتها أنبهر بهؤلاء، لكن كلما تقدم بى العمر رأيت أن والدى أفضل مِن كل مَن رأيت، لأنه كان متسقًا مع فكرة النزاهة والسماحة والتربية.
- والدى «الشيخ عبدالله» تتجسد فيه صورة الله الحقيقية. عندما كبرت وتركت القرية للدراسة والعمل فى الجامعة رأيت الكثير من الناس، منهم أساتذة جامعة ومفكرون، وغير ذلك من صنوف الناس، وكنت وقتها أنبهر بهؤلاء، لكن كلما تقدم بى العمر رأيت أن والدى أفضل مِن كل مَن رأيت، لأنه كان متسقًا مع فكرة النزاهة والسماحة والتربية.
أما هؤلاء فقد رأيتهم يتحدثون عن زملائهم بسوء ويتصارعون مع بعضهم بعضًا من أجل مكاسب صغيرة، ويقومون بالنميمة على بعضهم بعضًا، وهو ما لم أره فى والدى، فلم أره غاضبًا أو يتصارع على أمور بسيطة، أو يبث أى شكل من أشكال الكراهية أو يغتاب أحدًا، كان صادقًا فى الحديث ومنضبطًا فى أداء الفرائض الدينية، إلى جانب كفاحه فى الحياة من أجل تعليمى وتوفير مستوى من المعيشة الكريمة للأسرة، لذا فإننى رأيت الله فى سلوكيات والدى.
■ متى بدأت معرفتك الدينية؟
- منذ مرحلة الطفولة، وكان من ضمن الأشياء الجميلة التى أسهمت فى ذلك كتّاب قريتى، الذى ظللت به لمدة سنة قبل ذهابى للمدرسة، ولم تستمر دراستى فيه لأنى كنت قليل الحفظ.
وكان الكتّاب فى القرية نموذجًا لفكرة «التعددية»، حيث كان يديره اثنان، شيخ شاب يدعى الشيخ «فهر»، ووالده، وكان يأتى لتدريس الحساب مدرس من قرية مجاورة يدعى «عزيز»، ومن هنا صارت المعرفة الدينية مع المعرفة العلمية.
- منذ مرحلة الطفولة، وكان من ضمن الأشياء الجميلة التى أسهمت فى ذلك كتّاب قريتى، الذى ظللت به لمدة سنة قبل ذهابى للمدرسة، ولم تستمر دراستى فيه لأنى كنت قليل الحفظ.
هل كان الدين يشكل عائقًا فى حياتك أم قوة دفع؟
- نشأت فى أسرة متدينة فى المنيا، وكان أهل القرية يطلقون على والدى «الشيخ عبدالله»، وكان يرتدى العمامة والزى الأزهرى على الرغم من أنه لم يكن أزهريًا.
كان يعمل تاجرًا من كبار تجار القطن، لكنه كان مؤهلًا للدراسة فى الأزهر، وأعده والده لذلك، وحفظ بعض أجزاء من القرآن الكريم، لكن بعض الظروف العائلية حالت بينه وبين الدراسة فى الأزهر الشريف، فظل فى حياته مهتمًا بالدين وقراءة القرآن الكريم والأحاديث، بل والأشعار.
- نشأت فى أسرة متدينة فى المنيا، وكان أهل القرية يطلقون على والدى «الشيخ عبدالله»، وكان يرتدى العمامة والزى الأزهرى على الرغم من أنه لم يكن أزهريًا.
كان يعمل تاجرًا من كبار تجار القطن، لكنه كان مؤهلًا للدراسة فى الأزهر، وأعده والده لذلك، وحفظ بعض أجزاء من القرآن الكريم، لكن بعض الظروف العائلية حالت بينه وبين الدراسة فى الأزهر الشريف، فظل فى حياته مهتمًا بالدين وقراءة القرآن الكريم والأحاديث، بل والأشعار.
وبصفة عامة، كان تدين أسرتى تدينًا مصريًا وسطيًا سمحًا، وليس التدين الذى تشوبه غلظة، فمثلًا عندما كان والدى يرانى مبتعدًا عن أداء الصلاة كان يقول لى عند اجتماعنا فى أوقات الغداء: «أنت الآن لا تصلى وقد أستطيع الآن أن أحرمك من الغداء معنا، حتى تنتظم فى أداء الصلاة، لكن سأسمح لك هذه المرة أن تجلس معنا».
كما أن وقتها لم تكن الصلاة فى المساجد، بل كان الناس يصلون فى مصلية على الترعة فى قريتنا، وقمت بإمامة الصلاة بهم فى إحدى المرات.
فالنشأة كان واضحًا فيها حضور الدين، لكن عندما قرأت فى العلوم الاجتماعية طورت مفهومى للإيمان، ولم يعد الإيمان عندى مجرد «طقوس» بقدر ما هو أن أصنع حياة فيها قدر من المشقة فى العمل، وتوزيع القيم الفاضلة والتمسك بها، بحيث تترك مسارًا نورانيًا فى الحياة.
كما أن وقتها لم تكن الصلاة فى المساجد، بل كان الناس يصلون فى مصلية على الترعة فى قريتنا، وقمت بإمامة الصلاة بهم فى إحدى المرات.
فالنشأة كان واضحًا فيها حضور الدين، لكن عندما قرأت فى العلوم الاجتماعية طورت مفهومى للإيمان، ولم يعد الإيمان عندى مجرد «طقوس» بقدر ما هو أن أصنع حياة فيها قدر من المشقة فى العمل، وتوزيع القيم الفاضلة والتمسك بها، بحيث تترك مسارًا نورانيًا فى الحياة.
فالنفس البشرية عندى عبارة عن جانبين، الجانب المهارى العملى، والجانب الإنسانى القيمى، وعلى الإنسان أن يكون على المستوى العملى المهارى منجزًا، ويستخدم أفضل ما فى القيم، لذلك عندما تسأل فى الإسلام: «ما الإيمان؟» يقال: «هو ما وقر فى القلب وصدقه العمل».
وأرى فى ضوء ذلك أننا فى حاجة لتعريف إجرائى لـ«الإيمان»، وهو أن الإيمان الحق جزء كبير منه هو صناعة الدنيا، فأن تكون إنسانًا ليس بكثرة الصلاة أو الصوم أو الذكر، لأنها أمور مفترضة ولا تجب مناقشتها، بل ينبغى أن يرتبط ذلك بالعمل، بمعنى أن تنطلق الصفات المهارية، فيتحول الإيمان من داخلك إلى طاقة نور تنير ما حولك بقيمك، فتصنع فى الحياة طريقًا وعلامة، يؤدى بالمجتمع إلى التقدم والحضارة وليس «الانتكاس»، لذلك أنا ضد فكرة «الإيمان الشكلى».
وأرى فى ضوء ذلك أننا فى حاجة لتعريف إجرائى لـ«الإيمان»، وهو أن الإيمان الحق جزء كبير منه هو صناعة الدنيا، فأن تكون إنسانًا ليس بكثرة الصلاة أو الصوم أو الذكر، لأنها أمور مفترضة ولا تجب مناقشتها، بل ينبغى أن يرتبط ذلك بالعمل، بمعنى أن تنطلق الصفات المهارية، فيتحول الإيمان من داخلك إلى طاقة نور تنير ما حولك بقيمك، فتصنع فى الحياة طريقًا وعلامة، يؤدى بالمجتمع إلى التقدم والحضارة وليس «الانتكاس»، لذلك أنا ضد فكرة «الإيمان الشكلى».
■ مَن هم شيوخك المفضلون؟
- من المشايخ والأئمة الحاليين شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، فهو رجل بسيط يذكرنى بوالدى، على الرغم من أنه من سنى، وأرى دائمًا أنه غير متكلف.
ومن بين المشايخ الذين كنت أرى أنهم من «المجددين»، شيخ الأزهر الراحل محمد سيد طنطاوى، وكنت التقيه بشكل مستمر عندما كنت عميدًا لكلية الآداب، وعندما توليت رئاسة معهد إعداد القادة فى حلوان، وكنت أستمع إليه أكثر من مرة فى بعض الموضوعات الدينية والدنيوية الشائكة، وكان دائمًا ما يقدم ردودًا مجددة.
- من المشايخ والأئمة الحاليين شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، فهو رجل بسيط يذكرنى بوالدى، على الرغم من أنه من سنى، وأرى دائمًا أنه غير متكلف.
ومن بين المشايخ الذين كنت أرى أنهم من «المجددين»، شيخ الأزهر الراحل محمد سيد طنطاوى، وكنت التقيه بشكل مستمر عندما كنت عميدًا لكلية الآداب، وعندما توليت رئاسة معهد إعداد القادة فى حلوان، وكنت أستمع إليه أكثر من مرة فى بعض الموضوعات الدينية والدنيوية الشائكة، وكان دائمًا ما يقدم ردودًا مجددة.
■ ما مساحة التصوف فى حياتك؟ وكيف ترى انتشار جماعات التصوف فى العالم؟
- أنا أقرب إلى الصوفية بمعناها القديم، عند ابن عربى والحلاج وجلال الدين الرومى، الذى يعتمد على فكرة «التجلى» وتأمل العلاقة بالله، كما لو كان الله حل فى العالم، وهو فكر راق جدًا، وليس بالمعنى الموجود فى الطرق الصوفية المنتشرة فى القرى حاليًا.
ولى خبرة مع الطرق الصوفية فى قريتى، ومنها طريقة تسمى «البيومية»، لها حلقات ذكر، وفى إحدى المرات طردنى شيخ الطريقة من الحلقة، وهى خبرة سيئة، وأنا لا أحب الصوفية بمعناها «الدرويشى»، كما أن بعضها تشوبه «انحرافات خفية».
■ ما تفسيرك لظاهرة تردد الناس على أضرحة أولياء الله فى مصر؟
- أرى أنها طالما تحقق راحة نفسية وتؤدى وظيفة فى الحياة لا بأس، أنا لا أحرم زيارة الناس لأضرحة أولياء الله الصالحين، كما أن المصريين لا يعبدونهم، بل تجد مساحة من الحرية والفكاك من ضيق الحياة وضغوطها، وهى مثلها مثل الموالد والمهرجانات الشعبية حول العالم، وهى تشبه زيارة الأجانب للمعابد والكنائس.
وليس لدىَّ أدنى مشكلة، لكن المشكلة بالنسبة لى تكمن فى زيارة قبور الأموات، حيث لا أشعر فيها بأى علاقة روحانية، فبدلًا من زيارة قبر والدى من باب أولى أن أحقق ما كان يتمناه من ن
- أنا أقرب إلى الصوفية بمعناها القديم، عند ابن عربى والحلاج وجلال الدين الرومى، الذى يعتمد على فكرة «التجلى» وتأمل العلاقة بالله، كما لو كان الله حل فى العالم، وهو فكر راق جدًا، وليس بالمعنى الموجود فى الطرق الصوفية المنتشرة فى القرى حاليًا.
ولى خبرة مع الطرق الصوفية فى قريتى، ومنها طريقة تسمى «البيومية»، لها حلقات ذكر، وفى إحدى المرات طردنى شيخ الطريقة من الحلقة، وهى خبرة سيئة، وأنا لا أحب الصوفية بمعناها «الدرويشى»، كما أن بعضها تشوبه «انحرافات خفية».
■ ما تفسيرك لظاهرة تردد الناس على أضرحة أولياء الله فى مصر؟
- أرى أنها طالما تحقق راحة نفسية وتؤدى وظيفة فى الحياة لا بأس، أنا لا أحرم زيارة الناس لأضرحة أولياء الله الصالحين، كما أن المصريين لا يعبدونهم، بل تجد مساحة من الحرية والفكاك من ضيق الحياة وضغوطها، وهى مثلها مثل الموالد والمهرجانات الشعبية حول العالم، وهى تشبه زيارة الأجانب للمعابد والكنائس.
وليس لدىَّ أدنى مشكلة، لكن المشكلة بالنسبة لى تكمن فى زيارة قبور الأموات، حيث لا أشعر فيها بأى علاقة روحانية، فبدلًا من زيارة قبر والدى من باب أولى أن أحقق ما كان يتمناه من ن
*
May 24, 2020
نحن بحاجة إلى تعريف إجرائي للإيمان
ما وقر في القلب ويصدقه العمل
"زايد"،خلال لقائه مع الإعلامي حمدي رزق
كل الدراسات تؤكد أن الخطاب الخاص بالآخرة يكون أكثر سيطرة، فأما أن يتحدث الخطيب عن الماضي أو يتحدث عن
الأخرة ويبث الخوف والرعب في نفوس المستمعين، ويغيب عن خطابه التحدث عن الحاضر، وغالبا ما يتحول عمل الشخص للآخرة إلى عمل شكلي لا يسهم في بناء حياة دنيوية.
*********
الجيش أنقذ مصر من فوضى التقسيم
28/10/2020
مؤلفاته «صوت الإمام الخطاب الدينى من السياق إلى التلقى» و«الدين والعلمانية.. جدلية الانحصار والانتصار» و«الحداثة: الولوج والوعد والمراجعة». انطلق «زايد» فى مشروعه العلمى من دراسته حول الحركة النقدية فى علم الاجتماع والنخبة فى الريف المصرى، كما كتب عن الاستهلاك والجسد والمجال العام ورأس المال الاجتماعى ونقد الحداثة والمجتمع المدنى وخطاب الحياة اليومية والخطاب الدينى والعنف، بالإضافة إلى ذخيرة مهمة من المترجمات فى علم الاجتماع المعاصر
لا أعتبر أن ثورة ٣٠ يونيه تتناقض مع ثورة ٢٥ ًا ً ً ا وتحديثا وانقاذ ًا وتطوير يناير، لكننى أعتبرها امتداد لثورة ٢٥ يناير
كان التحريك من الخارج وقوى المجتمع المدنى، وجمعيات حقوق الإنسان، وكـان هناك دور ًا فـى تحريك لـلأمـوال الأمريكية التى صبت كثير المجتمع ضد نظام الرئيس الأسبق حسنى مبارك، كذلك المساندات التى كانت تأخذها بعض الجماعات المتطرفة والتى لها ميول إرهابية غير جماعة الإخوان المسلمين، هذا كله معروف،
دعوة صعود غريبة لاستعادة الخلافة أو أنها ترتبط بالجماعة الإسلامية الأوسـع، إنما فى مفهوم الوطن، الدولة، ًا وهو غائب بالفعل فى فكر ًا غائب الأمة كان مفهوم الجماعة، فهذا قد أراه ضد مسيرة التاريخ، أن ترجع المجتمعات لتدخل فى جدل وفى صراعات من نوع غريب وتحـاول بيع الوطن فهو من أكثر الأمـور التى تجعل الإنسان لا يمكن أن يقبل أن يفرط، أو يتراجع، ًا منها فليس هناك مشكلة، وهذا ً فقد كان لديهم إحساس عميق جدا بأن مصر قطعة أرض لو فقدنا جزء كلام به خطورة على بلد له حضارة قديمة وحدود معروفة وله هوية وبها شعب قوى وحضارى. أما خروج ٣٠ يونيه فهو الذى أنقذ مصر من ذلك كله،
دولة يتصارع أهلها من أجل لا شىء كما يحدث فى مجتمعات أخرى، مثل اليمن وسوريا وليبيا، والصراع هنا على تقسيم الوطن، وهذا أكثر شيء به خطورة،
والجيش المصرى دائم خاص بين الجيوش، فهو يتكون من قماشة المجتمع المصرى به كل الأطياف والطبقات المختلفة، فهو يمثل الشعب المصرى بالفعل، فالقيادة العسكرية أدركت وقتها أنه لابد أن يكون هناك نوع من المساندة، وحدث الـتـزاوج بين القوات المسلحة للخروج الـذى أسميه الخروج الكبير فى ٣٠ يونيه، ف
لمــاذا تـصـر بـعـض الــدول الـغـربـيـة على ً فى ربوع مصر، وفقا مـسـاعـدة الإســـلام الـسـيـاسـي؟ و
ن الـــدول الغربية لديها صاحبة مصادر الدخل فى منطقة الشرق الأوسط، فهناك نظرية «الفوضى الخـلاقـة»، لكننى سأشير لشىء أسبق مـن نظرية «الفوضى الخـلاقـة» وهى الكتابات الشهيرة لـ«برنارد لويس» وهـو ينظر إلى هذه الدولة على أنها لا تملك مصائرها وأنها دول فيها قبلية وإثنيات مختلفة، ولذلك أفضل شىء هو تقسيمها من الداخل حتى تحكمها، وطرح هذا الفكر فى كثير من كتبه وعاش طوال حياته يدافع عن هذه الأطروحة التى تخلقت بعد ذلك فيما يسمى بـ«الفوضى الخلاقة»، فبعض الحكام العرب يفهمون السياسة على أنها سلوك فاضل، لكن السياسة حكمتها تقتضى أن يخطط كل لحساب مصالحه، فالسياسة هى فن إدارة المصلحة، فهم يريدون مصالحهم، ولـذا فإن لهم، ومزيد من السيطرة على الـدولـة، ومقدراتها
فإنجلترا هى التى صنعت ًا هذه الجماعة عام ١٩٢٨ وكانت تمنحهم إعانة ومنح مادية، وهذا معروف فى التاريخ،
هى الأداة لتفكيك هذه الدول، فقد استخدموا هذه الجماعات فى كثير من الدول العربية وما يحدث فى اليمن خير مثال وفى ليبيا، فالغرب يساند الجماعات الإسلامية بهدف تفكيكى وتكتيكى واستراتيجى، وسياسته تقوم على أنه كلما تمزقت هذه الدول زادت قبضتك عليها. وأرى أن مشروع الإخوان سقط فى المنطقة العربية، فالقضاء على الإخـوان المسلمين بدأ فى مصر، لأن مصر هى بلد المنشأ، فتنظيم الإخوان نشأ فى مصر وترعرع فيها، لكنه انتشر فى الأردن وتونس والدول ًا، فما حدث فى مصر كان ً ا عالمي العربية وأصبح تنظيم ًا على جماعة الإخوان، لأنه حصل فى بلد المنشأ، خطر وبعد ٣٠ يونيه لم يعد هناك صوت لهم، ولا يجب أن تكون هناك مصالحة، فهى أهـداف غربية، فالغرب يريد أن يستعيد الإخــوان من جديد بـأى شكل من الأشكال، إلا أن الدول بدأت تدرك ما أدركته مصر، فهناك بلاد مثل الكويت بدأت تدرك أن الإخوان خطر، والأردن حتى أن بعض الدول الغربية بدأت تنظر إلى تنظيم جماعة الإخـــوان المسلمين على أنــه تنظيم إرهابى، فالناس بدأوا يدركون أن هذه الجماعات لا مبرر ولا داع لها، ولذلك أرى أن الإخوان وأن لم ينتهوا مائة بالمائة إنما وضعت اللبنات الأساسية فى القضاء ًا. عليهم تاريخ
هل تؤيد الطرح الـذى يقول أن أزمـة المنطقة تـكـمـن فــى الإســــلام الـسـيـاسـى وهــو ركــيــزة أسـاسـيـة لإجهاض مشروع الحداثة فما رأيك؟
الدين يكون فى المجال الخاص والسياسة فى المجال الـعـام، لكن ما فعله الإسـلام السياسى أنـه ثبت السياسة فى قلب المجال العام وثبت السياسة فى قلب الدين فحدث نوع من الفوضى التى يستخدمونها هى أساليب تخرج عن الأساليب ً والخـلـل الكبير جـــدا، بالإضافة إلـى أن الأساليب التقليدية فى السياسة، وعلى سبيل المثال احترام الديمقراطية، فهو تنظيم لا يحترم الديمقراطية فهم لا يتعاملون مع المواطنين على أنهم سواسية ويقسم ًا، إخوان المجتمع إلى إسلاميين ومن هم أقل إسلام وغير إخـــوان، وخلط بـين السياسة والــدعــوة، فهو ً داعية وهو سياسى فى الوقت نفسه، فخلقوا نوعا من الفوضى السياسية كبير، فهم لا يعرفون السياسة ولا أصولها ولا يمارسونها فى الشكل الذى يجب أن تمارس به، ولذلك أعتقد أنهم كسروا مشروع الحداثة، لأن الحداثة فى تعريفها المثالى أنه كلما دخلت فى مشروع الحداثة أصبح الدين فى المجال الخـاص، وكلما بعد الدين عن السياسة، لكنهم أعـادوا ذلك، فهم يعملون ضد مشروع الحداثة. وفى الوقت نفسه هم يستعملون الحداثة، فيريدون أن يأخذوا منجزات الحداثة، فالفكر السياسى الإسلامى فى الخطاب السياسى الذى يدمج بين الدين والسياسة يريد أن يستملك الحداثة من منتجاتها الحسنة دون عقلها، فهو لا يدخل عقل الحداثة بل رفضه؛ فهو يستخدم الأشـيـاء الحداثية والأدوات التكنولوجية الحديثة والأدوات البيروقراطية الحديثة، لكن العقل الذى أنتج الحداثة لا يأخذه، فكل المفاهيم التى ترتبط بفلسفة التنوير والعقد الاجتماعى، التى تبث المشروع الحداثى الكبير لا يهتم بها، فالفكر السياسى الإسلامى لا يعترف بـ«الحداثة» ولا يأخذها مأخذ الجد، فقد عمل ضد مشروع الحداثة وعطله فى الوطن العربى.
كـتـابـك «صــوت الإمــــام... الخـطـاب الـديـنـى من السياق إلـى التلقي» أثـار ضجة كـبـرى.. فماذا تقصد بـالخـطـاب الـديـنـى فـيـه، ومــا أهــم الـنـقـاط الـتـى أردت سردها فى مؤلفكم؟ ●●كنت من أول الناس الذين اهتموا بالخطاب ًا قبل هذا الكتاب الدينى فى مصر، فقد أصدرت كتا
*
عندما تمنع الدولة الشمولية تدفق الحياة المدنية
الدولة التى تحتكر السلطات، وتسيطر على جميع أشكال النشاط، بما فى ذلك النشاط الاقتصادى، وتفرض نظاما واحدا وشاملا ــ غالبا عبر نظامٍ حزبى واحد وإيديولوجية شمولية تضع كل أفراد المجتمع على وجهة واحدة ــ لا يترك مجالا للتعددية أو للمُمارسات الديمقراطية الحرة.
كالدولة التسلطية أو الدولة الدكتاتورية. وفى إطار الدولة الشمولية، لا يَترك النظام السياسى مجالا من مجالات الحياة إلا ويخضعه للمُراقبة والضبط. وتقف النزعة الشمولية التى تَسم نظام الحُكم فى مثل هذا النَوع من النُظم، تقف فى مقابل الحياة المدنية، فى تدفقها وتعدد مناحيها ومساراتها. ونحن لا نفترض هنا أن النظام الشمولى يلغى الحياة المدنية أو يمحوها محوا، ولكننا نفترض أنه يضغطها ويجعلها أكثر عرضة لنُظم متعددة من الضبط والرقابة، ومن ثم تحجيم تدفقها فى المجتمع.
معروف أن فكرة الدولة الشمولية ظهرت فى إيطاليا على يد منظرى الفاشية والمُدافعين عنها.
وعلى رأسهم الإيطالى جيوفانى جنتيلى (1875م ــ 1944م)، ومن بعده الفقيه القانونى الألمانى كارل شميت (1888م ــ 1985م)، يستخدمون المفهوم بمعنى إيجابى. فهو يشير إلى نَوعٍ جديد من الدكتاتورية، أو نَوعٍ جديد من الدول، يقوم على شمولية الأهداف وشمولية التمثيل. فالمجتمع يسعى إلى أهدافٍ قومية واحدة وشاملة؛ وتكتسب أيديولوجية الدولة شمولية، وقد نقول احتواء، لكل أعضاء المجتمع. تصبح الدولة فى هذا الظرف الشمولى صاحبة القول الفصل فى الأمور كلها؛ فلا شىء ضد الدولة، وكل شىء فى داخل الدولة، كما يقول موسولينى (1883م – 1945م ). وفى هذا الظرف تحتوى الدولة المجتمع كله؛ فلا يصبح للفرد كيانٌ، وتغدو ذاته خاضعة تماما لمتطلبات الأيديولوجيا. هذه الأيدولوجيا التى تُمذهب الأفراد ليل نهار فيستدمجونها ويتعايشون معها حتى وإن لم ترقَ إلى مستوى عقولهم وأرواحهم.
الحضور القاسى للدولة الشمولية
قد يكون هذا الفهم للدولة الشمولية فَهما إيجابيا بالمعنى الذى يركز على فكرة الضمير الجمعى (عند دوركهايم) أو الروح الجمعية أو الكلية (عند جوستاف لوبون) التى تتجه إلى تحقيق هدف واحد، والتى تجعل الدولة فى حالة تغير دائم سعيا نحو الكمال، بالمعنى الذى قصده هيجل (1770م ــ 1831م) فى تحليله للدولة.
لكن هذا المنطق غاب تماما عند تطبيق هذه الأفكار الشمولية فى الواقع. لقد كان حضور الدولة الشمولية فى التاريخ حضورا قاسيا وظالِما، وبخاصة فى الظهور الأول لها فى الدولة النازية والدولة الفاشية. ففى الدولة النازية (1933م ــ 1945م) والدولة الفاشية (1922م ــ 1943م) ارتبطت الدولة الشمولية بالتعصب العرقى، والتطرف فى فرض الرأى الواحد، وقهر الأصوات الناقدة والمُناقضة، وتعذيب بعض اليهود وحرقهم، وتحويل المجتمع إلى آلة حربية لغزو الشعوب المُجاورة وفرض الإرادة النازية عليها، ما أدى إلى إشعال حرب عالمية راح ضحيتها الملايين من مدنيين وجنود.
فالفرد الذى هو أساس تكوين المجتمع، والذى له حق مدنى فى الحرية والتعبير عن الرأى، لم يعُد حرا، والقانون الذى هو ركيزة من ركائز الحياة المدنية أصبح يطبَق لمصلحة رأى معين غالِب من دون بقية الآراء. بل إن القانون لم يعُد له من معنى فى هذا السياق، فهو قانون الغالِب والمُسيطر. ومن ناحية ثالثة يتحول مفهوم المُواطنة، والذى هو ركيزة أساسية للحياة المدنية، إلى مفهوم مشوه، حيث يُمكن أن تنزع السلطة الشمولية المُواطَنة عن الأشخاص؛ الأمر الذى يجعل الأفراد الأحرار غير قادرين على العيش فى المجتمع (قد نشير هنا إلى ظاهرة هروب المثقفين والمفكرين والعُلماء من الحُكم النازى وهجرتهم إلى الولايات المتحدة الأمريكية).
ولا تعرف الدولة الشمولية فصلا بين السلطات؛ فالسلطات كلها بين الزعيم أو القائد، الذى تشع منه كاريزما القيادة، الحقيقية أو المزعومة، إلى باقى أرجاء المجتمع. وفى هذا السياق تصبح الحياة المدنية حياة مضغوطة مشوهة. حقيقة أن الأفراد يعيشون فى حياتهم اليومية ويتفاعلون من أجل العيش المُشترَك، ويتعاونون فى سبيل استمرار الحياة، ولكنهم ليسوا بحالٍ من الأحوال أفرادا أحرارا قادرين على أن يحددوا مصيرهم. فعقولهم، لا بل رءوسهم مشدودة دائما نحو الدولة، وكثيرا ما تنتابهم حالة خوف شديد من الأجهزة القمعية للدولة الشمولية، وهى أجهزة قوية عالية التدريب والإمكانات.
الدولة الشمولية تجسدت فى صورة أخرى مُختلفة عن الحُكم النازى والفاشى، نقصد هنا الدول الشمولية التى قامت فى المجتمعات ذات التوجه الاشتراكى فى الاتحاد السوفياتى السابق، وفى الصين وكوريا الشمالية وكوبا لفترات معينة فى دُول من العالَم الثالث. ولا يُمكن مساواة التجربة الشمولية هنا بالحُكم النازى والفاشى؛ فقد كان الحُكم فى الحالة الأخيرة حُكما جائرا ظالِما ضَغَط الحياة المدنية وشوَه الأُسس التى تقوم عليها. أما هنا فقد كانت الحياة المدنية أكثر تدفقا وحيوية، ولكنها لا تتحرر كلية من ضغط الشمولية وأيديولوجيتها المُسيطِرة. فقد قامت هذه النُظم على سيطرة الدولة على وسائل الإنتاج، وعلى أيديولوجية تنموية تجعل الدولة تسيطر على أيديولوجية أدوات الإنتاج، فى إطار نظامٍ للحكم يقوم على سيطرة الحزب الواحد الذى غالبا ما يكون ذا نزعة اشتراكية (وإن اختلفت أُسس الاشتراكية من بلد إلى آخر بطبيعة الحال). ولقد حاولت هذه النُظم تقديم نماذج تنموية فشلت فى بعض البلدان، ونجحت فى بلدان أخرى. ولقد سقط الكثير من هذه النظم على أثر تفكك دولة الاتحاد السوفيتى فى العام 1989، وتحوله إلى عدد من الدول. فقد تحولت الدول كلها التى كانت تسمى دول الكتلة الشرقية أو كتلة حلف وارسو عن النزعة الشمولية فى الحُكم. كما تراجَع الحُكم الشمولى فى بلدان كمصر وسوريا والعراق واليمن الجنوبى، وغيرها من الدول. ولكنْ ظلت للشمولية بعض الصور المستمرة حتى الآن، لعل أكثرها بروزا نظام الحُكم فى كوريا الشمالية وكوبا والصين.
على الرغم من أن لهذه النُظم مرامى تنموية وأنها تسعى إلى تحقيق شكلٍ من أشكال العدالة الاجتماعية، وهى لا تجرح المدنية، على غرار ما رأينا فى النزاعات النازية والفاشية ــ فإنها تكبح حرية الأفراد، ولا تسمح بتأسيس منظمات مدنية طوعية. ومن هنا فإنها تضغط الحياة المدنية بقوة وتمنعها من التدفق. وقد يقال إن النجاحات التى تحققها هذه الدول على مستوى النمو الاقتصادى، والازدهار الثقافى والفنى والرياضى، فضلا عن تطبيق معايير العدالة الاجتماعية وسد الحاجات الأساسية للسكان يعوِض السكان عن كمية الحرية المسلوبة منهم. ولكن مهما كانت المزايا التى يحققها الحُكم الشمولى على النمط الاشتراكى، يبقى الحُكم المدنى الخالص، الذى تحدده الإرادة الشعبية والذى يسمح بالتعددية والمُراجعة والنقد الذاتى، نموذجا يتوق إليه عقل الإنسان الباحث عن الوجود الإنسانى الحر.
*
الحداثة العربية شكلية يقودها التناقض
هل خرجت المجتمعات العربية فعلا من دائرة الكهوف.
التطرف والتكفير والتحريم والخروج على كافة أشكال السلطة،
“تناقضات الحداثة في مصر”، “البناء السياسي في الريف المصري”، “صور من الخطاب الديني المعاصر”، “صوت الإمام الخطاب الديني من السياق إلى التلقي” و”الدين والعلمانية.. جدلية الانحصار والانتصار” و”الحداثة: الولوج والوعد والمراجعة” وغيرها.
هوس بالخروج على التقاليد والعادات الشرقية والعري والجنس مقابل هوس العنف والتطرف والتكفير والتحريم، يقول زايد إن “نمط الحداثة العربية يقوم على تناقض كبير بين الماضوية والسعي إلى وراء الحداثة بنمط معين، نمط يسعى وراء مظاهر الحداثة؛ المظاهر الكاذبة، أو المظاهر الغريزية فيها، كتلك المتصلة بالاستهلاك سواء كان هذا الاستهلاك طعاما أو شرابا أو استهلاكا بصريا أو مسموعا، وكل صور الاستهلاك التي نعرفها والمبالغة فيها والسعي وراء التميز فيها، وخلق أشكال من الرمزية الاستهلاكية، كما لو كنت أخاطب العالم بـ’أنني أستهلك إذن أنا موجود'”.
من الأمور التي نجري وراءها في الحداثة هي الأمور الغريزية المتصلة بالقشور الفنية في الحداثة؛ الحداثة فيها فن راق؛ مثل الأوبرا والموسيقى الكلاسيكية الراقية والفنون التصويرية والتعبيرية المختلفة في السينما والمسرح، وفي كل المجالات الثقافية. نحن استعرنا بعض هذه الفنون وثمة أمور جيدة ومفيدة، ولكن دخول الفن العربي للحداثة من الجوانب الاقتصادية والاستثمارية والتجارية، حوّل الذائقة الجمالية إلى ذائقة غريزية تجري وراء الأشياء مثلما تجري وراء الاستهلاك لملء المعدة، تجري وراء الصور المختلفة من الاحتفالات والأغاني التافهة والموسيقى الاحتفالية الغريزية التي تثير المشاعر الغريزية والفوضى والجلبة وغير ذلك، حتى أنه يتم تحويل أداة السينما والدراما التي من المفترض أن تقدم فائدة مجتمعية وثقافية وتنموية، وذلك بحجة تطويرها إلى الأحدث، لتكون أداة هادمة تقدم أشياء تؤثر تأثيرا سلبيا على المشاهدين. إننا نأخذ من الحداثة قشرتها”.
الحداثة القشرية
التناقض كبير جدا ما بين الجنوح إلى الماضي والذهاب إلى كل صور التطرف والغلو في استعادة المجتمعات القديمة واستعادة الخلافة، وفي نفس الوقت الاستمتاع الكبير جدا بأمور الحياة الدنيا. بالطبع هذه النزعة لا تظهر لدى كل فئات المجتمع، إنها تظهر أكثر بين المتعلمين من أبناء الطبقة الوسطى”.
طبعا الطبقة الوسطى المصرية تفككت من الداخل وأصبحت تضم عدة فئات، منها فئة عليا من رجال الأعمال والأثرياء وذوي السلطة، ومنها فئة أصحاب المهن كالمهندسين والمحامين والقضاة والإعلاميين وضباط الجيش، ومنها طبقة تقدر بـ40 في المئة تشمل عموم الموظفين الذين تعلموا تعليما جامعيا ويعانون اجتماعيا نتيجة قدر كبير جدا من الحرمان، حتى أن البعض يدرجهم ضمن الفئات المحرومة. في هذه الفئة الأخيرة يبدأ التنطع والتطرف أكثر من الفئات الأخرى وخاصة بين شبابها وأجيالها الجديدة، ومن ثم فإنه يتجلى فيها هذا التناقض الذي أتحدث عنه، فالتعليم هنا ضعيف وغير قادر على خلق المواطن الصالح. ومن ثم فإن هذا التناقض يساهم في تحجيم العقل ووقف نموه وإفساد عملية خلق عقلية جديدة حديثة رشيدة”.
يجب ترسيخ الانتماء إلى المواطنة كانتماء أساسي فلا نعرّف أنفسنا بتعريفات أخرى مرتبطة بالقبيلة والدين والعرق والإقليم
العقل ضعيف والتفكير العلمي ضعيف، فمن الطبيعي أن يكون التفكير الغريزي أكثر قوة في حضوره، وكلا الطرفين في عملية الاستقطاب التي نتحدث عنها مرتبط بالغريزة، فالتشدد والتنطع الديني فيه انفعال وغريزية وليس فيه عقلانية، كذلك الذهاب إلى الترف المغالَى فيه ليس فيه عقلانية، وهنا أؤكد أن ضعف دور التعليم والصناعات الثقافة والفنية الراقية ونشرها بين الشباب والرقي بمستوى الذائقة الجمالية، كل ذلك يلعب دورا سلبيا”.
السلطات الثلاث
إحصاءات واضحة جدا على زيادة معدلات العنف في مختلف مجتمعات العالم.
ويمكن، في رأيه، أن تكون معدلات العنف في المجتمع المصري قليلة مقارنة بهذه المعدلات العالمية. لذا يجب ألا تقودنا ظاهرة هنا أو هناك من الشذوذ وممارسة العنف إلى التعميم،
العلاقة بين المثقف والسلطة، وبين العلم والسلطة سواء كانت علاقة تعاون أم توتر أم صراع، تختلف من مجتمع إلى آخر، ووفقا للدور الذي يوليه النظام السياسي والسلطة السياسية القائمة في المجتمع للعلم والثقافة، ويعتقد أن الثقافة والمجتمع المدني في تاريخنا لعبا دورا كبيرا، ولا نستطيع أن نجزم بشكل عام أن هناك تراجعا للمجتمع المدني ودور المثقفين، مستشهدا بالدور الذي لعبه الفن في حياتنا الثقافية المصرية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق