السبت، 17 أبريل 2021

مستقبل العالم

 تقرير وضعه عدد من الخبراء في وكالة الاستخبارات الأميركية صورة قاتمة لمستقبل العالم

 العالم يسير إلى مستقبل أسود، لأسباب كثيرة ناتجة عن جائحة «كورونا»، لكنها في الواقع تتجاوز الإطار الصحي لشعوب دول العالم، وتصل إلى مخاطر تعميق التفاوت الاقتصادي، واستنزاف الموارد الحكومية، وحتى تأجيج المشاعر القومية، وما يمكن أن تؤدي إليه من النزاعات وروح العداء، بدلاً من التعاون الدولي المطلوب بإلحاح كبير.

 جائحة «كورونا» هزّت الفرضيات القائمة منذ فترة طويلة حول مرونة العالم وقدرته على التكيّف، وخلقت شكوكاً عميقة حول الاقتصاد والحوكمة والشبكة الدولية للجغرافيا السياسية والتكنولوجية، وإضافة إلى كل هذا حذّر التقرير من عوامل عدة حياتية تثير القلق، لأنها ستصيب عميقاً مجالات التعليم وآثار تغيير المناخ التي من المرجح أن تؤدي إلى تفاقم مشكلة الأمن الغذائي في البلدان الفقيرة، في ظل الأزمات الاقتصادية والإنتاجية المتعاظمة، ما سيؤدي إلى تسريع حركة الهجرات العالمية. وحذّر التقرير من أن التنافس المتزايد بين الدول، على القيادة والهيمنة في العلوم والتكنولوجيا لمواجهة «كورونا» سيزيد من مخاطر محتملة على الأمن الاقتصادي والعسكري.

قد نتجه فعلاً إلى عالم أسود بسبب «كورونا»، يركز التقرير على التحذير الجاد من تآكل الثقة بالحكومات والمؤسسات، ومن توسّع فجوة الثقة بين عامة الناس نتيجة الانعزال والفرق في مستوى الوعي والاستنارة بين أبناء المجتمع الواحد حيال التعامل مع الوباء!

 الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، عن أسفه لأن جائحة «كورونا»، سواء تعلّق الأمر بالتلقيح أو بالمساعدات الاقتصادية والتعاون الدولي، أثبتت حتى الآن أنها على مستوى العمل المتعاون المتعدد الأطراف قد فشلت. وكان غوتيريش يتحدث أمام منتدي تمويل التنمية في الأمم المتحدة، واعترف بأن «دعم الاستجابة العالمية المنصفة والانتعاش الاقتصادي في مواجهة الجائحة هو اختبار للتعددية المتعاونة، وهذا اختبار فشلنا فيه حتى الآن».

 نقص التضامن الدولي في توزيع اللقاحات ينسحب أيضاً وبصورة أعمق على المساعدات الاقتصادية، ورغم أن بعض الدول اعتمدت برامج إغاثة بالمليارات، فإن عدداً كبيراً من الدول النامية يواجه أعباء ديون يستحيل التغلب عليها. ويقول غوتيريش إن جائحة «كورونا» تسببت حتى الآن في أكثر من ثلاثة ملايين وفاة منذ ديسمبر (كانون الأول) 2019، وتسببت في أسوأ ركود اقتصادي منذ 90 عاماً، وأعادت 120 مليون شخص إلى الفقر المدقع، بينما فقد العالم أكثر من 255 مليون وظيفة، وكل هذه العوامل يمكن أن تساعدنا في فهم خلفيات التقرير المهم للاستخبارات الأميركية وتوقعاتها السوداء لمستقبل العالم!

 العالم يشهد حالياً مرحلة حرجة للوباء، مؤكدةً أن مسار الجائحة بات في ازدياد مستمر وهو يتنامى بشكل مطّرد، وهو ما لم يكن متوقعاً قبل عدة أشهر، وأعطت في السياق أرقاماً مخيفة عندما قالت إن عدد الإصابات ارتفع الأسبوع الماضي بمعدل 9%بينما ارتفعت نسبة الوفيات بمعدل 5%.

28 يناير (كانون الثاني) الماضي وعلى هامش «حوار دافوس» للمنتدى الاقتصادي العالمي، نشرت منظمة «أوكسفام» غير الحكومية تقريراً عن حال العالم بعد اندلاع جائحة «كورونا» طارحة السؤال:

ماذا لو تبرّع 10 مليارديرات فقط بما كسبوه في عام «كورونا»؟ وقالت إن ما كسبه هؤلاء الأشخاص العشرة في عام هو فقط 540 مليار دولار، وإن إجمالي ثروات مليارديرات العالم يعادل مجموع ما أنفقته حكومات «مجموعة العشرين» على جهود مكافحة «كورونا»، وهو ما يستدعي فرض ضرائب على فاحشي الثراء.

 لتقديرات «أوكسفام» فقد زادت ثروات المليارديرات في جميع أنحاء العالم بمقدار 3.9 تريليون دولار بين 18 مارس (آذار) و31 ديسمبر من العام الماضي، وهي تصل الآن إلى 11.95 تريليون دولار، بينما زاد العدد في نادي الفقراء أكثر 500 مليون شخص.
في عام 1918 ضرب فيروس «الإنفلونزا الإسبانية» الكرة الأرضية، وتفشى ليصيب ثلت البشر في ذلك الزمن، وقتل 50 مليوناً، بعدما أصاب 500 مليون شخص، ولهذا فإن «كورونا» ليس أول وباء كارثة ولن يكون الأخير، ليبقى السؤال الأعمق: ماذا يتعلم البشر من مآسيهم؟ عجباً!


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق