السبت، 29 يناير 2022

عقوبة الإعدام *****

 الرئيس التونسي يلوح بإعادة تنفيذ حكم الإعدام بعد توقف دام نحو 29 عاما 

2020/10/1

ثورة تونس وانتكاسة القيم

دعوات تنفيذ أحكام الإعدام أو رفض المساواة في الميراث تقدم خدمة للنهضة وبقية المجموعات الإسلامية بإعادة إحياء خطابها القديم وإعطائه مشروعية رسمية وشعبية تحت مسوغ الشعبوية وتوسيع الحزام الانتخابي.
على خلفية جريمة قتل هزت الرأي العام، مخاوف من أن تخطو تونس خطوات إلى الوراء بإقرار حكم الإعدام مجددا ضمن المواقف الشعبوية الرسمية التي تستهدف استرضاء الشارع.
تأتي من رئيس الجمهورية الذي هو قانونيا وأخلاقيا مؤتمن على الدستور وعلى الدولة المدنية التي تأسست منذ 1956 وتتعمق هويتها إلى الآن خاصة بعد انضمام تونس لمعاهدة دولية تمنع الإعدام مطلقا كونه سالبا لحق الحياة، وهو حق ما يجب أن يقع بأي شكل من الأشكال ضحية صراع سياسي أو شعبوية هادفة لكسب ود الشارع الذي تسيطر عليه الحماسة.
كما لم ينجح التحديث القانوني في أن يغير من قناعات ومشاعر تقوم على الانتقام وممارسة عنف أشد لتحقيق رغبة التشفي أو الانتقام بالدم امتدادا لقيم قديمة مازالت ساكنة في لاوعي الناس بالرغم من تغير الأزمان.

وفضلا عن كونها تتعارض مع القيم الكونية الحديثة، فإن عقوبة الإعدام ظلت طيلة التاريخ محكومة بردات الفعل والمزاجية والأخذ بالثأر، ما يجعلها مثار شكوك خاصة أنها تطبق على منتمين إلى فئات فقيرة أو في سياق تصفية حسابات سياسية.

 أحكام الميراث من خلال الإعلان بمناسبة عيد المرأة عن رفضه الدعوات إلى المساواة في الميراث، مشددا على أن هذه المسألة محسومة بالقرآن في موقف أثار انتقادات شديدة لاختيار رئيس الجمهورية مناسبة وطنية ذات رمزية لإعلان مواقف صادمة في وقت كانت فيه قوى مدنية وحقوقية ونسوية تنتظر أن يتبنى مشروع المساواة في الميراث الذي كان تبناه قبله الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي لكن لم يتم إقراره بسبب وجود معارضة من قوى إسلامية.

 الإسلاميين ومجموعات محافظة أخرى لإعادة الدعوة إلى تطبيق الشريعة بصورتها التقليدية التي تعني في أذهان الكثيرين تطبيق أحكام الإعدام والرجم والتعزير وقطع الأرجل كما لو أن الدين جاء فقط للانتقام بدل تبني رؤية إسلامية تقوم على المقاصد وتبحث في الدين عن تحقيق قيم العدل والمساواة وجعل الإنسان محور الدين كونه جاء لإسعاده وجعل روح فرد واحد أهم ما في الدنيا، بدل فتاوى الانتقام والتشهير التي تلجأ إليها جماعات متشددة.
لسه اعدام المعارض الايراني بتهمة الافساد في الارض 2020/12

ومن المفارق أن حركة مثل حركة النهضة قد تخلت عن الدعوة لتطبيق الشريعة وصارت تتجنب إثارة هذه القضية الحساسة حتى بين صفوفها ما أدى إلى خلافات داخلها وانسحابات، فيما يعيدها رئيس الجمهورية في سياق مسعاه لكسب ود جمهور تقليدي يؤمن بالعنف ويعتقد أن حسمه لا يتم إلا بعنف مضاد، وهو ما دعا رئيس حركة مشروع تونس محسن مرزوق إلى مطالبة الرئيس سعيد بالتصرف كرئيس دولة والخروج من وضع الحملة الانتخابية بعد عام كامل من فوزه في الانتخابات.
إن دور الدولة يكمن في رعاية القيم وتطويرها بالقوانين وليس في الالتفاف عليها تحت أي مسوغ أو دافع، لأن رئيس الجمهورية، وهو يبحث عن تدعيم مركزه ومضاعفة شعبيته، قد يسن تقاليد جديدة تهز من صورة الدولة وتماسكها، وقد تعيد الجدل حول كل مقومات المشترك الوطني.
ويمكن لفكرة إجراء استفتاء أو استطلاع رأي الشارع عن موقفه من الإعدام أو مسألة الميراث أن تفتح الباب أمام دعوات لتغيير قوانين مدونة الأسرة والعودة إلى مربع كانت تونس حسمته منذ 1957 وبات يقره الإسلاميون أنفسهم ويتبنونه قبل غيرهم.
كما قد تمس هوجة الاستفتاءات والدعوات لتغيير القوانين من الحريات الشخصية والدينية، وخاصة حقوق النساء اللاتي يتم تحميلهن مسؤولية الاغتصاب والعنف وتبرير الجرائم ضدهن في حملة تكشف عن حالة كبيرة من الاغتراب في الشارع التونسي لم تشهدها البلاد منذ ظهور الجماعة الإسلامية نهاية السبعينات وحملة الدعوة لبقاء النساء بالمنزل وتحميلهن مسؤولية توسع البطالة، وكأن العمل مقصور على الرجال.

فإن مجاراة مطالب الشارع، التي تتخذ من وسائل التواصل الاجتماعي مرجعا لها، يمكن أن تسير في خط متناقض مع مسار الدولة، وقد تفتح الباب أمام نقاش وحدة هذه الدولة ذاتها في ظل نزعات مناطقية وعشائرية صاعدة بعد الثورة.

إن السياسيين، وخاصة رموز الدولة، مطالبون بتغيير أدوات تفكيرهم والنظر إلى الدولة ليس فقط على أنها أجهزة حكم يمكن استلامها وتوظيفها لخدمة أنفسهم وأحزابهم، إنها أكبر من ذلك فهي هوية سياسية وثقافية وقيمية يحتاج أي مرشح لمنصب كبير أو صغير لأن يعلن تبنيه لها خلال حملته الانتخابية والتعهد بذلك علنا.

على القوى المدنية والحقوقية أن تقف مدافعة عن هذه الهوية بقطع النظر عن الشخص ووضعه السياسي، فالسكوت على دعوات الرئيس سعيد بخرق مقومات هذه الهوية يعود في جانب منه إلى أن نقده قد يصب في خدمة حركة النهضة سياسيا، لكن ما لا يراه ممثلو هذه القوى أن خطاب قيس سعيد يقدم خدمة للنهضة وبقية المجموعات الإسلامية على المستوى الاستراتيجي بإعادة إحياء خطابها القديم وإعطائه مشروعية رسمية وشعبية كما لو أنه قائد شجاع من قادتها نجح في اختراق السياج المفروض من الدولة التي تتهم بالعلمانية ومعاداة الدين.
معركة الدول الرئيسية، الآن، هي معركة اقتصادية واجتماعية، ويفترض من القيادات السياسية المؤثرة أن تقدم بدائلها ومشاريعها، وتستثمر علاقاتها في الداخل والخارج لإخراج البلاد من أزمتها الحادة، وبناء خطاب حقوقي ومدني وقيمي يشجع العالم على منح تونس التمويلات اللازمة للبدء بمعركة الخروج من ورطة عشر سنوات من الثورة التي أعادت الاقتصاد الوطني إلى نقطة الصفر.
لكن الخطاب المنتكس الذي يسعى للالتفاف على القيم، لا يمكن أن يحقق هذه الغاية، وسيجد منظمات دولية تعنى بحقوق الإنسان وتدافع عن قضايا المرأة والمساواة تقف في وجهه وتضغط على الدول والصناديق المالية الدولية لمنع القروض والهبات والتسهيلات.
ماكرون لن نربط صفقات السلاح بحقوق الانسان 2020/12

*
Dec 16, 2020
وباستثناء الصين، كانت هناك ثلاث دول مسؤولة عن أكثر من 80٪ من عمليات الإعدام، هي السعودية والعراق وإيران.

السعودية ومصر وإيران والعراق من بين أكثر الدول تنفيذا لأحكام الإعدام في عام 2020

قالت منظمة العفو الدولية إن أربع دول في الشرق الأوسط من بين أكبر خمس منفذة لأحكام لإعدام في العالم في عام 2020.
Apr 21, 2021
تدعو منظمات دولية إلى إلغاء عقوبة الإعدام
ومصر ليست من الدول العربية التي تستند إلى عفو أهل الضحية عن الجاني لتخفيف عقوبته أو ما يعرف بـ"تنازل أصحاب الدم"، بل إن الشريعة الإسلامية هي مصدر السلطات في الدستور. وعليه، فمصر من الدول المطبقة لأحكام الإعدام.

اللافت أن هذا الجدل تجدد مع نشر مقطع مصور من جلسة النطق بالحكم بحق قاتل شقيقته بعدما أمره القاضي بتقبيل قدم أمه، لكنه لم يتجدد حين أصدرت منظمة العفو الدولية تقريرها السنوي حول عقوبة الإعدام في العالم، والذي أفاد بأن أربعاً من أصل الدول الخمس الأولى المنفذة للإعدامات في العالم هي من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؛ إذ استأثرت إيران (246+)، ومصر (107+)، والعراق (45+)، والسعودية (27)، بنسبة 88 في المائة من كافة عمليات الإعدام المبلّغ عنها عالمياً في 2020، من دون احتساب الصين التي يُعتقد بأنها تعدم آلاف الأشخاص كل عام، ما يجعلها الدولة الأكثر تنفيذاً للإعدامات في العالم.

ولا يقتصر الأمر على كونه مجرد جدال فقهي أو فلسفي حول عقوبة الإعدام، إذ دخل حيز التنفيذ بعد استجابة العديد من الدول وإلغائها عقوبة الإعدام، حتى وصل عدد الدول التي ألغت عقوبة الإعدام في القانون والممارسة إلى أكثر من ثلثي دول العالم البالغ عددها 198 دولة، منها دول ألغت العقوبة بالنسبة لجميع الجرائم، وبلغ عددها 108 حتى عام 2020. وهناك دول ألغت عقوبة الإعدام بالنسبة للجرائم العادية، كالجرائم المنصوص عليها في القانون العسكري أو الجرائم التي ترتكب في ظروف استثنائية، كأوقات الحرب والكوارث مثلاً، وبلغ عددها 9 دول.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق