Dec 26, 2020 May 3, 2021
كلية التربية، جامعة عين شمس، وحالياً بجامعة نايف بالمملكة السعودية، له العديد من المؤلفات والدراسات منها: العودة للمقدس – صعود الأصوليات المسيحية السياسية في المجتمع الأمريكي خلال الربع الأخير من القرن العشرين، الدين والصراع الاجتماعي في مصر 1970 – 1985، التدين الشعبي لفقراء الحضر في مصر، بحث في آليات المصالحة والقبول والرضا والتحايل.
التدين الشعبي كنتاج لتفاعل الإنسان بالنص دراسة البنية التنظيمية على حساب البنية الذهنية، رغم أهمية الأخيرة
فحينما تتداخل مسائل اقتصادية، مثل الفقر المادي وأسبابه وحلوله وإشكاليات إعادة توزيع الدخل والثروات مع الدين يتم إنتاج وعي مغاير تماما، حيث يتحول الفقر المادي لفقر مقدس يؤدي إلى نوع من المصالحة والقبول والرضاء، فهذه البنية الذهنية للتدين الشعبي هي التي تحتاج دراسة رصينة، وهو ما ابتعد عنه كثيرون،
كيف يرى المسلم المسيحي، والعكس
فهم طبيعة الفكرة الطائفية في العقل الجمعي، حيث إنها تكشف عن ثقافة هي في جوهرها ثقافة عنصرية؛ فالعمل في حقل التدين الشعبي يحيلك لقضايا خطيرة لا يمكن دراستها بمعزل عن البنية الذهنية، فالثقافة الدينية الشعبية تحتاج لنوع من الحفر السوسيولوجي العميق في أذهان الناس عن طريق المقابلات المعمقة، ومنهجية تجمع ما بين الاجتماع والأنثربولوجي.
الرؤية الإنسانية في جوهرها رؤية علمانية مثل الاستاذ احمد سالم
البحث العميق في قضية الدين أو الظاهرة الدينية من حيث المنشأ والوظيفة في الحياة الاجتماعية، وكيف يتم توظيف الدين في الصراع الاجتماعي والسياسي داخل المجتمع، وهذا سبق وتناولته بدقة في كتابي "الدين والصراع الاجتماعي والسياسي" الرؤية الإنسانية في جوهرها علمانية، تسعى لتحقيق احتياجات الإنسان وعدم احتقارها، وهى رؤية تكاد تكون على مسافة واحدة من معتقدات الجميع، لا تنفيها ولكنها في نفس الوقت لا تنحاز إليها.
الإصلاح الديني قادرة على إعادة الدين إلى قمة الهرم مجدداً؟
لماذا يسميها البعض "إحياء"، لأنها ظاهرة شاملة على المستويات الرسمية وغير الرسمية، فهو جزء من حركة عمت العالم بكامله في النصف الثاني من القرن العشرين، وفي كتابي "الأصوليات الدينية جدلية التنوع والصراع والوحدة" ركزت على دراسة الأصوليات في العقائد غير السماوية ورصدت تشابها كبيراً ومذهلا بين الأصولية الهندوسية على سبيل المثال وأصولية سيد قطب، الأسماء تختلف والأصولية واحدة في كافة الأديان، لقد تزامنت حركة الإصلاح مع تيار ما بعد الأيديولوجيا والعودة إلى المقدس على اعتبار أن الأيدلوجيات العلمانية ديانات كاذبة فشلت في تقديم إجابات للأسئلة المحورية التي يطرحها الإنسان، خاصة فيما يتعلق بالنهاية والمآل، وهي ترى أنصار التجديد أن المذاهب العلمانية فشلت في تقديم إجابات شافية لها، وبالتالي لابد في نظر هؤلاء ترك تلك المذاهب كإفراز للتنوير، والعودة لما قبل التنوير وما قبل التنوير لا يوجد غير الدين، وهو ما قدم المبرر الفكري لصعود الأصوليات في كل العالم، سواء كانت ديانات أرضية أو سماوية ومن وقتها وقت نهاية الأيدلوجيا بدأ الكلام عن الإحياء الأصولي
مفارقة غريبة توضح مدى التشابه بين الأصولية المسيحية والإسلامية، فرونالد ريجان في أوائل الثمانينيات كان يقول في حملته الانتخابية رافعاً الإنجيل "بين دفتي هذا الكتاب توجد حلول لكل المشكلات التي يعانيها العالم" والأصوليون المسيحيون هم من دعم انتخاب ريجان لدورتين متتاليتين؛ فالأصولية الدينية تنتشر في كل العالم وتختلف باختلاف خصوصيتها وتطورها الاجتماعي والسياسي والثقافي.
هل ترى إمكانية لتلاقي الذهنية الحداثية بمنطلقاتها العقلانية والذهنية الدينية بمنطلقاتها الدوغمائية،
صعب جدّاً أن يحدث هذا التلاقي في ظل وجود الأصوليات أو الأيديولوجيات الدينية المغلقة، لأن كلا منها ينفي الآخر، وذلك لاعتبارين مهمين:
الاعتبار الأول: الأديان كلها تتأسس على فكرة المطلق والمطلق ليس واحداً بالضرورة؛ فرؤية الله في المسيحية غير رؤيته عند المسلمين واليهود غير الهندوس أو السيخ، فكل دين له تصور معين للمطلق، وهذه المطلقات في حالة تعددها، فإنها تدخل في حالة صراع، وبالتالي لا أجد جدوى لما يسمى حوار الأديان؛ فهو بمعنى حوار بين أصوليات ينفى كل منها الآخر، يصبح الصراع الأصولي حتمياً من أجل البقاء، انظر إلى الصراعات الدينية في منطقة الشرق الأوسط أو شبه الجزيرة الهندية، لقد وصل الوضع إلى حد "هولوكوست طائفي"؛ ففي فترة الثمانينيات حدثت مجازر دموية بين الهندوس والسيخ والمسلمين، وفي الشرق الأوسط حدث تديين للصراع السياسي، في مصر ظهر الإخوان المسلمين سنة 1928م، وحزب الكتائب اللبناني سنة 1936 م، ونشبت المعارك الدموية في سبيل المطلق.
الاعتبار الثاني: الأصوليات الدينية مرتبطة بفكرة الاصطفاء والاختيار؛ فاليهود شعب الله المختار، والمسيحيون نور العالم، والمسلمون خير أمة أخرجت للناس، خطورة الاصطفاء يأتي من ادعاء الوصاية على الآخر، وخطورة فكرة الوصاية إنها مرتبطة بالطغيان من أجل مهمة مقدسة لهداية الجنس البشري، لم يكن هدف الإخوان مجرد أخونة مصر، بل أخونة الكوكب كله "أستاذية العالم" وبالتالي صعب أن يتلاقي العقل الأصولي أو يتفق مع أية فكرة حداثية.
تعرضت للكثير من المضايقات في المؤسسة الجامعية بسبب أفكارك، مثلما حدث مع نصر أو زيد،
المؤسسة الجامعية خلقت غيتو من الأفكار مشابه لـغيتو اليهود، هم يريدون وجهة نظر واحدة، لقد واجهت عنفاً من الزملاء والطلاب، فعقلية الغيتو المرتعشة كانت تحكم الجميع؛ فالعقل المتخندق يرفض أي فكر مغاير، لأنه يرى فيه تهديدًا للبناء الفكري النمطي المُعاش، لقد تعرضت لحملة شرسة في الصحف بسبب آرائي عن الحجاب، وكيف إنه يجعل من المرأة موضوع جنس ليس إلا، وأن مسايرة التصور الجنسي كارثة اجتماعية لا يمكن أن يؤيدها الدين؛ فالله المطلق لا يمكن أن نجعل منه مصمم أزياء، على ضوء ما سبق تعرضت للتحقيق والمضايقات، كانت كلية التربية قد تم اختراقها من الأصوليين تحت سمع وبصر الدولة بشكل واضح، وتم وأد مشروعات فكرية كثيرة، مثل مشروع منتدى التنوير في كلية التربية عام 2006 "منتدى التنوير"، حيث حورب بشدة، وتم وأده والقضاء عليه.
هل يمكن القول إن هناك توجساً من فكرة التعامل مع العقل النقدي داخل الجامعات المصرية، هل ينسحب نفس القول على الجامعات في كل المنطقة العربية، أنت تعمل الآن في جامعة سعودية، فهل تواجه نفس المضايقات؟
الوضع في السعودية مختلف، وأجد الآن حرية كبيرة في التعامل، خاصة فيما يتعلق بالأصوليات الدينية وقضايا الإرهاب، حيث رحب القسم بتدريس هذا المقرر للطلاب، أذكر واقعة مهمة؛ ففي أثناء عملي مع طلبة قسم العدالة، وهم من العاملين في هيئة الأمر بالمعروف، وهيئة التحقيق والادعاء العام، كلهم يرتدون الزي الشرعي، كنت أعرض لهم فيلماً تسجيلياً أعدته منظمة العفو الدولية عن حقوق الإنسان العربي: "ما بين المواثيق الدولية والواقع المعاش"، فوجئت باعتذار مجموعة من الطلاب عن المشاهدة، لأن الفيلم يحوي موسيقى ورسوما متحركة، تقبلت ذلك لكني واصلت العمل مع مجموعة الطلاب بنفس الإصرار حول ضرورة تغيير المفاهيم ومماهاة الواقع، في نهاية العام فاجأني الطلاب المعتذرون بإنتاج فيلم حول "العنف في الحياة الاجتماعية اليومية عند المواطن العربي" يتضمن رسوماً وموسيقى... لاحظ التغير الذي حدث.
هل تلعب مؤسسة الإفتاء دورا في استقالة العقل وتهميشه، وهل تؤدي الفتوى إلى استلاب الإنسان والتحكم في مصيره؟
إلى حد كبير، فعند سؤال قتلة السادات عن سبب إقدامهم على تلك الجريمة، قالوا إنهم نفذوا فتوى صادرة من مجمع البحوث الإسلامية سنة 1967م بخصوص حكم الحاكم الكافر الذي يعقد صلحاً مع اسرائيل، وهي القتل، هناك مفارقة مثيرة للدهشة، عندما طبق عبد الناصر سياسة التأميم والإصلاح الزراعي أصدر مجمع البحوث الاسلامية فتوى تؤيد ذلك، وعندما شرع السادات في تفكيك التركيبة الناصرية أصدرت نفس المؤسسة فتوى تؤيد ذلك! أرى أنه يتم توظيف مؤسسة الافتاء في خدمة توجهات السلطة
على الرغم من أن فكرة الفتوى نفسها جاءت من أجل إعمال العقل.
المشكلة أن هناك قطاعاً كبيرا من الإسلاميين يقفون عند مسألة الإجماع، ويرفضون التنوع وإعمال العقل في النص الديني، هذا هو الفارق بين التفسير والتأويل، التفسير يجعلك تقف عند حدود عموم اللفظ وظاهر النص والتفسير الحرفي. أما التأويل، فيجعلك داخل النص (أنت جوه النص)، ويفضي إلى قيم متنوعة، وهو ما تمتنع معه فكرة الإجماع.
أصبح الناس يسعون لاستصدار فتاوى في كل خطوة من حياتهم، وأهملوا إعمال عقولهم فخضعوا للآخرين، يقول ابن رشد: "الحَسَن ما حَسَّنه العقل، والقبيح ما قبَّحَه العقل"، للأسف أصبح الناس في حاجة إلى فتوى في كل شيء، حتى في أكثر الأمور خصوصية، وصل الأمر إلى الإفتاء في أمور تتعلق بالعلاقة بين الزوج وزوجته، الإشكالية هنا هذا النوع من التفكير يفقد الثقة في العقل، يجعل الإنسان في حاجة إلى سلطة فوق سلطة العقل.
ولماذا هذا التوجس إلى حد الذعر من تنوع الرؤى، كيف نحلل ذلك، وهل نجح التدين الشعبي في الإفلات من تلك المنطقة إلى أخرى أكثر اتساعا؟
التعدد والتنوع هو سنة الله فى خلقة؛ "لو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة"، وإلغاء هذا التنوع يعني التعدي على قانون من قوانين الله، حتى إشكالية الخلق نفسها انطوت على إشكالية الحرية؛ فالله منح إبليس حرية العصيان؛ ودار حوار بينهما ساق فيه إبليس أسبابه ومبرراته... التدين الشعبي أفلت من ذلك وأنتج نوعاً آخر من الفكر الديني شديد البراغماتية والاتساق مع الاحتياجات الإنسانية.
بين الله وإبليس ألهم محمد إقبال فصلاً كاملا من الشعر الصوفي المجرد، الحلاج نفسه قال: "ما صحت الفطرة إلا لإبليس وعقله".
هناك نص مسرحي رائع اسمه "الذباب" لسارتر، ترجمه الدكتور محمد القصاص رحمه الله، النص يتحدث عن مشكلة الحرية؛ حرية الإرادة الإنسانية فى مقابل حرية الله؛ ففي حوار مهم جدا بين "اورست" وهو يرمز للإنسان، وبين "جوبيتر" رب الأرباب في الأساطير اليونانية يقول أورست: (زمجر ما شئت يا جوبيتر فكل كونك لا يغرينى بالخضوع لمشيئتك)؛ فرد "جوبيتر": (أنت أيتها الدودة الحقيرة، من خلقك إذا؟)، فقال له: (أنت، ولكن كان يجب ألا تخلقني حرا، فما إن خلقتني حتى انقضت علي حريتي)، الخلاصة إن فهم الإنسان للدين هو الذي يحرره أو يحول الدين إلى شكل من أشكال الاستبداد والقمع.
كتاب "الدين والصراع الاجتماعي السياسي" للدكتور عبد الله شلبي
في الفصل الأول المعنون بـ"عصر التنوير ودراسات البداية"، يتطرق الباحث إلى الدور الذي لعبه فلاسفة التنوير في دحض الدين ونقده، باعتبار هذا الدحض مقدمة لتثوير المجتمع؛ فالدين مثل عقبة أمام طلائع المثقفين للتحرر من القيود الدينية للعصور الوسطى، ومثلت رؤية أوجست كونت رؤية نافية للدين، باعتباره مرحلة سابقة على الحاضر، وسار على خطاه سبنسر وتايلور الذين رأوا أن الدين نتج بدافع الخوف من الظواهر الطبيعية.
وفي الفصل الثاني "الماركسية والفهم المادي التاريخي للدين"، يعتبر الباحث أن ماركس وإنجلز قد نجحا في وضع الظاهرة الدينية في سياقها التاريخي.
ويذكر الباحث أن ماركس قد مر بثلاث مراحل؛ أول مرحلة هي: نقد الهيجيلية؛ فالدين إفراز خيال مريض يجول في بلاد اللاعقل، وثاني مرحلة هي: التأثر بأفكار فيورباخ حول الدين باعتباره وهماً خلقه الإنسان الذي جسد ذاته في الله، والمرحلة الثالثة، وهي التي تجاوزت المرحلتين السابقتين في مركب متماسك يرى الدين انعكاساً للواقع الأرضي بتناقضاته الاجتماعية، والإنسان ليس جوهراً ثابتاً؛ فالدين والفكر برمته هما نتاج اجتماعي يختلف شكله مع تطور الصراع الطبقي، والدين كما يراه ماركس وإنجلز يتسم بمحاولة التعويض المستقبلي الوهمي عن عالم مرير المذاق لم تتكامل بعد شروط وإمكانات التغلب عليه، ولم يهتم لينين بالحديث عن ثورية الدين، وإنما عن المضمون الاجتماعي الإيجابي الذي يحمل شكلاً دينيا لأية حركة تثور على نظام حكم يشكل الدين فيه محوراً رئيساً.
ويشير الباحث لدور الدين الذي يعده أنسب الوسائل لصياغة الاحتجاج، خاصة في ظل غياب أحزاب ذات قواعد جماهيرية ومرتبطة بالجماهير، فضلا عن تدني مستويات الوعي الاجتماعي، وحضور إيدلوجيات وأفكار تنتمي لعصور تم تجاوزها.
وفي الفصل الثالث "فرويد والتأويل السيكولوجي للوهم الديني"، يشير الباحث لأفكار فرويد حول الترابط الوثيق بين الكبت الذي تفرضه السلطة الأبوية على الأبناء والموضعة الدينية حول عقدة الذنب والرجاء؛ فالأبناء قتلوا الأب الحاكم والسلطان، وعانوا كثيرا من جراء ذلك حتى تولد عن هذا الإحساس الأنا الأعلى الذي جعل من الإنسان كائناً اجتماعيا أخلاقياً، ويرى فرويد في الدين عالماً وهمياً يتولى إشباع رغبة لا يشبعها الواقع المعيش، وآخذ الباحث على فرويد الرد السيكولوجي للظاهرة الاجتماعية، حيث تحولت الأديان على يد فرويد إلى ما يشبه العصاب المحض.
وفي الفصل الرابع "دوركهايم والوظيفة التكاملية والتضامنية للدين"، وقف الباحث عند رؤية دوركهايم التي تنفي إمكانية إشارة التصورات والرموز الدينية إلى شيء خارج المجتمع، فالمجتمع والله ليسا سوى شيء واحد والمقدس (الله) تتمحور وظيفته حول استحضار الرهبة والخشوع الذي ينطوي على قوة ملزمة وجبرية فوق سلوك الأفراد، فالدين آلية للضبط والرقابة ولكن يجب فهمها في إطار انقسام المجتمع إلى طبقات متعارضة ومتناقضة في مصالحها وأهدافها.
وفي الفصل الخامس "ماكس فيبر:الدين وتأسيس التحولات الاجتماعية"، تطرق الكاتب إلى فيبر وانطواء رؤيته على قدرات خلاقة وبناءة في تزكية التغيير والتحول الاجتماعي، بل وسيلة أساسية من وسائل التغيير والتحديث الاجتماعي؛ حيث يقوم الدين بوصفه متغيراً مستقلا يؤسس للتغيير الاجتماعي، وإن اكتفى بدراسة الأخلاقيات الاقتصادية للدين، وذكر بأن قيبر انتهى إلى تقرير مفاده أن الأخلاق البروتستانتية وخاصة أفكارها الكالفينية حول الفكر الحر والفردية كان له دور وأثر بالغ في صعود الرأسمالية، ويشير الباحث إلى سوء الفهم الشائع حول أن فيبر حاول أن يفسر الاقتصاد تفسيراً دينياً، وهو زعم غير صحيح حسب ما يصرح الباحث.
وفي الفصل السادس بعنوان "الوظيفيون المحدثون: الدين وخلق التكامل الوظيفي"، يشير الباحث إلى أن الوظيفيين المحدثين سعوا إلى التأكيد على دور التكامل الوظيفي الذي تقوم به الأديان والتأكيد على الوظائف الضبطية والتكاملية للدين داخل المجتمع الإنساني، ولكن هذا لم يمنع من أن يكون للدين بعض الوظائف السلبية التبريرية، مثل دعم الفقراء بأنساق قيمية وأنماط سلوكية للجماعات الفقيرة وغير المحظوظة، كما تنزع السلطات الدينية إلى تقديس الآراء الظرفية والمواقف المحلية وإضفاء الاحترام والقداسة على تصورات المؤسسة. وبالنسبة إلى الوظيفة الانتمائية للدين، فإنه يعني - بالنسبة للدين - نوعاً من الولاء والانتماء الذي قد يتناقض مع هويات أخرى اجتماعية وسياسية وإنسانية.
وفي خاتمة الكتاب المعنونة بـ"التوظيف والاستخدام المتناقض للدين في الصراع الاجتماعي"، تناول الباحث دور السياسة في تقديم تصور زائف للدين، يخدم مصالح القوى السياسية المتناقضة بتصورات متعارضة وفهم مختلف للنص الواحد. فالدين إذن، كان مسرحاً للصراعات السياسية وكان شكلاً للصراعات الاجتماعية الدائر رحاها في المجتمعات ذات الصبغة الدينية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق