الجمعة، 25 فبراير 2022

النيوليبرالية ***************هل ينتحر المواطن أمام فشل *** الحكومات****

Oct 13, 2021 Feb 17, 2022

*

 يُعتَبر تضييق الدخل في العالم الثالث ضرورياً لانتعاش خالٍ من التضخم في دول المركز. ورغم أن نصيب الفرد من الدخل فيها أعلى بكثير من دول جنوب آسيا أو أفريقيا جنوب الصحراء، إلا أن المكسيك لا تزال جزءاً من العالم الثالث، بل إنها جزء مهم منه نظراً إلى كونها دولة مُنتجة للنفط.

 فإن أي جهد لزيادة معدل النمو الاقتصادي يؤدي فوراً إلى حدوث تضخم بسبب الاختناق الذي ينشأ في القطاع الزراعي. وإذا أصبح التحكم في التضخم هو الهدف المهيمن، فستتم ممارسة هذه السيطرة من خلال تقليص معدل نمو الاقتصاد في اللحظة التي يرفع فيها التضخم رأسه، ما يعني إبقاء الاقتصاد إلى الأبد في فخّ معدّل الدخل المنخفض.

للخروج من هذا الفخ، يجب أن تتوقف السياسة النقدية والسياسة الاقتصادية بشكل عام عن كونها مقيّدة ويجب أن تهدف إلى تعزيز النمو. وإذا ظهر التضخم، يجب معالجته بشكل منفصل من دون تعريض آفاق النمو للخطر من خلال التدخل المباشر في السوق عبر التقنين و«إدارة العرض».

في الفترة النيوليبرالية، تمنح السيطرة على التضخم الأولوية على حساب جميع الأهداف الأخرى، ما يعني إبقاء الاقتصاد محصوراً إلى الأبد في فخ معدّل الدخل المنخفض. هذا ليس بسبب بعض الفهم الأكاديمي الخاطئ. إنها طريقة عمل الإمبريالية، التي تصرّ على إبقاء مداخيل العالم الثالث منخفضة، من أجل الإفراج عن السلع الزراعية الموجودة لمتطلبات دول المركز، ومن دون زيادات «لا داعيَ لها» في أسعار السلع. لذلك فإن الجدل حول السياسة النقدية هو في الحقيقة حول الإطاحة بنظام تفرضه الإمبريالية على اقتصاد العالم الثالث في العصر النيوليبرالي. وهذه هي المهمة التي أخذها الرئيس أوبرادور على عاتقه، الأمر الذي جعل وسائل الإعلام الغربية تسخر منه لالتزامه بـ«الدولة والقومية والحنين إلى السبعينيات» (على حدّ تعبير الإيكونوميست).

لقد أصبح التغلّب على النيوليبرالية ضرورة ملحّة ويجب حشد الناس لتحقيق هذه الغاية

ما يحدث في المكسيك يحمل دروساً مهمة. حتى في الوقت الذي تبذل فيه دول المركز نفسها جهوداً للتخلص من النيوليبرالية، فإنها ستهاجم أي دولة في العالم الثالث تسعى إلى القيام بذلك، وستستخدم جميع أنواع الأسلحة لهذا الغرض، من دعم التشكيلات السياسية اليمينية المتطرفة ضد مثل هذه الجهود، إلى خلق الانقسامات في معسكر الشعب، إلى استخدام الحرب الاقتصادية كما في كوبا (وفي الحالات القصوى حتى التدخل العسكري). لكن إذا بقي الشعب متّحداً وبالتالي فرض الوحدة بين قسم كبير من التشكيلات السياسية، يمكن هزيمة كل هذه المناورات. لقد أصبح التغلّب على النيوليبرالية ضرورة ملحّة. ويجب حشد الناس لتحقيق هذه الغاية.

 المقال على موقع People's Democracy في 22 آب 2021
 Aug 30, 2021

يوم الاثنين 

*

هل ينتحر المواطن أمام فشل الحكومات؟


بات المواطن العربي أمام إجراءات تقشفية عنيفة، يواجه سياسات "نيوليبرالية" مستوردة من الغرب لا ترحم فقيراً ولا تسد معدة جائع وتنتصر فقط للأثرياء.

بات أمام حكومات فاشلة تفضل الحجر على البشر. حكومات تلعب دور السمسار لا المنظم، دور التاجر الجشع لا دور موفر السلع والخدمات بأسعار مقبولة لدى الأفراد، حكومات تراعي مشاعر وقرارات وإملاءات وشروط صندوق النقد والبنك الدوليين والدائنين وأصحاب السندات الخارجية أكثر من مراعاتها مشاعر وأحاسيس ومصالح وظروف مواطنيها خاصة من الطبقات الفقيرة.

حكومات تفضل بناء العقارات والأبراج السكنية الفاخرة والكباري على المستشفيات والمدارس والمصانع وشبكات المياه والصرف الصحي، تهتم بالقطاعات الريعية والخدمات سريعة الربح أكثر من اهتمامها بالتعليم والصحة العامة والبحث العلمي والتصنيع والزراعة.

حكومات تراعي قرارات وإملاءات صندوق النقد والبنك الدوليين والدائنين أكثر من مراعاتها مشاعر ومصالح وظروف مواطنيها خاصة من الطبقات الفقيرة

خلال الشهور الأخيرة، بات هذا المواطن أمام ضغوط اقتصادية ومعيشية عنيفة وضائقات مالية لا قبل له بها، وقفزات متواصلة في أسعار السلع والخدمات، قفزات لا ترحم الطبقة الوسطي، فما بالنا بالطبقات الفقيرة والكادحة والمعدمة التي لا تملك من حطام الدنيا سوى الستر؟

بات هذا المواطن المغلوب على أمره أمام تكلفة خدمات حكومية لا تُطاق، وزيادات متواصلة في كل شيء، بداية من رسوم المدارس والجامعات وتراخيص المرور والمخالفات واستخراج شهادات الميلاد وجواز السفر وغيرها، ونهاية برسوم تصاريح الدفن والطلاق.

قفزات في أسعار الوقود بكل أنواعه، سواء بنزين أو غاز طهي أو سولار أو مازوت حتى في ذروة انهيار أسعار النفط في الأسواق العالمية، بات المواطن أمام فواتير نارية للمياه والكهرباء والإيجارات والمواصلات العامة تفوق القدرة الشرائية للجميع بمن فيهم الطبقة التي كانت مستورة في يوم ما.

ورغم تفاقم الظروف المعيشية وتفشي جائحة كورونا وتراجع الدخول وتآكل المدخرات، يقع المواطن تحت قرارات حكومية لا ترحم أحدا ولا تراعي ظروف الأغلبية، أمام حكومات تفضل سياسة الجباية على زيادة الإنتاج، تفضل سياسة فرض مزيد من الضرائب على أولوية زيادة الصادرات والإنتاج وتنشيط السياحة والاستثمارات الأجنبية وتحويلات المغتربين، تستسهل تطبيق قرارات عنيفة من نوعية خفض دعم السلع الأساسية كالغذاء، أو إزالته من الأصل، على تنمية الاقتصاد وتنشيط قطاعاته.

حكومات تحولت إلى سمسار عقارات وتاجر شره للأموال يهمها تحقيق العوائد والعمولات في المقام الأول، حتى ولو كان ذلك على حساب ملايين الفقراء وتردي مستوى الخدمات العامة بما فيها الصحة والتعليم. 

حكومات لا تبذل أي مجهود لتحسين مستوى المواطن المعيشي وكبح جماح الأسعار، بل تفضل استيراد كل شيء، حتى لو كان الثمن هو نزيف احتياطيات البلد من النقد الأجنبي، وتعرقل زراعة السلع الغذائية، سواء أكانت قمحاً أو ذرة أو أرزاً حتى تظل دولها معتمدة على الاستيراد من الخارج، خاصة السلع الأساسية مثل الغذاء والسلاح والدواء.

حكومات تحصل على ضرائب ورسوم ضخمة وبالمليارات، وفي المقابل لا يشهد الموطن تحسنا في مستواه المعيشي، أو يجد صدى للأموال الضخمة التي يدفعها في شكل ضرائب ورسوم.

حكومات تفضل اغتراف القروض الدولارية من الخارج، حتى لو أدى ذلك إلى ارهاق موازنة الدولة وإيراداتها العامة، ومعها المواطن الذي يتحمل وحده تكلفة عبء سداد هذا الدين، أو رهن مستقبل البلاد الاقتصادي والمالي والسياسي للدائنين الدوليين.

ببساطة، بات حال المواطن العربي يرثى له، لا فارق كبير بين مصري وليبي ومغربي وتونسي، ولا بين يمني وسوداني وسوري، ولا بين لبناني وأردني وبحريني، يتكرر الحال في بعض الدول العربية النفطية كما هو الحال في العراق والجزائر، فثروات البلدين نهبها الفساد وبات الفقر والبطالة والذل يعشش في كل ركن من أركان الدولتين.

في السودان، عادت صفوف الخبز والوقود واختفت الأدوية من الصيدليات وتدافع السودانيون بشكل فوضوي نحو الأسواق بحثاً عن سلع أساسية بدأت تختفي، وقفز معدل التضخم لأكثر من 400%، وهو المعدل الأضخم في العالم، وكأن ثورة شعبية ما قامت.

وفي لبنان، عادت العتمة وانقطعت الكهرباء واختفى البنزين والسولار ووضعت البنوك يدها على أموال المودعين، كما تشهد الأسعار قفزات خلال اليوم الواحد، ورغم ذلك لا تزال النخب الحاكمة تواصل تهريب الأموال إلى الخارج، كما جاء في وثائق "برمودا" الأخيرة، ولا يزال رياض سلامة محافظ مصرف لبنان على رأس البنك المركزي حتى الساعة رغم الشبهات المالية التي تلاحقه.

وفي الجزائر، يتدافع الشباب نحو الهجرة غير المشروعة مفضلين الموت على البقاء في دولة لا مستقبل لها في ظل وجود حكومات فاسدة مدعومة من العسكر، ويبحث المواطن عن سلع أساسية لا يجدها، وإذا وجدها يكون سعرها أكبر من قدرته الشرائية. 

اليمن 
وباتت الحكومة المصرية تقترض مليارات الدولارات من الخارج وتتباهى بذلك، ولما لا ووسائل الاعلام تعتبر ذلك أحد نتائج نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادي.

وفي دول عربية، بات يرأس حكوماتها تجار ورجال أعمال لاحقت شركاتهم تهمة الاحتكار وغلاء الأسعار وربما الفساد، ويصنفون على أنهم أغنى أغنياء الدولة، فهل هؤلاء سيعملون على خفض الأسعار والاهتمام بالطبقات الفقيرة والمعدمة؟

هل ينتحر المواطن أمام هذا الفشل الحكومي المنتشر من الرباط غربا وحتى بغداد شرقا، ومن تعز جنوبا وحتى دمشق شمالا، أم يضرب رأسه في أقرب حائط حتى ترتاح الحكومات منه؟

ماذا يفعل المواطن أمام هذا المشهد المعقد بالغ البؤس، ماذا يفعل أمام حكومات باتت تعاقب مواطنيها بزيادة غلاء المعيشة، تنهار أسعار النفط في الأسواق الدولية لأقل من 20 دولارا للبرميل مقابل 120 دولارا في عام 2012 فتسارع تلك الحكومات إلى رفع أسعار الوقود، ترتفع أسعار النفط فتسارع إلى رفع سعر الوقود أيضا، لا قاعدة اقتصادية معروفة؟

حكومات باتت تغترف القروض من الخارج لبناء ناطحات سحاب وقطارات للأغنياء، ويتم سداد هذه القروض من جيوب الفقراء الذين لا يعرفون الفارق بين القطار السريع والقطار "القشاش".

السؤال: هل ينتحر هذا المواطن أمام كل هذا الفشل الحكومي المنتشر من الرباط غربا وحتى بغداد شرقا، ومن تعز جنوبا وحتى دمشق شمالا، أم يضرب رأسه في أقرب حائط حتى ترتاح الحكومات منه؟

إذا كانت الحكومات تعاقب هؤلاء المواطنين على الثورة والخروج عليها في عام 2011 فلتعلم أن الفقر والبطالة والغلاء والقبضة الأمنية هي أسباب مهدت كلها لتفجر ثورات "الربيع العربي" قبل أكثر من 10 سنوات.

*
Nov 26, 2021

الحكومات تستطيع فعل الكثير لخفض الأسعار

للحكومات وظائف عدة، منها حماية الدولة وحراسة الحدود وتوفير الأمن للمواطن، وتطبيق القانون وتحقيق العدالة، وتوفير فرص عمل ومكافحة الفساد، ومدّ شبكات البنية التحتية من شبكات طرق وجسور وإنتاج كهرباء ومياه وصرف صحي واتصالات وغيرها. 
ومن بين الوظائف المهمة لأي حكومة، توفير السلع والخدمات للمواطن بالمجان، أو على الأقل بتكلفة تناسب دخله، ذلك لأنها تحصل من ذلك المواطن على ضرائب ورسوم ضخمة تدر المليارات على خزانة الدولة، وأحيانا تمثل الضرائب وحدها أكثر من نصف الإيرادات العامة، بل وقد تصل في بعض دولنا إلى نحو 80% . 

ليس المطلوب من الحكومة التحول إلى تاجر جشع يحصد العوائد على حساب جثث ملايين الفقراء، أو تتحول إلى سمسار همه فرض الضرائب
وزيادة الجمارك والرسوم وجمع الأموال، وشفط ما بقي من أموال في جيب المواطن، دون أن يسألها أحد عن المقابل الذي تؤديه مقابل كل هذه الأموال المتدفقة على الخزانة العامة.

عندما تندلع أزمة، أمنية، سياسية، اقتصادية، مالية، اجتماعية وغيرها، فمن واجبات الحكومات التدخل لحلها بشكل عاجل.

ولا توجد أزمة أعنف هذه الأيام من الغلاء الفاحش وداء التضخم الذي يعني ببساطة ارتفاع الأسعار وحدوث قفزات في تكلفة السلع والخدمات، وزيادة فواتير النفع العام من مياه وكهرباء واتصالات، وكذا ارتفاع أعباء الرسوم الحكومية وغيرها، وقبلها زيادة أسعار السلع الغذائية والتموينية والمواصلات العامة وإيجارات السكن والبنزين والسولار والغاز المنزلي وغيرها من تكاليف الحياة وزيادة أعباء المعيشة.

توفير خدمات مجانية للمواطن، ومعها توفير السلع الضرورية، وكذا الخدمات مثل التعليم والصحة، ومكافحة الغلاء والاحتكارات والفقر والبطالة والعشوائيات وغيرها من الأمراض المجتمعية والاقتصادية. 

والأولوية الآن بالنسبة إلى الحكومات في كل دول العالم، إطفاء نار التضخم التي باتت تلسع الجميع، الاقتصاد والمواطن والعملة المحلية وأسواق الصرف، وألا تترك المواطن نهباً للغلاء والفقر والعوز.

زيادة الأجور وتحسين الرواتب، وخفض الضرائب والجمارك وتقديم الدعم النقدي المباشر للمواطن أبرز وسائل مواجهة زيادة الأسعار

الحكومات في يدها الكثير، والبداية تكون بتوفير السلع بسعر رخيص عبر المنافذ والشركات التي تمتلكها، ومكافحة احتكارات التجار.

 أدوات أخرى سريعة لخفض الأسعار، أبرزها زيادة الأجور وتحسين الرواتب والمعاشات، وتقديم الدعم النقدي المباشر للمواطن والأسر المتضررة من زيادة الأسعار كما يحدث حتى في الدول التي تتبني المنهج الرأسمالي القائم على نظيرة قوى العرض والطلب، وخفض الجمارك على السلع الغذائية المستوردة مثل الدقيق والأرز والسكر واللحوم والألبان.

 تتوقف الحكومة عن سياسة خفض الدعم المقدم للسلع الرئيسية، من وقود، مثل بنزين وسولار وغاز طهو، أو سلع تموينية، بل المطلوب زيادة مخصصات الدعم في الموازنة العامة للدولة خاصة للسلع الحياتية والتموينية.

 على الحكومة التوقف عن زيادة الرسوم المفروضة في المؤسسات الخدمية العامة مثل المرور والشهر العقاري والأحوال المدنية والجوازات وغيرها، بل يجب خفض تلك الرسوم، وهو ما يوفر للمواطن سيولة نقدية يمكن توجيهها لشراء السلع الأساسية، ومواجهة ارتفاعات الاسعار.

التوقف عن زيادة الضرائب على شريحة الموظفين والطبقات الفقيرة وذوي الدخل المحدود والمتوسط، أو توسيع رقعة الخاضعين للضرائب، فالوقت غير مناسب لزيادة الأعباء الضريبية.

المقابل على الحكومة التحرك لزيادة الضرائب على الأثرياء والشركات المتعددة الجنسيات وشركات التقنية العالمية، مع الاهتمام بملف التهرب الضريبي والجمركي والفساد المالي، وخفض ضريبة القيمة المضافة التي باتت تمثل عبئاً على أطراف السوق، المستهلك والمنتج والموزع والتاجر.

خفض تسعيرة المواصلات العامة، وإلغاء أي ضرائب على استهلاك المياه والكهرباء، أو على الأقل خفضها في الوقت الراهن، ومنح المواطن بدل غلاء المعيشة كما يحدث في بعض الدول.

لنا في تجارب العالم عبرة، فعندما زادت أسعار البنزين والسولار في الولايات المتحدة، تحركت حكومة جو بايدن سريعاً لمواجهة الأزمة وخفض الأسعار واللجوء إلى احتياطي النفط الاستراتيجي والضغط على الدول النفطية وتحالف "أوبك+" لزيادة الإنتاج، وقامت الدول الأوروبية وغيرها من دول العالم بتقديم الدعم النقدي المباشر لمساعدة المواطن على مواجهة ارتفاعات أسعار الوقود والأغذية، خاصة فواتير الكهرباء.
الحكومات عليها مسؤوليات كبيرة تجاه المواطن، وإذا كانت تحصل منه على ضرائب ضخمة ورسوم، يجب أن تعود هذه الأموال الضخمة على المواطن، وخاصة الفقير، في صورة دعم مباشر ومساعدات نقدية وفرص عمل وخدمات مجانية، وخاصة التعليم والصحة.

*Dec 3, 2021

علي محمد فخور بحريني 

اجتثاث الفكر السياسي النيوليبرالي من عقول الناس

تدمير لدولة الرعاية الاجتماعية، وإضعاف متعمد ممنهج لقوى المجتمعات المدنية السياسية والنقابية والحقوقية، وراءه فكر سياسي برر قيام ذلك النظام الاقتصادي فكرياً، وخطط بطرق شيطانية لإقناع مليارات البشر بتفوق ذلك النظام على ما سبقه من أنظمة رأسمالية واشتراكية، ورفع رايات البشائر الكاذبة، بقرب انتقال الإنسانية إلى حالات الوفرة في النعم المادية، والسلام في العلاقات الاجتماعية والطبقية، ولم يترك وعوداً مشرقة إلا وكذب بشأن قرب تحققها.

 من نظام اقتصادي ظالم إلى اقتصاد أخلاقي تشاركي عادل

يعرفها ويعيها بعمق شباب المستقبل، الذين يراد لهم أن يظلوا تائهين في عوالم الثقافة العولمية المسطحة البليدة، التي تركزت في ملاعب كرة القدم ومسارح الصخب الموسيقي والغنائي الغريزي

فريدرك فون هايك، وبحضور مفكرين اقتصاديين انتهازيين، من أمثال العرّاب ملتون فريدمان.

تنادي بتقليص وجود النقابات إلى الحد الأدنى، وبتخصيص كل الخدمات الصحية والتربوية العامة وغيرها مما كان ملكاً عاماً، وبزيادة الضرائب على المواطنين وتخفيضها على الأغنياء. فجأة وبسرعة البرق رأينا العالم يتغير ويتجه إلى كل ما هو ظالم وغير أخلاقي وغير مؤمن بالقيم، وإلى تدمير كل ما اقتنعت به البشرية عبر مئات القرون السابقة.

فجأة حل الفساد المستشري، وتشوهت الممارسات الديمقراطية، وانتشر الجنون اليميني المتطرف، وعم الظلام محل الأنوار، وتراجع كل فكر أمام الهجمة الفكرية الجديدة، وبدأت مؤسسات العائلة والأحزاب والنقابات والجمعيات الأهلية والحقوقية تصبح تحت رحمة الاستخبارات. أما نحن العرب، من المقلدين دوماً، التابعين طوعاً، المنبهرين ببلادة، فإننا دخلنا كالعادة في تلك الحلقة الجهنمية دون تمحيص أو تبصر.

 اجتثاث الفكر السياسي النيوليبرالي من عقول الناس ومن مجتمعاتهم كشرط لنجاح أي انتقال من نظام اقتصادي ظالم إلى اقتصاد أخلاقي تشاركي عادل. المعركة كبيرة وطويلة، وهي تتحدى شباب وشابات المستقبل في الوطن العربي كما في العالم.

*


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق