الجنس ظاهرة اجتماعية وفنية قبل أن تكبته الأديان
الكتابة القصصية أهم الأشكال الأدبية الإبداعية في تدوين الأدب الجنسي، وقد ارتبطت بنمط فني اسمه "قصص يا شينغ".
الجسد مقدس ومصدر إلهام فني
الصين بلد غني بثقافته العريقة بما في ذلك السجل القديم الوافر بالثقافة الجنسية، إلا أن أحكاما مسبقة في ظل ظروف تاريخية معقدة أقصت الجنس عن التداول الفكري باعتباره أمرا بغيضا مليئا بالدنس مشوبا بقذارة، فمن ثم تم تشويه محتواه الثقافي المعتبر وطمس معالمه تحت غبار التجهيل، وهو ما يحاول تجاوزه كتاب “تاريخ الجنس في الصين”.
يكشف كتاب “تاريخ الجنس في الصين” للعالم الصيني وأستاذ علم الاجتماع بجامعة شنغهاي ليو دالين حقائق كثيرة حول ثيمة الجنس انطلاقا من رصد ثقافي قومي، سعيا إلى تأكيد أن الصينيين أبناء وأحفاد التنين التاريخي القديم قد عرفوا الجنس بوصفه ظاهرة اجتماعية ارتبطت بتطور المجتمع وأهداف الإنسانية في السعادة والبهجة.
المجتمع الصيني في ما يتعلق بالجنس لم يكن متخلفا، كما لم يكن منطويا في كنف الغموض أو مهملا في زوايا النسيان أو مقيدا في قاع الدنس، بل تعامل مع الجنس وفق منظور طبيعي وعلمي وصحي، ومن زاوية ترصد الماضي بوعي وتستطلع المستقبل بأمل.
تقديس الجنس
تطور السلوك اللجنسي عند البشر، منتقلا بعد ذلك إلى تقديس الجنس في العصور القديمة وعبادة الأعضاء التناسلية، ثم الانتقال من الزواج الجماعي إلى الأحادي، ويتوقف عند الجنسية المثلية والتبدلات الجنسية، وظواهر القهر الجنسي، والآداب والفنون الجنسية والجنس والدين، ليقدم رؤية عن الجنس في الصين القديمة.
مظاهر العلاقات الجنسية التي اعتبروها نشاطا مقدسا، كتلك اللوحة الجدارية الكائنة في “هالانشان” والتي تصور قضيبا ذكوريا منتصبا باتجاه منتصف اللوحة، حيث منظر أنثى ذات أثداء، وقد ظهر في جانب اللوحة الأيمن شخص آخر (غير محدد الجنس) يرفع رقبته بيده اليمنى، كأن في الأمر احتفالا بمناسبة ما.
وفي لوحة جدارية أخرى بمنغوليا الداخلية تم تصوير مشهد بريشة غليظة غير مستوية، رسمت حدود المنظر الذي يشبه أنثى على هيئة ضفدع، وقد ولج في نصفها الأسفل قضيب ذكري.
ويوضح أن اكتشافات أثرية أظهرت كثيرا جدا من اللوحات والضفدع جزء من الإشارة إلى عبادة التكاثر، بما ترمز إليه من كثرة الإنجاب، وهكذا فقد أبرزت الكثير من مثل تلك اللوحات العلاقة الوثيقة بين التناسل والعلاقة الجنسية.
عرضا متنوعا لعبادة العلاقات الجنسية عند المجتمع البدائي
الرسوم المنحوتة لمجموعة من الذكور والإناث في أوضاع تمثل بعضهم وهم في حال الوقوف أو الاضطجاع، ومنهم من يرتدي ملابسه أو قد تعرى تماما. وقد احتوت اللوحة مشاهد عمليات جنسية.
طقوس عبادة العلاقات الجنسية.
اليين واليانغ
ن كل ما يقع في الضوء تحت الشمس في قوة الوضوح هو ما يرمز إليه بـ”اليانغ”، أما الجانب المقابل الذي يقع “في الظل، في طيّ الكتمان، تحت ستر الخفاء”، فهو ما يشار إليه بـ”اليين”.
الذكر هو الذي يمثل الجانب الـ”يانغ”، أما الأنثى فتلزمها إشارة الـ”يين” ومن ثم ظهرت الدعوة إلى “تكامل اليين واليانغ” تماما كما هو الحال بين الأرض والسماء والصيف والشتاء والليل والنهار، فإن اليين واليانغ والذكر والأنثى يكمل وجود كل منهما وجود الآخر وكيانه فـ”اليين” بغير الـ”يانغ” يمضي إلى الهلاك، واليانغ بغير الـ”يين” إلى زوال. وهكذا فإن اليين المتفرد بنفسه واليانغ الواحد بذاته، كلاهما مخالف لقانون الطبيعة بما في ذلك ما يمثله من تهديد بالغ لصحة الإنسان وسعادته. كما اعتبر القدماء صفات الذكورة أقرب إلى الطبع الناري، في حين تقترب طبيعة الأنثى من طبيعة الخصاص المائية.. إلى غير ذلك من أفكار كثيرة تخللت مختلف جوانب الإبداع في فنون الجنس القديمة، وشكلت كلها الأساس النظري لفن الجنس الصيني القديم.
الأدب الجنسي
وحول علاقة الدين بالجنس يوضح دالين أنه لما كان الدين هو محاولة المعرفة الكلية للكون والعالم، فقد كان طبيعيا أيضا أن تؤثر هذه المعرفة الكلية الشاملة في المعرفة الجنسية، وعندما اتخذ القدماء موقفا منفتحا إزاء الجنس، كانت الطقوس الدينية وقتئذ تموج بمضامين جنسية، وحين ظهرت الأفكار الانغلاقية المتشددة ضد الجنس وتبوأت مكانة مؤثرة اتجهت التعاليم الدينية إلى اتخاذ نهج التحريم والقمع الجنسي، وهو التحول الذي نلحظه في مساء طويل من الزمن، بدءا من “الكتاب المقدس” (العهد القديم) إلى “العهد الجديد”، وبالنظر إلى تاريخ الصين في العصر القديم، فإن أوثق الأديان ارتباطا بالعلاقات الجنسية هما الطاوية فالبوذية السرية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق