الاثنين، 16 أغسطس 2021

عمرو خالد الدعاة والبحث عن الراحة والدعة! . طابور خامس يعمل في الخفاء ضد المجتمع

Aug 2, 2021

 "مش عايز أزعل حد"، وهو في ذلك يود البقاء في منطقة "بينَ البين"؛ أي تلك المساحة "الرمادية" التي لا يبانُ له فيها رأي محدد وواضح!

ركز في مرحلة ما على طبقة معينة من المجتمع، وخصوصاً العائلات ذات المكانة الاقتصادية أو النفوذ الاجتماعي، لا يود إلا أن يكون في المنطقة "المريحة"، التي يسترخي فيها، ويحقق مزيداً من التأثير والترويج لخطابه ومشروع "الإحسان" الذي تحدث عن شيء منه للإعلامي خالد مدخلي.

عندما سأل مدخلي، عمرو خالد عن مؤسسة الأزهر، والأخطاء التي ارتكبها، لم يرد استخدام كلمة "أخطاء"، مفضلاً وصفها بـ"التحديات". رغم أنه في ذات المقابلة أقر بوجود أخطاء من المؤسسة.

انتخاب مفردة "تحديات"، تجنب الداعية عمرو خالد الاصطدام مع مؤسسة الأزهر، وهو الأمر الذي لا يود الوقوع فيه، لعلمه بشعبية الأزهر وتأثيره وإمكان ارتداد ذلك سلبياً على نشاطاته وجماهيريته.

سلطة الجماهير!

يمتلك د. عمرو خالد حسابات متعددة على شبكات التواصل الاجتماعي. فلديه نحو 11 مليون متابع عبر منصة "تويتر"، كما 31 مليون متابع لصفحته في "فيسبوك"، إضافة لـ 4.1 مليون متابع في "إنستغرام" حيث نشر 12,558 مادة، فضلاً عن 1.34 مليون مشترك في قناته الخاصة على منصة "يوتيوب"، بواقع 192,331,007 مشاهدات.

شعبية كبيرة يحظى بها د. خالد، الذي كان له حضور مبكر عبر موقعه الإلكتروني، والشبكات الاجتماعية، تطور فيها الأداء من ناحية اهتمامه بنوعية المواد وطريقة إخراجها ومدى تناسبها مع ذائقة المتابعين، واحتوائها على المؤثرات البصرية والسمعية، وذلك من أجل أن تظهر في شكل يجعلها مواكبة لكل جديد وتقدمه كشخصية دينية مواكبة للمشهد الإعلامي الذي يعيش وسطه الجيل الجديد، وبالتالي داعية يختلف عن بقية الدعاة الذين لا تتوفر لهم هذه البراعة في العمل!

الأرقام المليونية التي يمتلكها عمرو خالد في وسائل التواصل الاجتماعي، هي قيود ثقيلة، تصيره أكثر حذراً، لأن سطوة "الحضور الطاغي" يخشى عليها من الفقدان أو التآكل أو التراجع. ولذا، عندما تحدث في برنامج "سؤال مباشر" عن تجديد الخطاب الديني، أجاب بحديث فضفاض في العموميات، يجعله داخل البيئة الدينية العامة دون أن يخرج منها، أو يتحول إلى الابن العاق المنقلب عليها، مقدماً أفكاراً تصلح لأن تخاطب مستويات عدة من المتلقين وترضيهم في ذات الوقت، فيجد فيها من ينشدون "العصرنة" غايتهم، ولا ينزعج منها المحافظون المعتدلون، ولا ترى فيها المؤسسة الدينية خروجاً عن ثوابتها.

*

لقد كان في يد هؤلاء سلاح الرأي.. يقولون آراءهم دون حظر.. وكان لفتاويهم قوة تفوق قوة الأنظمة، بل ومبادئ الشرع الواضحة. وحاول تيارهم طبع الجميع بنفس الطابع، وقولبة المجتمع في قالب واحد، دون السماح لغيرهم بمناقشتهم أو ظهور الرأي الآخر. وهي ظاهرة أطلقت عليها اسم «أسلحة الرأي الشامل»، وهي أسلحة فتاكة تفوق في قدراتها «أسلحة الدمار الشامل»، فالأخيرة تقتل الآف، أما الأولى فتقتل شعوبًا وأممًا.(1) ومن الأهمية تشجيع الحوار بين كافة فئات المجتمع، وعدم استفراد تيار دون آخر بالرأي. وتراجع التيار الإسلامي المتطرف تراجعًا شبه تكتيكي استجابة لتغير مواقعهم، لا يعني استفراد فئة جديدة بالساحة الإعلامية دون غيرها، بل أن يأتي هؤلاء ونسمع رأيهم ونناقشهم، حتى لا يتحولوا إلى طابور خامس يعمل في الخفاء ضد المجتمع.

وهكذا من الضروري فتح باب الحوار للجميع، وتشجيع الحوار في الجامعات والمدارس ومشاركة الطلاب أكثر وأكثر في تقرير شؤونهم، وكذلك تفعيل دور مراكز الأبحاث، وكليات خدمة المجتمع في الجامعات بما يسهم في تقديم الحلول الناجحة لمشكلات المجتمع، والدعوة إلى مشاركة القطاع الخاص في رسم سياسة التعليم الجامعي وتحديد أهدافه

 ظاهرة تنامي عدد من منتديات الحوار من خلال الشبكة العنكبوتية وهي -في رأينا- ظاهرة جديرة بالاهتمام والمتابعة، فقد أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي مجالًا استثنائيًا لتنفيس غضب أبناء المجتمع السعودي على كل شيء فلم يدع السعوديون قضية تعنيهم أو لا تعنيهم إلا وكانوا مبادرين للمشاركة فيها بألسنة حداد شداد لا تُبقي ولا تذر. ورغم أن الكثير من هذه المنتديات تصل فيها لغة الحوار إلى درجة الإسفاف، لكنها تظل أمرًا إيجابيًّا في كليتها لتنمية ثقافة الحوار في المجتمع.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق