Nov 9, 2021
أزمة المثقف العربي كالدكتور محمد جابر الأنصاري، وفهم إشكاليته مع السياسة، فهذا (المثقف) يعاني من شيزوفرينيا تضج ملامحها في كم المفارقات والتناقضات والتضارب في شخصيته ما بين شعارات حزبيته، إن كان قومياً أو يسارياً، أو حتى إسلامياً، وممارساته في حياته الخاصة وقناعاته في الشأن العام.
السفير محمد نعمان جلال
سفير صين سابق
محمد جابر الأنصاري المفكر.. ومشروع الواقعية الجديدة "1"
الدكتواره في الفلسفة الإسلامية الحديثة والمعاصرة عام 1979
فالأنصاري كان مفكراً ليبرالياً يؤمن بالمنهج العلماني بينما كان الجابري كان مفكر إسلامياً يميل للتحفظ والمحافظة الفكرية التقليدية.
خلاف الأنصاري غير متسامح وغير مرن في تفكيره وفى حواراته رغم أن كتاباته عميقة في الفكر والبحث العلمي فهي ذات طابع محافظ وتقليدي، وهذا بخلاف كتابات الدكتور محمد جابر الأنصاري، وكان الأنصاري على علاقة وثيقة مع جورج طرابيشي المفكر السوري المولد اليساري التوجه الفكري والذي عاش في بيروت ثم انتقل إلى باريس، وقد ولد طرابيشي في حلب عام 1939، وهو نفس عام ميلاد الأنصاري وتوفي عام 2016 في باريس، وترجم العديد من المؤلفات لسارتر وهيجل وفرويد وجارودي وسيمون دي بوفوار وغيرهم،
ربلغت ترجماته ما يربو على مائتي كتاب منها كثير من الكتب عن علم النفس والتحليل النفسي وكتب عن اليسار الأوروبي وخاصة الإيطالي. وكان طرابيشي والأنصاري صديقين فكرياً وعلمياً وتبادلا الآراء مع بعضهما البعض، وقد تأثر الأنصاري خاصة بالكتب المترجمة لجورج طرابيشي. وربما يمكن القول إن الأنصاري تعلم المنهج النقدي من الجامعات الغربية التي درس فيها ومن كتابات المفكرين الغربيين الذين قرأ لهم، وهذا الموقف على خلاف كثير من الكتاب العرب الذين يتفادون النقد خاصة للتراث العربي والإسلامي وبعضهم أمثال الدكتور طه حسين ونصر حامد أبو زيد والشيخ علي عبد الرازق. ولعل العقل العربي لم يكن متفتحاً بالقدر الكافي وإنما كان يكرر كتابات وأفكار السابقين وآراءهم بلا نقد أو تمحيص. وذلك ربما باستثناء قلة من المفكرين العرب والمسلمين مثل ابن رشد وابن خلدون فكانا أكثر قرباً من التحليل العلمي والمنهج النقدي ولذا عانى إبن رشد من الخلاف الشديد بينه وبين أبى حامد الغزالي وتبادلا الاتهامات العلمية وتجلى ذلك في كتاب الغزالي بعنوان «تهافت الفلاسفة»، ورد عليه ابن رشد بكتاب عنوانه «تهافت التهافت». وللحديث بقية.
*
Aug 16, 2020
محمد جابر الأنصاري ما زال مستشاراً ثقافيّاً لدى عاهل البحرين أم لا. الإجابة بـ"نعم" تعني الكثير، في الوقت الراهن بالتحديد، أعني في زمن "الاندلاق" الرسمي البحريني باتجاه التطبيع مع الكيان الصهيوني، لأنّه إن قبل البقاء بمنصبه، فذلك يعني أنّه أصبح جزءاً من هذا التطبيع، حتى وإن كان يشغل منصباً ثقافيّاً، ولعلّه أدرى مني بأخلاقيات السلطة العربية وسعيها إلى تسييس الثقافة
صاحب "الفكر العربي وصراع الأضداد"... أتُراه يحاول الانسجام مع فلسفة "الأضداد" التي كتب عنها، مثلًا، أم أنه أراد معاينة "التأزم السياسي عند العرب .." وفق جزء من أحد عناوين مؤلفاته؟ غير أنني رجوت ألّا يكون الهدف إضافة جديدة لكتابه "انتحار المثقفين العرب" باعتبار أنّ ما يفعله نوع من الانتحار الثقافي.
شعوري بأنّ هذا الرجل يعاني أزمة ذاتية عميقة بين أفكاره النهضوية التي كتب عنها كثيراً، سيما في توقه إلى البعث الحضاري للأمة، وقد جسّدها كتابه "تجديد النهضة باكتشاف الذات ونقدها" وسعيه إلى إعادة اكتشاف ذاته نفسها، في خضمّ المأزق الذي وضعه فيه ساسة البحرين بتطبيعهم مع الكيان الصهيوني.
ما زال يعتبر القضية الفلسطينية قضيته الأولى، وإسرائيل عدوّاً، والمعركة معه مصيرية. وهذا موقفٌ يُحسب له،
إيران لا تمثل خطراً "ثانياً" على الأمة، بل إسرائيل هي الخطر الأول والعاشر والألف، ولا يليها غير خطر أنظمة التطبيع العربية في البحرين وأبوظبي وغيرهما.
ليس لنا إلّا أن نعذر الأنصاري وبقية المثقفين والمبدعين البحرينيين، الذين ندرك عمق محنتهم القائمة الآن مع النظام السياسي لبلدهم، غير أنّنا ننتظر مواقف أشدّ جرأة ووضوحاً كما عهدنا منهم على الدوام، حتى وإن كان الثمن "انتحار الأنظمة العربية" هذه المرّة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق