الغضب الفالت والغضب العاقل
يعلّمنا الدرس الأوكراني أن في الغرب عقلاً شريراً وانتهازياً وحاقداً، لكنه عقل يقيس الربح والخسارة
«الدمية» زيلينسكي، الذي يصرخ في البرية: ها أنا متروك وحدي... والعالم الحرّ يتركني فريسة الدب الأكبر!
يعرف أن في بلاده أكثرية لا ترغب به، حتى ولو كانت هذه الأغلبية لا تريد لروسيا أن تعود الى حكم أوكرانيا. لكن الرجل يستمد قوته من النفوذ والدعم الغربيين. وهو كان يأمل أن يشتمل هذا الدعم على توفير درع حماية عسكري يقيه شر القتال، وعندما بدأ يسمع أزيز الرصاص، توهم أن الجيوش الغربية بدأت الزحف لنجدته، وعندما اكتشف فجأة أنه موهوم أو مخدوع، صار يرفع الصوت صارخاً في وجه الغرب، ويرفع الصوت مستجدياً حواراً مع روسيا علّه يبقى في الحكم ولو مع تنازلات.
عملياً، يعلّمنا الدرس الأوكراني أن الغرب فيه عقل. عقل شرير انتهازي حاقد، لكنه ليس عقلاً جاهلاً، بل عقل يقيس الربح والخسارة. وفي حالتنا هذه، يجد الغرب نفسه أنه أمام خيارات ضيقة جداً. فالغضب المطلق يدخله في مجهول ليس معروفاً منه سوى الموت والدمار. أما الغضب العاقل والمحسوب، فيتيح له اللعب على التناقضات
السؤال المهم اليوم: كيف تيقّن بوتين من عجز الغرب عن التورط في مواجهة شاملة؟
*
يظل الخطر النووي قائماً بالنظر إلى وجود 15 منشأة ومفاعل نووي على الأراضي الأوكرانية
الولايات المتحدة و»حلف شمال الأطلسي» والاتحاد الأوروبي، على مواصلة سياسة فرض العقوبات على روسيا
الاعلام الروسي عامل زي بوتن اقتنص وليس تعمق بالعلم
سير المعركة حتى الآن يفضح لَعِب النخبة الأوكرانية على الشعور القومي الذي صار بازاراً للتجارة
«إن الوقت والطقس هما كل شيء»
الإمبراطوريّة الأميركيّة تعلم أنها لن تخلّد لكنها لن تسلّم بذلك سلميّاً
ما بعد نهاية الحرب الباردة
لم تكن روسيا ولا الصين في موقع المعارضة لا بل شاركت الدولتان في إرساء معالم نظام عالمي جديد تتحكّم فيه الولايات المتحدة. لم تتوقّف أميركا عن شن الحروب مباشرة أو مداورة في كل العالم
أميركا دمّرت الصومال وتمعن في تدمير عدد من الدول باسم محاربة الإرهاب. أحياناً تحارب أميركا بالوكالة وأحياناً بجيوشها المنتشرة. اليوم، أدركت أميركا أن مرحلة جديدة قد بدأت. إن المشكلة ليست في العراق ولا في أفغانستان ولا في مالي. المشكلة أن دولاً شبه كبرى، مثل الصين وروسيا، لم تعد تسمح بالاستمرار في نظام عالمي أميركي. هذه مرحلة بالغة الخطورة في حياة الإمبراطوريّة الأميركيّة لأن الحكومات الأميركيّة المتعاقبة عملت على تجنّبها.
التوتّر العالمي وإعلان العداء ضد الصين وروسيا باتا من مستلزمات السياسة الخارجيّة الأميركيّة. الاعلام الليبرالي
الانسحاب الأميركي من أفغانستان أقلقَ المتنفّذين (من الحزبيْن) في واشنطن وسارع حلفاء أميركا من الطغاة في الخليج إلى إبداء القلق من انكفاء أو تراجع أميركي، في وقت لا تزال القوّات الأميركيّة منتشرة في أكثر من 800 قاعدة عسكريّة أميركيّة حول العالم (هذا فقط التعداد الرسمي للقواعد والرقم لا يشمل قواعد سريّة في كل أنحاء الكرة الأرضيّة). إن تحالف السعوديّة والبحرين والإمارات مع إسرائيل هو نتيجة خيبة من هذه الدول (العروبيّة، كما يصفها لنا السنيورة وجعجع والجميّل) من تمنّع أميركي عن شنّ المزيد من الحروب. أميركا لم تُصب فجأة بداء اللا عنف. لا، أميركا أصيبت في الهزيمة في العراق وفي أفغانستان ولم يعد شعبها في وارد تأييد المزيد من الحروب الخاسرة، ولو إرضاء لطغاة محترمين في الخليج. الحروب والالتزامات العسكريّة الأميركيّة أفقرت الطبقة الوسطى هنا وزادت من الأعباء الماليّة للفقراء.
كان معظم خبراء الدراسات السوفياتية أو ما سُمِّي بـ«دراسات ما بعد السوفياتيّة» يعارضون توسيع الـ«ناتو». الخطوة بنظر الخبراء كانت استفزازية وتهدّد بعودة للحرب الباردة
الحرب الباردة لم تتوقّف بالنسبة لأميركا لأن عنوانها لم يكن فقط صراعها ضد الاتحاد السوفياتي. هي كانت تحارب كل الحركات والأنظمة التي كانت تعارض المشيئة الأميركيّة. أميركا كانت تحارب عبد الناصر حتى عندما كان يمنع العمل الشيوعي في مصر لأن الأساس بالنسبة إليها هو منع حرّية الشعوب وحماية مصالح الغرب وإسرائيل. هذه الحرب الدعائية التي تخوضها أميركا تستعير من زمن الحرب الباردة. ودور الإعلام الغربي (الليبرالي في معظمه) لا يزال إعلاماً حكوميّاً دعائيّاً. إعلام الغرب حرّض للحرب لا بل إن إجماعاً ساده هذا الأسبوع تمحور حول خطيئة عهد أوباما لأنه لم يقصف سوريا كما يجب عندما وضع «خطاً أحمر». إعلام الغرب وإعلام الخليج بات يتوافق على ضرورة استخدام المزيد من القوّة في السياسة الخارجيّة الأميركيّة. يلومون أميركا لأنها وديعة ومسالمة بإفراط.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق