الجمعة، 14 يناير 2022

السودان *العسكر********-**********

Feb 13, 2021

 تبدو الولايات المتحدة في موقف حرج حيال السودان، فهي تدعم الحكم المدني بينما مصالحها الرئيسية في حوزة المكون العسكري، لأنه الجهة الرئيسية التي تقبض على زمام أمور كثيرة، ودونه كان من الممكن انهيار الحكومة المدنية.

تعايشت إدارات أميركية متعاقبة مع حكم عمر البشير العسكري، وتعاملت مع أزماته تارة بالشد وأخرى بالجذب، ولم تستجب لضجر القوى المدنية من حكمه في أوج إدارة الرئيس باراك أوباما الديمقراطية، وتركتها بلا غطاء أو دعم حقيقيين.

يقول متابعون إن الجيش السوداني لديه تطلعات للعودة إلى حكم السودان منذ سقوط البشير، لكن الوثيقة الدستورية التي تحكم بموجبها الفترة الحالية تقيّد حركته السياسية، حيث تنص على تسليم السلطة إلى حكومة مدنية بعد انتهاء المرحلة الانتقالية.

أعرب رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول عبدالفتاح البرهان، عن التزامه بالوثيقة وما تنص عليه بشأن الحكم المدني، غير أن الواقع يسير في اتجاه آخر يشير إلى أن البرهان يسيطر على مفاتيح القرار السياسي، حيث قاد الانفتاح على إسرائيل، وأدار دفة ملف التطبيع معها خلال فترة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وأعلنت إدارة بايدن تمسكها بالمضي في هذا الطريق أيضا.

بعد أن خطت الخرطوم خطوات جادة في هذا الملف، رفعت الولايات المتحدة في 23 أكتوبر الماضي عقوبات اقتصادية وسياسية وتم حذف اسم السودان من القائمة الأميركية للدول الراعية للإرهاب، وظل قابعا فيها نحو 27 عاما، وأخذت تتجاوب مع الخرطوم لتطوير العلاقات العسكرية.

وزار السودان قبل نهاية يناير الماضي وفد أميركي بقيادة نائب قائد القوات الأميركية في أفريقيا (أفريكوم) للتعاون العسكري المدني السفير آندرو يونج، وأجرى لقاءات مع كل من البرهان وحمدوك، قيل وقتها إنها بداية لتعاون من نوع جديد.

*

 أطاح الجيش بالرئيس السابق عمر البشير في نيسان/ابريل 2019، إثر احتجاجات شعبية، يعيش السودان انتقالا سياسيا صعبا وأزمة اقتصادية فاقمها تفشي وباء كورونا.

ويواجه السودان صعوبات في إعادة هيكلة الاقتصاد الذي أرهقته عقود من العقوبات الأميركية وسوء الإدارة والنزاعات المسلحة.

*

 رغبة أميركية في تطوير التعاون العسكري والأمني، بعد أن ترددت معلومات عن إمكانية تشييد روسيا لقاعدة عسكرية في السودان، وفقا لاتفاق جرى توقيعه منذ حوالي ثلاثة أعوام في عهد البشير، بالحصول على نواة لقاعدة بحرية في ميناء بورتسودان على البحر الأحمر.

تشعر واشنطن بالقلق من الوجود الروسي في هذه المنطقة، وتحاول أن تقطع الطريق على طموحات موسكو، ولن تجد أمامها سوى تمتين العلاقة مع الجيش، ما يضطرها إلى عدم المبالغة في توفير المساندة للمكون المدني على حساب العسكري.

تعرف الولايات المتحدة أهمية الجيش في بلد مثل السودان يعيش ظروفا أمنية قاسية في الهامش والأطراف، وتخشى أن يقود اقترابها منه إلى التشكيك في مصداقيتها لدى المجتمع المدني، ويفهم دعمها له على أنه “ضوء أخضر” ليواصل تغلغله، وتجد نفسها أمام واقع قد يؤدي إلى عودة الحكم إلى حضن المؤسسة العسكرية.

وفّرت تجربة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي نموذجا جيدا للجيش السوداني، فلم تعد فكرة الانقلاب العسكري المباشر مقبولة إقليميا ودوليا، وجرى تمرير الخطة في مصر بطريقة ناعمة، من خلال إجراء انتخابات توافرت فيها كل أشكال الديمقراطية، من ترشح عسكري بزي مدني (بعد تخلي السيسي عن منصبه كوزير للدفاع) ومنافسة ومراقبة.

عدم استبعاد أن يشجع الحضور السياسي لإدارة بايدن في السودان، الحركة الإسلامية وفلول نظام البشير على العودة إلى صدارة المشهد والاستفادة من الانفتاح العام، ما يزعج قوى مدنية لا تزال تصر على إزالة كل مظاهر تمكين النظام السابق.

*

الخرطوم- قرر أنصار نظام الرئيس المعزول عمر البشير وفلوله من العناصر الإسلامية النشطة تسخين أدواتهم في مواجهة السلطة الانتقالية مباشرة، واللجوء إلى ممارسة العنف، لإحداث المزيد من الإرباك في المشهد السوداني، وتوسيع الهوّة بين المكونين العسكري والمدني.

شارك في قمة هذا العام، والتي عقدت خلال الفترة (7 - 11) فبراير (شباط) الحالي، عدد من الشخصيات السياسية بينهم رئيسة جورجيا سالومي زورابيشيفيلي، ورئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، ورؤساء سابقون، وعدد من أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي، وعلماء وأستاذة جامعات، وأبرزهم المدير التنفيذي لشركة «موديرنا» صانعة «لقاح كورونا»، إلى جانب مدافعين عن حقوق الإنسان، ومديرين في وسائط التواصل الاجتماعي.

وللمرة الأولى في تاريخ السودان، يشارك طلاب وشباب سودانيون في مثل هذا التجمع الإسرائيلي، إلى جانب طلاب من دول عربية وإسلامية. ولم يحدد البرهان أو السلطات السودانية كيفية اختيار هؤلاء الطلاب أو عددهم، أو أشكال مشاركتهم، واكتفى إعلام مجلس السيادة بالقول إن القمة نظمها طلاب جامعيون.

«اتفاقات إبراهيم» في يناير الماضي، لينضم إلى مجموعة دول عربية وإسلامية، وقعت تلك الاتفاقات وطبعت علاقتها بإسرائيل، منهياً بذلك قطيعة بين السودان وإسرائيل منذ القمة العربية التي عقدت بالخرطوم 1967 وعرفت بقمة اللاءات الثلاث «لا صلح، لا تفاوض، لا اعتراف بإسرائيل».

 منذ عام 1993 على خلفية استضافته لزعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن.

*

Mar 30, 2021

فصل الدين عن الدولة يثير جدلا

ينص الاتفاق على فصل الدين عن الدولة، والحيادية في القضايا الدينية، وكفالة حرية المعتقدات وألا تتبنّى الدولة أي ديانة لتكون رسمية في البلاد.

يتضمن الاتفاق على منح الحكم الذاتي للأقاليم السودانية وإنشاء جيش قومي موحد يعكس التنوع السوداني.

اعتبر رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان أن توقيع الاتفاق "يمثل بداية حقيقية للمرحلة الانتقالية في السودان".

من جانبه قال رئيس الحركة الشعبية شمال، عبد العزيز الحلو، إن الإعلان "يتيح الحريات الدينية والعرقية ويحافظ على حقوق الإنسان في السودان".

"تجاوز حدود الله

 الاتفاق ما زال بمرحلة "إعلان المبادئ"

 الاتحاد السوداني للعلماء والأئمّةِ والدُّعاة، الذي رفض الاتفاق رفضا مطلقا، وبالأخص مبدأ فصل الدين عن الدولة، متهما البرهان "بتجاوز حدود ما أنزل الله".



 كثيرون أنه "لا يحق لحكومة انتقالية وحركة مسلحة الانفراد والبت في مواضيع حساسة مثلما جرى".

ليس من حق المجلس العسكرى الإنتقالى الإنفراد بقرار علمانية الدولة وهذا لا يجب إلا من خلال الدستور والإستفتاء الشعبى

النقاش ليس في علمانية الدولة أو أسلمتها، لأن الديموقراطية بمعناها البسيط هي حكم الشعب أو سيادة الجماهير، وللأسف الجماهير قد غيبت عن إصدار القرار".

دعوات فصل الدين عن الدولة وجعلها بلا دين رسمي ينظم قوانينها وحياة الناس فيها، وادعاء أن الإسلام يضطهد الأقليات ولا يصلح لتطبيق المدنية الحديثة، إنما هي دعوات جانبها الصواب، والقصد منها التهجم على الإسلام

في المقابل اعتبر كثيرون أن الهوية الدينية للدولة ليست ذات أهمية، وأن ما يريده الشعب هو "رؤية إنجازات تتحقق بغض النظر عن طبيعة الدولة".

"فصل الدين عن الدولة لا يعني أننا سنكفر"، متهمة البعض باستخدام الدين "كشماعة للحصول على امتيازات".

فصل الدين عن الدولة هو بداية الطريق إلى الحرية والعالم الحر من السودان العظيمة".

*

هذه الحيرة مع الإسلام وضده!


ليست «إسلاموفوبيا» كما يظنون، فقد صار الدين عاملاً في الصراع الذي هو إثني وقَبَلي في الحقيقة وفي دارفور كما في جبال النوبة والنيل الأزرق، لأن نظام البشير استخدم الإسلام بكثافة في الصراع. ثم إن السودانيين الجدد لديهم أولوياتٌ أخرى. في الاتفاقية الأولى مع الحركة الشعبية – شمال (عبد العزيز الحلو) كان ضمن البنود: حق تقرير المصير، وبقاء جيشين، وفصل الدين عن الدولة. أما في الثانية التي وافقت عليها كل الأطراف فقد اختفت مسألة تقرير المصير، ويصير الجيش واحداً، بل وجرى تجميل الدولة العلمانية الفاصلة بالنص على أن مسائل الأحوال الشخصية تخضع للأعراف والعادات والشرائع المختلفة في كل ناحية. لقد صارت «التعددية» من كل صنفٍ ونوعٍ هي العنوان الرئيس لكل شيء. وقلت أيضاً: المسألة في النهاية رمزية، ففي العالم 152 دولة يُذكر الدين في دساتيرها ولا يؤثر ذلك في علمانيتها ولا في حقوق المواطنين الأساسية ومنها الحريات الدينية. وفي البداية والنهاية: لا تنسوا أيها السودانيون ثلاثين عاماً من حكم البشير وصحبه، التي ما بقيت فيها كبيرة إلا ارتُكبت، وصار السودان دولتين، ولولا لطف الله وثورتكم لكنتم الآن عدة دولٍ وكيانات. سلطاتكم الآن وهي مؤقتة على أي حال حريصة على الأقل على أرض السودان الواحدة، فتذكروا دولة الانقلاب التي كانت تزعم أنها دولة الأمة، كيف تنافس الترابي والبشير في التخلي عن الجنوب، ثم يتبين لكم الآن أيضاً أن دولة القتال والاقتتال الدائم كانت متخلية لإثيوبيا عن أراضٍ خصبة وبشر ومساحات تبلغ ثلاثة أضعاف مساحة لبنان!

عبر أكثر من ستين عاماً من التطورات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والاستراتيجية، وعلى حواشي ظواهر «عودة الدين»، ظهر وتعملق ما صار يُعرف بالإسلام السياسي، وقد تجاوز الرمزية كثيراً جداً، ليصبح نظاماً للحكم، يطمح من خلال أحزابه إلى السيطرة في سائر أنحاء العالمين العربي والإسلامي؛ ولماذا ولأي هدف؟ لتطبيق الشريعة! كأننا لسنا مسلمين وينبغي أن يجدد لنا الإسلاميون الجدد إسلامنا بإقامة الدولة الميمونة أو العودة إليها! هو دينٌ مختلفٌ عن كل الأديان، وهي دولة مختلفة عن كل الدول. مهمة أي دولة في العالم حُسْن إدارة الشأن العام، أما مهمة دول الإسلاميين فهي تطبيق الشريعة! ومن يقول إن الشريعة مهجورة؟! الشريعة هي الدين، وهي وحدانية وعباداتٌ وأخلاقٌ تعاملية؛ وهو السائد في كل مكانٍ وأكثر من أي زمنٍ آخر في تاريخنا الطويل العريض. لقد كان المقصود أن تصبح «الشريعة»، بحسب اعتبارهم، هي مناط الشرعية، فتصبح دولنا الوطنية ناقصة الشرعية إن لم يَسُدْ فيها هؤلاء النابتة الجدد.

أين كان الآخرون؟ تحوّلت السلطات في عشر دولٍ عربية وأكثر إلى سلطاتٍ عسكرية وأمنية. وكلا الطرفين يريد السلطة ولا شيء غير. فنشب صراعٌ أسطوري في أهواله وهو - إلى جوانب استراتيجية – الوضع الذي تحدث عنه مالكولم كير في كتابه الذي صار شهيراً: «الحرب الباردة العربية». لكن أيها الإسلاميون: أنتم أذكى ممن؟ الضابط أيضاً يستطيع أن يكون إسلامياً، بل ويطبق الشريعة! وهكذا تلوّن القذافي في البداية، وفعل النميري في النهاية، وفعل البشير دائماً! والسودانيون وحدهم هم الذين ما انطلت عليهم هذه الحيلة: ثاروا على عبود ثم ثاروا على النميري وثاروا أخيراً على البشير. ما قبلوا دعاوى الانضباط المقصور على العسكريين، ولا دعاوى الإسلام السياسي وسواء حمل رايته العسكري أو الترابي!

ومنذ أكثر من عقد يبشرنا أوليفييه روا وجيل كيبيل بفشل الإسلام السياسي. لكن الظاهرة متعددة الجوانب والمنافذ. فإن كان المقصود أنهم سقطوا في عدة بلدان بعد تجربة أو تجارب فاشلة؛ فهذا صحيح. وإن كان المقصود أن العنيفين الذين يسمون أنفسهم جهاديين فشلوا، فهذا صحيح أيضاً. لكن الظاهرة لم تنتهِ. ويرجع ذلك لا إلى الاضطهاد الذي يتعرضون له، ولا إلى تأييد الناس لهم، بل إلى التأثير الكبير الذي مارسوه في المدى المتوسط، وليس على الفئات الفقيرة وحسْب؛ بل وعلى بعض الفئات الوسطى في المجتمعات. في أواخر الثمانينات من القرن الماضي ذهبتُ مع الشيخ محمد مهدي شمس الدين، رحمه الله، إلى مصر، وكان الشيخ وهو معارض لولاية الفقيه، قد كتب في «ولاية الأمة على نفسها»؛ ويأمل من رجالات الدين والثقافة بمصر دعمه باعتبار أنهم وهم من أهل السنة يقولون أصلاً بالاختيار والشورى لا بالإمامة المعصومة. لكنه فوجئ بأن معظمهم والمدنيين قبل المشايخ يذهبون إلى أن الولاية للشريعة وليس للأمة!

في العقدين الأخيرين تصاعد النضال الفكري والشرعي والسياسي للخروج من الإحيائيات واستعادة السكينة في الدين، وتجديد تجربة الدولة الوطنية المدنية. وقد انعقدت شراكاتٌ مع الأديان الأخرى والثقافات، وصدرت وثائق وإعلانات، وأُنشئت معاهد ومراكز للفتوى والتدريب؛ وكان من مقاصد ذلك كله اجتراح تحولٍ في الخطاب الديني. وقد تحققت نجاحاتٌ وتبينت وجوهُ قصور. إنما مع الانصراف المتزايد عن الإسلامين السياسي والجهادي، لا تزال الرغبة لدى الجمهور المتدين ظاهرة في ضرورة حفظ نوعٍ من العلائق بين السياسي والديني. لا فصل ولا قطيعة، ومن ناحية أُخرى لا إدخال للدين في خاصرة السلطة! وهي عملية وإن نفع فيها العلماء فإن ولاتها الحقيقيين هم رجال الدولة الأقحاح!

*

هل يؤسس "إعلان المبادئ" فصل الدين عن الدولة؟

بنود الاتفاق أن "السودان بلد متعدد الأعراق والديانات والثقافات، لذلك يجب الاعتراف بهذا التنوع وإدارته ومعالجة مسألة الهوية الوطنية".

أشار إعلان المبادئ إلى "تأسيس دولة مدنية ديمقراطية فيدرالية في السودان تضمن حرية الدين والممارسات الدينية والعبادة لكل الشعب السوداني وذلك بفصل الهويات الثقافية والاثنية والدينية والجهوية عن الدولة، وأن لا تفرض الدولة دينا على أي شخص، ولا تتبنى دينا رسميا".

قال رئيس مجلس السيادة الانتقالي، الفريق أول ركن/ عبد الفتاح البرهان، عقب توقيعه اتفاق إعلان المبادئ، إنه "بداية حقيقة وبداية فعلية لإظهار التزام حكومة الفترة الانتقالية بالتصميم على التغيير، التغيير الحقيقي الذي يقود إلى سلام عادل، سلام منصف، سلام مرضي، سلام يصنع سودان للجميع، سلام يصنع سودان المواطنة".

كما رحب رئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك، بالاتفاق واصفا إياه بـأنه بادرة شجاعة ودليل على توفر الإرادة الصلبة لدى كل السودانيين -مدنيين وعسكريين- لاستكمال المرحلة الثانية من سلام السودان، عقب اتفاقية جوبا واتفاق أديس أبابا.

وفي إشارة إلى هوية الدولة تحديدا، قال الحزب أن "اللغة العربية هي لسان غالبية سكان السودان مما يؤهلها لأن تكون لغة الدولة الرسمية، واللغة الإنجليزية هي لغة العالم مما يؤهلها لأن تكون لغة الدولة الدولية".

*
Apr 2, 2021

علمانية في السودان


ما جرى في جوبا بشأن ملف العلمانية هو تسكين لأزمة عميقة وترحيل لها أكثر من كونه حلا جذريا، فالخرطوم تريد سرعة احتواء الحركات المسلحة لتوفير الأمن والاستقرار، والإيحاء بأنها حققت أحد أهم البنود التي حوتها الوثيقة الدستورية.

بصرف النظر عن تجاوز المدة الزمنية للوصول إلى السلام الشامل كبند رئيسي فيها، وهي ستة أشهر من بداية المرحلة الانتقالية في سبتمبر 2019، فالمهم أن عزيمة السلطة لم تفتر وعلى استعداد للمزيد من التضحية لطي صفحة الصراعات في الأقاليم المختلفة، وهذه رسالة مركزية أراد البرهان توصيلها لمن يهمهم أمر السودان.

كما أن الحلو الذي حقق هدفه بات شخصية يمكن أن يلتف حولها الكثير من سكان الأقاليم التي شعرت بالغبن من وراء تطبيق قوانين الشريعة في أواخر عهد الرئيس الراحل جعفر نميري، ثم طوال حكم البشير بدرجات متفاوتة، ما يجعل الحلو رقما مهمّا في الوجدان الشعبي يتجاوز تأثيره حدود ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق.

يحتاج إنزال إعلان المبادئ على الأرض تحركات مضنية تعالج الكثير من التشوهات الحالية، فقد أمعن البشير في تعميم الأسلمة، حتى من انقلبوا على نظامه لن يتخلوا عن التمسك بالدين ودوره الكبير في الحياة السياسية، فهناك من الحركات الصوفية والتنظيمات المتشددة والأحزاب المشاركة في السلطة وخارجها من أصبحوا نافذين في قمة وقاع المجتمع، ويمثلون قوة حرجة في تنفيذ ما يريده الحلو ورفاقه من أمنيات للطبعة الجديدة من مشروع السودان الجديد.

تحتاج هذه المعضلة رؤية لاجتثاث كل ما تركه نظام البشير في عقول وقلوب قطاعات كبيرة من الناس، فرحيله عن الحكم لا يعني رحيل أفكاره، وهو ما يمنح الأحزاب والقوى السياسية المتأسلمة قوة كامنة يمكنها تحريكها في الاتجاه الذي تريده، وعرقلة طموحات كل من يسعون لدولة مدنية يظل الدين فيها بعيدا عن السياسة.

*Apr 2, 2021
Oct 16, 2021


تَدخل الإرهاصات الانقلابية في السودان، اليوم، مرحلة حاسمة مع خروج تظاهرات يأمل عبد الفتاح البرهان أن تفتح أمامه الطريق لاتخاذ خطوته الأكبر على طريق تكرار تجربة عبد الفتاح السيسي في مصر.

ويتقاسم العسكريون والمدنيون السلطة، في تحالف لا يسوده الوفاق، منذ الإطاحة بالرئيس عمر البشير في 2019.

ودخلت البلاد منذ 21 أغسطس/آب 2019، فترة انتقالية تنتهي بإجراء انتخابات مطلع 2024.

حمدوك والبرهان 
ودعت أحزاب سياسية ونقابات مهنية مساندة للتيار المدني الى مظاهرات احتجاجية مضادة، الخميس للمطالبة بالدولة المدنية والتحول الديمقراطي وتسليم السلطة كاملة للمدنيين.

وقت يواصل المئات اعتصامهم أمام القصر الجمهوري مطالبين بحل حكومة حمدوك وتسليم السلطة للجيش، خلال الفترة الانتقالية.

ينضوي المتظاهرون، الذين جاء بعضهم في حافلات من خارج الخرطوم، تحت تحالف من أحزاب سياسية وجماعات ثورية مختلفة، اصطفت إلى جانب الجيش السوداني، الذي يتهم الأحزاب السياسية المدنية بالانفراد بالسلطة والإخفاق في إدارة الفترة الانتقالية، المستمرة منذ عامين.

تتهم الأحزاب المدنية الجيش بمحاولة الانقلاب في تصعيد سياسي، مستمر بين الجانبين منذ محاولة انقلاب الشهر الماضي.

وكان قد اُعلن الشهر الماضي أن ضباطا ومدنيين مرتبطين بنظام الرئيس المخلوع عمر البشير، حاولوا الانقلاب، لكن سرعان ما سيطرت الحكومة على الأمور.

*
Oct 21, 2021

ئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، قد أعلن، الاثنين، حل مجلسي السيادة والوزراء، وفرض حالة الطوارئ في كافة أنحاء البلاد.

الانفصال عن الواقع مستويات. أسوأها عندما يعتقد العسكر أنهم قادرون على كل شيء.

الواقع، هو أن هناك ثورة أطاحت بنظام عسكري في أبريل 2019. هذه الثورة كانت ثاني أكبر انتفاضة شعبية للإطاحة بحكم عسكري قاده عمر حسن البشير، بعد الثورة التي أطاحت بنظام جعفر نميري عام 1985.

ولقد كانت هاتان الثورتان ثمرة ضيق شديد من حكم العسكر. كل العسكر.

ما شفع للعسكر أن يلعبوا دورا جديدا، هو انحيازهم في الربع ساعة الأخير، إلى المتظاهرين. وهو شيء ليس بجديد. الفريق عبدالرحمن سوار الذهب، ساهم في الإطاحة بنظام نميري، ولعب دورا مماثلا بانحيازه إلى ثورة الشعب. إلا أنه تخلى عن السلطة طوعا، ومن دون أي ضغوط، بعد عام من قيادة البلاد.

البرهان، وحفنة من العساكر الذين يحيطون به، يحكمون منذ سنتين ونصف ولا يريدون أن ينزلوا من بغلة السلطة.

 والواقع، هو أن هناك مجتمعا دوليا يراهن على الانتقال السلمي للسلطة إلى المدنيين. وهذا المجتمع الدولي لا يريد أن يرى عسكرا يحكمون رغما عن أنف شعب السودان. ومن دون اعتراف المجتمع الدولي، فإنه ما من حكومة عسكرية، أو حكومة تابعة للعسكر، يمكنها أن تحظى بالاعتراف.

والواقع، هو أن عدم الاعتراف بسلطة العسكر يعني سحب كل أسباب الدعم الاقتصادي والتسهيلات، التي لا يستطيع السودان أن يتدبر معالجة أزماته الاقتصادية من دونها.

السودان ما يزال مدينا بنحو 60 مليار دولار للخارج. وكان ينتظر أن يتم إعفاؤه منها، لكي يتمكن من الحصول على قروض جديدة توفر له الجسر لتجاوز الاختناقات الحالية. ويكاد من المستحيل أن تحصل سلطة غير معترف بها، على قرش واحد. حتى أن الجيش نفسه لن يجد ما يدفع به رواتب ضباطه ومجنديه، خارج عمليات النهب المعروفة للذهب وباقي الثروات.

الشعب السوداني كسر حاجز الخوف من سلطة القمع ومن سلاح الانكشارية.

اعتقالات الوزراء واحتجاز عبدالله حمدوك، عمل لن تكون عواقبه محمودة على الإطلاق. حمدوك رجل ذو مقام. وهو موضع احترام إقليمي ودولي، ولعب دورا بارزا في إقناع المؤسسات الدولية لمد يد العون للسودان، وهو شخصية وطنية يُعتد بها على المستوى المحلي. ولعب دورا مشهودا في إعداد اتفاقات السلام مع الحركات المسلحة، وبناء أجواء المصالحات الوطنية، والتقريب بين الكتل والتيارات السياسية المختلفة، وترفّع عن اتخاذ طرف في كل نزاع، وأعد من الأوراق والمقترحات لمعالجات الأزمات ما كان موضع إجماع أحيانا أو تأييد واسع أحيانا أخرى. وهو، بكل تأكيد، ليس رجل مؤامرات، ولا يمكنه بسبب مكانته كخبير دولي، أن يكون ألعوبة بأيدي خفافيش الظلام.

أفهل اعتقد عبدالفتاح البرهان أنه عبدالفتاح السيسي، لمجرد تشابه الأسماء؟ لعله هنا أيضا لم يلاحظ فارق الواقع بين انقلابه وثورة المصريين ضد سلطة الإخوان.

الرئيس السيسي لم يقد انقلابا. ولا كان شريكا في السلطة مع أحد. ولا خاض في حوارات مسبقة مع تيارات سياسية. ولا وقّع اتفاقات سلام مع قوى مسلحة. ولكنه استجاب فقط لثورة شعب انتفض ضد سلطة فشل كادت أن تدفع البلاد إلى هاوية بلا قرار.

كل ما فعله البرهان، هو أنه قفز بالسودان إلى الهاوية، بعد عامين ونصف من محاولة النجاة منها.

*“تعهدنا للمجتمع الدولي أننا سنقوم بحماية عملية الانتقال في السودان، وليس المقصود من قانون الطوارئ الحالي تقييد الحريات، وخدمة الإنترنت والهاتف تعود تدريجيا، وسنلغي قانون الطوارئ بعد إعادة تشكيل مؤسسات الدولة، و “الحكومة المقبلة ستكون حكومة كفاءات، لن تشارك فيها قوى سياسية”.

التفاصيل هنا: https://www.alnilin.com/13215791.htm

“لا نريد وصاية من أحد، ونعرف كيف ندير شؤون السودان، والإدانات متوقعة من كل جهة تعتقد أننا قمنا بانقلاب ولكن ما جرى ليس انقلابا”.

التفاصيل هنا: https://www.alnilin.com/13215791.htm


*Oct 25, 2021

عبدالفتاح في السودان لا يشبه عبدالفتاح في مصر

 ربط مراقبون بين الخطاب الذي ألقاه الفريق أول عبدالفتاح البرهان القائد الأعلى للجيش السوداني الاثنين وبين الخطاب الذي ألقاه في الثالث من يوليو 2013 وزير الدفاع المصري المشير عبدالفتاح السيسي آنذاك؛ فالأول فرض حالة الطوارئ وحل مجلسي السيادة والوزراء ووعد بالتحول الديمقراطي، وهو مسار قريب مما حدث في مصر، مع تباين في بعض التفاصيل التي تؤكد الخصوصية في كل دولة.

فالسيسي ألقى بيانه وسط نخبة مدنية ودينية وفرت له غطاء سياسيا وأضفت مصداقية عالية على الإجراءات التي اتخذها، وجرى اختيار رئيس المحكمة الدستورية مبكرا ليكون رئيسا مؤقتا للبلاد، في رسالة طمأنة لجموع المدنيين.

كواليس مختلفة

قرارات البرهان لصالح الإسلاميين وفلول نظام عمر البشير عكس النتيجة التي أقصت الإخوان بلا رجعة في القاهرة

وظف السيسي سلاح المظاهرات كي ينفي صفة الانقلاب العسكري، وخرج الملايين من المصريين في ثورة شعبية لتنحية الجماعة عن السلطة، وتوافرت بنية سياسية مهمة في الشارع دعمها الجيش انصبت مطالبها الرئيسية على عزل الرئيس الإخواني محمد مرسي، ما جعل البيئة الداخلية مهيأة للقبول بالنتائج التالية.

يخوض البرهان معركته السياسية ضد الجماعة المدنية ومعه حركات مسلحة وأحزاب كانت أعلنت رفضها لما وصلت إلى الحكومة برئاسة عبدالله حمدوك،

تبدو الجهات التي رفضت عزل الإخوان في مصر متشابهة مع حل حكومة حمدوك في السودان، من حيث شعاراتها السياسية؛ ففي الأولى تعاملت قوى غربية مع الثورة الشعبية التي خرجت في الثلاثين من يونيو 2013 على أنها “مصطنعة” وقف خلفها الجيش، في محاولة للتشكيك في الثورة وعدم منح الثقة للجيش.

 اعتصامات أمام القصر الجمهوري على أنها ركيزة يستند عليها البرهان في قراراته المصيرية.

لم تفلح واشنطن في الضغط على الجيش المصري لمنع عزل الإخوان وأخفقت مبادراتها في منع الجيش السوداني من عزل حمدوك كرمز للتحول الديمقراطي، والذي صاحب الخطاب الأميركي منذ اندلاع الأزمة بين المكونين العسكري والمدني.


لا مشروع غير السلطة… لدى عسكر السودان


لماذا لا يسلمون السلطة إلى المدنيين الآن ولماذا قرروا التخلّص من المكوّن المدني في السلطة واستبداله بحكومة جديدة لا تضم سوى اختصاصيين؟ لا أجوبة عن مثل هذا النوع من الأسئلة باستثناء أنّ العسكر يريدون السلطة ويريدون حكومة تحت وصايتهم المباشرة ليس إلّا.

استقلاله في العام 1956.

 عمر حسن البشير التي استمرت ثلاثة عقود (1989 – 2019) وأخذت السودان إلى خراب على كل الصعد.

منذ استقلّ السودان في العام 1956، يلجأ المدنيون إلى العسكر في كلّ مرّة يثبت فيها فشلهم في إدارة البلد… ويلجأ العسكر إلى واجهة مدنيّة بين حين وآخر بغية تغطية عجزهم عن ممارسة الحكم

لم يكن لدى البشير من همّ آخر غير السلطة. استطاع التلاعب بزعيم الإخوان حسن الترابي. استخدمه غطاء في مرحلة معيّنة قبل أن يتخلّص منه ويدخله السجن تمهيدا لإعدامه

ثمّة عادة متبعة لدى العسكريين الذين ينفذون انقلابات عسكريّة. لا تخلو بياناتهم الأولى من كلّ أنواع الوعود

بعد فترة قصيرة من الحكم المدني، نفّذ ضباط إسلاميون كان يرعاهم زعيم الإخوان المسلمين  الترابي في منتصف العام 1989 انقلابا عسكريا. كان ذلك من منطلق شعار أنّ “الإسلام هو الحلّ”. خرج البشير على طاعة الترابي ومارس حكما عسكريا مباشرا أنهته في العام 2019 ثورة شعبيّة يرفض كبار الضباط الاعتراف بها وبحقها في تشكيل سلطة تكون بالفعل السلطة المسؤولة عن إدارة شؤون السودان وإعادة بناء اقتصاده وإيجاد حلول لمشاكل في غاية التعقيد من نوع مشكلة شرق السودان.

*

هل يدرك عسكر السودان أن بلدهم يمكن أن يكون سلة غذاء العالم لو استقر سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، وأن إنتاج السودان من الأغذية يمكن أن يكفي احتياجات كل الدول العربية مجتمعة من القمح والأغذية والذرة والزيوت والسمسم واللحوم والألبان، وبالتالي لا تلجأ هذه الدول لشراء السلع الغذائية من دول العالم المهيمنة على إنتاج الغذاء، مثل الولايات المتحدة وروسيا وأستراليا وفرنسا، ولا يتسول السودان نفسه القمح من دولة الاحتلال كما حدث قبل شهور عقب قرار التطبيع.

هل يدرك العسكر أن 100 مليار دولار قيمة واردات العرب من الأغذية سنويا يمكن أن تتجه لخزينة السودان الخاوية، وتضاف لاحتياطي بنك السودان المركزي من النقد الأجنبي، وبالتالي تجد الحكومة السودانية الموارد الكافية لتمويل واردات البلاد من الأدوية وحليب الأطفال والوقود ومواد الإنتاج والسلع الوسيطة، إضافة إلى سداد أعباء الدين الخارجي.

هل يدرك العسكر أن السودان يمكن أن يعوم على بحار من الأموال والاستثمارات والنقد الأجنبي إذا توقف هؤلاء الطامعون في السلطة واغتصابها عن ارتكاب جريمة الانقلابات العسكرية على الحكومات المدنية من وقت لآخر وآخرها ما حدث قبل أيام.

هل يدرك العسكر أن أموال العرب الهاربة في البنوك الغربية والهائمة في أسواق ودول العالم والتي تبحث عن فرصة استثمار مناسبة العائد ومضمونة أو حتى قليلة المخاطر يمكن أن تستقر في السودان إذا ما تمت تهيئة مناخ الاستثمار وإتاحة فرصة استغلال الأراضي الصالحة للزراعة والتي تقدر مساحتها بنحو 41.8 مليون فدان، منها نحو 1.9 مليون هكتار (4.7 ملايين فدان) من الأراضي المروية، خاصة على ضفاف نهر النيل والأنهار الأخرى في شمال البلاد.

هل يدرك العسكر أنهم السبب في تعاسة السودانيين وتجويعهم وإفقارهم وإذلالهم وتخلفهم عن سداد ديونهم، بل وهجرتهم إلى الخارج وكرههم للحياة، وأنهم وراء تحول السودان لدولة فاشلة اقتصاديا وسياسيا ومأزومة ماليا وهشة ومفلسة الموارد والإمكانيات.

فآخر ما يشغل هؤلاء العسكر هي قضايا التنمية ومكافحة التضخم والفقر والبطالة والفساد وخلق فرص عمل وتوفير السلع وتحسين الخدمات من كهرباء وطرق وجسور، ولا تعنيهم إقامة مصانع ومدارس ومستشفيات وشبكات مياه وصرف صحي، كل ما يعنيهم هو حصد المزيد من الأموال لصالح المؤسسة العسكرية التي ينتمون إليها، أو لصالحهم شخصياً.

ولو عرفوا قيمة بلدهم لحافظوا على حدوده ووحدة ترابه وتنوعه العرقي، وما انفصلت عنه دولة جنوب السودان بخيراتها النفطية الضخمة، وما طمعت فيه إثيوبيا وغيرها من الدول المجاورة، ولحافظوا على ثروات البلاد من النهب والسرقة، خاصة المياه العذبة والثروة الحيوانية والغابات والقمح والذهب والنفط والمعادن والصمغ العربي وغيره، ولانشغلوا بحراسة الحدود بدلا من الحكم بالحديد والنار وممارسة القمع والاستبداد والقهر.

*

دعم "عربي إسرائيلي" دفعه للاستيلاء على السلطة

"المشهد السياسي في السودان يوضح أن كافة القوى اليسارية والماركسية والقومية العربية، والنقابات، هي ضد إجراءات الجنرال البرهان، ووصفتها بالانقلاب".

تتوالى دروس الإسلاميين المستخلصة من الانقلاب السوداني فيرى الإعلامي الإخواني حمزة زوبع أن الشيوعيين واليساريين "قاموا بإقصاء الإسلاميين في السودان وقد يقول قائل إن ذلك ردا على إقصائهم زمن البشير وكلا الأمرين كارثي فالجنرالات لعبوا بعقول ومشاعر الجميع"، ولكنه في نفس الوقت لا يشير إلى ما جرى في مصر من تلاعب بالاثنين معا. ويضيف "والحكمة المستفادة "لا تثق بجنرال ولا تشتريه بدرهم أو دينار" ولكل قاعدة استثناء نادر. ‏⁧‫#انقلاب_البرهان⁩ ‏⁧‫#انقلاب_عسكري".

"كانت جبهة الإنقاذ بمصر من ليبراليين ويسار تعتقد أن الخطر عليها وعلى مصر هم الإخوان وليس العسكر، وكان الإخوان يعتقدون أن الخطر على مرسي ونظامه هم جبهة الإنقاذ وليس العسكر، اليسار في السودان ارتكب الحماقة نفسها، والإسلاميون هناك في طريقهم إلى الحماقة عينها، ويبدو أن الجميع لا يتعلم".

Oct 28, 2021

"عزيزي المدني في بلادنا العربية المنكوبة.. كفاية هُراء وأكاذيب عن سذاجة الإخوان وأخطاء الإسلاميين، ‏فالحكم لدينا لا يأت عبر صناديق الانتخابات، بل الذخيرة ‏وحضرتك لو عملت عجين الفلاحة، أو لبست طاقية الاخفا، أيضا سينقلبوا عليك. ‏فالحل هو اتحاد الشعوب، لمواجهة وكيل الاحتلال، من العسكريين

"السودان انقلاب في انقلاب.. عسكر لا عهد لهم .. وشيوعيون لا أخلاق لهم .. وهم معا يوم اتفقا أعلنوا الحرب على كل ما هو إسلامي وسعوا لرضا الصهاينة.. (وكذلكَ نُوَلِّي بَعْضَ ٱلظَّٰالِمِينَ بَعْضًۢا بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ)".

 مصر قد حضرت بقوة في أزمة تونس السياسية أو بالأحرى "انقلابها اللادستوري"، فإنها حاضرة وبأشد في انقلاب السودان ليس بحكم القرب الجغرافي والترابط التاريخي والتداخل السكاني فحسب، ولكن أيضا بحكم التشابه والاختلاف بين الانقلابين. وأظن أن ما آلت إليه أوضاع مصر من استبداد وتسلطية كان أمام نظر ثوار السودان،

*
كواليس عودة حمدوك: ضغوط دولية وتنسيق إقليمي

Nov 5, 2021

يراهن عسكر السودان ومصر على أن سيناريو عودة حمدوك سيشق الصف المناوئ للانقلاب

قالت المصادر إنه "من السهل الضغط على حمدوك في الملفات الاقتصادية والأمنية والحدود، وتكرار سيناريو هشام قنديل، رئيس الحكومة المصرية في فترة حكم جماعة الإخوان، إذ حاصرته الدولة بالمشاكل حتى أسقطت حكومته، ولكن الفرق بين قنديل وحمدوك، هو أن قنديل كان يتمتع بظهير سياسي متمثل في جماعة الإخوان وحزبها السياسي "الحرية والعدالة"، لكن حمدوك الآن من دون ظهير سياسي متماسك وبالتالي سقوطه ومحاصرته ستكون أسهل".

*Nov 22, 2021
Dec 8, 2021

هل يجب الثقة في وعود الجيش؟

تجارب سابقة في عهد عمر البشير وقبله جعفر نميري، فكلاهما جاءا منقذيْن ومخلصين من فشل حكم المدنيين، ومكثا في السلطة حتى أسّسا أبشع ديكتاتوريتين حكمتا السودان زهاء نصف قرن.

 الانقلاب الفاشل، وما ترتب عنه من انتكاسةٍ في مسار الانتقال الديمقراطي، سيتعيّن على القوى المدنية الحية أن تظلّ معبأة وملتزمة برفض حكم العسكر. قوة القوى المدنية تكمن في وحدة صفها وفي اتحادها لإحباط كل الطموحات السياسية لقادة الجيش. وكلما وجد قادة الجيش وقادة القوى الأمنية أنفسهم أمام حركةٍ مدنيةٍ قويةٍ معبّأة وموحدة من أجل الديمقراطية سيجدون أنفسهم متردّدين في قمع هذه الحركة. وقد أظهرت قيادة الحركة الاحتجاجية المدنية السودانيين مرونة ملحوظة في قدرتها على إبقاء صفوفها موحدة، وكلما كانت أكثر اتحادًا وقدرةً على تعبئة الشارع، قويت حظوظ السودانيين في العبور بثورتهم إلى برّ الأمان.

كلام البرهان بالتخلّي عن السلطة عام 2023 يذكّر السودانيين بتجارب سابقة في عهد البشير وقبله  نميري

لكن في المقابل، لكي تكون للديمقراطية فرصة النجاح في السودان، لا بد من وجود مؤسّسة عسكرية مهنية قوية، تحفظ للبلاد سلامها وأمنها، وتضمن لها استقرارها، وعلى القوى المدنية أن تساعد قادة الجيش المعتدلين، وغير المتورّطين في جرائم قتل المتظاهرين، في تقوية نفوذهم داخل المؤسسة العسكرية وطمأنة مخاوفها بشأن الحكم المدني لكسب تأييدهم للتحول الديمقراطي، دون أن يؤدي ذلك إلى إحداث انقساماتٍ داخل صوف الجيش، تؤدّي إلى زعزعة الاستقرار في السودان.

العبور نحو الديمقراطية يتطلب مستقبلاً أفضل لكل مؤسّسات الدولة، بما فيها مؤسسة الجيش الضامن وحدة الدول واستقرارها، خصوصا عندما تكون هشّة وضعيفة، مثل حال السودان.

Dec 8, 2021

*

Jan 14, 2022


السودان، حل بين اثنين لا يصح لهما ثالث

الجيش، بمنتهى الصراحة، يريد البقاء في السلطة باعتباره “حامي الحمى”. ويريد قادته أن يفلتوا من الحساب عما ارتكبوه من جرائم. ويريد أن يحتفظ ضباطه بـ”حقهم” في تدبير انقلابات في أي وقت يشاؤون. ويريد أن يحتفظ بـ”إدارة بعض الموارد”، ومنها مناجم الذهب، لأغراض التهريب بالدرجة الأولى. ويريد قادته أن يكونوا طرفا في بناء تحالفات جهوية وقبلية تؤسس لهم نفوذا يساعدهم على الزعم بأنهم على علاقة وثيقة بـ”الجماهير”.

الطرف الآخر، المدني، ليس على وفاق مع نفسه. ولسوف تحتاج الأمم المتحدة، لكي تنجح في مهمتها أن تسألهم: ماذا تريدون؟ فبعضهم يريد أن يعلق المشانق لقادة الجيش في الشوارع. وبعضهم الآخر يريد نظاما ديمقراطيا من دون أن يعرف ما هو. وبعضهم يريد سلطة مدنية، ويحتفظ بحقه في عدم الاعتراف بها. وبعضهم يعتقد أنه أحق بالسلطة من غيره. وحتى إذا اتفقوا على شيء، فهم يريدون أن ينقلبوا على ما اتفقوا عليه في وقت لاحق.

هذه الأطراف تجيد الكلام عن الحريات والديمقراطية والتعددية والتداول السلمي للسلطة، ولكن بشرط أن يحتفظ كل واحد منها بحقه في خيانة الحريات والديمقراطية والتعددية عندما يتضح أنها تضره، وأن يعود ليتحالف مع الجيش، ليدبّر انقلابا مشتركا للإصلاح أو لإصلاح الإصلاح، أو لإعادة بناء الديمقراطية.. إلخ. لاسيما وأن كل طرف يعتقد أنه أفهم من غيره لمشاكل السودان، وأنه قادر على حلها.

المشكلة التي سوف تعانيها الأمم المتحدة، تبدأ من كونها طرفا “مستمعا”. أي أنه طرف مضطر لسماع وتسجيل ما تقوله هذه الأطراف. بينما اللعبة ليست فيما يقولون، ولكنها في ما يتدبرون ضد بعضهم البعض من خارج الأقوال التي أسمعوها للوسطاء الدوليين.

وهؤلاء الوسطاء المساكين لن يسمعوا من الكلام الجميل والتعهدات الطيّبة إلا ما يجعلهم يعتقدون أن الأزمة سوف تنحل بعد خمس دقائق. وهم، كلما خرجوا من حوار مع طرف، وجدوا أنه ديمقراطي إلى العظم. وأنه لا توجد في الحقيقة أي مشكلة بين كل الأطراف. وأن مزاعم وجود خلافات حول أسس بناء دولة حديثة، إنما هي من وساوس كائنات غير منظورة. ولكن لا تعرف كيف تغلب النزاعات من جديد بين أولئك الذين لم يقولوا إلا القول الجميل.

تاريخ الانقلابات في السودان يثبت فشل كل الاتفاقات الديمقراطية. كما يثبت فشل كل الأحزاب في التقيّد بما توّقع عليه. ويثبت أن سلطة العصابة، أيا كانت، عسكرية أو مدنية، هي وحدها التي يمكنها أن تحكم هذا البلد

وقد يمكن التوصل إلى اتفاق على “مبادئ”، هي من جملة ما قد يتم جمعه من أقاويل. إلا أن شيئا ما سوف يحدث لكي يجعل السير على هداها مستحيلا، فيأتي عبدالفتاح البرهان هذا، أو واحد آخر مثله، ليقول إنه يريد الإصلاح، فيعتقل الحكومة، ويلغي اتفاق المبادئ. وتعود البلاد لتدور في الحلقة المفرغة نفسها.

لقد حكم الرئيس المخلوع عمر حسن البشير بعصابة لثلاثين عاما. كما حكم سابقوه، كل بعصابة خاصة به. وها هو عبدالفتاح البرهان، نجح في إنشاء عصابة أخرى.

السودان، في تنوع مشاكله، وجهاته، وقبائله، وفصائله، لا يستطيع أن يجتمع على كلمة واحدة. ولا يعرف ما هو “الحل الوسط”، ولا من أين يبدأ. وثمة اعتقاد ساذج، هو السائد بين كل الأطراف السودانية، يقول إن تجربتهم البرلمانية هي السبيل الوحيد الذي يمكنه “إنقاذ” البلاد، بينما أثبتت الوقائع أن هذه التجربة نفسها هي أم الفشل وأبوه. فلقد كانت على الدوام تجربة فوضى وتناحرات حزبية وجهوية وقبائلية. وذلك إلى درجة تجبر المرء على أن يتساءل: هل توجد لدى هؤلاء الناس أعينٌ يرون بها، أم أنهم عُميٌ صُمٌ بُكمٌ لا يفقهون؟

رئيس البعثة الأممية في السودان فولكر بيرتس، قال إنه يزمع “إطلاق عملية سياسية بين الأطراف السودانية من أجل الاتفاق على مخرج من الأزمة السياسية الحالية. وأن العملية تشمل الحركات المسلحة والأحزاب السياسية والمجتمع المدني والجماعات النسوية ولجان المقاومة”.

ولا أحد يشك بنزاهة حمدوك، أو باستقلاليته أو بوطنيته. وهو أفهم وأدرى من بيرتس بمشاكل السودان وتعقيداته بعشرات المرات. ولكن فاض به الكيل.

فولكر بيرتس

الأول، ترك السودانيين يتنازعون إلى يوم يُبعثون. وهذا هو في الواقع ما ظلوا يفعلون منذ 66 عاما. وبالتالي، فما المشكلة لو ظلوا على حالهم 66 عاما أخرى. ولو أمكن أن يكتبوا تعهدا بعدم القيام بأعمال إرهاب في الخارج، فلربما صار من الجائز تزويدهم بالسلاح لكي يخوضوا حربا أهلية طاحنة ضد بعضهم البعض. كل الشعوب المتحضرة خاضت حروبا أهلية. صحيح أن سفك الدماء لم يعد ضروريا بعد كل ما حصدته البشرية من دروس. ولكن ما علاقة السودانيين بهذه الدروس؟ هل تعلموا أي شيء من تجاربهم الخاصة، لكي يتعلموا من تجارب غيرهم؟

والثاني، هو أن يخضع السودان لسلطة انتداب دولي، ريثما يعرف السودانيون ما هو الحل الوسط، وكيف يحصلون على ضمانات بتنفيذه، وكيف يمنعون الجيش من الاشتراك بأي عمل سياسي، وأن يكف قادته عن الاعتقاد بأن “الجماهير” تحبهم. بل أن يكفوا عن إقامة روابط من أي نوع مع “الجماهير”، فهذا من شغل الأحزاب وليس من شغل ضباط الجيش.

الانتداب الدولي يمكنه أن يكلف تكنوقراط، خاضعين لرقابة صارمة، لإدارة شؤون البلاد، بمشاركة خبراء محليين في كل جانب من جوانب الاختصاص، وأن تكون أعمالهم ونتائج اجتماعاتهم شفافة وخاضعة للمراقبة الأهلية في التنفيذ.

شيئا فشيئا، سوف تعود البلاد لتقف على قدميها، اقتصاديا على الأقل. قبل أن يمكن التوصل إلى وضع نظام سياسي جديد، يقطع مع كل التجربة السابقة. أي يقطع مع انقلابات الجيش، كما يقطع مع النظام البرلماني الذي ظل يُمارس في ربع الساعة بين انقلاب وآخر.

هذه البعثة هي التي يتوجب أن تتولى قيادة البلاد حتى تتوفر الأسس. لا الجيش، ولا المتناحرون من الأطراف المدنية الذين لا يثق أحدهم بالآخر، والذين لا تمكن الثقة بأي منهم.

لماذا؟ لأن البعثة الدولية هي الطرف الوحيد الذي يمكن أن يقول للسودانيين: عودوا إلى أشغالكم، وكفوا عن الهرج والمرج. وذلك حتى تتوصلوا إلى ميثاق سياسي جديد، وتضعوا قائمة خبراء يتولون إدارة البلاد، وتحددوا طبائع نظام سياسي متفق عليه، لا يكرر تجاربكم الفاشلة.





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق