الأحد، 18 أبريل 2021

الانفتاح على الآخرين والتعرف على ثقافتهم

Oct 14, 2018

فالتعايش لغة معناه: العيش على الألفة والمودة، و«تعايش المجتمع» يعنى أن يعيش أفراده فى وئام وتوافق على الرغم من  بمعنى احترام الآخرين وحرياتهم، والاعتراف بالاختلافات بين الأفراد والقبول بها، وتقدير التنوع الثقافى.
اختلافاتهم «الدينية والثقافية»،

وهنا يدرك الفرد أنه لكى يعيش فى مجتمعة فى أمن وسلام، يجب عليه أن يتنازل عن بعض رغباته أو يقيد بعض حرياته حتى يحدث التناغم والتوافق بين أفراد المجتمع، 

ففى العمل، أنت لاتؤدى عملك وفق شروطك وتبعا لهواك، لأن وقتها ستجد زملاءك يريدون أن يتم العمل وفق شروطهم أيضا، ويحدث الصراع وقد يتوقف الإنتاج، وتتولد الأفكار العدوانية نتيجة لرغبة كل منهم فى الانفراد بالقرارات. هنا يأتى «التعايش» ليفرض نفسه كَحَلٍّ أمثل وكضابط لأهواء الأفراد داخل المجتمع، وليخضع الجميع لضوابط وقوانين العمل التى تتطلب تنازلا من كل فرد عن بعض متطلباته، لكى يبقى الاحترام فيما بينهم، ولضمانة إنجاز العمل على الوجه المطلوب.

ولكى لا يكون هناك مجال لأن يفرض أحدهم رأيه على الآخرين، فالكل يطبق قانونًا ضمن لهم العمل المشترك أو «العيش المشترك» فى إطار من التسامح والود.
قِس على ذلك جميع مجالات حياتنا:

الجيران مع بعضهم ومراعاتهم لبعضهم البعض، المواطنون فى الشوارع ووسائل المواصلات، فأغلبنا مختلفون عن بعضنا، ولكى يسود السلام فى وطننا فيجب أن نجنب خلافاتنا واختلافاتنا ونبحث عن مشترك يجمعنا فى جو من الاحترام والتقدير.

والسبيل إلى ذلك هو أن نتعارف «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ».
نتعارف ليكون كل منَّا على دراية بحقوقه وحدوده وحقوق غيره، ومعرفة ما يؤذيهم لتجنبه، ولمعرفة أننا «نكمل بعضنا»، فالحقيقة التى لا يمكن إغفالها هى أن المجتمع فى حاجة إلى تنوعنا واختلافنا.
فتخيل معى مدينة صغيرة كل سكانها أطباء ومهندسون، فهل ترى هذا مجتمعًا متكاملًا؟
فالمدينة وأهلها كما يحتاجون إلى الطبيب والمهندس، فهم يحتاجون أيضا للمعلم، والواعظ، والتاجر، وعامل النظافة.. وغيرهم.
إنّنا ملزمون دينيا وأخلاقيا واجتماعيا بالتعرُّف على الآخرين، وهذا يَحتاج إلى بذل جهد كبير، للتنازُل عن المقاييس الخاطئة، وتلمُّس مواطن الاتفاق فيما بيننا، لاستثمار هذه العلاقات فى سبيل ترقية الحياة المشتركة.
إن التعرف على الآخر، شرط رئيس لنجاح تجربة العيش المشترك، لأن هذه المعرفة تقود إلى الاعتراف بالآخر، ومن ثمّ إعطاؤه الحرية فيما يختار من معتقد، و قبوله كما هو.

فالتعارف مع الآخر والتحاور معه لا يمكن أن يثمر إلا فى مناخ من الحرية، إذ «لا إكراه فى الدين» [البقرة: 256]، «ولو شاء ربّك لآمن من فى الأرض كلهم جميعا أفأنت تُكره الناس حتى يكونوا مؤمنين» «يونس: 99». 
وعندما أتكلم عن الحوار أتخطى فكرة التسامح، بمعنى القبول والاعتراف بما هو موجود.
إنّنى ارغب رغبةً أكيدة بالعيش المشترك، العيش الذى لا يؤدّى فقط إلى فهم الآخر، أو اللقاء معه فى مناسبات معيّنة أو الوقوف معه فى الأزمات فقط، بل نريده  التزاما بعمل مشترك معه ينطلق من الثقة به، ووجوب التعامل معه بصفته إنسانا، لأنه  مصدر غنى لحياتنا الواحدة، وهذا كله يقودنا إلى ضرورة بلورة خطة عمل مشتركة تطبق على الأرض، وهذا ما يقوم به الإمام الأكبر من خلال جولات السلام.
ويكفى أنْ نلاحظ أن بستانا من أزهار مختلفة أفضل من بستان فيه نوع واحد من الأزهار، فالانفتاح على الآخرين والتعرف على ثقافتهم وقيمهم شىء إيجابى بالمقاييس الشرعية والإنسانية.
لكن قد يقول قائل: الانفتاح الذى تزعمه هو عين الذوبان.
 والانفتاح غير الذوبان كما يتخوَّف كثيرون.
إنَّ ديننا الحنيف بقدر ما يدعو إلى التميُّز والاعتزاز والثبات على ديننا ومعتقداتنا، رغم ما قد يعترى ذلك من مشقة وصعوبة، فإنه يدعو إلى الإسهام فى الحياة الإنسانية من خلال الإعمار فى الأرض، ليكون الإعمار للإنسانية كلها، وكذلك جملة من القيم المشتركة، مثل: حب الخير للناس، ومساعدتهم، واحترام الغير، وبسط سلطان العدل والمساواة والحريّة، وغير ذلك من الجمل الأخلاقية المشتركة التى تدعو إلى التعايش.

وإن المتتبع للقرآن الكريم وسنة النبى، صلى الله عليه وسلم، يجد ما ذكرناه مبثوثا فيهما.
فهنيئًا لمجتمع قدر قيمة الاختلاف وسن قوانين التعايش، وجعل الطريق ممهدا لرواده للصعود بوطنهم نحو القمة.

*

التنوع الثقافي

بغـض النظر عـن الدين،
ُ أو العـرق، أو الجنـس، وي ُ وصـف بأنـه عامـل محـر ك لهـذه التنميـة؛ لأنـه يوسـع نطـاق
ُ الخيـارات المتاحـة لـكل ّ فـرد، وبالتالـي فهـو أحـد مصـادر التنمي ّـة البشـرية، مـن حيـث
ّ إنـه وسـيلة لبلـوغ حيـاة فكريـة وعاطفية وأخلاقيـة وروحيـة مرضيـة، وفـي هـذا الإطـار
ً ينظـر لحقـوق الإنسـان بوصفهـا ضمانـة ّ للتنـوع الثقافـي
وتقـف اللغـة علـى رأس مظاهـر التنـوع الثقافـي ّ ، فهـي الركن الأساسـي الـذي تقوم عليه
ّ أي هوية ثقافية، حيـث تفتخـر كل ّ أمة بمزايـا لغتهـا، وهـي رايـة هويتهـا، وكذلـك يبـرز
ّ الديـن علـى رأس مظاهـر التنـوع إلـى جانـب العـادات والتقاليد
 


ولقـد أثبتـت الفتـرات التـي مـرت بهـا الشـعوب والأمـم أنـه لا مجـال للعزلـة؛ لأنهـا آليـة
ّ للانكسـار الداخلـي، وهـو مـا يجعـل أيـة أمـة تعيـش تحـت تأثيـر هـذه الآليـة سـتجد
ّ نفســها خــارج ســياق التاريــخ والزمــن والتطــور، وستتسع
 الهــوة الثقافيــة والعلميــة
ّ بينهـا وبيـن الأمـم الأخـرى، وبقـدر تعلق الأمـر بعالمنـا العربـي ّ فإنـه أشـد ما يكـون إلى
ُ التعايـش والاعتـراف بالتنـوع، وبخاصـة فـي المجـال المحل ّـي، وهـذا يشـمل مجتمعات
ّ التنـوع والتعـدد الإثنـي والدينـي والطائفـي
 


لغة الاحترام لم ُ تعد حروفها ُ مفهومة
البعض يفسرها مجاملة، َوالآخر
يظنها مصلحة
 

جميل أن تتمسك بقيم التعايش والتسامح وقبول الآخر والوعي بحقوق الإنسان

انفتح على العالم ولا تبقَ في عزلتك!

انقسمت شرائح المجتمع نحو «الانفتاح»، فمنهم من يصفه ب»الانفلات»، وآخرون يصفونه بالقدرة على مواجهة متغيرات الحياة، فيما وقف البعض الآخر موقف المتأمل والمتألم وغير المصدق ل»تحول المجتمع» الذي كبر واعتنق فكرة لم يفهمها جيداً، 

إن «الانفتاح» يعني التغيّر للأفضل، والاطلاع على شعوب الدول الأخرى، والإفادة منها إيجاباً من خلال معالجة السلبيات الموجودة لدينا، مع المحافظة على القيم والأخلاق التي نتميز بها، كما أنه من المهم أن يكون الغرض منه الحث على العلم والتعلم،

ن ثقافات موجودة بقوة في عاداتنا كثقافة الكسل، وثقافة عدم حب النظام، وثقافة الاتكالية، وغيرها من الثقافات التي إذا لم تتغير فإن انفتاحنا سيبقى إنفاحاً شكلياً فقط.


قد يستطيع المرء أن يحصل على
أعلى الشهادات العلمية، وهذا
ٌ أمر حسن نشجعه عليه ونغتبط
له. ومع هذا، إذا كان عاجزا عن
الحياة مع غيره، فإن شهاداته لن
تنفع.. إن فن الحياة شهادة فوق كل
الشهادات


*

كن سعيداً وتكلم مع غريب
دلع المفتي

كانت تقف في المصعد وحيدة، دخلت سيدة ابتسمت لها ثم سألتها: رائحة عطرك حلوة، ما اسمه؟ قالت اسمه «جميلة»، فردت السيدة: «نعم، وأنت كذلك». مجرد كلمتين من غريبة جعلتا المرأة تخرج من المصعد وهي منتشية تمشي على الهواء.

نحن محاطون بالغرباء يوميا، في المجمعات والأسواق، في المستشفيات والعيادات، في الطرقات ووسائل المواصلات، في الوزارات والشركات، لكننا وبطريقة غريبة نتحاشاهم، نبتعد عنهم أو نضع حدا بيننا وبينهم عبر الإمساك بكتاب أو جريدة، وفي أغلب الأحيان الهاتف النقال، معتقدين أن الحديث مع الغرباء مزعج، غير مريح، وأحيانا خطر. بيد أن الدراسات تفيد بأن الحديث مع الغرباء يجلب سعادة غير متوقعة للإنسان وله أثر إيجابي على الطرفين، المتحدث والمتحدث معه، فنحن مخلوقات اجتماعية ويجب علينا أن نتواصل.

أحياناً نتخوف من الحديث مع الغرباء، الاقتراب منهم يقلقنا، ويجعلنا نختبئ في ذواتنا لحماية أنفسنا. ادخل أي غرفة انتظار، قف في أي طابور، ادخل مصعد، وستجد كل من حولك منكسا رأسه يعبث في تلفونه. ليس بالضرورة أن يكون يتابع أمراً مهماً، أو يرد على اتصال عمل أو يبحث عن صفقة، هو يضغط أزراراً ويقلب شاشات، محاولاً أن يتحاشى النظر اليك أو الحديث معك.
تقول الدراسات: ان الحديث مع الغرباء يجعل حياتك أكثر ثراء ويطور شخصيتك، إضافة الى أن تعاملك مع الغريب يجعل تعاملك مع القريب أفضل. الحديث نفسه لن يغير حياتك، لكنه يمكن أن يجمل يومك ويعطيك دفعة صغيرة من التفاؤل والإيجابية. جرب أن تفتح حديثاً مع سائق أجرة، ستجده يحكي لك قصصاً وحكايات إن لم تغنك تسلّك. قل صباح الخير مبتسما عندما تدخل غرفة انتظار، سيضطر المنتظرون الى مبادلتك الابتسامة والتحية، ويمكن أن تكون بادئة حديث شيق مع أحدهم. علق إيجاباً على مظهر أحدهم حتى إن كنت تراه لأول مرة، تعليقك سيسعده ويسعدك أنت أيضا. سلم على نادل القهوة وناده باسمه، سيكون رفيق صباحاتك وسيحفظ نوع القهوة التي تحبها وربما يفتقدك إن غبت.
الغرباء ليسوا أعداء، فلا داعي للتخوف منهم، هم بشر مثلي ومثلك، يسيرون في هذه الحياة، كل يحمل همومه ومشاكله على ظهره، كل ما يحتاجونه منك ابتسامة.. كلمة مرحبا أو صباح الخير، ستجعل يومك ويومهم أحلى.
الحديث مع الغرباء سهل ومريح، فلا أحد سيتذكر ما قلته له بعد الفراق، ولا تنسى، ربما كلمة حلوة من غريب تستطيع أن تمحو كلمة بشعة من قريب.
دلع المفتي
*

الدردشة مع الغرباء تساعد في مواجهة كآبة


العديد من الدراسات تبين أن الأشخاص الذين لديهم معارف عابرة هم الأكثر سعادة في حياتهم.

الناس يستفيدون بشكل عام عندما يتحدثون إلى الكثير من الناس، بمن في ذلك الأشخاص الذين ليسوا على معرفة جيدة بهم، 

شعار “تحدث إلى غرباء” تدعو الباحثة في جامعة إسكس البريطانية إلى بدء دردشة قصيرة ودية مع الناس كل يوم، سواء كانت دردشة قصيرة في السوبر ماركت أو في الحافلة، وقالت ساندستروم “هذا يجلب الكثير من الفرح”.

 الجيران أو النوادل في المقاهي أو الأشخاص الموجودين على الجهاز المجاور في صالة الألعاب الرياضية يمكن أن يكونوا أيضا مهمين للشعور بالارتياح.

 الأشخاص الذين لديهم معارف عابرة يميلون إلى أن يكونوا أكثر سعادة بشكل عام في حياتهم، حيث تبين أنه كلما زاد تفاعلهم مع هؤلاء الغرباء، كانوا أكثر سعادة.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق