الأربعاء، 16 فبراير 2022

التاريخ الاسلامي بحيادية

May 17, 2018

صحيح نسبيا وإلى حد ما، لأن التاريخ- كما
سبق أن قلنا- عمل بشرى فيه الصواب والخطأ ولهذا
كتاب مقدس له العصمة، وبالتالى فهو يحتاج إلى تنقية
وإعادة قراءة موضوعية بشكل دائم، وهذا ما طالب
به بعض ِ المؤرخين القدامى أنفسهم حيث كتب الإمام
ِ الطبري، شيخ المؤرخين المسلمين على الإطلاق فى كتابه
«تاريخ الرسل والملوك» جملة أكد فيها هذا المعنى حيث
قال بالنص: «إن القارئ سيجد فى هذا الكتاب أسماء
ِ غريبة وغير معقولة فليعلم أنه لم يؤت منقب ِلنا وإنما
نحن نقلنا ما وصل إلينا
» وبالتالى فهذا اعتراف بأنه
نقل كل ما وصل إليه سواء كان صوابا أو خطأ ووضعه
هذا الاعتراف بعدم الكمال هو نوع من الصدق
ِ والأمانة، ومثل هذا الاعتراف قاله كل المؤرخين المنصفين
فى كل الأمم، وبالتالى ليس هذا الطعن خاص بتاريخنا
فقط بل إن هناك أضعاف ما لدينا من أخطاء فى كتابات
ِ كل المؤرخين فى كل العصور والأمم والحضارات،
وقد
أعجبنى تحليل المفكر الكبير د. أحمد أمين حين علق
على الكلام السابق للإمام الطبرى حيث أكد أن ّ المؤرخ
هنا أشبه ما يكون بوكيل النيابة الذى يحقق ولا يترك
شاردة ولا واردة الا كتبها ولو معلومة بسيطة يمكن
أن ّ توصله الى الحقيقة ثم يضع ذلك كله أمام القاضى
 ويفحص المعلومات ليصل إلى الحقيقة.ّ
وهو الذى يحق
> رغم أن حضارة المسلمين هى حضارة التعايش
السلمى مع الآخر عبر العصور إلا أن البعض يحاول
اجتزاء بعض فترات التاريخ الإسلامى ليستشهد
بها على اضطهاد المسلمين لغيرهم، فما ردكم؟
>> أتحدى أن توجد حضارة بشرية حرصت على
التعايش السلمى بين أبناء المجتمع الواحد مثلما حرصت
الحضارة الإسلامية حيث عاش فى سلام، المسلمون
مع أهل الكتاب، بل ومن لا دين سماوى لهم من أتباع
َ الأديان الوضعية طالما لم يعتدوا عليهم وحرضوا على
ذلك وخاصة فى عصور القوة والازدهار حيث حرص
الحكام على الالتزام بقواعد الشرع
التعميم مرفوض ولا يقوم به إلا من فى قلبه مرض
وحقد على الإسلام والمسلمين ولهذا يقوم بالتدليس
والتزييف والاستشهاد بأحداث من مراجع ضعيفة غير
معتمدة، أو بحالات استثنائية فى بعض عصور الضعف
من جانب بعض الحكام
 


غزوات ام فتوحات 

والمؤرخ البريطانى «توماس أرنولد» الذى
رد على هذا الافتراء: «إن تسامح العرب كان وراء دخول
الكثير فى الإسلام،» كما أن المسلمين الفاتحين خيروا
أهلها بين الإسلام أو البقاء على دينهم مقابل الجزية
 الدفاع عنهم وعن مقدساتهم
مع منحهم حرية إقامة شعائرهم الدينية ومن يشكك
فى ذلك يقرأ «وثيقة المدينة» بين الرسول صلى الله عليه
وسلم وغير المسلمين بالمدينة والمنورة التى تعد اول
دستور يقر مبدأ المواطنة والتعايش السلمى بين أبناء
العقائد المختلفة، وكذلك «العهدة ُ العمرية» بين الفاروق
عمر بن الخطاب وأهل بيت المقدس، وكذلك سلوكيات
البطل صلاح الدين مع غير المسلمين

وليترك للقارئ مهمة تكوين الرأي الذي يتوصل إليه. فمن غير المعقول أن يظل لكل فئة رواياتها الخاصة والمقدسة التي لا يمكن المس بها. ربما عندما نقرأ نص "الآخر" بطريقة مجردة قد نعيد النظر بالخطابات التي تؤجج الصراع المذهبي والتي اكتسبت صفة القداسة!


تاريخهم الإسلامي الذي كان يحظى بالقداسة أحيانا, وبحماية السلاطين في أحايين عدة, وكاد البعض يلحقه بالنص المقدس غير قابل لا للتصحيح ولا للنقد ولا إعادة قراءته وتنقيته من الروايات التي أقحمت فيه إقحاما... وزادت الامور تعقيدا مع تشعب المدارس النقدية لقراءة التاريخ, فاليساري كان يرى أن التاريخ الإسلامي حركة الإقتصاد السلطوي البلاطي , والقومي كان يرى العروبة محركة التاريخ الإسلامي , والإسلامي قدس التاريخ الإسلامي وإعتبر أعتى الطغاة قسوة في التاريخ الإسلامي أمراء للمؤمنين ..وهكذا دواليك بالنسبة للحداثيين والتغريبيين ومقتفي آثار المستشرقين.. كل الخلافات التي عصفت وتعصف بالمسلمين اليوم مردها إلى الروايات التاريخية المتضاربة والمتناقضة والتي تجاوزت كل الحدود المنطقية والعقلية. وإذا كنّا نختلف حول وقائع حدثت بالأمس القريب ونجد لها مئات الروايات وآلاف المحددّات, فما بالك بتاريخ إنقضت عليه قرون .. وعندما يقرأ الواحد منا تاريخ الثورات العربية, يكتشف حجم التناقض في الروايات التاريخية القريبة, فهذا التاريخ قد يحوّل العميل إلى مجاهد يحظى بأعلى المناصب والإمتيازات ويحوّل المجاهد الحقيقي إلى خائن متعامل مع الإستعمار. وإذا أردنا أن نضع مسارا للنهضة والتنمية علينا أن ننهي وبكل قوة الجدل البيزنطي في تاريخنا الإسلامي, إما بالتوافق على إعادة كتابة هذا التاريخ بوسائل علمية ونقدية وإبستلمولوجية, وإما نلغي مساوئه عن بكرة أبيها أوأقلا نلغي التاريخ الجدلي الذي فيه خلاف يفضي إلى الإقتتال, ونبقي على الجانب الإيجابي إذا كان هناك جوانب إيجابية, ونتوجه للمستقبل بالكامل ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق