الأربعاء، 16 فبراير 2022

العسكر والسلطة . خليل العناني

 خمس دول أخرى فقط في العالم التي يحكمها العسكر حالياً، مالي وتشاد وغينيا وميانمار .

 يكرّس الوصاية العسكرية على الحياة المدنية في مصر من خلال الدستور، وهو أمر غير موجود في أي دستور آخر، بما في ذلك الأنظمة السلطوية.

تعيش مصر تحت الحكم العسكري منذ ما يقرب من 70 عاماً.

بعد وصول شخص مدني إلى السلطة في مصر لن يكون بمقدوره، ولا من سلطاته، اختيار وزير الدفاع، إلا بعد موافقة العسكر عليه، وهو وضعٌ شاذّ وغير موجود في أي بلد باستثناء مصر.

 العسكر في مصر يتحكّمون بشكل كامل في الحياة السياسية (برلمان وانتخابات وأحزاب ومجتمع مدني، إلخ) والإعلام (قنوات فضائية، صحف، وجرائد، ومواقع إلكترونية) الفن (تلفزيون وسينما وإبداع ونشر).
باختصار، يتحكّم العسكر في مصر في كل شيء، ويديرون كل شيء، ويسيطرون على كل شيء. لذلك، لا أمل في حدوث تغيير حقيقي في مصر من دون فهم هذه الحقائق، ومن دون تفكيك "جمهورية الضباط" بشكل حقيقي، يضمن عودتهم إلى ثكناتهم ووظيفتهم الطبيعية في حماية البلاد والحفاظ على مقدّراتها.

*

الانفجار القادم في مصر


 مصر تحت حكم الجنرال عبد الفتاح السيسي، في دراسةٍ له نُشرت قبل أيام، بالدولة المتسوّلة. فحسبه، أصبحت مصر تعيش، في الأساس، على المعونات والقروض الخارجية، سواء من حلفائها الإقليميين أو الدوليين، وذلك حتى وصلت ديونها الخارجية إلى معدلات غير مسبوقة تقدّر بحوالي 137 مليار دولار.

نظام شرس سياسياً وأمنياً، وعاجز عن الوفاء باحتياجات مواطنيه الأساسية

*
Jan 17, 2022

 لماذا لا يثور الفقراء رغم فقرهم وعوزهم واحتياجهم الشديد؟ 

قد يتمردون وينتفضون ولكنهم لا يثورون

الثورة -في معناها العام والواسع- هي حراك شعبي كبير يستهدف تغييرا جذريا وكليا للنظام السياسي بشخوصه ومؤسساته وقيمه وممارساته واستبداله بنظام آخر أكثر تمثيلا وعدلا، فيما التمرد هو حالة انفجار لفئات وطبقات معينة نتيجة لتراكم حالة الغضب والإحباط.

الدول الفقيرة نادرا ما تشهد ثورات، ولكنها في أغلب الأحوال تشهد انفجارات وانتفاضات شعبية بهدف تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.

جاك غولدستون عالم الاجتماع السياسي الأميركي والأستاذ بجامعة جورج مايسون، فإن الفقر وحده لا يؤدي إلى قيام الثورات، ويستدل على ذلك بأن الثورات التي حدثت خلال القرون الثلاثة الأخيرة كانت في بلدان متوسطة الدخل وليست فقيرة.

لا يستطيع الفقراء -سواء العمال أو الفلاحون- أن يقوموا بالإطاحة بحكومات تمتلك جيوشا نظامية عازمة على الدفاع عن أنظمتها مهما كان الثمن، فالثورات تحدث -في أغلب الحالات- عندما يقع انقسام أو انشقاق بين النخب الداعمة للنظام خاصة النخبة العسكرية، والنخب وليس الفقراء هم من يستطيعون تعبئة المواطنين من أجل الثورة والإطاحة بالنظام.

الفقراء لا يمتلكون الموارد الكافية -سواء المادية أو المعنوية- لتشكيل قوة ثورية يمكنها العمل والتخطيط لتغيير النظام القائم، وأحيانا يفسر البعض الفقر باعتباره قدرا دينيا أو أمرا طبيعيا يجب تحمله والصبر عليه، لذلك يعتقد غولدستون أن الفقر لا يؤدي إلى ثورات وإنما إلى تمرد شعبي، وكما أشرنا سابقا فإن التمرد هو انفجار مجتمعي يحدث نتيجة للاحتقان والغضب المتراكم، وبالتالي لا يوجد مشروع سياسي واضح خلف التمرد.

الحرمان النسبي وليس الفقر هو الذي قد يدفع إلى قيام الثورة وحدوث التغيير، فالشعور بعدم المساواة وانعدام الفرص -سواء في الدول الغنية أو الدول متوسطة الدخل- هو الذي يدفع باتجاه التفكير في الثورة، وذلك من أجل تغيير موازين القوى السياسية وتحقيق العدالة الاجتماعية، ويصبح الأمر أكثر إلحاحا عندما يدرك المواطنون أولا أن فقرهم ليس قدرا حتميا لأن بلادهم فقيرة ولكن نتيجة للسياسات الحكومية الفاشلة والفاسدة، وثانيا لأن هناك فئات وطبقات أخرى لا تعاني الفقر، بل تحتكر الثروات والموارد على حساب بقية المجتمع، وبكلمات أخرى، فإن فقرهم هو بفعل فاعل وليس أمرا قدَريا.

مصر يعيش ما يقارب ثلثي السكان تحت خط الفقر، أي على أقل من 30 جنيها يوميا، ورغم ذلك لم تقم ثورة يناير بسبب الفقر وحده، وكذلك لم يطلقها أو يقودها الفقراء، ولكن قادتها وحركتها شرائح من الطبقة الوسطى من المهنيين والطلاب والعمال والموظفين الذين كانوا قوة الدفع الحقيقية للثورة خلال 18 يوما.

الشعور بالحرمان النسبي، وغياب العدالة الاجتماعية، وشيوع الفساد بين الطبقة الحاكمة من أهم محركات ثورات الربيع العربي، ولذلك حملت هذه الثورات شعارات ومطالب الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، وذلك بغض النظر عما حدث لاحقا.

ثورة الجياع
فالجوعى لا يثورون، وإنما يتمردون وينتفضون، ليس لإنهاء فقرهم بشكل حقيقي ومؤسسي، وإنما من أجل الحصول على مكاسب اقتصادية واجتماعية مؤقتة، وذلك دون تجاوزها بالضرورة باتجاه تغيير للنظام الذي يتسبب في فقرهم ومعاناتهم.

الأكثر من ذلك، فإن شرائح من الفقراء قد يتم توظيفهم واستخدامهم من قبل الثورة المضادة، فالأنظمة السلطوية تعتمد أحيانا على الفقراء في صراعهم مع الشرائح والفئات الثورية التي تخرج من الطبقة الوسطى، وذلك من خلال تشويهها والاشتباك معها، وفي بعض الحالات قد يتم تنظيم فئات من الفقراء في شكل مليشيات منظمة مثل شبكات "البلطجية" في مصر أو "الشبيحة" في سوريا الذين يحصلون على دغم وفير من أجهزة الأمن من أجل مواجهة الثوار، وذلك مثلما حدث في "موقعة الجمل" التي حدثت قبل تنحي مبارك عام 2011، فهؤلاء ضحايا الفقر الذين يتم استخدامهم في الثورة المضادة.


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق