May 8, 2020
عدم استخدام المسؤولين الأميركيين مصطلح "الحرب الباردة" لوصف علاقة واشنطن وبكين، فإن
الدراسات والتعليقات تمتلئ بنقاشات حول "حرب باردة" بين البلدين منذ اندلاع جائحة كورونا.
ويكرر الرئيس الأميركي دونالد ترامب اتهاماته للصين لما يعتبره دورا لها في تفشي انتشار فيروس كورونا المستجد حول العالم.
وتختلف حرب واشنطن الباردة مع الصين عن تلك التي خاضتها مع الاتحاد السوفياتي، فالمواجهة الأميركية السوفياتية كانت سياسية وأيديولوجية وعسكرية بالأساس، سعيا لكسب نفوذ حول العالم في معركة صفرية.
في حين تعتبر المنافسة الأميركية الصينية أكثر تعقيدا، حيث يجمعهما تعاملات تجارية تفوق قيمتها 700 مليار دولار سنويا، وتستضيف الجامعات الأميركية ما يزيد على 350 ألف طالب صيني، وقبل جائحة كورونا استمتع بالسياحة في الدولتين ملايين الأميركيين والصينيين، وتتبنى الدولتان نظما وسياسات اقتصادية غير متعارضة، ويقلل كل ذلك من وقوع مواجهة شاملة بينهما.
ودعا أمس الرئيس ترامب إلى إشراك الصين في المحادثات المقبلة للحد من التسلح مع روسيا، وقال البيت الأبيض في بيان له إن "الرئيس ترامب أكد من جديد أن الولايات المتحدة ملتزمة بالرقابة الفعالة على الأسلحة التي لا تشمل روسيا فحسب بل الصين أيضا، وتتطلع إلى إجراء محادثات مستقبلية لتجنب سباق تسلح مكلف".
وقبل أيام كشف التقرير السنوي لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، أن الصين تستمر في زيادة ميزانيتها الدفاعية، وأصبحت تنفرد بالمركز الثاني خلف الولايات المتحدة بحجم إنفاق بلغ عام 2019 ما يقرب من 261 مليار دولار، في حين بلغت ميزانية الدفاع الأميركية 732 مليار دولار.
حوارا مع يينان هاي البروفيسورة الأميركية ذات الأصول الصينية بجامعة لايهاي بولاية بنسلفانيا، والمتخصصة في الشؤون الصينية الأميركية:
لا تتجه الصين وأميركا نحو حرب باردة على شاكلة تلك التي جمعت الاتحاد السوفياتي بالولايات المتحدة، من حيث قيادتهما لمعسكرين وتحالفين متناقضين وتبنيهما نماذج اقتصادية متعارضة أيديولوجيا. لقد خاض المعسكران حربا أيديولوجية عالمية، وعرفا منافسة إستراتيجية شاملة، وحربا اقتصادية كذلك.
لو أستمر التوتر الحالي بين الدولتين فلن تكون مفاجأة أن تنتقل الحرب الباردة الإقليمية إلى الجوانب العسكرية والإستراتيجية، وتنتشر على نطاق عالمي.
وتضرّ واشنطن سمعتها العالمية إذا ظهر اهتمامها بالخلاف مع الصين أكثر من اهتمامها بإنقاذ أرواح مواطنيها.
كليشيهات "الحرب الباردة"
القوتين العظميين الأكثر أهمية ونفوذا في العالم.
فإذا كان المرء يقصد بتعبير "الحرب الباردة" وجود صراع هائل يشمل كل أوجه القوة والجبروت بين نظامين سياسيين غير متوافقين، فسيصبح من الواضح أن المنافسة بين الصين والولايات المتحدة تشبه إلى حد بعيد تلك التي دارت بين واشنطن وموسكو في النصف الثاني من القرن العشرين.
"صيناً أكبر نفوذا وأكثر إثباتا لوجودها هي المنافسة الوحيدة التي لديها القدرة على حشد قدراتها الإقتصادية والدبلوماسية والعسكرية والتقنية لتحدي النظام العالمي المستقر والمنفتح بشكل دائم".
الصين
تعبر عن رغبتها في تأسيس علاقات بناءة بينما تصرّ في الوقت ذاته على إعلاء مصالحها الخاصة - مثل قمع الحركة المطالبة "بالديمقراطية" في هونغ كونغ ومعاملتها القاسية لأقلية الإيغور المسلمة في إقليم شينجيانغ (والتي وصفها بلينكن بالإبادة الجماعية).
ولا تدع بكين أي فرصة تمر دون أن تؤكد على مثالب النظام الأمريكي، فقد استغلت الطريقة الكارثية التي تعاملت بها إدارة دونالد ترامب مع وباء كوفيد-19 وأعمال الشغب التي تكللت باقتحام مؤيدين لترامب لمقر الكونغرس الأمريكي لتثبت بأن نموذجها الاجتماعي والاقتصادي هو المتفوق.
الاتحاد السوفيتي وحلفاؤه معزولين إلى حد كبير من الإقتصاد العالمي، وكانوا خاصعين لقيود مشددة على صادراتهم ووارداتهم. ولكن الوضع الآن يناقض ذلك الوضع بشكل جليّ. فالصين أصبحت الدعامة الرئيسية للإقتصاد العالمي، علاوة على أن اقتصادها مندمج إلى حد كبير مع الإقتصاد الأمريكي.
بينما كان للحرب الباردة الأصلية بعدا تكنولوجيا مهما - من خلال سباق التسلح وسباق الفضاء بالدرجة الأولى - يتمحور التنافس الحالي بين الصين والولايات المتحدة حول التقنيات الحيوية التي تسيّر مجتمعاتنا الآن وفي المستقبل، كالذكاء الإصطناعي وتقنية 5 جي.
كما يختلف السياق الدولي الآن عن ذلك الذي كان سائدا آنذاك. فإبان الحرب الباردة، كان العالم منقسما إلى معسكرين ثابتين - إضافة إلى كتلة عدم الإنحياز (التي كان الغرب يرى أنها موالية للسوفيت).
أما الآن، فنحن نعيش في عالم متعدد الأقطاب تتعرض فيه مؤسسات النظام العالمي الليبرالي إلى تحديات غير مسبوقة. ويمنح هذا الموقف الصين نفوذا كافيا لفرض نظرتها الخاصة للعلاقات الدولية.
يتمحور التنافس الحالي بين الصين والولايات المتحدة حول تقنية 5 جي
كانت الحرب الباردة الأصلية عبارة عن صراع سياسي لا هوادة فيه ولا تفاهم، ينفي فيه كل من الجانبين شرعية الجانب الآخر.
عددا هائلا من البشر فقدوا أرواحهم في صراعات خاضها الجانبان بالوكالة (أي من خلال أطراف أخرى) في أرجاء عديدة من العالم.
يخشى كثيرون من أن النظر إلى المنافسة الراهنة بين الصين والولايات المتحدة بهذه الشروط الأيديولوجية الواضحة قد يؤدي إلى سوء تقدير عند الجانبين المتنافسين، ويعطي الصين تحديدا مبررات أكثر لاتخاذ مواقف قد تكون نتائجها كارثية من أجل تجنب أي هزيمة ممكنة.
لكن الصين ليست الاتحاد السوفيتي، فهي أقوى بكثير، فعلى سبيل المثال لم يبلغ الناتج المحلي الإجمالي السوفيتي في ذروته إلا 40 في المئة من نظيره الأمريكي. إلا أن الصين ستتساوى مع الولايات المتحدة في هذا المعيار خلال هذا العقد.
تعد الصين أقوى منافس تواجهه الولايات المتحدة منذ القرن التاسع عشر، ولذا فإن العلاقة بين البلدين يجب أن تدار بحكمة وربما لعدة عقود قادمة.
هذه المنافسة هي المنافسة الجوهرية والأساسية التي تهيمن على زمننا الراهن، ويجب علينا التخلي عن الكليشيهات والمقاربات التاريخية الكاذبة في توصيفها. فهذه ليست "الحرب الباردة الثانية" - وإنما أخطر من ذلك بكثير.
فالصين أصبحت ندا للولايات المتحدة في العديد من المجالات، وعلى الرغم من أنها لم تصبح بعد قوة عالمية عظمى، فقد نجحت في أن ترتقي إلى أن تكون منافسا عسكريا حقيقيا للأمريكيين في المجالات التي تهم أمنها الذاتي.
يواجه الرئيس بايدن مشكلة معقدة بشأن الصين، فسياسته الخارجية تشمل مواقف متناقضة إزاء بكين. فكيف يمكن له أن يضغط على بكين لإجبارها على الإلتزام بسياسات تجارية أكثر إنصافا وحثها على احترام حقوق الإنسان والمبادئ الديمقراطية بينما يأمل في الوقت ذاته بالتعاون معها في التصدي للتغير المناخي وضمان استقرار منطقة آسيا والمحيط الهادئ؟ وسيتعلق الأمر بأسره بقدرته على إدارة المنافسة الإستراتيجية.
لكن في وقت لا ينبغي لنا أن نقلل من قيمة طبيعة المنافسة بين الجانبين، علينا ألّا نعطيها أهمية أكبر من حجمها. فالكليشيه المستهلك الذي يتحدث عن صين صاعدة وأمريكا متدهورة - كسواه من الكليشيهات - يحمل في جنباته شيئا من الحقيقة، ولكنه لا يروي الحقيقة كاملة.
هل بإمكان الولايات المتحدة النهوض من كبوتها "الترامبية" وإعادة إحياء ديمقراطيتها؟ هل تستطيع إقناع حلفاءها بأنها عادت كما كانت لاعبة تحظى بالثقة على المسرح الدولي؟ وهل تتمكن من توسيع قاعدتها العلمية والتكنولوجية بسرعة؟
تمكنت بكين في العديد من المجالات من التفوق على واشنطن، ولكن هل سيشكل ميلها إلى التسلط عائقا أمام تقدمها الإقتصادي؟ هل بإمكان الصين التأقلم مع نمو اقتصادي متباطئ ومجتمع آيل للشيخوخة؟ وهل يتمكن الحزب الشيوعي من الاحتفاظ بولاء ودعم المجتمع الصيني على المدى البعيد؟
للصين العديد من عناصر القوة، ولكن لديها أيضا العديد من نقاط الضعف. أما الولايات المتحدة، فتعاني هي الأخرى من نقاط ضعف خطيرة، ولكنها تمتلك في الوقت ذاته دينامية ملفتة وقدرة على النهوض من جديد.
ولكن، كما رأينا بجلاء أثناء وباء كوفيد-19، فإن الذي يحدث في الصين لا يبقى حبيس حدودها، فالصين قوة كونية لها تأثير على حياتنا جميعا.
* Mar 18, 2021
مع تنافس الصين على المزيد من النفوذ الدولي في مناطق مختلفة من العالم لتصبح أكبر قوة في العالم بحلول عام 2049، عسكريا واقتصاديا وتكنولوجيا وسياسيا، فمن المرجح أن يصبح الشرق الأوسط حاسما، سواء أعطته الولايات المتحدة الأولوية أم لا.
*Jun 15, 2021
بكين تطالب حلف الناتو بالتوقف عن "تهويل التهديد الصيني"
عندما تأس حلف شمال الأطلسي في 4 أبريل/نيسان 1949، كانت مهمته هي موازنة جيوش الاتحاد السوفيتي التي كانت متمركزة في وسط وشرق أوروبا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية". تهديد التوسع الشيوعي على مبدأ الدفاع الجماعي بين الحلفاء.
ضم الحلف في الأصل 12 عضوا وارتفع العدد حاليا إلى 30.
"بعد أن وصفه إيمانويل ماكرون، بأنه "ميت دماغيا" في عام 2019، قال بعض المحللين إن الحلف سيتعين عليه البحث عن مهمة موحدة جديدة للحفاظ على ارتباطه بالعصر الجديد لمنافسة القوة العظمى بين الولايات المتحدة والصين".
الفجوة بين الصين والديمقراطيات الغربية تتزايد. فحسب مفردات بكين، تحاول الولايات المتحدة مع حلفائها تقويض مصالح الصين الأساسية. ومن وجهة نظر الناتو، تبدو قيمه على أنها غير متوافقة بشكل أساسي مع قيم الصين اساسا ضد روسا
*
تنافس وسباق: الصين وأميركا!
عناوين الأخبار العالمية، زادت معها توقعات حتمية الأفول لقوة النسر الأميركي وصعود التنين الصيني.
معدل دخل الفرد في البلدين؛ فبينما يتجاوز معدل دخل الفرد في أميركا الأربعين ألف دولار سنوياً، يتجاوز في الصين بالكاد ثلاثة آلاف دولار؛ مما يجعل تصنيف الصين بسبب تلك المسألة إحدى الدول الفقيرة بحسب تصنيف البنك الدولي. ناهيك بضرورة التفريق التام وتبيان الفارق الكبير بين مفهوم الدخل ومفهوم الثروة. فالدخل يقاس عن طريق حساب الناتج المحلي، أي كميات السلع والخدمات المقدمة من دولة بعينها، أما مفهوم الثروة فهو مفهوم مختلف تماماً؛ لأنها تعني المجموع الكلي للموارد، وهذا معيار أشمل وأوسع بكثير من مجرد الناتج الإجمالي.
أميركا تملك مواردها الطبيعية من النفط والغاز مما جعلها تعتمد الآن على نفسها، عكس الصين التي لا تزال تعتمد على الفحم بنسبة 45 في المائة من احتياجاتها في الطاقة والباقي غاز ونفط مستورد تماماً.
لا يمكن أيضاً إغفال أيضاً قوة المنظومة التعليمية الجامعية في أميركا وعلو كعب أهم جامعاتها، مثل هارفارد وستانفورد وييل ومعهد ماساتشوستس للتقنية وكولومبيا وغيرها، وهي التي تقود قاطرة الأبحاث والتطوير التي تجعل الاقتصاد الأميركي صاحب ميزة تنافسية وقيمة مضافة، مقارنة مع نظيرتها في الصين.. مع عدم إغفال مكانة الشركات الأميركية في العالم وقوة تأثيرها على الاقتصاد العالمي بشكل عام ولا الاستهانة بهيمنة الدولار كأهم أداة مالية في العالم وأكثرها تأثيراً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق